ظلت العروض الأولية للعملات ICO  لفترة طويلة الوسيلة المفضلة لجمع الأموال من المستثمرين والمتحمسين للعملات المشفرة، والآن، يتم استبدالها بوسيلة جديدة وواعدة، وهي العروض الأولية للتداولات IEO. ما الاختلافات بين الطريقتين؟ ومن المنتفع بهما؟

انحسار العروض الأولية للعملات

كان جمع الأموال هو أحد أوائل الأشياء التي وجد رواد أعمال العملات المشفرة حلاً لها في بدايات تطور الصناعة. إذ وفرت العروض الأولية للعملات طريقة لبيع التوكنات إلى الجمهور العام وجمع ملايين الدولارات من آلاف المستخدمين في وقت قصير.

وأثبت هذا النموذج أنه أفضل طريقة ممكنة لحصد كميات كبيرة من النقود، بدون أي تعقيدات إضافية. لم يمض وقت طويل حتّى تبنت كل الشركات تقريباً التي أصدرت التوكنات هذا النموذج بين عامي 2017 و2019.

إلا أن الضربة القاصمة لهذا النموذج التمويلي أتت في عام 2018 مع انهيار العملات المشفرة إذ ساعدت عوامل مثل عمليات البيع الضخمة للحصص، وفقدان المشترين للثقة، وتزايد القيود التنظيمية، على تناقص المبالغ التي تم جمعها عن طريق العروض الأولية للعملات. ونتيجة لبحث الصناعة عن طرق جديدة لجمع الأموال، فقد ولدت فكرة العرض الأولي للتداول.

ببساطة، فإن العرض الأولي للتداول عبارة عن عرض أولي للعملة غير متاح لعموم الناس. فبدلاً من تسويق العملات المشفرة الجديدة للجميع، فإن الشركات تستخدم منصات التداول لعرض المشاريع والتوكنات على عملائها. ويجب أن تمتثل فرق المشروعات لمتطلبات منصات التداول، وفي المقابل، فإن منصات التداول تتولى حماية المساهمين في المشروع.

وبذلك، فمن المفترض أن يقلل هذا النموذج من احتمالات التعرض للاحتيال، أو هذا هو الانطباع السائد على الأقل، وقد بدأ المستثمرون الأفراد في العودة إلى عروض التوكنات. وبحسب تقرير بلومبرغ Bloomberg، فقد تم جمع 180 مليون دولار أميركي من 23 طرح للتداولات، أغلبها في شهري مارس/آذار وفبراير/شباط الماضيين.

تباين آراء الخبراء بشأن تأثير العروض الأولية للتداولات على السوق

وقال بيل شيهارا، المدير التنفيذي لمنصة التداول الكائنة في سياتل بيتريكس Bitterex، أن هذا النموذج يملك القابلية لأن يتفوق على نجاح العروض الأولية للعملات في عام 2017. وبحسب التقارير، فإن منصة التداول شهدت “طلباً كبيراً” من جانب من المستخدمين وفرق التوكنات.

وكان من المقرر أن تستضيف بيتريكس أول طرح أولي للتداول على منصتها في يوم الجمعة الموافق 15 من مارس/آذار، إلا أنها قامت بإلغاء العرض في الدقائق الأخيرة.

وتعد منصة بينانس Binance، وهي أكبر منصة تداول عملات مشفرة في العالم، الرائدة في تبني نموذج العرض الأول للتداول. وأطلقت الشركة الكائنة في مالطا أول عرض أولي للتداول على منصتها في بداية هذا العام مع مع برنامج مشاركة الملفات الشهير بيت تورنت BitTorrent، وتم جمع رقم قياسي بلغ 7 ملايين دولار أميركي في أقل من 15 دقيقة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن زاك فالون، وهو محامي الأوراق المالية الذي تخصص عمله في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في العرض الأولي للعملات، قال إن العروض الأولية للتداول “تأخذ كل ما يتعلق بالعرض الأولي للعملة وتجعله أسوأ”. وعبر جيف دورمان، وهو مدير محفظة وأحد الشركاء في شركة أركا فاندز Arca Funds الكائنة بلوس أنجيليس، عن موافقته، وقال أن أساسيات العرض الأولي للتداول تتعارض بشكل مباشر مع الطبيعة اللامركزية لسوق العملات المشفرة.

وفي تصريح لبلومبرغ، قال نيس كودريتش، وهو المدير التنفيذي لمنصة التداول بت ستامب Bitstamp الكائنة في لوكسمبورغ، إن شركته “ستبقى بعيداً عن العروض الأولية للتداول”، وأن دخول هذا المجال “به قصر نظر” وأن السوق بحاجة إلى مزيد من القوانين التنظيمية قبل السماح بدخول المزيد من الشركات إلى السوق.

ومن المفترض أن حصول العروض الأولية للتداول على دعم وثقة مؤسسة كبيرة مثل منصة تداول للعملات المشفرة سيجعلها، نظرياً على الأقل، أكثر جاذبية للمستثمرين الكبار. إلا أن بارون برون، وهو مستثمر وكاتب رأي في بلومبرغ، يختلف مع هذه الرؤية.

إذ أشار برون إلى أن التدقيق اللازم الذي تقوم به منصات التداول غير واضح وغير متسق. وأضاف أن تلك العملية تتمحور حول طمأنة المستثمرين أن العملات سيتم بيعها، دون النظر إلى القيمة الضمنية للمشروع. وتسمح تلك الشروط للبائعين بتحميل المخاطر على المشتري التالي، مع تحقيق ربح.

وبرغم انقسام الآراء حول العروض الاولية للتداول بين دعم بعض الشركات لها وتشكيك المحللين في قدرتها، فإنه من الواضح أن هذا النموذج المالي قد وجد ليبقى. ومع جمع ما يربو على الـ 80 مليون دولاراً أميركياً في مارس/آذار من عام 2019 فقط، فإن السوق قد يشهد الموجة الجديدة من عروض التوكنات.