كان جورج ويكسنر يبلغ من العمر 11 سنة عندما كان يبحث في تقسيم رأس مال شركته الناشئة الجديدة مع الرجل الذي شاركه في تأسيسها، الذي يصادف أنه والده أيضًا. في البداية، طالب جورج بالحصول على 80 بالمائة من منصة الألعاب القائمة على العملات الرقمية الخاصة بهما، التي أطلقا عليها اسم “بوكتفول أوف كوارترز“. لكن اقتراحه قوبل بالرفض من طرف والده. وعلل مايكل موقفه قائلا “طلبت تقاسم الحصص بالتناصف لأنني من سيتوجب عليه بناؤها”.

من الواضح أن جورج لم يكن راضيًا عن تقسيم والده للأسهم، وتفيد شهادة والده حيال هذا الشأن بأنه أصبح عاطفيًا. وقال مايكل إن زوجته عارضت هذه الخطوة وغضبت منه، مشيرة إلى أن هذا الأمر كان يفترض أن يكون ممتعًا”.

الفكرة والعرض المضاد

لكن يبدو أن جورج كان على استعدادٍ للنظر في العرض المضاد الذي قدمه والده. وبحلول صباح اليوم الموالي، كان جورج على استعدادٍ لتقديم تنازلاتٍ والقبول بعرض مشاطرة أسهم الشركة، مادام صاحب الكلمة النهائية حيال أعمال الشركة. كما أورد مايكل أن الاتفاق بينهما ينص على أنهما سيقومان بالأمور على طريقة جورج، في حال اقتضت الحاجة إعادة النظر في مسألة ما.

في عالم المستثمرين، يوجد عددٌ قليلٌ من المؤسسين المشاركين الذين يمتلكون فارقًا عمريًا كبيرًا فيما بينهم، على غرار جورج ووالده. خلال شهر فبراير/ شباط الماضي، بلغ المستثمر الصغير سنته 12. وهو يأمل في تحويل حماسه المتعلق بألعاب الفيديو نحو معالجة مشكلةٍ واحدةٍ تتعلق بهذا المجال، عن طريق استخدام العملات الرقمية.

أورد جورج أن فكرة إنشاء شركة “بوكتفول أوف كوارترز” تبادرت إلى ذهنه خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، خلال محادثةٍ مع والده حول العملات الرقمية أثناء عودته من المدرسة على متن السيارة. وقال في تصريح أدلى به لموقع بيزنس إنسايدر “شعرت بالإحباط في ذلك الوقت، لأنني كلما توقفت عن لعب لعبة فيديو، وجدت أنني خسرت كل القطع النقدية التي اكتسبتها أثناء ممارستي لهذه الألعاب، ناهيك عن أنني كنت أفقد جميع العمل والجهد الذي كنت أضعه في هذه الألعاب. وعندما حدثني أبي عن العملات الرقمية، ارتأيت أن إنشاء عملةٍ رقميةٍ مخصصةٍ للألعاب أمرٌ منطقي”.

وسيلة دفعٍ داخل ألعاب الفيديو

يتمثل الحل الذي توصل له جورج في عملةٍ رقميةٍ متعددة المنصات. وفي حال تم إيقاف اعتمادها بين أوساط المطورين، فستكون في المستقبل وسيلة دفعٍ داخل ألعاب الفيديو. وتقوم العملة التي تدعى “كوارترز” على عملة إيثريوم الرقمية، وستكون متاحةً للمشترين على موقع “بوكيتفول أوف كوارترز”.

كما أضاف جورج أن هذا الموقع سيعمل على نحوٍ مشابهٍ لمنصات تبادل العملات الرقمية، على غرار كوين بايز. وبناءً على رؤية ويكسنر المستقبلية المتعلق بهذه العملة، يمكن اعتماد كوارترز نظريًا لشراء أي شيءٍ داخل الألعاب، انطلاقًا من عمليات الترقية ووصولًا إلى الحيوات الإضافية.

كانت هذه المرة الأولى التي يخوض فيها مايكل ويكسنر غمار عالم الأعمال مع نجله، إلا أن هذه الشركة ليست أول مشروعٍ له في عالم العملات الرقمية. لقد سبق لمايكل، خريج جامعة ستانفورد ورجل الأعمال الذي يدير شركة “روستروم كابيتال” ذات رأس المال الاستثماري، العمل على مشروع “كولوريد كوينز” القائم على عملة البيتكوين سنة 2013.

لطالما كان مايكل مؤمنًا بإمكانيات العملات الرقمية وتكنولوجيا البلوكتشين. وعندما بادر ابنه بذكر فكرة إنشاء عملةٍ رقميةٍ متعددة المنصات من أجل اعتمادها في مجال ألعاب الفيديو، ظن مايكل أن هذا العمل التجاري يحمل مقومات الاستمرارية. وأوضح مايكل أنه من المنطقي إدارة الأعمال التجارية رفقة نجله، على الرغم من كون جورج لم يتجاوز 11 ربيعا آنذاك. ومن نواح عديدة، أعرب الوالد الفخور عن اعتباره الفارق العمري مع جورج عاملًا إيجابيًا عوضًا عن كونه عائقا.

رؤية الطفل تختلف

علل مايكل توجهاته السابقة بأن “عقل طفلٍ في 12 من عمره يستطيع رؤية العالم خاليًا من الملوثات التي تسببنا بها، من خلال جميع التنازلات السخيفة التي قمنا بها. وهذا هو ما حصل بالضبط عندما قمت بتفسير مفهوم العملات الرقمية إلى جورج. لقد كان الحصول على وجهة نظره بشأن شيءٍ اعتقدت أنه مثيرٌ للاهتمام أمرًا مهمًا للغاية، وذلك بقدر ما كان مهمًا بالنسبة إليه أن يعلمني حول شيءٍ اعتقد أنه سيحدد معالم المستقبل”.

في حين يرى مايكل في عمر نجله ميزةً، فإن المستثمرين المحتملين الذين اقتربوا منهما لم يبادلوهم نفس الشعور. فعندما أراد الثنائي ضم شركة “بوكتفول أوف كوارتز” الخاصة بهم إلى شركة “تيك ستارز” الحاضنة، أفاد مايكل بأن سن جورج مثل حاجزًا أمامهما.

في البداية، قال مايكل إن فريق تيك ستارز بدا متحمسا حيال المشروع، لكنهم انسحبوا بشكلٍ مفاجئٍ. وعندما عرض آل ويكسنر تغيير العنوان الوظيفي لجورج وعدم اعتماده كمديرٍ تنفيذي، قال مايكل إن فريق الشركة العملاقة كان صارمًا بشأن سن جورج، وصرحوا أنه لا يمكنهم التعامل مع طفل يبلغ من العمر 12 سنة في خضم هذا البرنامج.

لماذا صرفت النظر؟

في رسالة بريدٍ إلكتروني إلى موقع بيزنس إنسايدر، صرح المدير الإداري لشركة “تيك ستارز”، أليكس إسكولد، بأن شركته صرفت نظرها عن مشروع “بوكتفول أوف كوارترز” لأنه كان في مرحلة ما قبل الإطلاق، وتم تطبيقه بعد أن تم اختيار مجموعة الشركات التي ستنضم لعضوية الحاضنة. كما أقر إسكولد بأن الفريق وجد صعوبة في تقبل سنّ جورج.

علل إسكولد موقف فريقه قائلا إن هناك بعض التحديات والمشاكل المحتملة التي كانت لتنجم عن وجود طفلٍ في الحادية عشر يشغل منصب المدير التنفيذي للشركة، مشيرًا إلى أن فريقه امتلك عددًا كبيرًا من الأسئلة حيال هذا الأمر.  

في المقابل، دافع مايكل عن نجله في مكالمةٍ مع مراسلي موقع بيزنس إنسايدر قال فيها “لماذا لا يمكن لطفلٍ يبلغ من العمر 12 سنةً أن يكون مديرًا تنفيذيًا، لدينا ممثلون ورياضيون في الثانية عشر من العمر. فلماذا لا يكون لنا مستثمرون في هذا السن”.

إيلون ماسك

عندما قام كلٌ من جورج ومايكل بزيارة مقر بيزنس إنسايدر في نيويورك، توقف جورج قليلًا عند مروره بصورة إيلون ماسك المعلقة في الممر. وصاح “يا إلهي!، هل هذا إيلون ماسك؟ أنا متأكد أنها صورة لماسك وقع التقاطها خلال مقابلةٍ مع بيزنس إنسايدر”. وأضاف قائلا “رائع! إن ذلك سيثير غيرة أخي الصغير”.

خلال المقابلة، كان جورج يجلس معتدلًا على الأريكة، ويأكل مكعب ثلجٍ من كوبٍ بلاستيكي، بينما يشرح حماسه العميق تجاه العملات الرقمية وتكنولوجيا البلوكتشين. على مدار الأشهر القليلة الماضية، كان جورج يحضر بانتظام عدة لقاءاتٍ حول العملات الرقمية في نيويورك مع والده. وخلافًا لما قد يتوقعه المرء من طفل في سن 12، قال جورج إنه لم يجد أبدًا اللقاءات مملةً أو من الصعب فهمها.

قال جورج “أعتقد أن هذا المجال مثير للاهتمام حقًا. أما الشيء المضحك حول مجال التشفير هو أنه يضم العديد من الأشخاص المختلفين. فلا يوجد أحدٌ درس وتخصص في هذا المجال، وكلٌّ ينتمي إلى خلفيةٍ مختلفةٍ”.

ذكر جورج أنه كان دائما أصغر الأعضاء المشاركة في اللقاءات الخاصة بالعملات الرقمية. وعندما يلتقي بالمشاركين الآخرين في المؤتمر، كانوا غالبًا ما يتصرفون معه بلطفٍ في البداية ولكنهم سرعان ما يخففون من وتيرة المحادثة قليلًا عندما يدركون أنهم يتحدثون مع شخص أصغر منهم بكثيرٍ. لكن جورج قال إنه يحظى بمعاملةٍ جديةٍ أكثر عندما يصف فكرة مشروعه “بوكتفول أوف كوارتر”.

يعرف الكثير

من الواضح أن جورج كان يعرف الكثير عن التكنولوجيا القائمة على البلوكتشين، التي تتمثل في دفتر الحسابات الموزع الرقمي، مع العلم أن هذه التقنية المحيرة تستأثر بنصيبٍ هام من المنشورات الإخبارية في عدة مصادر إعلامية مثل بيزنس إنسايدر ونيويورك تايمز. وقد أكد جورج أنه لا يعتقد أن السن يجب أن يكون عائقًا عندما يتعلق الأمر بفهم هذه تكنولوجيا.  

يعتقد جورج أنه إذا كرس أحدهم الوقت والجهد لتعلم شيء ما، فيمكنه النجاح في ذلك. وأضاف قائلا “إذا عملت على تثقيف نفسك في مجال البلوكتشين، فسوف تفهمها. ويمكن لأي شخصٍ أن يفعل ذلك إذا كان لديه الوقت الكافي”.

أوضحت المحادثات مع جورج أن العملات الرقمية، التي كانت في السابق موضوعًا يقتصر على مجموعاتٍ من الناشطين على موقع “ريديت” والمنتديات الخاصة بالنشطاء المدافعين عن العملات الرقمية، قد تسرب إلى الوعي السائد وحتى بين طلاب المرحلة الثانوية. كما قال جورج أن هذا الموضوع قد تطرق له عديد المرات في محادثات مع زملائه في المدرسة، وقد تبين أن غالبية زملائه في الدراسة لديهم فهم بسيطٌ للعملات الرقمية.

دور الوالد

لعب مايكل، والد جورج، دورًا نشطًا في تثقيف ابنه حول البلوكتشين، مؤكدا حرصه على تعليم جميع أطفاله الأربعة البرمجة والعملات الرقمية، حيث قال “أقوم بتعليم أطفالي أساسيات البرمجة، وأعتقد أنه من المهم جدًا فهم كيف سيكون شكل المستقبل، وأنا مهتم جدًا بردود أفعالهم”.

يعتقد جورج ووالده أن تركيز “بوكتفول أوف كوارترز” على إيجاد حلٍ لممارسي ألعاب الفيديو يجعل مشروعهما متفردًا عن بقية عروض العملة الرقمية داخل الألعاب. قال مايكل إن “تركيزنا على اللاعبين من شأنه أن يجعلنا مختلفين عما هو موجودٌ حولنا. فكل هؤلاء الأشخاص في صناعة الألعاب يهتمون بمشاغل المطورين والناشرين أكثر من اللاعبين”.

ينكر كلٌ من جورج ومايكل بشكلٍ قاطعٍ الفرضية التي تقول إن الدافع من وراء جعل طفلٍ لا يتجاوز سنه 12 سنة وجهًا للشركة، تدخل ضمن إستراتيجيةٍ ذكيةٍ للتسويق. وعندما سُئل جورج عن مشاركته الصورية في مشروع “بوكتفول أوف كوارترز” أجاب “أنا الذي توصلت إلى الفكرة”. وأكد والده إنها كانت فكرته.

أضاف جورج قائلا “لقد توصلت إلى ذلك، وأملك رؤية أكثر وضوحًا من رؤية والدي، وكلما ذهبنا إلى لقاءاتٍ حول العملات الرقمية كان أبي يثرثر حولها لوقتٍ طويلٍ ولا يصل إلى النقطة الرئيسية”.

وفي سؤالي له عن النقطة الرئيسية؟ أجاب جورج “هذا أمرٌ محبطٌ، فكلما توقفت عن اللعب خسرت كل عملاتك”. وأضاف “أبي يحب فقط الدخول إلى البرنامج”.

واجهت “بوكتفول أوف كوارترز” اعتراضًا من المستثمرين، ولعل ذلك ما دفع الثنائي في الوقت الحالي إلى جمع التبرعات، حيث أوضح مايكل أن معظم الناس الذين يلتقي بهم يبدون إعجابهم بتمكنه من إنشاء نشاطٍ تجاريٍ مع ابنه الصغير.

وأردف مايكل قائلا “في الغالب، يعتقد الناس أنه أمرٌ رائع، نظرًا لأن أصدقائي يعرفون جورج جيدًا ويؤمنون بقدراته. فعند إطلاق عملة رقميةٍ ونجاحها، لن يستطيع أحدٌ إيقافها”.

كما استشهد مايكل بتجربة فيتاليك بوتيرين، الذي تعلم كل ما يتعلق بعملة البيتكوين من والده وبدأ العمل على إنشاء عملة الإيثريوم التي يمكن اعتبارها أكثر العملات الرقمية تأثيرًا في العالم، عندما كان يبلغ من العمر 19 سنة فقط. وأضاف مايكل “قال فيتاليك إنه حتى الطفل الذي يبلغ من العمر 14 سنةً يمكنه إطلاق عملةٍ، وجورج يبلغ من العمر 12 سنةً وهذا يجعله قريبًا بما فيه الكفاية”.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.