أشادت جميع المجالات، بلا استثناء، بالذكاء الاصطناعي واصفةً إياه بأنَّه سر نجاحها القادم، وحتى قطاع العملات المشفرة ليس ببعيدٍ عن ذلك. أقحمت العديد من عمليات العرض الأولي للعملة لعام 2017 مفهوم الذكاء الاصطناعي في مكانٍ ما من أوراقها البيضاء، محاولةً أن تبدو متطورة ورائدة، وعلى اتصال مع روح العصر. لكن بعيدًا عن كل تلك الدعاية، ما هو التأثير الفعلي للذكاء الاصطناعي في مجال العملات المشفرة؟ وهل يمكن أن يؤدي انتشاره في نهاية المطاف إلى نزع الأهمية عن عمليات التداول التي يجريها الإنسان بنفسه؟

 

الشركات تستغل الزخم المحيط بالذكاء الاصطناعي

 

تشبه أهمية الذكاء الاصطناعى أهمية تكنولوجيا البلوكتشين بالنسبة إلى مجال العملات المشفرة، إذ تحاول المشروعات إقحام كل منهما في عدد هائل من التطبيقات فقط لاستغلال كل هذا الزخم المحيط بهما. ونظراً لأنَّ الشركات الناشئة التي تصف بنفسها بأنَّها تطبق الذكاء الاصطناعى تجتذب تمويلاً يفوق شركات التكنولوجيا الأخرى بنحو 15 إلى 50%، صار حرص الشركات على الاستفادة من هذه الضجة أمراً مفهوماً. لكن لسوء الحظ، أدى هذا إلى لفت الأنظار بعيداً عن الكثير من التقدم الحقيقي المحرز في التكنولوجيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

 

ترك الذكاء الاصطناعي في الأسواق المالية التقليدية بصمةً واضحةً بالفعل. ولكي يكون الذكاء الاصطناعي فعالاً، فإنَّه يتطلب قدراً هائلاً من البيانات اللازمة لتعلُّم الآلة، ويعد سوق الأوراق المالية مثالياً لهذا الغرض، مع وجود كميات ضخمة من البيانات التجريبية للاستفادة منها. إضافة إلى أنَّ الأدلة التي تشير إلى أنَّ الذكاء الاصطناعي يمكنه التفوق على البشر في هذا المجال مقنعة للغاية، فقد أظهرت دراسة أجرتها منظمة يوريكا هيدج Eurekahedge على 23 صندوقاً للتحوط يطبق الذكاء الاصطناعي أنَّ الحواسيب حققت نتائج أفضل بكثير من تلك التي حققها أفراد عاديين. لكن ماذا عن أسواق العملات المشفرة؟

 

الذكاء الاصطناعي أثبت جدارته بالفعل، لكن بمستويات متباينة

 

هناك افتراض سائد بين قطاع العملات المشفرة بأنَّ العوامل الخارجية للأدوات المستندة إلى الذكاء الاصطناعي عددها ضخم للغاية، مما يؤثر سلباً في قدرته على التميز. لكن سرعان ما سيصبح هذا التقييم عتيقاً وغير معتد به، فمع تطوير البرمجيات التي يمكنها محاكاة تريليونات من أيام التداول، سيسود التداول الخوارزمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي حتماً.

 

دانيل مياكين هو المؤسس المشارك لشركة سكويلا كابيتال Squilla Capital، التي تقدم خدمة تحليلية لمشروعات العملات المشفرة، وتقييمات سوقية تستند إلى الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة. صرح مياكين للقسم الإخباري بموقع بتكوين دوت كوم news.Bitcoin.com بأنَّ “القضاء على التحيز البشري يكاد يكون أمراً مستحيلاً. يتاجر الناس بعواطفهم، غالباً دون قصد. يلغي صنع القرار القائم على البيانات جميع العوامل التي يمكنها أن تؤثر في حكم الناس وتمنعهم من التصرف بعقلانية، بتركيزه على إشارات السوق لا غير”.

 

وأضاف مياكين: “إن كانت لديك مجموعة كبيرة بما يكفي من العينات، فإنَّ الحواسيب التي تدربت عبر تعلم الآلة سيكون لها نتائج أكثر دقة من البشر. في السنوات الأخيرة، أثبتت هذه النظرية صحتها في جميع الأسواق المالية الكبرى، وأصبحت تُطبَّق الآن على اقتصاد العملات المشفرة بنتائج على القدر نفسه من الإقناع”.

 

كيف يُطبَّق الذكاء الاصطناعي داخل مجال العملات المشفرة

 

هناك عدد من المجالات التي تثبت فيها التكنولوجيا الاصطناعية أهميتها في ما يتعلق بالتداول الآلي. أحدها هو التداول عالي التردد (HFT)، الذي يعتمد على تحليل المؤشرات الفنية عبر أكثر من منصة تداول من أجل الاستجابة للتداولات التي تحرك السوق أسرع من بقية الأسواق. على سبيل المثال، إذا قرر المتداول إصدار أمر شراء كبير للبتكوين على منصة كراكن Kraken، فإن التداول عالي التردد يمكن أن يسمح بتنفيذ الأمر على منصة أخرى على الفور للاستفادة من ارتفاع الأسعار.

 

يمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً تسهيل التداول الآلي عبر واجهة تطبيق برمجية متصلة بالمنصات الرائدة. يمكن للمتداول اختيار المؤشرات التي يريد للبرمجية أن تعتمد عليها في اتخاذ القرارات، مثل مؤشر القوة النسبية (RSI) والمتوسط المتحرك الأسي (EMA)، والإطار الزمني المطلوب، وسينفذ الذكاء الاصطناعي حينها التداولات ضمن هذه المعايير. يمكن للمتداولين إجراء استراتيجية الاختبار المسبق على إعداداتهم، وتعديلها، وتحسينها. ومع مرور الوقت، سيتحسن أداء الذكاء الاصطناعي بزيادة عدد البيانات الموجودة تحت تصرفه. وبجانب أسواق العملات المشفرة، يُستخدم الذكاء الاصطناعي أيضاً في تحليل المشاعر والآراء، فهو يسمح بتفقد الآراء المنتشرة الشبكات الاجتماعية وتحليلها لتحديد كيف تشعر المجتمعات المختلفة تجاه مشروعات معينة، وهو ما يساعد على استخلاص وجهات نظر عملية.

 

لكنَّ الذكاء الاصطناعي ليس حلاً سحرياً يمكن تطبيقه بحرية على كل جانب من جوانب العملات المشفرة، إضافة إلى أنَّه ليس قادراً على جعل المتداولين الأذكياء منعدمي الأهمية بين عشية وضحاها. ومع ذلك، فإنَّ يده الخفية تفرض سيطرتها شيئاً فشيئاً داخل المجال، بتسهيلها كل شيء بدءاً من تنفيذ الطلبات تنفيذاً أسرع، إلى الكشف عن الروبوتات والمخادعين.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.