“اتبع الموهبة”.

إنها قاعدة ذكرها المستثمر كريس بيرنسك في تغريدةٍ حديثةٍ له لأجل التوكيد على تغريدةٍ أخرى من نافال رافيكانت الشريك المؤسس للموقع الأميركي آينجل ليست AngelList المخصَّص للاستثمارات والشركات الناشئة، حين كتب في مارس/آذار الماضي: “تستقطب شبكات البلوكتشين حالياً المواهب التكنولوجية الفذة في سيليكون فالي على نحوٍ أسرع من أية موجةٍ أخرى لتطور التكنولوجيا منذ صعود الإنترنت”.

ولكن مع قدوم أولى هبات ريح شتاء العملات المشفرة، لم تنطفئ نار هذا الحديث بعد.

فقد ترددت مجدداً آخر مرةٍ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي حين تحدث موقع كوين ديسك مع إداريِّ موقع تيندر Tinder ومستثمر المشاريع الناشئة، جيف موريس جونيور، الذي أسَّس شركة تشابتر وان فينتشرز Chapter One Ventures بهدف دعم مشاريع العملات المشفرة التي يجدها مثيرةً للاهتمام. ولكن، مَن هؤلاء المحترفون الذين يغادرون الشركات الناجحة لكي يجرِّبوا حظوظهم في عالم العملات المشفرة؟

عثر موقع كوين ديسك CoinDesk على سبعة أشخاصٍ تركوا مناصبهم التي لم تكن فقط في مجرد شركات تكنولوجيا شهيرةٍ، بل كانت أشهرها. ووجد أمثلةً لموظَّفين من خمس عمالقةٍ في مجال تقنيات الويب 2.0، ويُطلَقُ عليها “فانغز FANGs”، اختصاراً لفيسبوك Facebook، وآمازون Amazon، وآبل Apple، ونتفليكس Netflix، وغوغل Google.

كل شخصٍ على هذه القائمة قد ترك وراء ظهره الحياة الآمنة في إحدى عمالقة التكنولوجيا، الشركات الأعظم في الاقتصاد الحديث، لأجل تجربة حظوظهم في قطاعٍ جديدٍ مبنيٍّ على النقود المُبتَكَرة عن طريق الإنترنت وبِنيَات البيانات اللامركزية.

فيسبوك

كاهينا فان دايك – ريبل Ripple

كاهينا فان دايك هي النائبة الأولى لرئيس شركة ريبل Ripple للأعمال والتطوير المؤسَّسي، وقد تركزت معظم خبرتها في الأعمال على مجال المدفوعات في الشركات الكبرى، ليس فقط فيسبوك. فلم تَقضِ فقط عامين ونصفٍ في العمل على أنظمة المدفوعات في مدينة مينلو بارك، ولكنها كذلك تملك خبرةً مُسبَقةً في ماستر كارد MasterCard وسيتي بنك Citibank.

وجاء تحوُّل فان دايك في يونيو/حزيران الماضي. وعلى مدوَّنة ريبل، شرحت دوافعها لاقتحام قطاع السجلات الموزعة. إذ قالت: “هناك سببٌ للنُدرَة في عدد كبار مُشَغِّلي الحوالات النقدية في العالم اليوم. بلا شكٍّ، إن المعاملات المالية عبر الحدود هي من أعقد مشاكل المدفوعات وأكثرها تشعُّباً”.

وتابعت بأنها تؤمن بأن ريبل تملك المزيج المطلوب من التكنولوجيا وإستراتيجيات الأعمال للقضاء على تلك العوائق التي يواجهها الناس في العالم كله عند محاولة إرسال النقود من دولةٍ إلى أخرى.

إفغيني كوزياكوف – نير بروتوكول Near Protocol

مع كوزياكوف، نحن نحصل في الواقع على جرعةٍ مزدوجةٍ من الـ”فانغز”. فقبل وظيفته الحالية، كان يعمل في فيسبوك، وقبلئذٍ بزمنٍ قصيرةٍ كان يعمل في غوغل. وهو الآن من مهندسي البرمجيات في شركة نير بروتوكول، التي تسعى إلى توفير البلوكتشين لدى الأجهزة الرخيصة عن طريق استغلال تقنية التَشَظِّي sharding.

عندما غادر فيسبوك، كان يعمل على أساليب ضغط الفيديو لتسجيلات الـ360 درجة والواقع الافتراضي. ويقول إن عمله في اثنتين من كبار شركات التكنولوجيا سيعينه على تحقيق ما تأمل شركة “نير” في أن يكون بروتوكولاً مُستَعمَلاً على نطاقٍ واسعٍ.

وصرَّح في حديثه إلى موقع كوين ديسك قائلاً: “لقد عملت على البنية التحتية الخلفية في غوغل، لذا أعلم كيفية بناء الأنظمة الموزعة. أفهم الأمن والخصوصية المطلوبَين في المشاريع الكبرى لأجل ضمان الاستفادة القصوى للمستخدمين من النظام الكلِّيِّ”.

ما زال بروتوكول الإيثريوم مُعَقَّداً أكثر مما ينبغي ويسهل ارتكاب الأخطاء فيه. ولم يكتسب الإيوس (EOS) ثقة الناس، وجميع البروتوكولات الأخرى هي ببساطةٍ ليست ناضجةً بما يكفي.

وأضاف: “تساعدني خبرتي في هذا القطاع على استيعاب هذه المشاكل، وعساها تساعدني على تفاديها حينما نضع تصميم نظامنا”.

آمازون

ليو تشين – هارموني Harmony

غادر تشين لتوه آمازون ويب سيرفسيز Amazon Web Services، خدمة التخزين السحابي العملاقة في مدينة سياتل، لكي يبدأ عمله في هارموني، وهي منصة إجماعٍ على أعتاب الانطلاق مُصَمَّمةٌ للطاقات الإنتاجية عالية الارتفاع.

بعد قرابة أربعة أعوامٍ في الشركة، نقل موقع كوين ديسك عن تشين أنه كان من الممكن أن يأخذ هذه الخطوة في وقتٍ سابقٍ، ولكنه كان قد أزال تطبيق فيسبوك من على هاتفه. ولولا ذلك، ربما ما كان ليُفَوِّت العرض المُقَدَّم من مؤسس هارموني ستيفن تسي (وهو الآخر موظفٌ سابقٌ في آبل وغوغل).

في عام 2012، ابتاع تشين بعض عملات البتكوين وحقَّق منها ربحاً جيداً، ولكنه انشغل بأسرته وتوقف عن متابعة العملات المشفرة لفترةٍ من الوقت. ثم أثار الإيثريوم اهتمامه مرةً أخرى، وعندما جلس في النهاية مع تسي، شعر بأنه الخيار الصحيح.

وأردف تشين في تصريحاته إلى كوين ديسك: “أنا -عن نفسي- أيضاً مهتمٌ جداً بتصميم البنية التحتية والأنظمة الموزَّعة. وشعرت بأن البلوكتشين هي التكنولوجيا التي تثير اهتمامي ويمكنني الإسهام فيها”.

جميع مستخدمي الإنترنت تقريباً يستخدمون آمازون ويب سيرفسيز بشكلٍ غير مباشرٍ. وكتب تشين: “وفَّرنا خدماتٍ لمئات آلاف الزبائن على مئات آلاف الماكينات. ويمكن لهندسة التصميم التي تعلمتها والخبرة التي اكتسبتها أن تساعدنا على بناء بلوكتشين آمنةٍ وعالية الأداء”.

آبل

آلوك كوثاري – هارموني

تشغل هارموني مركزين على هذه القائمة، إذ أن كوثاري هو أحد مهندسيها وشركائها المُؤَسِّسِين. في الواقع، إن فريقها غنيٌّ بالموظفين ذوي الخلفيات السابقة في الـ”فانغز”، وهو أمرٌ يبدو أنه قاعدةٌ عامةٌ: الفرق التي تملك موظفاً سابقاً في الـ”فانغز” تملك عدة موظفين آخرين.

كوثاري هو شريكٌ مؤسِّسٌ لهارموني. وقد غادر آبل في يونيو/حزيران الماضي بعد أن عمل هناك لمدة ثلاثة أعوامٍ تقريباً. وهو متخصِّصٌ في مجال تعلم الآلة، وكان يعمل على المساعد الصوتي لآبل، المعروف باسم سيري، ولكنه كان يدرس منذ زمنٍ طويلٍ تأسيس شركةٍ خاصةٍ به.

وكتب في مراسلاته مع كوين ديسك: “كانت عاصفةً من عدة عوامل. كنت أتوق منذ فترةٍ إلى بدء رحلتي في ريادة الأعمال”. وقابل الأشخاص الذين أصبحوا في ما بعد شركاءه المؤسِّسين في اجتماعٍ لموظفي غوغل السابقين (أو xooglers، كما يحبون أن يطلقوا على أنفسهم).

وتابع كوثاري قائلاً: “أصبحت مقتنعاً بأن البلوكتشين ستغيِّر العالم. ولأجل تحقيق الاستفادة القصوى من البيانات التي تُنشأ في العالم، ينبغي إكساب الوصول إلى البيانات صفةً ديمقراطيةً ولامركزيةً”.

وقال إن في حال تحقيق ذلك، “سيستفيد الجميع، وسيفوز الجميع”.

نتفليكس

ريان ليشنر – كونسنسيس لابز ConsenSys Labs

انتقل ليشنر من نتفليكس إلى كونسنسيس لابز، التي تدير قرابة 50 عملية استثمارٍ بدأها متجر الإيثريوم الذي يتخذ من مدينة بروكلين مقراً له. وكان ليشنر يمارس العمل ذاته تقريباً في مجال التليفزيون. إذ عمل على التوسع في إستراتيجية نتفليكس لمحتوى البرامج الواقعية.

وقال ليشنر إلى كوين ديسك: “لطالما اعتبرت نتفليكس هي ’الطرف البريء من الفانغز‘. فقد كنا نأخذ أموال الناس في مقابل منحهم البهجة”.

ومع ذلك، بدأت الشكوك تساوره حيال نموذج الأعمال الأكبر في سيليكون فالي، الذي يعتمد على حفر الخنادق حول البيانات المحروسة بعنايةٍ. إذ قال: “ليس هناك استدامةٌ بنيويةٌ في تشييد الأسوار الافتراضية حول البيانات”.

ويذكر ليشنر اللحظة التي تبدَّى فيها له أن شبكات البلوكتشين بإمكانها بناء الجسور العابرة فوق خنادق سيليكون فالي. فذكر في مراسلاته: “كنت أسير على بحيرة ميريت في أوكلاند، أستمع إلى بودكاست podcast تحدث فيه نِك زابو ونافال رافيكانت عن قوة التغيير التي تملكها البلوكتشين والعملات المشفرة”.

وانضم ليشنر إلى كونسنسيس في أواخر عام 2017، وشدَّ الرحال إلى بروكلين. وأضاف: “آمل أن أتمكن من خلال دوري في كونسنسيس من أن أُحدِثَ تغييراً جذرياً في الشبكات ونماذج الأعمال اللامركزية”.

غوغل

آليكس فاينبرغ – أوكيه كوين OKCoin

يعمل فاينبرغ مديراً لتنمية الأعمال في منصة تداول العملات المشفرة أوكيه كوين، إلا أنه كان قد ترك غوغل في البداية لأجل الانضمام إلى شركة أمنٍ إلكترونيٍّ ناشئةٍ تختص في توفير الحماية لشركات البلوكتشين الناشئة، وحملت تلك الشركة اسم بيترام سيكيوريتي Petram Security. أي أن منصبه في أوكيه كوين هو في الواقع منصبه الثاني منذ أن ترك غوغل.

بدأ فاينبرغ العمل لدى غوغل عام 2011، وأدَّى عدداً من الوظائف في جانب إدارة الأعمال قبل أن يستقيل منها في مارس/آذار الماضي، وكان يعمل آنذاك على محرك بحث غوغل Google Search ومساعد غوغل Google Assistant. وقد عمل مع عددٍ من أكبر الكيانات (مثل دوري كرة القدم الأميركي NBA، وبلومبيرغ Bloomberg، ومؤسسة إن بي آر NPR الإعلامية) على دمج محتواها بكبرى منصات البحث والمساعدات الذكية.

وقد انضم إلى غوغل لأنه كان يفترض أنه طالما استمرت البنوك المركزية في طباعة الأوراق المالية، ستتحقق مكاسب هائلةً على القطاعات الأكثر تضاربيةً من الاقتصاد، مثل التكنولوجيا. إذ أوضح قائلاً: “كان انتقالي إلى مجال العملات المشفرة مجرد امتدادٍ منطقيٍّ لهذا القرار الأول”.

واستقر على قراره بالانتقال في وقتٍ سابقٍ من هذا العام. إذ كان يتناول العشاء مع أحد أصدقائه في يناير/كانون الثاني الماضي. وكان صديقه قد راهن بأموالٍ كبيرةٍ على أشياء لم يكن متوقعاً أن تحقق أرباحاً، ونجح نجاحاً باهراً. وأكمل فاينبرغ: “فكَّرت في قرارة نفسي: ’إن الأشخاص الذين أشترك معهم في وجهات النظر خارج غوغل وضعهم الماليُّ أفضل بكثيرٍ من الأشخاص الذين لا أشترك معهم في وجهات النظر داخل غوغل، فدعني أرَ إلى أين سيأخذني هذا”.

تشاندان لودا – كوين تراكر CoinTracker

لودا هو شريكٌ مؤسَّسٌ لكوين تراكر، وهو تطبيقٌ بمقدوره حساب الالتزامات الضريبية على محفظات العملات المشفرة.

وقد غادر قسم إكس X التابع لغوغل (أو ألفابيت Alphabet) في منتصف عام 2017، حيث كان يعمل مديراً للمنتجات في مشروع لون Project Loon، الذي يسعى نحو توصيل الإنترنت إلى البقاع النائية بواسطة المناطيد.

وجاء ضمن تصريحاته إلى موقع كوين ديسك: “بصراحةٍ، كنت في البداية متشائماً جداً من العملات المشفرة”، وهذا مع أنه كان قد عمل لفترةٍ على إحدى شركات البتكوين الناشئة في 2012، وامتلك عملاتٍ مشفرةً لسنواتٍ. ولكن مع زيادة قيمة تلك الممتلكات، قلَّ شعوره بأنها مجرد هوايةٍ.

وكان بالفعل يعمل على تكوين فكرةٍ مع زميلٍ له في غوغل أصبح في ما بعد شريكه المؤسس. ومع أنهما كانا متَّجِهين في البداية نحو التكنولوجيا المالية التقليدية، فقد حوَّلت خبرته الشخصية في العملات المشفرة مسار أعمالها إلى ذلك الاتجاه.

ويعترف لودا بأن تطبيقهم ليس صاحب الأسبقية في تناول الالتزامات الضريبية، لكنه يؤمن بأنه ما يزال هناك مجالٌ للتطوير في ما يتعلق بتجربة المستخدم. إذ قال: “من الدروس التي تعلمناها من غوغل والذي ساعدنا كثيراً في تصميم كوين تراكر هو التركيز على المستخدمين لأجل تصميم منتجاتٍ بسيطةٍ وسهلة الاستخدام”.

من الصعب الجزم بحتمية ازدهار التيارات أمثال التيارات المذكورة أعلاه، لأن من الممكن ازدياد أعداد تنقُّلات الموظَّفين بداخل الشركات. على سبيل المثال، انتقل حديثاً رئيس قسم إدارة المنتجات في إنستغرام Instagram إلى منصبٍ مشابهٍ في مشروع فيسبوك للتوسع في مجال البلوكتشين، وفقاً لموقع لينكد إن LinkedIn.

وعلى نحوٍ مماثلٍ، انتقل عضو مجلس إدارة كوين بيس Coinbase السابق ومسؤول منتجات المراسلة لدى فيسبوك، ديفيد ماركوس، إلى العمل بصورةٍ دائمةٍ على البلوكتشين هو الآخر في مينلو بارك.

وصرَّح جيف موريس في مقابلةٍ له مع كوين ديسك: “أنت تأخذ أميز العاملين لديك وتنقلهم إلى مبادرات البلوكتشين داخل شركتك. فيجب أن تكون نسبةٌ كبيرةٌ من ذلك مرتكزةً على الموظفين”.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.