جيريمي روبين هو مستشار تقني لشركة ستيلر Stellar، وأحد المُساهمين في تطوير البتكوين (BTC)، ومستثمر ومستشار في عدة شركات ناشئة في مجال العملات المشفرة. حالياً، ينشئ روبين شركة متخصصة في قابلية البتكوين للتوسع وحلول الخصوصية. في هذا المقال، يتنبأ روبين بالانهيار التام لعملة الإيثريوم، حتى مع تحقيق شبكتها نجاحاً ساحقاً. نشر المقال منذ أيام على موقع تك كرانش ونقدمه هنا للقارئ بالعربية.
يقول روبين: “عندي تنبؤٌ. عملة الإيثريوم -والمقصود هنا العملة لا شبكة الإيثريوم ذاتها- ستنخفض قيمتها إلى الصفر”.
فأولئك الذين يرون بالفعل أن الإيثريوم لن تشهد أي تبني حقيقيٍّ -بسبب فشلها في التوسع، وفي اعتماد ممارسات كتابة عقودٍ أكثر أماناً، وفي التغلُّب على منافسيها- لا يحتاجون إلى إقناعٍ بأن النتيجة المنطقية لكل هذا هي انهيار سعرها.
لكن إذا آمن المرء بأن منصة الإيثريوم ستنجح نجاحاً يفوق أحلام أشد المتفائلين، فسيتطلب مزيداً من الإقناع بانهيار عملة الإيثريوم، خاصة وأن شبكتها ستدير حصةٍ كبيرةٍ من التجارة العالمية إدارةً آمنةً.
يشرح روبين كيفية نجاح إيثريوم المنصة نجاحاً باهراً حتى في ظلِّ فقدان إيثريوم العملة قيمتها بأكملها، فيقول إن القيمة الخاصة بعملة الإيثريوم بحسب موقع الايثريوم تنبع من الآتي :
بناء تطبيقاتٍ لا يمكن إيقافها
إيثريوم هي منصةٌ لامركزيةٌ لإدارة العقود الذكية: تطبيقاتٌ تعمل بالضبط وفقاً لبرمجتها دون أي احتمالٍ لحدوث عطلٍ بها، ولا رقابةٍ، ولا احتيالٍ، ولا تدخُّلٍ خارجيٍّ.
وتعمل هذه التطبيقات على بلوكتشين مُصَمَّمةٍ خصيصاً لهذا الغرض، مستعينة ببنيةٍ تحتيةٍ عالميةٍ مشتركةٍ جبَّارةٍ يمكنها نقل القيمة وتمثيل حيازة الممتلكات.
ويتيح هذا للمطوِّرين تأسيس أسواقٍ، وسجلَّات محفوظةٍ للديون أو الوعود، ونقل الأموال بما يتماشى مع التعليمات الموضوعة منذ زمنٍ طويلٍ (ضمن وصيةٍ أو عقدٍ آجلٍ)، وأشياء أخرى كثيرة لم تُختَرع بعد، وكل هذا بدون خطورة التعامل مع وسيطٍ أو طرفٍ مقابلٍ.
فإذا نجحت منصة الإيثريوم في تحقيق هذا الكلام السابق، ستعالج بذلك عوامل الخطورة الخارجية للتطبيقات اللامركزية.
لا مستقبل لوقود الإيثريوم
لا يوجد بيان لقيمة عملة الإيثريوم في الوصف الرسميِّ الموجود على الموقع. وربما يرجع هذا الإغفال إلى مدى وضوح قيمة العملة لمؤسسة الإيثريوم، لذلك اعتبروا ألا داعي لذكرها: فطريقة دفع ثمن كل هذا هي رسوم معاملات شبكة الإيثريوم (التي يُطلَق عليها “الوقود”).
وإذا لم يكن مفهوم الوقود واضحاً لك، لنشرح هذا التشبيه: إن شبكة الإيثريوم أشبه بسيارةٍ مشتركةٍ. وحين يريد عقدٌ ما أن يستقل السيارة المشتركة، تستهلك السيارة الوقود، الذي عليك دفع ثمنه للسائق. ويتوقَّف ما تدين به من ثمن الوقود على المسافة التي قطعتها بالسيارة، وكمية القمامة التي تركتها في السيارة.
الوقود تشبيهٌ لطيفٌ، لكن التشبيه لا يكفي كحُجَّةٍ لدعم أسعار الإيثريوم غير الصفرية. فالوقود يحترق في الواقع داخل محرِّكٍ داخليِّ الاحتراق؛ ولن يعمل المحرك داخلي الاحتراق بلا وقودٍ قابلٍ للاشتعال. إذن فالإيثريوم كوقودٍ هو مجرد استعارة لكيفية استهلاك الوقود، لكن عقود منصة الإيثريوم لا تستلزم إضافة الوقود لكي تعمل.
شراء “البازوورد كوين BuzzwordCoin”
لنفترض أن جهة تصمِّم تطبيقاً لامركزياً جديداً على شبكة إيثريوم اسمه بازوورد كوين. فالبديهي، تبعاً لقالب توكن ERC-20 القياسي، ستدفع كل معاملةٍ على على البازوورد كوين عمولة الوقود بعملة الإيثريوم. وإلزام كل معاملةٍ على البازوورد كوين بالاعتماد أيضاً على عملة الإيثريوم لأجل الرسوم يخلق مخاطر كبيرةً، واعتمادًا على طرف ثالث وهو عملة الايثريوم، وضغطاً نزولياً صناعياً على سعر التوكن الأساسي (إذا تعيَّن عليك المبادرة ببيع البازوورد كوين مقابل الإيثريوم لأجل إجراء معاملةٍ عبر البازوورد كوين، سيحدث ضغط البيع قبل أن تتطلَّبه المعاملة، ويجب أن تكون عملية البيع أكبر من اللازم لضمان وجود تمويلاتٍ كافيةٍ لتغطية المعاملة).
بدلاً من دفع الوقود بالإيثريوم، بوسعنا أن نجعل كل معاملةٍ على شبكة البازوورد كوين تودع مبلغاً صغيراً بعملة البازوورد كوين مباشرةً في عنوان مُعَدِّن البلوك لدفع ثمن تنفيذ العقد. ويُشار أحياناً إلى دفع عمولة الوقود بغير الإيثريوم بـ”التجريد الاقتصادي” في مجتمع الإيثريوم.
لن يحتوي عقد البازوورد كوين المنقَّح على اعتمادٍ وظيفيٍّ على عملة الإيثريوم. ونستطيع تشجيع المُعَدِّنين على تعدين المعاملات دون دفع أي رسومٍ بالإيثريوم على الإطلاق.
وإذا احتوى عقد البازوورد كوين على بنود تعاقديةٌ غير معاملاتيةٍ -أي وظيفةٌ برمجية ينبغي أن يستدعيها دورياً أي طرفٍ لأجل التكليف بالمهام كالحوسبة أو تحديث الإحصاءات المخزنة بالعقد- فيمكننا تحديد أن المُعَدِّن الذي يؤدي تلك المهام يتلقَّى عملاتٍ من مجمع وقود تضخمي أو مشترك. وفي المجمّع المشترك، يجري تسديد جميع رسوم معاملات المستخدم في عقدٍ ما إلى محفظة العقد. ثم تُحوَّل الرسوم إلى المُعَدِّن عن طريق تحميل لعقد توزيع الرسومٍ الذى ينفِّذ الموادَّ غير المعاملاتية (يشبه هذا بعض الشيء طريقة “دفع الابن للاب Child Pays for Parent” في نظام البتكوين الإيكولوجي).
مكافحة التجريد الاقتصادي
هناك أربع حججٍ مضادةٍ رئيسيةٍ لتجريد الإيثريوم اقتصادياً: الافتقار إلى المساندة البرمجية للتجريد الاقتصادي، والصعوبة في تسعير العديد من التوكنات، ووجود عقودٍ غير مرتبطةٍ بالتوكنات، والحاجة إلى عملة الإيثريوم من أجل عمل خوارزمية إثبات الحصة. ومع أن الحجج الأربعة منمقة، فجميعها لا يصمد أمام التدقيق.
المساندة البرمجية: حالياً، ينتقي المُعَدِّنون المعاملات بناءً على مبلغ الوقود المتوفِّر بالإيثريوم. وبما أن الإيثريوم ليست عقداً (مثل توكن ERC-20)، فإن الكود يميِّز معاملات الإيثريوم. إلا أن هناك مساعٍ لجعل منصة الإيثريوم تعامل عملة الإيثريوم معاملةً أقل تميُّزاً وأشبه بتوكنات ERC-20 والعكس بالعكس. فعلى سبيل المثال، يغلف مشروع ويث Weth عملة الإيثريوم في توكن ERC-20 متوافقٍ مثبت السعر بنسبة 1:1 للتداول في المنصات اللامركزية.
ويجادل المعارضون للتجريد الاقتصادي (وأبرزهم فيتاليك بوتيرين) بأن مكاسب إضافة مزيدٍ من التعقيد للنظام الإيكولوجي غير ذات جدوى. وهذه حجةٌ سخيفةٌ. فإذا لم تدعم البرمجية حاجات المستخدمين العقلانيين، ينبغي تعديل البرمجية. وعلاوةً على ذلك، برمجية المحفظة المطلوبة نفسها لأي توكنٍ هي الآن أشد تعقيداً بكثير، نظراً لاضطرار المحفظة لإدارة الأرصدة بالإيثريوم وبتوكن التطبيق في آنٍ.
تسعير السوق: لأجل التعدين على منصة الإيثريوم بالتجريد الاقتصادي، يحتاج المُعَدِّنون ببساطةٍ إلى برمجيةٍ تسمح لهم بتسديد الفروقات في قيمة التوكنات النشطة، وتسمح كذلك بتضمين المعاملات بصورةٍ عقلانيةٍ على هذا الأساس. وتتطلَّب هذه البرمجيات إعادة ترتيب المعاملات الجارية ترتيباً ديناميكياً بناءً على معلومات التسعير، التي يجمعها إما مؤشِّر المُعَدِّن نفسه وإما عبر رصد أسعار منصات تداول العملات المشفرة.
ويجادل فلاد زامفير بأن الحاجة المُحتمَلة إلى رصد معلومات السوق عن الأسعار تصعِّب من التجريد الاقتصادي.
إلا أن الحالة الراهنة بالفعل تجعل المُعَدِّنين يحتاجون إلى معلومات التسعير: فيحتاج المنفِّذ العقلاني إلى نموذجٍ لأسعار الإيثريوم المستقبلية قبل التعدين (أو الإسناد) لتحقيق أعلى ربحٍ ممكنٍ في مقابل تكاليف الكهرباء وتكاليف المعدات وتكاليف الفرصة البديلة.
العقود غير القائمة على التوكنات: ليس بكل العقود عملاتٌ، وإذا كان بها، ربما لا تكون عملاتٍ مُعترفاً بها على نطاقٍ واسعٍ، أو لا تكون ذات قيمةٍ، وتجري المتاجرة بها على منصات التداول. فهل يمكن لهذه العقود دفع الرسوم دون عملات الإيثريوم؟
يمكن لمستخدمي العقود غير القائمة على التوكنات دفع الرسوم بأي توكناتٍ شاؤوا. فعلى سبيل المثال، يمكن لمستخدم العقد غير القائم على التوكنات دفع نصف رسومه بتوكن يمّثل الليمون والنصف الآخر بتوكن يمثل أكياس الشاي. ولضمان السيولة بين المستخدمين والمعدِّنين بالأصول المختلفة التي يدفعونها أو يقبلون الرسوم بها، يمكن للمستخدم ببساطةٍ تقديم معاملاتٍ متعدِّدةٍ غير متقاطعةٍ والدفع برسومٍ من أصولٍ مختلفةٍ.
ويمكن لعقود المحافظ المتخصصة أيضاً التفاوض مع المعدِّنين مباشرةً. ويمكن للمعدِّن أيضاً تسيير المعاملات بدفع الرسوم بأصولٍ لا يريدونها في حال وجود عرضٍ من منصة تداولٍ لامركزيةٍ مفتوحةٍ لاستبدال أصل الرسوم بشيءٍ يفضِّله المعدِّن، ومن الممكن تقديم طلباتٍ لمنصة التداول اللامركزية بدفع الرسوم التي تسمح فقط لمعدِّن البلوك بتلبية عروض المستخدم بالتناسب مع الرسوم التي دفعها المستخدم في ذلك البلوك، مما يمنع حالة أخذ غير المعدِّنين لعروض المستخدم بتنويع الرسوم.
إثبات الحصة: بلا عملات إيثريوم، يمكن لنسخةٍ معدَّلةٍ من إثبات الحصة بأصول معينة أن تقرِّر الإجماع إذا اختارت كل عقدةٍ وزناً لنصاب تصويت جميع الأصول (لنسمِّها اثبات الحصة الهيراركي HD-PoS، أو إثبات الحصة بالإيداع غير المتجانس). ومع أن الأبحاث ما زالت تتساءل عن أي ظروفٍ يحافظ فيها إثبات الحصة بالإيداع غير المتجانس على الإجماع، فمن الممكن تحقق الإجماع إذا تشابهت الأوزان بالدرجة الكافية.
ومن الممكن تحقق إثباتات البروتوكول عن طريق افتراض وجود حدٍّ للمسافة الإقليدية الثنائية لناقلات الأوزان أو الفارق الأقصى بين سعرين. وإذا تأكدت استحالة خوارزمية إجماعٍ كهذه، فيشير الإخفاق في إيجاد هذا الإجماع إلى نقطة ضعفٍ أكثر عموميةٍ في بروتوكول إثبات الحصة على منصة الإيثريوم.
وبافتراض مجيء مستقبل يكون فيه التصويت الإداري هو الاستخدام الرئيسي للإيثريوم، فلمَ لا يكون هناك رأيٌ لجميع تطبيقات الإيثريوم القيِّمة الأخرى في عملية الإجماع؟ قد تكون إجراءات تخفيض الأسعار في عقدٍ عالي القيمة قائم على التوكنات عن طريق حرق حصة الإيثريوم تجارةً مربحةً؛ لكن إذا استعمل إثبات الحصة بالإيداع غير المتجانس ستصبح هذه الهجمات مستحيلةً.
القيمة الأثيرية للإيثريوم
إذا كانت جميع التطبيقات والمعاملات يمكن أن تعمل من دون عملة الإيثريوم، فلا يوجد سببٌ لاحتفاظ الإيثريوم بقيمتها ما لم يُلزِم المعدِّنون المستخدمين بالدفع بالإيثريوم عن طريق تهديدٍ من نوعٍ ما. ولكن إذا كان المعدِّنون غير منسقين، أو اشتركوا في فقدان الاهتمام، أو عقلانيين، سيفضِّلون تقاضي رسومهم بأصولٍ من اختيارهم بدلاً من الإيثريوم. وفضلاً عن ذلك، سيريد المستخدمون المتحفِّظون الحدَّ من تعريضهم لأصول متقلبة ليسوا مضطرين إلى استعمالها. وأخيراً، يستفيد مطوِّرو التوكنات لأن التسعير بأصولهم الشخصية ينبغي له أن يساعد على تقليل ضغط البيع. وبذلك، في نظامٍ إيكولوجيٍّ عديم الحالة، يكون استبدال الإيثريوم تحسُّناً وفقاً لمبدأ باريتو (أي يستفيد فيه جميع الأطراف). ويكون الطرف الوحيد غير المستفيد هم المالكين الحاليين للإيثريوم.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.