كتبت الصحافية ديانا أغويلار المتخصصة في مجال العملات المشفرة مقالاً لموقع كوين ديسك عن دور العملات المشفرة في فنزويلا.
تستهل الكاتبة مقالها بسرد مشاعرها الشخصية نحو مغادرتها للبلاد بسبب الظروف الاقتصادية الراهنة. إذ قالت: “اليوم يكتمل أسبوع منذ مغادرتي لمنزلي في فنزويلا. وها أنا ذا ممسكة بهاتفي منذ السادسة صباحاً أتابع الأخبار. فأنا قلقة على أقاربي وأحبائي، ودوماً ما أتساءل عما إذا كان هناك ما يمكنني فعله قبل الرحيل وأنا متيقنة أنه كان لا بد من هذا الرحيل”.
تركت الكاتبة كل شيء خلفها هرباً من أزمة متصاعدة كانت بصدد التأثير على دخلها الشخصي، إذ عملت لسنوات ككاتبة حرة في مجال العملات المشفرة والبلوكتشين.
وترى الكاتبة أن تبني الفنزويليين للعملات المشفرة كوسيلة للنجاة من التوابع الاقتصادية للديكتاتورية الاشتراكية التي تحكم الدولة الآن، والدعم الذي لاقاه ذلك التبني من المجتمع الدولي لعبا دوراً محورياً في إعادة الهيكلة. ولكن الجانب السيئ هو أن هذا الاهتمام سرعان ما تحول إلى سيفٍ ذي حدّين وهو أنه أصبح اتجاهاً عاماً أو موضة.
خلال السنوات القليلة الماضية، أصبحت فنزويلا مرجعاً مهماً في الثقافة الشعبية لعالم العملات المشفرة، حيث ينضح الجمهور- الذي غالباً ما يكون ذا خلفية متميزة عن العامة- بتحليلاتهم القاصرة عن الاشتراكية والاقتصاد والهجرة في فنزويلا.
وهذا موقف شائع في عالم العملة المشفرة. إذ ينشر أصحاب النوايا الحسنة والمعلومات المغلوطة عن كيف يعمل الاقتصاد الفنزويلي- أو بالأحرى كيف لا يعمل- روح الارتباك والقلق مع ملايين الفنزويليين مما قد يسبب لبعضهم في تجارب مؤلمة للغاية.
وبصفتها واحدة من أولئك الذين استخدموا البتكوين لإنقاذ فنزويلا، تفسر الكاتبة استنتاجها القائل بأن البتكوين لا يمكنها إنقاذ فنزويلا.
فليس هناك إحصائيات رسمية عن عدد محافظ العملات المشفرة في فنزويلا، وليست هناك طريقة لمعرفة عدد المحافظ التي يمتلكها كل فرد. الواضح أمامنا هو أنه بجانب شركتين تقبلان هذا النوع من المدفوعات وعدد قليل من منصات التداول الموثوق فيها على الإنترنت، فلا توجد خدمات حقيقية لمستخدمي العملات المشفرة في الدولة.
لا توجد ماكينات الصراف الآلي (ATM) الداعمة للعملات المشفرة ولا توجد بطاقات مدفوعة مقدماً. كل ما لدى فنزويلا لا يتعدّى الفرضيات.
أما عن المغالطة التي تقول إن البتكوين يمكنها “إنقاذ” اقتصاد بلد ما بأكمله، فهي تفترض أن هذا البلد مستوفٍ لجميع متطلبات تبني العملة المشفرة. من ضمن هذه المتطلبات: حد أدنى للمعرفة المتعلقة بالتعاملات المالية واستخدام الحاسوب وشبكة كهرباء قوية وخدمة إنترنت مستقرة واقتصاد يسمح للمواطنين بامتلاك أكثر من جهاز لحفظ محافظ العملات المشفرة ويؤمن أيضاً التحويل من العملات الرسمية إلى العملات المشفرة.
وتؤكد الكاتبة على أن كون فنزويلاً مثالاً لاستخدام البتكوين لا يعني أنها تحقق متطلبات تبني العملة المشفرة على مستوى الدولة بأكملها.
أصاب التضخم المفرط عملة البوليفار بالإضافة إلى تأثيره اليومي على الأسعار المعتمدة على الدولار الأميركي. وبالتالي يظل استخدام البتكوين للحصول على الدولارات- وهو ما يفعله الكثير من الفنزويليين- معضلة وعرضة للمشاكل الناتجة عن التضخم.
وهناك التعدين أيضاً. إذ يشتهر به الفنزويليون بمعدلات غير مسبوقة لأنشطة التعدين. لكن الحقيقة هي أن إمكانية الوصول للعملات المشفرة مقتصرة على الكسب من العمل الحر والتداول والتعدين، مع العلم أنه إذا لم تكن ثرياً بالشكل الذي يمكنك من امتلاك مزرعة التعدين الخاصة بك فلن يكون الأمر مناسباً لمعظم المواطنين الفنزويليين.
المفاهيم الخاطئة في عالم العملات المشفرة
ترى الكاتبة أن المبادرات الأجنبية لمساعدة الفنزويليين أظهرت جهلاً عاماً بالمشاكل الحقيقية التي يواجهها الفنزويليون.
أثناء عملها كمندوبة للمؤسسة الخيرية غيف كريبتو GiveCrypto المملوكة لشركة كوين بيس Coinbase خلال عام 2018، وجدت الكاتبة مشكلة شائعة في هذه المؤسسة وقعت فيها العديد من المؤسسات الأخرى وهي: الإساءة البالغة في فهم كيفية المساعدة من الخارج.
في حالة غيف كريبتو، كان الهدف شبه المستحيل منذ البداية هو استخدام البتكوين في إطعام 300 شخص بمبلغ 100 دولار. وهذا يعادل 33 سنتاً لكل شخص. بالنسبة لأي شخص يمتلك فهماً كافياً للوضع الاقتصادي في البلد، فإنه لا يمكن الاستهانة بالتضخم المفرط لهذه الدرجة. ولكن للأسف، فإن هذا أمر معتاد.
وهذه ليست قصة نادرة لحالة من حالات جمع التبرعات التي يُخطط لها دون نظرة واقعية.
انتشرت تبرعات العملات المشفرة كثيراً هذه الأيام، ففي حالة أير تي إم AirTM، التي أعلنت عن تعاونها مع ميكرداو MakerDao بهدف جمع مليون دولار لتوزيعها على المستخدمين في فنزويلا، والذي سينتج عنه إعطاء مساعدة بقيمة 10 دولارات لكل مستخدم. (جدير بالذكر أن هذا المبلغ الصغير لا يعد ادخاراً أو استثماراً، إذ يتبخر سريعاً مع نفقات أسبوع واحد).
بالرغم من كافة المجهودات الدولية لتوزيع العملات المشفرة في فنزويلا، إلا أنه لا يوجد حتى الآن حل يجعلها مستدامة ومناسبة أكثر من التبرعات بالدولار الأميركي.
ترى الكاتبة أن الشغل الشاغل لهذه المؤسسات الدولية هو تشكيل تكنولوجيا البلوكتشين وإقحامها في أي موقف، حتى لو لم تكن البلوكتشين مناسبة لهذا الموقف.
بصيص من الأمل
بغض النظر عن هذا الموقف، تقر الكاتبة بأن الآراء الخارجية لم تحدد التأثير الحقيقي لتبني العملات المشفرة على الفنزويليين. فمن الحقيقي أنها كانت مفيدة للغاية لقطاع معين من الأنشطة المتعلقة بالبقاء، مثل دخل أصحاب العمل الحر، بالإضافة إلى أنها شكلت وسيلة تسمح للعائلات باستلام الحوالات الدولارية بعمولة قليلة وأخيراً، شكلت العملات المشفرة مصدراً إضافية للدخل عن طريق استخدام وحدات معالجة الرسوميات (GPU) أو أجهزة التعدين كلما سمحت الكهرباء والإنترنت بذلك.
تؤمن الكاتبة بقدرة البتكوين على إحداث تأثير إيجابي في المشهد المالي في فنزويلا. إذ يتجه الناس نحو العملات الرقمية، التي من بينها العملات المشفرة، كلما تفقد النقود قيمتها.
في نهاية المقال، ترجو الكاتبة أن يتوقف العالم على استخدام وضع الفنزويليين كمزحة في نهاية نقاشات مضللة عن فوائد البتكوين. فقد أظهر وضع البلد عديداً من مراحل الأزمة الاقتصادية تعلمنا دروساً ثمينة أعطتنا نظرة جديدة كلياً عن الحلول المالية.
لذا، ينبغي على مجتمع العملة المشفرة التوقف عن اعتبار فنزويلا أرضاً خصبة لتجربة الأفكار الجريئة، والبدء في النظر إليها بشكل صحيح، لأن فنزويلا شريك غير قابل للاستبدال في الثورة المالية.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.