أعلن مصدران حكوميان في الهند أن مركز الدراسات الهندي (نايتي آيوغ) يعمل على مشروع جديد، لإنجاز جرد كامل للأدوية المصنوعة والمستهلكة في الهند، ووضع هذه البيانات على شبكة البلوكتشاين. وتهدف هذه الخطوة إلى تعقب وكشف الأدوية المقلدة ومجهولة المصدر. وتسعى الحكومة لوضع حل إلكتروني تحت مسمى “دليل الإثبات”، من المرتقب أن يكون جاهزا مع نهاية السنة حتى يبدأ تطبيقه في مطلع سنة 2019.
ذكر مسؤول في مركز الدراسات نايتي آيوغ أن هذه الخطوة ستساعد الحكومة وشركات صناعة الدواء على مواجهة المشكل المتفاقم، المتمثل في ترويج الأدوية المزيفة في البلاد. وأضاف المصدر ذاته، قائلا: “نحن جميعا نتعاطى هذه الأدوية الخطيرة، وبالتأكيد قد يموت البعض جراء ذلك. ومن الحلول المطروحة للحد من هذه الظاهرة، وضع كامل سلسلة الإنتاج والتزويد بالأدوية على شبكة بلوكتشاين”. ويشار إلى أن هذا المسؤول طلب عدم الكشف عن هويته، باعتبار أنه غير مخول بالحديث إلى الإعلام.
على الرغم من الإجماع على أنها تمثل مشكلة حقيقية، إلا أن التقديرات حول الأدوية المقلدة ومجهولة المصدر تشهد تضاربا واختلافا كبيرا. ويقدر اتحاد صانعي الأدوية في الهند أن 1 من كل 5 أدوية يتم ترويجها في الصيدليات يكون مزيفاً. وفي حين أن بعضها يكون مشابها لأدوية معروفة، لا يحمل البعض الآخر بالأساس علامة تجارية أو اسم المصنع.
يشهد هذا القطاع في الهند نموا يتراوح بين 20 و25 بالمائة سنويا. ويقدر حجم صناعة الأدوية المقلدة ومجهولة المصدر بحوالي 15 مليار روبية هندية. في المقابل، أفادت المنظمة المركزية لمراقبة معايير الأدوية، المسؤولة عن تنظيم هذا القطاع في الهند، أن ما بين 0.05 بالمائة إلى 0.3 بالمائة من الأدوية مجهولة المصدر. ولكن حسب تقارير منظمة الصحة الدولية، لا تعد 10.5 بالمائة من الأدوية في الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل، ومن بينها الهند، مطابقة للمواصفات.
صرح مسؤول كبير ثان في مركز الدراسات نايتي آيوغ، أن “القائمين على هذا المشروع يبحثون في مختلف جوانب تكنولوجيا البلوكتشاين لاكتشاف كيف يمكن للهند والشعب الهندي أن يستفيد منها”. كما قدم معلومات مقتضبة حول هذا المشروع، دون الكشف عن تفاصيله، قائلا: “عندما يتم إرسال الأدوية، غالبا ما تحمل كل علبة رقما تسلسليا. وقد عيّنا شركة ستقدم هذه التكنولوجيا لنا. والآن، يجب علينا تعيين شريك يهتم بمسألة “وضع دليل الإثبات على شبكة البلوكتشاين””.
لا يزال الوقت مبكرا لمعرفة كل التفاصيل، باعتبار أن نظام “دليل الإثبات” لم يجهز بعد. ولكن أفضل طريقة لفهم كيف سيعمل هذا النظام، تتمثل في إلقاء نظرة إلى هذا الرسم البياني، الذي يبين كيف تخطط شركة “دي إتش إل” لنقل وتوصيل الطرود، لاستخدام تكنولوجيا البلوكتشاين. ففي الواقع، لا تعد مشكلة ترويج السلع المقلدة حكرا على الهند، حيث يشهد العالم وفاة أكثر من مليون شخص سنويا بسبب استهلاك مثل هذه الأدوية الفاسدة.
وقد شرح المسؤول الأول في نايتي آيوغ هذه الخطة كالآتي: “في كل مرة ينتقل فيها الدواء من طرف إلى آخر، يقع تعقب الرقم الخاص الذي تم إصداره في مرحلة التصنيع. وعندما يصل المنتج إلى يدي المستهلك، توجد شيفرة في شكل رقم تسلسلي، حيث بإمكانه فتح تطبيق على الهاتف الذكي وأخذ صورة الرمز للحصول على كل التفاصيل المتعلقة بمكان تصنيع الدواء وسلسلة التوزيع والتوصيل التي مر عبرها، ومختلف الأطراف التي تداولته قبل أن يصل إلى الصيدلية”. وتابع المصدر ذاته، قائلا: “هذا ليس كل شيء، فعندما تبيع الدواء، يتم إجراء تدقيق على مستوى شيفرة الرقم التسلسلي، الذي لا يمكن إلغاؤه على شبكة البلوكتشاين، لإثبات أن ذلك الدواء تم بيعه ولم يعد موجودا”.
لا تعد هذه المناسبة الأولى التي تجرب فيها الهند استخدام التكنولوجيا لمحاربة انتشار الأدوية المقلدة، حيث حاولت سابقا مواجهة هذا المشكل بالاعتماد على الهواتف الجوالة وخدمة الرسائل القصيرة.
من سيدفع الفاتورة؟
أفاد القائمون على شركات الصناعات الصيدلية في الهند أنهم منفتحون على فكرة الاستفادة من البلوكتشاين، حيث صرح الأمين العام لاتحاد شركات الأدوية الهندية، ديجي شاه، أن “الأدوية المقلدة تمثل مصدر قلق كبير، وإذا كانت البلوكتشاين قادرة على حل هذا المشكل، فالجميع مستعدون للانخراط في هذه الفكرة”.
ولكن هناك بعض الاعتراضات داخل هذا القطاع فيما يتعلق بمسألة التكاليف الإضافية. في هذا الشأن، أورد شاه أنه “في حال اعتماد عملية التشفير البسيط ثنائي الأبعاد، الذي لا يعد أمرا متداولا في قطاع الدواء في الهند، سيؤدي هذا الأمر إلى خلق تكاليف تثقل كاهل هذا القطاع. وبالتالي، إذا كانت الحكومة ترغب فعلا في طرح هذا الحل، عليها المساهمة في هذه التكاليف الإضافية والتعويض عنها، عندها لن يكون هناك أي اعتراض في هذا الصدد”.
توجد مشكلة واحدة تواجه عملية وضع كامل بيانات مخزون الدواء على شبكة البلوكتشاين، حيث أن حجم الإنتاج سيشهد تراجعا بنسبة 25 بالمائة، على الأقل على المدى القصير. ويعزى ذلك إلى عدم القدرة على التعليب بالطريقة المناسبة التي تسمح بإبراز هذه الرموز والشيفرات. ويعول المسؤولون في مركز “نايتي آيوغ” على الشركاء من القطاع الخاص من أجل إطلاق فكرة “دليل الإثبات”، وتطبيق هذا الحل. وقد صرح مصدر من هذه المؤسسة، أنه “في حال وافقت الحكومة على هذه الفكرة، سنواجه تحديين اثنين، أولا الكلفة وثانيا الجهة التي ستتكفل بالإشراف على هذه العملية”.
يبحث مركز الدراسات في إمكانية استخدام الأجهزة المرتبطة بالإنترنت لمراقبة عمليات الشحن، وربط هذه الأجهزة إثر ذلك بالبلوكتشاين. وقد قدم أحد محدثينا الآنف ذكرهم نموذجا حول عمل هذه الآلية، قائلا: “فيما يتعلق بأدوية مرض السكري على سبيل المثال، لا يجب تخزين الأنسولين في حرارة تتجاوز 7 درجات. وعند وضع أحد الأجهزة المرتبطة بالإنترنت بصحبة شحنة الدواء، يمكن مراقبة الحرارة باستمرار وإرسال المعلومات اللازمة، وهو ما يعني إصدار إشعار عند تجاوز الحرارة للحد المسموح. وبذلك، تعتبر تلك الشحنة فاسدة ولا يتم تسويقها. وبفضل تسجيلها على البلوكتشاين، لن يكون ممكنا إعادة تهريبها وإعادة تسويقها تحت مسميات أخرى”. وأضاف المصدر نفسه، أن “هذه الأجهزة المرتبطة بالإنترنت ليست غالية الثمن، عند مقارنتها بقيمة الحمولة نفسها. قمنا الآن بتطوير تقنية “دليل الإثبات”، وسنقوم بتطبيقه فعليا”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.