أعلنت بينانس Binance، ثاني أكبر منصة تداول للأصول المشفرة في العالم من حيث حجم التداولات، إلغاء خدماتها في الدول المستهدفة بعقوبات الولايات المتحدة الاقتصادية، بالتوازي مع شروط الاستخدام المعدلة المثيرة للجدل. وسيؤثر الحجب على شعوب كاملة في دول مثل: زيمبابوي، حيث تستهدف العقوبات الأميركية الشركات والأفراد.
بينانس تسعى لتلبية المصالح الأمريكية
تلقى مستخدمو بينانس في إيران، وبيلاروسيا، وصربيا، والبوسنة، وميانمار، والدول المقيدة الأخرى تنبيهاً بهذا الحجب تلاه إلغاء الخدمات لمدة شهر حتى الآن. وعلى الرغم من أن شروط بينانس الآن تمنع الأفراد والدول المدرجة في قوائم عقوبات مجلس الأمن الدولي ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية (OFAC)، عدا روسيا المعفاة بشكل واضح.
وقد ضربت الحيرة والاضطراب العديد من الزمبابويين الذي يعتمدون على بينانس في بيع وشراء العملات المشفرة، إذ تقبل منصات تداول عالمية قليلة إنشاء حسابات جديدة لزمبابويين بسبب العقوبات. وقد عرقلت العديد من الجهات التنظيمية المحلية بالفعل تداول العملات المشفرة على منصات واسعة الانتشار مثل غوليكس Golix عبر تطبيقها لحظر على العملات المشفرة. بعدها، اضطرت التداولات للعمل بشكل مستتر، وازدهر نشاطها على منصات التواصل الاجتماعي مثل: واتساب، وعلى منصات النظير إلى النظير الناشئة.
إذ قال وليام تشوي -وسيط تجارة العملات المشفرة- بأسى: “لقد وصلتني للتو الرسالة المفزعة عندما حاولت إجراء بعض التداولات على بينانس هذا المساء”. وأضاف: “لقد قمت بتصفية أغلب ما أملك، وكنت أحفظه في مكان آخر. والآن أين يمكنني تخزين هذه التوكنات؟” مشيراً إلى البينانس كوين (BNB) والكاردانو (ADA)؛ إذ لا تدعم الكثير من المحافظ مثل هذه الأصول.
وكان التوصل إلى قانون “تعافي الديمقراطية والاقتصاد الزيمبابوي” (زيديرا) الذي طبق عقوبات على زيمبابوي لما يقارب العقدين محلاً لجدل كبير، مع تصريح الولايات المتحدة بأن هذه العقوبات تستهدف أفراد وكيانات متطورة في الحكم غير الرشيد.
وتضمنت أحدث شروط استخدام بينانس: “بالدخول إلى بينانس واستخدام أياً من خدماتها فإنك تقر وتعترف بأنك لست مدرجاً ضمن أي قائمة من قوائم العقوبات الاقتصادي المختلفة، مثل: قائمة مجلس الأمن الدولي أو مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية”، وهي عقوبات تجمد الأصول المملوكة للدول المستهدفة، وتقلص التحويلات المالية للأفراد أو الدول بالإضافة لتعليق الخدمات المقدمة للمدرجين في هذه القوائم.
إلا أن المستخدمين الزمبابويين غير المدرجين في قائمة العقوبات الأمريكية حرموا أيضاً من التداول بسبب الحظر الشامل المطبق على الدولة بأكملها. ولم يكن للحظر العام أي أساس واضح في بنود كلٍ من بينانس أو زيديرا سوى تلبية المصالح الأمريكية. ومن غير الواضح أيضاً لمَ قد تخرج منصة تداول خارج الولايات المتحدة عن مسارها وتمتثل لقائمة عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية.
لقد فوجئ الكثيرون بانقطاع الخدمة دون إخطار مسبق؛ إذ لم تكن السيدة الهرارية (نسبة إلى هراري عاصمة زيمبابوي) البالغة من العمر 36 عاماً، والتي حافظت على استثمار صغير في الريبل (XRP) والستيلر (XLM) على بينانس خلال السنة الماضية على علمٍ بتفعيل الحظر، إذ اشتكت السيدة التي فضلت إخفاء هويتها قائلة: “لقد أدركت للتو أنني غير قادرة على فعل أي شيء بحسابي، ولا حتى سحب ما فيه”.
أسئلة مطروحة حول استهداف بينانس للاقتصادات الصغيرة
جذب إعلان بينانس في نوفمبر 2018 الانتباه، خاصة بعد استهدافه تحديداً للاقتصادات الصغيرة المدرجة في قائمة العقوبات الأمريكية. فعلى سبيل المثال، تم استهداف بيلاروسيا بسبب تحالفها مع روسيا، في حين أن روسيا -المستهدفة دائماً بعقوبات واشنطن- ذاتها كانت معفية.
لقد لاقت العملات الأجنبية في الغالب تشجيعاً واسعاً باعتبارها تزيد من تنوع المستخدمين واللامركزية المالية، بينما يتشابك النظام المالي التقليدي مع المصالح الجيوسياسية. وحتى مع تسليط بينانس للضوء على حقها في تغيير شروط خدماتها وفقاً لتقديرها منفردة، فإن إنهاء خدمة العملاء للتقرب من المؤسسات السياسية يقوض حق السيادة الذاتية، وهي أحد ركائز العملات المشفرة، حتى عند تخزين العملات في محافظ الأطراف الثالثة.
وفي حين أن الاقتصاديات الأكبر تمتلك سياسات غامضة أو مثيرة للشكوك تجاه العملات المشفرة، فإن بيلاروسيا من ضمن الدول الأصغر التي تصمم سياسات لأطر عمل صديقة للعملات المشفرة. وخلال السنة الماضية، قننت إدارة ألكسندر لوكاشينكو الأنشطة التجارية لشركات العملات المشفرة والبلوكتشين المسجلة في حديقة بيلاروس للتكنولوجيا العالية (HTP) في مينسك.
وقد أصبحت مساحة بيلاروسيا لبيع وشراء وتداول الأصول المشفرة محدودة الآن، ولكن المستثمرين في هذا المجال يمكنهم اللجوء إلى التداول الموثق عبر الإنترنت في بلدانهم، مما يوفر حصانة سياسية ضد العقوبات الأجنبية أو القيود الداخلية.
ويمكن للمتحمسين للبتكوين أيضاً أن يعودوا إلى بورصات النظير إلى النظير مثل: لوكال بتكوينز، في حين قد تدعم كريكسباي -منصة أطلقها مواطنون من بيلاروسيا في الولايات المتحدة- تداولات البيلاروسيين بالروبل. لقد تمتعت إيران بهدنة قصيرة من العزلة الدولية التي فرضت عليها بسبب برنامجها النووي ومزاعم تمويل الإرهاب بعد أن وقع الرئيس باراك أوباما على الاتفاق النووي مع طهران عام 2016. إلا أن الرئيس الحالي دونالد ترامب جدد العقوبات ضد البلاد مرة أخرى.
وقال تشوي، المتداول الزيمبابوي: “تمتلك بينانس سيولة ضخمة، وعدداً من العملات/التوكنات مكنني من التداول بسهولة. وبعد (طردي) أصبحت خياراتي محدودة للغاية فيما يخص إمكانية تنمية ممتلكاتي من العملات المشفرة، فضلاً عن الاحتفاظ بها”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.