حتى لو كنت تعتبر البيتكوين أو العملات الرقمية مجرد فقاعةٍ أو حدثًا ضخمًا، فإنه لا يمكن إنكار أنها قوةٌ لا يستهان بها في الاقتصاد الحديث. فقد أدى صعود عملة البيتكوين خلال السنة الماضية، إلى جعلها أحد أهم الأصول المستقطبة للمستثمرين الأذكياء، فضلًا عن وجود قائمةٍ أخرى من العملات الرقمية التي تتزايد أسهمها باستمرارٍ، وتحاول مجاراة البيتكوين، وتعبر هذه العملات عن “الحدث المُهيب المقبل”.

والسؤال الأهم: ماذا ستفعل إذا طالب موظفو شركتك بدفع رواتبهم بالعملة الرقمية، بدلًا من العملة المحلية؟ لا يوجد عددٌ كبيرٌ من الموظفين الذين يطالبون بهذا الأمر، فأغلبهم مازال متخوفًا من العملة الرقمية. ولكن بالفعل، يوجد حالياً مجموعة من الموظفين الذين طالبوا بهذا الأمر، ولهذا السبب عليك أن تبدأ في تغيير معايير الغد.

مجلة فوربس الأميركية قامت بسرد بعض الأمور التي قد تساعدك في هذا الشأن، حتى لا تتفاجأ عندما تأتي هذه اللحظة.

هل يعتبر ذلك قانونياً؟

إن الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة، فالمطالبة الفعلية بدفع الرواتب بالبيتكوين أو بالعملة الرقمية لم تنتشر بعد. كما يعد تداول العملات الرقمية مجرّماً في بعض الدول بدرجاتٍ متفاوتةٍ، على غرار المغرب والإكوادور ونيبال وبوليفيا والصين، وقد ترتفع قائمة هذه الدول في المستقبل؛ فمع تزايد الاهتمام بالعملة الرقمية، قد تضطر بعض الدول الأخرى إلى تقنين تداولها.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فلا يوجد سببٌ فعليٌّ يمنع أصحاب الشركات من دفع رواتب موظفيهم بالبيتكوين. ستمكن هذه الخطوة أصحاب الشركات من تجاوز العقبات الموجودة حاليًا في نظام الضرائب الأمريكي. ويُعزى ذلك إلى أن الضرائب في الولايات المتحدة لا تطبق إلا على الأجور الشهرية المدفوعة بالدولار الأمريكي، وبذلك تستطيع أن تدرج فقط الرواتب التي تُدفع نقدًا بالدولار الأمريكي في الإقرار الضريبي للشركة.

يتوجب عليك متابعة قيمة البيتكوين الوقتية مقابل الدولار، حيث أنه لا يوجد أي آليةٍ داخل أنظمة دفتر الحسابات الموجودة حاليًا، على غرار (SAP) أو (Intuit) أو (Xero)، لتتبع قيمتها باستمرار. ويعتبر الالتزام الحالي بالمعايير القانونية لتتبع قيمة العملة الرقمية بمثابة كابوسٍ.

هل تتغير القوانين؟

في الوقت الحالي، تحاول الحكومات إيجاد طريقةٍ مثاليةٍ لتبني مفهوم العملة الرقمية، ولازالت القوانين تسن في هذا الشأن. ولكن، قد يستغرق وضع مفهومٍ شاملٍ للعملة الرقمية عدة سنواتٍ، ولكن بالفعل، تتجه الحكومات لوضع قوانين أكثر لتحجيم تداولها. وتخطط المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى الضرب بيدٍ من حديد على تداول البيتكوين.

من المحتمل أن تتخذ الولايات المتحدة مسارًا خاصا بها في هذا الأمر، حيث أن قوة الدولار الأمريكي على الصعيد العالمي، تمنح الحكومة الأمريكية ميزة التأثير في السياسة الاقتصادية العالمية. كما تستطيع الولايات المتحدة تجميد بعض الأصول، وإنكار أصولٍ أخرى، ما من شأنه أن يحد من تدفق عملتها. في المقابل، أدى عدم تدخل الحكومة الأمريكية في التحكم بالعملات الرقمية إلى تنفيذ بعض المجرمين لأعمالٍ تجاريةٍ إلكترونيةٍ غير مشروعةٍ باستخدام البيتكوين. ولهذا السبب، قد تتدخل الإدارة الأمريكية من أجل تنظيم عملية تداول هذه العملات.

تسعى الحكومة الأمريكية لإيجاد حلٍ وسطٍ في تداول البيتكوين، يمكنها من مراقبة هذه التكنولوجيا الحديثة، مع تجنب ممارسة نوعٍ من السيطرة عليها. وفي كلتا الحالتين، ستتغير القوانين المنظمة لعملة بيتكوين في وقتٍ أسرع مما نتخيل.

هل ستحافظ البيتكوين على قيمتها؟

لا تمتلك العملات الرقمية قيمةً ضمنيةً، في ظل عدم وجود أمنٍ أساسي أو أصلٍ ثابتٍ مقابلٍ لها. لذلك، ستعتمد قيمتها على ما سيدفعه شخصٌ ما مقابل اقتنائها، والأشخاص الذين سيقبلون اعتمادها. تستخدم هذه الطريقة كذلك لقياس قيمة الدولار الأمريكي، إلا أن الاختلاف الكبير بينهما أنه لم تتفق الشركات الضخمة على قبول البيتكوين أو أي عملةٍ رقميةٍ أخرى كوسيلةٍ للتعامل.

وفي حال أعلنت الشركات الكبرى، على غرار غوغل وآبل وأمازون وسكوير، أنها توافق على تلقي الدفع من خلال عملة البيتكوين، فإن ذلك من شأنه أن يجعل البيتكوين في وضعيةٍ مستقرةٍ. لكن هناك مخاوف كبيرة من أن تعتبر العملات الرقمية مجرد فقاعةٍ، وقد يؤدي ذلك إلى انطفاء بريقها كما حدث مع عملة شادوكاش.

لهذه الأسباب، يعتبر دفع الرواتب بالبيتكوين محفوفًا بالمخاطر، ليس فقط بالنسبة للموظفين الذين سيتقاضون رواتبهم بالعملة الرقمية، وإنما بالنسبة للشركات نفسها أيضًا. فعلى سبيل المثال، في حال وافق الموظفون على هذا الأمر، فعلى الشركة أن تضع في الحسبان أن انخفاض قيمة البيتكوين فجأةً، سيؤثر على معنويات الموظفين بالسلب.

تمتلك بيتكوين كل المقومات التي تجعل منها واقعًا ملموسًا، ولكنها لن تصبح كذلك إلا إذا تم الاعتراف بها على أنها بديلٌ حقيقيٌ ونافذٌ للعملة الورقية التقليدية. وإلى أن يحدث ذلك، يجب أن تفكر الشركات جيدًا قبل الإقدام على دفع الرواتب بالبيتكوين.

هل تستحق كل ذلك العناء؟

مع عدم اتضاح الرؤية، ووجود العديد من العقبات اللوجستية التي يجب التغلب عليها، يجب أن نطرح السؤال التالي: حتى في حال تمكنك من دفع رواتب موظفيك بالبيتكوين، فلماذا التفكير الكثير في الأمر؟ هل تستحق كل هذه المتاعب العناء؟

بالنسبة لبعض الشركات، ستكون الإجابة واضحةً وصريحةً “نعم”، فالدفع بالبيتكوين سيكون عامل جذبٍ للمواهب الجديدة. ومن الممكن أن تستقطب مجموعةً من المبتكرين والمبدعين الذين يحبون العمل بواسطة التكنولوجيات الحديثة. ففي عالم تتصارع فيه أفضل العقول، قد تحدث هذه الوسيلة فارقًا كبيرًا. قد تساهم المخاطرة في الانضمام إلى عالم البيتكوين في رفع مكانة العلامة التجارية للشركة، باعتبارها رائدةً في هذه الخطوة، كما أنه يثبت أن الشركة تتمتع بأسلوب مبتكرٍ ونظامٍ ماليٍ وتكنولوجيٍ ذكيٍ للغاية.

التطلع إلى المستقبل

تجاوزت شركة “جي إم أو إنترنت غروب” اليابانية، مرحلة “ماذا لو …” فيما يتعلق بفكرة دفع الرواتب بالعملات الرقمية، وقامت بدفع رواتب بعض موظفيها بعملة البيتكوين. ومع الهبوط الأخير في سوق الأوراق المالية، وزيادة المخاوف بشأن تكبد المزيد من الخسائر، من الممكن أن تكون الطرق البديلة لدفع الرواتب أكثر جاذبيةً مما هي عليه الآن.

يعتبر العمل في خضم كل هذه التعقيدات حول دفع الرواتب بالبيتكوين أمرًا صعبًا، ولكن يجب على الرؤساء التنفيذيين للشركات وضع هذه النقطة ضمن أجندة أعمالهم. فقد يكون دفع رواتب الموظفين بواسطة البيتكوين ضربًا من الخيال في الوقت الحالي، إلا أنه سيصبح واقعا قريباً جداً.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.