تعتبر خدمات نقل الأموال التي تتيح للمستخدمين التبديل من العملات المشفرة إلى العملات النقدية مصدراً قيماً. هناك نقص كبير في منافذ العملات المشفرة، لذا تكون الخدمات الموثوقة التي تقدم سعر صرف معقول محل تقدير كبير. ولكن سهولة استخدام بطاقات خصم العملات المشفرة وغيرها من خدمات تبادل العملات المشفرة-النقدية تأتي على حساب الخصوصية. بالإضافة إلى سياسات معرفة العميل المتبعة عند التسجيل، غالباً يتم إجبار المستخدمين على “إثبات” نظافة أموالهم، مما يضعهم أمام معضلة: الموافقة على الكشف عن أعمق خصوصياتهم أو تعليق حساباتهم.

التكلفة العالية للامتثال

خدمات نقل الأموال، خاصة تلك التي تيسر عملية التبديل بين العملات المشفرة والنقدية، ملزمة بالامتثال لقانون مكافحة غسيل الأموال والذي يجبر الشركات على اتباع سياسات معرفة العميل والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة. العديد من مستخدمي العملات المشفرة يكرهون هذه السياسات، ولكن يقبلون بها كشر لا بد منه ليتمكنوا من التبديل بين العالمين المشفر والرقمي وقتما يشاؤون.

ولكن اكتشف مستخدمي خدمات مثل Revolut وWirex أن الأسئلة الاستكشافية لا تنتهي دائما بعملية التسجيل. إذا استدعت بعض إجابات العميل الحاجة إلى التحقيق في مصدر الأموال والثروة، سيكون ملزماً بالكشف عن معلومات شخصية عميقة تتناول تاريخه المالي والوظيفي أو المخاطرة بتعليق حساباتهم. وتوضح وثائق مصدر الأموال لدى Wirex ذلك بشروط لا لبس فيها، تقول: “شركة وايركس Wirex ملزمة قانونياً بالامتثال إلى اللوائح الصارمة لمكافحة غسيل الأموال ومتطلبات معرفة العميل لمحاولة منع المجرمين والإرهابيين من استخدام منتجاتهم/خدماتهم المالية والتحايل للحصول على أموالهم. كما تلتزم وايركس بمعرفة الغرض والطبيعة المقصودة لعلاقة العمل؛ ويتضمن ذلك معرفة من أين تأتي أموال وثروة العميل”.

وبعد شكوى العديد من مستخدمي وايركس عقب استلامهم تلك الوثائق، تحدثت news.Bitcoin.com إلى الشركة للاطمئنان أكثر بشأن سياسات معرفة العميل و”مكافحة غسل الأموال”.

وايركس أيديها مغلولة

ويوضح مايكل مور، رئيس قسم الامتثال في وايركس، والتي تحظى بطاقات فيزا منها بشعبية كبيرة بين مستخدمي العملات المشفرة في أنحاء أوروبا، بأن الشركة حاصلة على ترخيص النقود الالكترونية، وهو ما يختلف عن الترخيص المصرفي. يحتاج ترخيص النقود الالكترونية إلى معلومات أقل مقارنة بفتح حساب بنكي، ولكن ذلك لا يمنع طرح أسئلة للمتابعة بعد ذلك.

وأوضح مور أن وايركس، كهيئة تخضع للوائح التنظيمية للمملكة المتحدة، ملزمة بإرسال استبيان مصدر الثروة للعملاء عندما تنطبق عليهم بعض الشكوك الفردية. وعلى الرغم من عدم قدرته على توضيح الحد الفاصل الذي يتم عنده تحفيز مثل هذه المخاوف، فقد أوضح إنه “قد تكون هناك مجموعة متنوعة من السيناريوهات المختلفة. قد يكون ذلك بناء على معاملة معينة، أو معدل تكرار المعاملة، أو قد تكون مراجعة دورية لعميل معين بناء على المدة التي قضاها معنا”.

وأكّد مور أن وايركس، مثلها مثل العديد من خدمات تبادل العملات المشفرة، تستخدم برنامج مراقبة للبلوكتشين في ملاحظة احتمالية استخدام العملات المشفرة في أنشطة غير شرعية مثل تجارة المخدرات على الإنترنت العميق. ولكنه أقر بأن أدوات تحليل البلوكتشين لا يمكنها أن تثبت بشكل عام استخدام هذه العملات لشراء مواد غير قانونية، بل تظهر احتمالية انبثاقها فقط من سوق الإنترنت العميق. وفي هذه الحالة، تقوم وايركس بتقييم أي معاملات يكشفها البرنامج، كل حالة على حدة.

اثبت مصدر أموالك أو اخرج من هنا

عميل وايركس العادي لن يشارك في أنشطة على الإنترنت العميق، ولكن قد تكون لديهم مخاوف بشأن الخضوع للفحص الأمني المعزز خلال عمليات التبديل العادية بين الأموال المشفرة والنقدية. ويقول مايكل مور: “نحاول تحقيق التوازن المطلوب فيما يتعلق بالمعلومات التي نحتاج أن نحصل عليها من العميل والمعلومات المطلوبة للجهات التنظيمية”. وأشار إلى أن خدمة وايركس تقدم “سوق فريدة نسبياً في الوقت الراهن”، ومن أجل أن يتمكنوا من مواصلة أعمالهم، فإن الشركة ملزمة بتلبية متطلبات معينة للجهات التنظيمية.

وعند سؤاله عن إذا كان من الممكن أن يخضع معظم مستخدمي وايركس لطلب استكمال استبيان مصدر الأموال في مرحلة ما، أقر مور بأن ذلك محتمل جداً. ولكنه أكّد، في الوقت نفسه، أن مثل هذه الإجراءات لا تتم عشوائياً، بل استجابة لحدث معين. ويتم إخطار العميل عادة بمجرد أن يكون على مقربة كبيرة من بعض النقاط، والتي قد تستوجب إغلاق حساباتهم في حالة عدم اكمال طلب الامتثال.

استبيان مصدر الأموال من وايركس يطلب من العميل تقديم وثائق قد تتضمن قسيمة دفع، أو خطاب من صاحب العمل بتأكيد المرتب، أو حسابات مدققة، وفي حالة تلقي الأموال على سبيل الهدية، سيحتاج لتقديم خطاب من الجهة المانحة توضح سبب الهدية أو مصدر ثروة الجهة المانحة. وعند سؤاله عمّا إذا كان بإمكان العملاء الذين يقبضون رواتبهم بالعملات المشفرة إرسال معاملات البلوكتشين كدليل لمصدر الأموال، أوضح مور إن وايركس تدرك احتياجات الفضاء المشفر وأن هناك عمليات وضوابط موثقة من شأنها وضع ظروف هؤلاء الأفراد في الحسبان.

ريفولت وغيرها من الشركات تعمل بسياسات مشابهة

تختلف سياسات وايركس قليلاً عن خدمات العملات المشفرة-النقدية الأخرى. ريفولت Revolut، على سبيل المثال، شركة شهيرة أخرى تقدم خدمات بطاقات فيزا، ولكنها على العكس من وايركس، لا تسمح للعملاء بإيداع العملات المشفرة؛ يمكنها فقط تخزين وإنفاق وتحويل العملات المشفرة التي يتم شراؤها مباشرة في التطبيق. وفي حديث لإيريك هو، رئيس قسم الامتثال في ريفولت، لـ news.Bitcoin.com قال بإن الشركة تتبع سياسة داخلية للامتثال تتبع نموذجاً معيناً. وشدّد على أن “العملات المشفرة تواجه مخاطر غسل الأموال أعلى من أي تدفقات نقدية أخرى”.

ويضيف: “يجب أن يكون لدى Revolut ما يسمى بـ ‘النهج القائم على المخاطر‘ لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وهذا يعني أنه ربما من غير المستحسن المساواة بين المخاطر الكامنة لمبلغ 10 إسترليني تم إنفاقها في متجر بمخاطر إنفاق نفس المبلغ على التشفير. في هذه الحالة، نضع تقييماً للمخاطر لكل معاملة. ويتراكم هذا التقييم بمرور الوقت لمختلف العملاء بناء على كيفية تعاملهم معنا. وهذا يعني أن لكل مستخدم سقف معاملات فريد قبل استشعار مثل هذه المخاطر”.

ومثل مايكل مور، أشار هور إلى أن “طلب إثبات مصدر الأموال أو مصدر الثروة هو إجراء قياسي في هذا المجال”. لا يحب مستخدمو العملات المشفرة السياسات المعززة لمكافحة غسل الأموال ومعرفة العميل، خاصة عندما يقع على عاتقهم إثبات نظافة أموالهم. إذا كانوا يريدون مواصلة استخدام خدمات تبادل العملات المشفرة-النقدية، فليس لديهم خيارات كثيرة. حيث تتوخى الخدمات التي تقدم بطاقات فيزا مثل ريفولت ووايركس الحذر الشديد بشأن ما قد يتطلب التحقيق بشأنه. وبالنسبة للعديد من العملاء، يبدو أن الأمر لن يكون مسألة “شك” وإنما مسألة “وقت” قبل أن يتم التحقق من كل الحسابات.