يعج تاريخ البيتكوين بالحوادث الطريفة،فيوم 22 مايو/ أيار من سنة 2010، بدأ المطور الأمريكي لازلو هانياك، رحلة البحث عن شخصٍ كريمٍ يقبل أن يزوده بوحدتين من البيتزا مقابل 10 آلاف وحدة بيتكوين. وقد أطلق على هذا اليوم اسم “يوم بيتزا البيتكوين”، لأنه يعد أول يوم يتم فيه شراء سلعةٍ ما بهذه العملة الرقمية.

وفي حال كانت هذه أول مرةٍ تكتشفون فيها حيثيات هذه القصة، فمن المؤكد أنها ستثير ضحككم. فيوم 22 مايو/ أيار سنة 2010، أنفق رجلٌ قرابة 10 آلاف وحدة بيتكوين، التي تعادل قيمتها اليوم 70 مليون يورو، لشراء قطعتي بيتزا. وقبل أن تبدؤوا في الضحك، يجب أن نضع الوقائع أولًا ضمن سياقها. في تلك الفترة، لم يمض على ظهور البيتكوين سوى سنةٍ واحدةٍ فقط. وعلى الرغم من أن هذه العملة كانت تصب في اهتمامات المولعين بالتكنولوجيا، إلا أنه لم يتجرأ أحدهم على استثمارها في شراء بضائع ملموسةٍ واستعمالها خارج العالم الافتراضي. وفي تلك الفترة، لم يتجاوز تبادل وحدة البيتكوين بين 0.003 و0.004 دولار، مما دفع الكثيرين إلى التشكيك في مستقبلها وعدم المخاطرة بالاستثمار فيها.

قرر المطور الأمريكي، لازلو هانياك، البالغ من العمر 32 سنةً، نشر إعلانٍ على منتدى “بيتكوين توك”، مفاده: “أنا مستعدٌ لدفع 10 آلاف وحدة بيتكوين لشراء البيتزا، فلنقل وحدتين كبيرتين من البيتزا ليبقى لي ما أتناوله ليوم غد. فأنا أحب أن يكون لي بقايا من قطع البيتزا لأتناولها في وقتٍ آخر. ويمكنكم تحضير البيتزا بأنفسكم وجلبها لي، أو شراءها وإرسالها لي عبر محلٍ ما. وكل ما أريده فحسب يتمثل في تزويدي بما آكله مقابل وحداتٍ من عملة البيتكوين… وإذا كنتم مهتمين بالموضوع، فأخبروني بذلك لكي نتوصل إلى اتفاق”.

بعد مضي أربعة أيام، شكر لازلو هانياك مستخدمًا بريطانيًا نجح في طلب وحدتي بيتزا عبر الهاتف من مطعم “بابا جون” في مدينة جاكسونفيل من ولاية فلوريدا، وهي المدينة التي يقطن فيها هانياك. وقد نشر صورةً توثق ذلك ليؤكد استلامه للبيتزا.

“تبادل البيتكوين بالبيتزا، كانت فكرةً غير معقولة ورائعة”

يحتفل مجتمع البيتكوين كل سنةٍ بهذا اليوم الذي أضحى يعرف باسم يوم “بيتزا البيتكوين”، فيما يستغل البعض الآخر هذه المناسبة للسخرية من هذا الشخص الذي فرّط في ثروةٍ طائلةٍ ليشبع رغبته في الأكل. وبعد مضي ثلاثة أشهر، تحديدًا خلال شهر أغسطس/ آب من سنة 2010، أشار أحد رواد الإنترنت على منتدى “بيتكوين توك” إلى أن وحدتي البيتزا قد ارتفع سعرهما إلى 600 دولارٍ، فيما يسأل آخرون بسخريةٍ ما إذا كان عرضه السابق مازال قائمًا.

وفي رده على هذه السخرية، علق لازلو هانياك قائلًا “حسنًا، لم أكن أتوقع أن تصبح هذه المبادرة رائجةً إلى هذه الدرجة، لكن لم يعد بإمكاني تحمل ذلك بعد الآن. كما أنني لم أعد قادرًا على توليد الآلاف من وحدات البيتكوين في اليوم. وأريد أن أشكر كل من اقتنى لي البيتزا، ولكنني أفضل هذه المرة المحافظة على ما أملكه من بيتكوين”.

خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من سنة 2010، وفي الوقت الذي يتواصل فيه سعر البيتكوين في الصعود، كتب له أحد رواد الإنترنت أنه قد أكل بيتزا وصل سعرها إلى حدود 2600 دولارٍ… ولكن لم يبد لازلو هانياك أبدًا ندمه، حيث أكد بعد مضي ثلاث سنواتٍ في صحيفة “نيويورك تايمز” أنه يعتبر أن هذه البادرة كانت “رائعةً”. ونظرا لأنه لم تكن للبيتكوين في تلك الفترة قيمةٌ، “كانت فكرة تبادل وحدات من هذه العملة الرقمية مع البيتزا، فكرةً مذهلةً. ولكن، لم يكن أحدٌ يظن أن قيمة هذه العملة سترتفع إلى هذه الدرجة”.

بتاريخ 22 مايو/ أيار من كل سنةٍ، يتناول هواة البيتكوين البيتزا

يبدو أن لازلو هانياك لا يبدي ندمًا على ما فعله، لأن فكرته ساهمت في إطلاق عصرٍ جديدٍ في تاريخ العملة الرقمية، التي تحولت من بروتوكولٍ تجريبي بسيطٍ إلى عملةٍ مستقبليةٍ محتملةٍ. ولو لا أن لازلو هانياك لم يحس بالجوع آنذاك، لما تغير شيء في تاريخ البيتكوين. ومنذ ذلك الحين، يتم دعوة مستخدمي البيتكوين إلى تناول البيتزا يوم 22 مايو/ أيار من كل سنةٍ احتفالًا بهذا الحدث الطريف.

تستغل بعض الشركات المختصة في هذا المجال الفرصة للاستفادة قدر الإمكان من “يوم بيتزا البيتكوين”، على غرار شركة  “ليدجر” التي تصنع حلول تخزين آمنةٍ، أو “إي تورو”، وهي عبارةٌ عن منصة تداولٍ قبرصيةٍ.

لقد أصبح لازلو هانياك رائدًا في مجتمع البيتكوين، لاسيما وأنه بات محور حديث الكثيرين. وفي نهاية شهر فبراير/ شباط، أعاد إحياء إنجازه كأول شخصٍ في العالم يشتري شيئئا ملموسًا عبر شبكات البرق، وهي بمثابة نسخةٍ محينةٍ من شبكة البيتكوين التي لازالت غير ثابتة، مما يسمح بمضاعفة عدد المعاملات في الثانية الواحدة.

إن منصة الشبكات المسرعة أو شبكات البرق لازالت بدورها غير آمنةٍ، كما أن القليل من الأشخاص عبروا عن استئمان وحدات من البيتكوين الخاصة بهم عبرها. ولكن ذلك لم يوقف لازلو هانياك، واحزروا ماذا اشترى؟ لقد اشترى وحدتين من البيتزا.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.