بدأت الطبقات الثانية على بلوكتشين الإيثريوم Ethereum تكتسب زخماً قوياً. إذ توفر على المستخدمين رسوم المعاملات، وتساعد في إنشاء مساحةٍ على الطبقة الأولى المتمثلة في بلوكتشين الإيثريوم. بينما ستعتمد الطبقات الثالثة على التوسع، حتى تسمح للإيثريوم بالتحول إلى حاسوبٍ عالمي قادر على إجراء كميات لا محدودة من المعاملات. لكن الطبقة الثالثة ستُقدم الوظائف القابلة للتخصيص أيضاً. حيث تحتاج بعض التطبيقات لتفاصيل محددة من الأفضل تقديمها عبر طبقةٍ منفصلة. وأخيراً، ستسمح حلول الطبقة الثالثة للأنظمة الأصغر على الطبقة الثانية بالنمو دون تكبُّد رسوم معاملات ضخمة.

وما تزال عملية تطوير الطبقة الثالثة في مهدها، وتُعَدُّ مفهوماً تصورياً للغاية!

شرح الطبقات الأولى والثانية والثالثة

يُمكن استخدام مصطلحات الطبقة الأولى والثانية والثالثة بعدة طرق مختلفة. فلنرسم الحدود الفاصلة بينها إذن لتتضح أمامك كيفية عدم استخدامنا لمصطلح الطبقة الثالثة في هذا المقال.

شبكات الطبقة الأولى والطبقة الثانية

يتفق الناس حول تعريف الطبقتين الأولى والثانية أكثر من الثالثة. إذ تُعَدُّ الطبقة الأولى بمثابة الطبقة الأساسية، أو البلوكتشين الرئيسية. وتُبنى على تلك الطبقة شبكات أخرى من الطبقة الثانية، التي تمثل شبكات بلوكتشين منفصلة في حد ذاتها. وتوجد العديد من الخيارات على بلوكتشين الإيثريوم. حيث تهدف شبكات الإيثريوم من الطبقة الثانية لزيادة إنتاجية المعاملات على السلسلة الرئيسية، عن طريق إجراء كميات كبيرة من المعاملات على الطبقة الثانية. ويجري بعدها إرسال الإثباتات المشفرة على صحة دفعة المعاملات إلى الطبقة الأولى.

لماذا تُستخدم شبكات الطبقة الثانية؟ لأن ارتفاع تكلفة إجراء المعاملات على طبقة الإيثريوم الأولى يمثل مشكلة، وخاصةً في الأسواق الصعودية. إذ إن معدل إنتاجية معاملات طبقة الإيثريوم الأولى، الذي يبلغ 15 معاملة في الثانية، يخلق حرب مزايدات من أجل تمرير المعاملات. وإبان ذروة السوق الصعودية في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2021، كان المستخدمون يدفعون نحو 50 دولاراً كرسوم معاملات مقابل تبادل التوكنات.

مما يدفع الناس للاتجاه إلى شبكات الطبقة الثانية مثل بوليغون Polygon. وتظل شبكة الإيثريوم هي القاعدة الأساسية، لكنها تؤدي دور طبقة التسويات للمعاملات التي تجري على الطبقة الثانية. ومن المحتمل للغاية أن ينشط غالبية المستخدمين النهائيين على شبكات الطبقة الثانية الأرخص في وقتٍ قريب. إذ توجد مساحة أكبر للحركة هناك، كما أن الحياة أرخص.

فما هي شبكات الطبقة الثالثة إذاً؟

يدخل الارتباك حول معاني المصطلحات في المعادلة بمجرد أن يصل الحديث إلى الطبقة الثالثة.

  • يُستخدم مصطلح الطبقة الثالثة أحياناً كمصطلحٍ لوصف طبقة تطبيقات تستخدم شبكات الطبقة الثانية. ويمكننا الاستعانة بمثال من بلوكتشين البيتكوين Bitcoin، حيث تسمح لك التطبيقات القائمة على شبكة لايتنينغ Lightning أن تُجري عملية المصادقة بنفسك عن طريق محفظة لايتنينغ. بينما يُطلق مصطلح الطبقة الثالثة في الإيثريوم على تطبيقات مثل يونيسواب Uniswap أحياناً. لكن وصف الطبقة الثالثة يُستخدم في بعض الحالات لوصف خدمات أمناء الحفظ أيضاً، ومنها منصات التداول المركزية مثل بينانس Binance.
  • ينظر البعض إلى شبكات الطبقة الثالثة أحياناً كطبقةٍ تُتيح التشغيل المتوافق بين شبكات البلوكتشين، وتربط بالنظام الإيكولوجي للجيل الثالث للويب.

ما الذي نعنيه بطبقات الإيثريوم الثالثة؟

كيف نستخدم مصطلح الطبقة الثالثة في هذا المقال عند الحديث عن الإيثريوم؟ في حالة الإيثريوم، ترتبط الطبقة الثالثة بالطبقة الأساسية من خلال الطبقة الثانية. وكلها عبارة عن برامج تتحدث إلى بعضها البعض في تسلسلٍ هرمي من الطبقات. حيث تتحدث الطبقة الثالثة إلى الثانية بنفس طريقة حديث الطبقة الثانية إلى الطبقة الأولى. وبهذا تكون جميع الطبقات مترابطةً بشدة في وظائفها، والأمر أكبر من أن يقول المرء مثلاً إن “تطبيق كاش آب Cash App هو أحد حلول الطبقة الثالثة للبيتكوين”.

حدود ضغط البيانات

تعتمد بعض طبقات الإيثريوم الثانية على التجميعات المعروفة بـroll-ups، والتي تُمثل طريقةً مُلطّفة لوصف عملية ضغط البيانات. ويمكننا تقديم مثال من العالم الواقعي هنا، وهو الكتابة. حيث يمكنك مثلاً اختصار جملةٍ ما عن طريق حذف حروف العلة، بالطريقة التالية: 

يظل بإمكنك قرءة هذه الجملة (إل حدٍ م).

وبهذا حذفنا جميع حروف العلة من الجملة السابقة لنقدم مثالاً على ضغط البيانات، أو التجميعات. وتستطيع تجميعات الإيثريوم بالمناسبة أن تضغط مساحة البيانات بثمانية أضعاف، وهذه نسبة مذهلة. ويتجلى ذلك عند مقارنة تلك النسبة بنسبة ضغط الجملة السابقة، التي استخدمت 37 حرفاً بدلاً من 41 حرفاً، أي إننا ضغطنا البيانات بنسبة 1.1 ضعفاً تقريباً.

لكن المشكلة تكمن في تصريح سابق لمؤسس الإيثريوم فيتاليك بوتيرين، الذي قال: “لا يمكنك أن تواصل التوسع بتكديس التجميعات فوق بعضها البعض”. إذ لا نستطيع فعل ذلك مع المثال المذكور أعلاه، لأننا لن نستطيع حذف حروف العلة مرةً أخرى. وبهذا يمكن ضغط البيانات مرةً واحدةً فقط، لكنك لا تستطيع تكرار تلك العملية.

ويمكن القول هنا إن مفهوم شبكات الطبقة الثالثة لا يقتصر بالضرورة على وضع معمارية تجميعات البيانات نفسها فوق تجميعات مشابهة. ومع ذلك فقد تنجح هذه الطريقة في تحقيق التوسُّع الحوسبي، كما سنرى.

التوسع المفرط على بروتوكولات الطبقة الثالثة

تتضمن إحدى أفكار الطبقة الثالثة الاكتفاء بتكديس حلول التوسع المتشابهة فوق الطبقة الثانية. ولن تنجح هذه الفكرة دائماً كما ذكرنا أعلاه في نقاش التجميعات، أو لن تنجح في ما يتعلق بضغط البيانات على الأقل.

لكن الفكرة قد تنجح مع الحوسبة. حيث تطرق فيتاليك بوتيرين في مقاله عن توسع الطبقة الثالثة إلى شركة Starkware، التي تُعد واحدةً من الشركات التي تعمل على تحقيق ذلك.

حيث تتخصص الشركة في العمل على تقنية المعرفة الصفرية المتطورة وحديثة العهد. وقد أجرت الشركة بعض التجارب الواعدة على إثباتات المعرفة الصفرية العودية. ويُشير هذا المصطلح إلى إثباتات المعرفة الصفرية الخاصة بإثباتات المعرفة الصفرية، الخاصة بإثباتات المعرفة الـ… وهكذا.

وتعتبر هذه الفكرة قابلة للتوسع، بعكس مثال تجميعات البيانات المذكورة أعلاه. إذ يمكنك مثلاً أن تأخذ 10 إثباتات معرفة صفرية -تمثل كل منها 1,000 معاملة-، وتُصدر إثبات معرفة صفرية جديداً كلياً للتأكيد على صحة الإثباتات الـ10 الأخرى.

وسيتضح الأمر أكثر من خلال المثال التالي. لنفترض أنني أريد إثبات كوني قضيت 7 أيام متتالية في موقعٍ بعينه. سألتقط صورة سيلفي وأنا أحمل صحيفةً بتاريخ اليوم في اليوم الأول. وفي اليوم الثاني، سألتقط صورة سيلفي وأنا أحمل صحيفةً بتاريخ اليوم الثاني مع صورة السيلفي من اليوم الأول. وهلُّم جرّا.

ويتحقق هذا الشكل من أشكال التوسع بنمطٍ عودي، عن طريق جمع الإثباتات من الطبقة الثالثة، والتحقق منها باستخدام إثباتٍ واحد على الطبقة الثانية. ونجحت StarkWare بالفعل في تجميع بيانات سك 600 ألف رمز غير قابل للاستبدال NFT داخل معاملة واحدة على شبكة إميوتابل إكس ImmutableX من الطبقة الثانية.

وبعيداً عن التوسع، تستطيع الطبقات الثالثة خدمة أغراض مختلفة على الطبقة الثانية. وطرح فيتاليك بعض الأمثلة ومنها التطبيقات المخصصة، التي لا تريد استخدام آلة الإيثريوم الافتراضية في عمليات الحوسبة. وتشمل الأغراض الأخرى للطبقة الثالثة استخدامها في دعم بعض الوظائف المحددة، كأدوات الخصوصية مثلاً.

لماذا نحتاج إلى الطبقة الثالثة؟

لماذا نحتاج إلى طبقةٍ ثالثة من أجل خدمة حالات الاستخدام المذكورة أعلاه؟ أو لماذا نبني أدوات جديدة لمعالجة البيانات فوق الطبقة الثانية بدلاً من بنائها فوق الطبقة الأولى مباشرةً؟

يمكننا تبرير استخدام نموذج الطبقة الثالثة، وفقاً لبوتيرين، بأنه يحل مشكلة المفاضلة بين وقت وتكلفة تأكيد التجميعات وإثباتات المعرفة الصفرية من ناحية، وبين أحجام التداول المنخفضة نسبياً. حيث تدفع التجميعات رسوم شبكة ثابتة مرتفعة مقابل نشر دفعة بيانات على الطبقة الأولى. وستكون هذه الطريقة فعالةً فقط في حال تقسيم التكلفة على عددٍ كبير من المعاملات في تلك التجميعة. وفي عالمٍ مستقبلي تنتشر فيه بيئات محددة التطبيقات، وتُعتبر متخصصةً أو في بداية تبنيها، سنجد أن عدد المعاملات أقل بكثير من أن يكون مربحاً لتجميعات الطبقة الثانية المضطرة لاستخدام الطبقة الأولى باهظة الثمن. لماذا؟ لأن تكلفة العملية ستكون أكبر من المستطاع، أو لأن وقت تأكيدها سيستغرق فترةً طويلة للغاية. بينما لن تظهر هذه المشكلة عند التفاعل بين البيئة محددة التطبيق وبين الطبقتين الثالثة والثانية، لأن التفاعل لن يكون مكلفاً. وهنا تظهر ميزة الطبقة الإضافية.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.