تصدر العشرات من العملات المشفرة كل شهر، ومعها سلسلة من العروض الأولية للعملة (ICO). وبالرغم من الضربة التي تلقتها العملات المشفرة عام 2018، زاد اهتمام المستثمرين بفرص العروض الأولية للعملات الجديدة. وكل هذه العوامل تشكل مناخاً جاذباً للمحتالين، فبما أنَّ المستثمرين أثبتوا استعدادهم لضخ أموالهم للمضاربة في عملاتٍ مشفرة عالية المخاطر، فهم على الأرجح مستعدون كذلك للاستثمار في توكنات أو عروض أولية احتيالية.

وقد يكون من الشاق على مستثمري العملات المشفرة الاستفادة من فرص الاستثمار الواعدة هذه دون التعرض لاحتمالية الوقوع في فخ العروض الأولية الاحتيالية للعملات أو الاستثمار في عملات وتوكنات مخادعة. فتقنية البلوكتشين والعملات المشفرة تتطور بشكلٍ سريع، وحتى المستثمرين أصحاب الخبرة أنفسهم لا يستطيعون متابعة المصطلحات الجديدة في المجال. وبينما ليست هناك ضمانات لمدى مشروعية الشركات الناشئة في مجال العملات المشفرة والبلوكتشين واحتمالية نجاحها، قد تساعدك الخطوات التالية على تجنب التعرض للاحتيال.

1- تعرَّف على الفريق

ربما يشكل فريق المطورين والإداريين العامل الرئيسي والأهم لنجاح أي عملة مشفرة أو عرض أولي للعملة (ICO). يزخر مجال العملات المشفرة بالعديد من الأسماء الرائدة، منها بعض النجوم في عالم المطورين مثل فيتاليك بوتيرين، مؤسس عملة الإيثريوم. هؤلاء المطورون لديهم القدرة على إنجاح مشاريع جديدة بمجرد ذكر أسمائهم في قائمة المطورين. ولهذا السبب، اعتاد المحتالون اختراع بعض الأسماء والسير الذاتية لمؤسسين وهميين لمشاريعهم.

يعد البحث بدقة عن أعضاء فريق المطورين الطريقة المثلى لحمايتك من هذا التكتيك الاحتيالي. إذا لم تعثر على أي معلومات تتعلق بمؤسس المشروع أو أحد أعضاء الفريق على موقع لينكد إن LinkedIn أو غيره من الشبكات الاجتماعية، فهذا مؤشر سيئ. حتى إذا وجدت صفحات شخصية لهم على هذه المواقع، عليك التحقق من مدى اتساق أنشطتهم مع عدد متابعيهم، لأنَّ الصفحات التي تحتوي على آلاف المتابعين دون تفاعل واضح معهم على الأرجح تكون صفحاتٍ مزيفة.

بعد مرحلة التحقق من كون فريق المطورين حقيقياً، تبرز أهمية التحقق من مدى أهليتهم لإدارة مثل هذا المشروع. هل لدى المؤسسين الخبرات التي يدعونها؟ وهل هي متعلقة بالمشروع المقصود؟

2- تفحَّص الورقة البيضاء

تعد الورقة البيضاء للعملة المشفرة أو للعرض الأولي للعملة (ICO) هي الوثيقة التأسيسية للمشروع. والورقة الخاصة بأي مشروع متعلق بالبلوكتشين عليها أن تحتوي على تعريف المشروع وأهدافه وإستراتيجيته ومشاكله المتوقعة والخريطة الزمنية لتنفيذه. ويمكن للأوراق البيضاء أن تكشف الكثير، فالشركات ذات المواقع الإلكترونية المبهرجة ربما تجد أنَّها تفتقد مبدأً مهماً وأساسياً في مشروعها عند تفحُّص ورقتها البيضاء، بينما يمكن لشركةٍ موقعها مليء بالأخطاء الإملائية أن تمتلك ورقةً بيضاء تشير إلى وجود مبدأ قوي وخطة تنفيذ موضوعة بعناية.

الخطوة الأولى في تحليل ورقة بيضاء هي قراءتها بتمعُّن. وتحقَّق إن كانت هناك مصادر إضافية تشتمل على النماذج المالية والشؤون القانونية وتحليل نقاط القوة والضعف والفرص والمخاطر (SWOT analysis) وخارطة تنفيذ المشروع.

وتجنَّب دائماً الشركات التي لا تقدم أوراقاً بيضاء لمشاريعها. لكن خذ في الاعتبار أنَّه يُمكن لبعض الشركات الاحتيالية أن تصدر أوراقاً بيضاء مقنعة لمشاريعها، مثلما حدث مع شركة بليكس كوين (PlexCoin)؛ التي تمكنت من جمع 15 مليون دولارٍ أميركي قبل أن تتدخل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) وتغلق الشركة. يجب أن تُجيب الورقة البيضاء عن كل الأسئلة التي سيسألها المستثمر المحتمل، والتي تتعلق بما يميز هذا المشروع عن غيره من المشروعات المنافسة، وكيف يخطط الفريق لنجاح المشروع، والإجراءات التي سيتخذونها لتحقيق أهدافهم.

3-طالع مبيعات التوكنات

لتسهيل عملية التمويل الجماعي، أي عرض أولي للعملة (ICO) يعتمد على نظام عملات أو توكنات. وأي شركة أو مشروع حقيقي شرعي يتيح للمستثمرين المحتملين تفحص النظام ومتابعة عملية بيع التوكنات بسهولة. تابع مؤشرات بيع التوكنات خلال عملية العرض الأولي للعملة (ICO)، بل والأفضل أن تتابع المبيعات وتقدُّمها بمرور الوقت. إذا لم تُسهِّل الشركة عملية متابعة الأرقام والمؤشرات لأي مستثمر محتمل، فهذا مؤشر خطير على مصداقية ونزاهة الشركة. تحجب بعض عمليات الاحتيال في العروض الأولية للعملات (ICOs) مؤشرات مبيعات التوكنات بحجة حماية عناوين محافظ الإسهامات الفردية، وهذا بدوره لا يسمح للمستثمرين المحتملين بالتحقق من الأرقام والمبالغ التي جمعها العرض، والوقت المتبقي على انتهائه. وقد يكون هذا في بعض الأحيان وسيلةً لخلق حالة من التعجل لدى المستثمرين المحتملين، حتى لو لم تكن هناك مبيعات من الأساس.

4- ما جدوى هذا المشروع؟

من الجليّ أنَّ العروض الأولية للعملة (ICOs) والعملات المشفرة صاحبة الفرص الأكبر في النجاح هي تلك التي تمتلك بنيةً أساسية قوية تجعلها تتفوق على منافسيها. والكثير من المشروعات باءت بالفشل بمجرد زوال الاهتمام الأولي بها، حتى تلك التي حظيت بدعايةٍ كبيرة. لذا، تكمن فرصتك الأفضل في الاستثمار في شركةٍ لها أهداف واضحة يمكن تحقيقها، ولها أفكار راسخة وقوية، ولديها القدرة على تنفيذ هذه الأفكار على المدى القريب والبعيد.

تأتي مسألة الشفافية جنباً إلى جنب مع مسألة الجدوى. فالشركات صاحبة الأفكار البرّاقة والنماذج المحكمة ستميل إلى التمتع بأكبر قدر من الشفافية مع المجتمع. ابحث عن الشركات التي تهدف إلى إطلاع مستثمريها على آخر المستجدات عن طريق التقارير المفصلة والمنتظمة عن أداء الشركة على موقعها أو على الشبكات الاجتماعية. ومن المفيد أيضاً أن تبحث إن كان لدى الشركة إطارٌ زمني لعملية التطوير.

5- توخَّ الحذر

حتى أكثر العملات المشفرة والعروض الأولية للعملات نجاحاً تواجه انتقاداتٍ لاعتمادها على المضاربة. ففكرة الثراء السريع عبر الاستثمار في مشروعٍ جديد وواعد هي فكرة مغرية للحد الذي يُمكِّنها من جذب كلٍ من المستثمرين المخضرمين والمبتدئين إلى مناطق الخطر. توخَّ الحذر في أثناء البحث عن فرص الاستثمار في العملات المشفرة والعروض الأولية للعملات. واحذر من المشاريع التي تبدو لك فرصةً جيدةً للغاية، لأنَّها عادةً تكون أقرب إلى الخيال من الواقع. خصص وقتاً كافياً للتحقُّق من كل التفاصيل، وافترض دائماً أنَّ غياب أي معلومة مهمة قد يكون محاولةً لإخفاء نموذج غير مكتمل أو فكرة غير صالحة. اطلع على مصادر خارجية للتحقق من قانونية المشاريع قبل الاستثمار فيها، واسأل تلك الأسئلة التي تعجز عن إيجاد إجابةٍ لها بسهولة. يوفر مجال العملات المشفرة والعروض الأولية للعملات فرصةً هائلة للاستثمار لأولئك الذين أدوا دورهم في البحث ويمكنهم اتخاذ قراراتٍ استثمارية معقولة. يمكن أيضاً لمخاطر هذا المجال أن تُعرِّضك لخسارة أموال طائلة بسبب الاحتيال، أو حتى بسبب الاستثمار في مشروعاتٍ قانونية تعاني من قصورٍ في تصميماتها وبالتالي تصبح معرضةً للفشل.

6- امتحن مهاراتك في التداول والاستثمار

اختبر مهارات التداول لديك عبر المنصات التي تعطي حسابات تجريبية للتداول، مثل تطبيق محاكاة البورصة الخاص بموقع إنفستوبيديا Investopedia، أجرِ بعض الصفقات في بيئةٍ افتراضية بمبلغ 100 ألف دولارٍ أميركي قبل بدء المخاطرة بأموالك الحقيقية.