جاء ابتكار تقنية البلوكتشين قبل 14 عاماً على هيئة عملة البيتكوين (BTC). ويمكن تعريف هذه التقنية بحسب مبتكرها ساتوشي ناكاموتو على أنها نظام مدفوعات نقدية ممتثل للقوانين بين نظيرين ودون وسطاء، ومبنية على بروتوكول لامركزي متوافق مع الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت وقائم على الاتصال بين بروتوكولي إنترنت، مع قابلية توسع غير محدودة وتكاليف معاملات منخفضة. ومن المفترض بالعملة الأصلية لهذه الشبكة أن تصبح سلعةً متداولة في السوق من أجل منافعها الخدمية الفعلية، وليس كأداةٍ للاستثمارات المضاربية.

ولا شك أن فائدة النظام النقدي الإلكتروني بين نظيرين تنبع من جمعه بين اثنتين من الصفات المتضاربة في ظاهرها، ألا وهي المادية والرقمية. وكان يُعتقد في السابق أنه من المستحيل الجمع بين المادية والرقمية على مستوى النظام الأساسي لأن:

  1. صفة المادية: تتمثل في التسويات الفورية المشابهة للنقود المادية.
  2. صفة الرقمية: تتمثل في السهولة الرقمية وقابلية التتبع التي تفتقر إليها العملات الورقية والمادية.

لكن شبكة البلوكتشين أكبر من مجرد نظامٍ نقدي بين نظيرين. إذ إن توافق البروتوكول اللامركزي لشبكة البيتكوين الأصلية مع الإصدار السادس المحدث من بروتوكول الإنترنت ستكون له تداعيات تتجاوز نطاق البيتكوين والعملات المشفرة.

حيث يُتيح نظام البيتكوين دمج إنترنت البيانات وإنترنت القيمة، بل يجعلهما ملائمين بصورةٍ طبيعية للتوافق الرجعي والمستقبلي معاً. ويُمكن القول إن دمج إنترنت البيانات والقيمة هو تعريف الإنترنت الجديد الذي سيشهد تحسيناً أكبر لعملية تبادل البيانات، كما سيجعل تداول القيمة جزءاً جوهرياً في هيكل بروتوكول الإنترنت الأساسي (وليس مجرد تطبيق يُضاف إلى الإنترنت).

الانحراف الكبير الذي قاد مجال التشفير في الاتجاه الخطأ

لكن ما نشهده اليوم في صناعة البلوكتشين والعملات المشفرة يختلف عن الغرض الأساسي من تصميم البيتكوين.

إذ إن ما نشهده اليوم لا يستطيع تحقيق الأغراض المذكورة سالفاً ولا يمكنه حل المشكلات التي سنذكرها لاحقاً، سواء كنا نتحدث عن عملة البيتكوين أو عالم التشفير ككل.

ولا يرجع السبب إلى عجز بلوكتشين البيتكوين عن الوفاء بوعودها، بل لأن بلوكتشين البيتكوين الحقيقية تعرضت للتشويه والتعطيل المتعمد حتى تصبح ملائمةٍ لسردية معينة ضيقة الأفق. وجرى الترويج لتلك التغييرات باعتبارها تحسينات، أو على أنها تمثل الجيل الجديد للبلوكتشين. لكنها كانت في الواقع بمثابة تحوّل فاسد من قواعد الأعمال والقانون إلى مخططات المصالح الجشعة على المدى القصير وانعدام القانون.

وتأثرت شبكة البيتكوين الحقيقية منذ يومها الأول بأفكار مناهضة الحكومة، ومناهضة القانون، واللاسلطوية، والشيوعية، وحتى الأعمال الإجرامية.

وكان ساتوشي نفسه من أشد المؤمنين بسيادة القانون والمقتنعين بالعقائد، والثقافة، والقيم الغربية الأخرى. لكنه كان مجرد حالة فردية منعزلة وسط مجتمع مطوري وأنصار البيتكوين الأوائل، نظراً لأصول هذا المجتمع الفريدة.

بينما أراد البقية بناء نظامٍ بعيد عن متناول الحكومة وأجهزة إنفاذ القانون.

وقد نجحوا في ذلك. حيث تمكن مطورو عملة البيتكوين ورعاتهم خلف الكواليس من إحداث تغيير جوهري على الشبكة، تحت راية أيديولوجية اللاسلطوية المناهضة للحكومة، وحوّلوها من نظام إنتاج قائم على المنفعة إلى أداة مضاربة. وفي أثناء تلك العملية، تشوّه اسم البيتكوين وتحوّل من نظام المنفعة الأصلي إلى مجرد عملة نعرفها اليوم برمزها المختصر (BTC)، والذي لا يمثل سوى أداة استثمار مضاربية ومبنية على أفكار اللاسلطوية ومناهضة الحكومة.

وحقق ذلك التعديل نجاحاً كبيراً في الغرض الذي صمم من أجله، لكنه لم ينفع سوى عددٍ محدود من الناس بدلاً من أن يفيد المجتمع ككل. ولم تُصمم التعديلات لخلق القيمة وإضافتها إلى الاقتصاد، بل صُمِّمت لامتصاص القيمة من بقية قطاعات الاقتصاد.

وفي الوقت ذاته، جاء إلغاء خصائص العقود الذكية من شبكة البيتكوين ليفتح الباب ويمهد الطريق أمام ظهور منصةٍ مؤثرة أخرى تدعى الإيثريوم Ethereum، التي تطورت بفضلها جميع شبكات البلوكتشين الأخرى تقريباً.

ولا شك أن انحراف عملة البيتكوين عن بروتوكول الشبكة الأساسي ليس مجرد اختلافٍ تقني، بل يمثل رؤية مختلفة جوهرياً لنوع المجتمع الذي نريد العيش فيه. وربما كانت القناعات الأيديولوجية والقيمية متجسدةً في صورة حركةٍ تقنية، لكنها تخفي في طياتها أجندات اجتماعية وسياسية مخفية.

ونتيجةً لذلك، تضاءل دور مجال البلوكتشين والعملات المشفرة إلى مجرد متجر يروج لأسعار العملات، ولا يخلق أي قيمة اقتصادية.

لا يزال الإبحار بالسفينة في الاتجاه الصحيح ممكناً

رغم الوضع المأساوي الموصوف أعلاه، لكن سفينة البلوكتشين لا يزال بالإمكان توجيهها في المسار الصحيح. وسيأتي ذلك من خلال الاعتراف السليم بالقيم والمنافع الحقيقية لهذه التقنية في الاقتصاد المنتج، سواءً بالنسبة للمستهلكين أو الشركات.

أولاً: ترك ساتوشي العمل على عملة البيتكوين، لكنه لم يتخل عن شبكة البيتكوين. إذ ابتكر مواضيع أبحاث المئات من براءات الاختراع، وقدم طلبات براءة اختراع لتقنيات مرتبطة بشبكة البيتكوين الأصلية أو مشتقة منها. ويقود فريقاً يضم أكثر من 200 باحث ومهندس يعملون في بناء المنصة الوحيدة في العالم التي تمتثل بحق للورقة البيضاء الأصلية لشبكة البيتكوين.

ثانياً: لم يكن انحراف عالم التشفير عن المسار أمراً سلبياً بالكامل، لأنه خلق عن غير قصد ظروفاً سمحت لشبكة البيتكوين الحقيقية بالنمو الصحي بعيداً عن البيئة السامة لعمليات احتيال بونزي.

ثالثاً: لا نعني بتوجيه السفينة في المسار الصحيح أننا سنُنزِل الجميع من على متنها. بل يُقصد بذلك إرساء دعائم أفضل لجميع عمليات تطوير المجال. وتوجد بالفعل العديد من المجموعات الذكية التي تعمل على تقديم أفكار أفضل لتطبيقات البلوكتشين.

وربما تعثر البيتكوين، أو الإيثريوم، أو غيرها من الشبكات على فوائدها الخاصة في الإنترنت الجديد. وسيمكنها ذلك من الاستفادة بالبيئة الجديدة الأوسع، والأكثر كفاءة، والأعلى إنتاجية. وقد تعجز تلك الشبكات عن تكوين الطبقة الأساسية للإنترنت الجديد، لكنها تستطيع الاندماج مع إنترنت القيمة الموحد لتصبح شبكات تراكبية (أفقية)، أو ربما تعثر كل منها على مكانها كتطبيقٍ لتواصل خدمة أغراضها ومستخدميها الخاصين. وسيجيب السوق بنفسه عن هذه الأسئلة طبيعياً، وليس حسب السياسات. كما سيلعب القانون دوره في المعادلة كالمعتاد.

الإنترنت الجديد

بدأ ظهور الإنترنت الجديد الذي يدمج الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت مع البلوكشين أخيراً. ويرجع الفضل في ذلك إلى العمل الدؤوب من جانب الدكتور كريغ رايت (أو ساتوشي ناكاموتو) على مدار نحو عقدين، بالإضافة إلى الأبحاث المكثفة لأكثر من 100 باحث كبير في شركة nChain على مدار ست سنوات.

ونستعرض هنا الإنترنت الجديد الذي يتميز بالخصائص التالية تحديداً:

  1. يدمج الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت مع البلوكشين بقابلية توسع غير محدودة. ويمكنه التوسع آلاف وملايين ومليارات الأضعاف مقارنةً بشبكات البيتكوين والإيثريوم الحالية.
  2. يتمتع بتكلفة منخفضة للغاية. ويعتبر أرخص بعشرات الآلاف من الأضعاف مقارنةً بالبيتكوين والإيثريوم.
  3. يدعم تطبيقات بأعداد وأشكال غير محدودة.
  4. يوفر درجة أمان سيبراني أفضل بكثير من تلك الموجودة على الإنترنت الحالي.

وليست هذه الخصائص مجرد رؤية، وليست فكرةً جديدة حتى، بل هي الصورة التي تخيّل بها ساتوشي شكل بلوكتشين البيتكوين قبل 14 عاماً.

وسيكون الإنترنت الجديد قائماً على البلوكتشين، لكنه لن يتمحور حول البلوكتشين ولا العملات المشفرة.

ما المشكلات التي يستطيع الإنترنت الجديد القائم على البلوكتشين أن يحلها؟

سيتمكن الإنترنت الجديد المدمج مع تقنية البلوكتشين في طبقته الأساسي أن يحل المشكلات التالية:

  1.  الأمن السيبراني وسلامة البيانات. يعتمد أمن البيانات اليوم على نموذج جدار الحماية الصدفي، الذي يشبه تأمين المواد الخطرة داخل صندوق مؤمن عند وضعها بوضوح في مكانٍ عام. ويصبح الأمر معتمداً في هذه الحالة على جودة قفل الصندوق الآمن. وإذا تمكن أحدهم من فتح القفل، فسوف نفقد كامل محتويات الصندوق ويصبح الضرر خارج نطاق السيطرة.

بينما سيعمل الإنترنت الجديد على تحسينٍ واسعٍ النطاق لأمن وسلامة البيانات، بفضل دمج الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت مع البلوكتشين. وسيعتمد على سحابة الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت بخاصية المحاكاة الافتراضية للجلسات، حيث يُخصص عنوان بروتوكول إنترنت لكل جلسة. وبدلاً من عدد منافذ الجلسات المحدود في الإصدار الرابع من بروتوكول الإنترنت، ستكون جلسات عناوين الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت متعددة للغاية بدرجةٍ تجعل اكتشاف عنوان بروتوكول إنترنت محدد أمراً بالغ الصعوبة. حيث سيكون من المستحيل تخمين العنوان العشوائي، أو حتى مسح الشبكة باستخدام هجمات القوة العمياء. لكن نطاق الأمان سيتجاوز حدود بوابات الشبكة. إذ ستكون البيانات نفسها مشفرةً بنظام التعمية بين الطرفيات دائماً، دون الحاجة إلى التهيئة المعقدة أو التناقضات الكامنة الخاصة بـ”التنقيب عن البيانات” في نماذج الأعمال المركزية.

  1.  خندقة البيانات لدى شركات التقنية المركزية الكبرى، التي تتحكم في بيانات الناس وآرائهم. ولا تستطيع التطبيقات الحالية في الجيل الثالث للويب أن تحل هذه المشكلة الكبيرة، رغم أن حلها يعتبر من الوعود الأساسية للجيل الثالث للويب. ولدينا المئات من شبكات البلوكتشين حالياً، لكنها لا تستطيع الاندماج مع الإنترنت في طبقة البروتوكول الأساسية، بل يجب تركيبها جميعاً فوق طبقة الإنترنت في صورة تطبيقات. مما يجعل تلك الشبكات غير قابلة للتوسع، فضلاً عن كونها غير آمنة لأنها تضطر لتقديم بعض التنازلات من أجل تطوير حلول التبديل، التي تدمر أمن البلوكتشين تلقائياً بدورها.

ويُعتبر الإنترنت الجديد هو الحل الوحيد لهذه المشكلة الكبيرة.

  1.  مشكلة المشاركة الاقتصادية غير المتوازنة. أصبح اقتصادنا اليوم يعاني من انعدام توازن شديد على صعيد المشاركة. وتركز الكثير من النقاشات السياسية والاجتماعية على توزيع الثروة في المستوى الظاهري، لكنها تعجز عن رؤية المشكلة الأوسع والأعمق التي تكمن في المشاركة. وينضم الناس إلى الاقتصاد من خلال نماذج مشاركة مركزية على نحوٍ متزايد، بينما يتمتع قلة منهم فقط بحرية ضم أنشطتهم الخاصة للاقتصاد.

لكن الإنترنت الجديد سيربط بين الناس لتبادل البيانات، وتبادل القيم الاقتصادية مباشرةً أيضاً. ويتجاوز هذا الأمر حدود القدرة على تبادل القيم المتاحة، حيث تكمن الأهمية الأكبر في بناء بيئة وآلية تُسهل إنشاء قيم جديدة لاقتصادٍ يعبر عن الناس حقاً، دون الاعتماد على الشركات الكبيرة.

  1.  مشكلة صناعة المال الطفيلية. أسفرت الحاجة إلى الوساطة متعددة الطبقات عن تكوين صناعة تمويل فاسدة، تبدو وكأنها طفيلٌ عملاق يمص الدماء. وأصبح النظام يدمر القيمة أكثر مما يخلقها.

إذ تجاوز حجم التداول حاجز الـ7 تريليونات دولار يومياً في سوق صرف العملات الأجنبية فقط. ويرجع السبب بنسبةٍ كبيرة إلى الوسطاء الذين لا يساهمون في الاقتصاد الإنتاجي الفعلي.

بينما سيُقدم الإنترنت الجديد مفهوم اللاوساطة الجوهري إلى طبقة بروتوكول الإنترنت الأساسية، بغرض إنشاء نظام إيكولوجي عالمي موحد غير احتكاكي وبأقل تكلفة.

  1.  مشكلة سوق العملات المشفرة ومنصات التداول والتمويل اللامركزي. لا تقتصر هذه المشكلة على خسارة الناس لأموالهم في استثمارات عملات مشفرة مضاربية، بل تمتد إلى الطريقة غير العادلة على الإطلاق التي خسروا بها أموالهم في عمليات احتيال حرة تحت أكثر الشعارات جاذبية.

ويكمن الحل الوحيد لهذه المشكلات في شبكة بلوكتشين مدمجة بطبقة البروتوكول الأساسية للإنترنت، حتى تتمتع بقابلية توسع غير محدودة. وبهذا ستتمكن السوق من تقديم المنفعة، وتوفير وسيلة اقتصادية حقيقية قائمة على القيمة لتداول السلع. ويمكن القول إن عدم وجود منفعة حقيقية، أو قاعدة بلوكتشين عالية الكفاءة، هو السبب وراء امتلاء سوق العملات المشفرة بمنصات التداول غير الآمنة.

  1.  مشكلة الأنظمة الإيكولوجية المشفرة غير الآمنة والمعرضة بشدة لخطر الاختراق، وتعتبر كوريا الشمالية أكبر مستفيد من هذه المشكلة بسرقتها لمليارات الدولارات. ونقلت صناعة التشفير صورةً توحي بأنه لا مفر من انعدام أمان النظام الحاسوبي الطبيعي. لكن الواقع يقول إن جميع نقاط الضعف الأمنية تنشأ من وجود مئات شبكات البلوكتشين التي تتطلب جميع أشكال العودة إلى الوساطة والمركزية، فضلاً عن حلول التبادل غير الآمنة مثل الجسور والسلاسل الجانبية. وارتبطت هذه المشكلة بغالبية وقائع الاختراق وسرقة المبالغ الضخمة من المال في السنوات الأخيرة.

ولن يكون لهذه المشكلة وجود في الإنترنت الجديد الذي سيتمتع بشبكة بلوكتشين موحدة على البروتوكول الأساسي.

  1.  معضلة “الانفتاح” مقابل “الأمان” في أنظمة المعلومات. إذ تُعتبر الأنظمة المفتوحة أكثر عرضةً للخطر بموجب إطار عمل الإنترنت الحالي.

لكن الإنترنت الجديد سيجعل الأنظمة المفتوحة أكثر أماناً. كما سيمنح الأنظمة المفتوحة أفضليةً أكبر في تبادل القيمة مقارنةً بالأنظمة المغلقة.

تقنيةٌ متطورة.. لكنها لم تنضج بعد

لا يعتبر الإنترنت الجديد المدمج بالبلوكتشين تطوراً حديث العهد أو مبنياً على شبكات البلوكتشين والعملات المشفرة الحالية. لكنه يُعتبر تطوراً أكثر نضجاً لأنه مبني على بلوكتشين البيتكوين الأصلية بكل خصائصها المثبتة، وبلا فساد.

لكن سوق التشفير ليست لديها أدنى فكرة عن هذا الأمر، بل تتصرف في الواقع وكأنها عقبة في طريق التطورات الإنتاجية الحقيقية، سواء على صعيد تدفق رؤوس الأموال أو المعلومات. وتحولت هذه السوق إلى مصيدة واسعة وعميقة لتريليونات الدولارات، وأوقعت وسائل الإعلام الرائجة وعامة الناس في حبائلها، وستأخذ معهم العديد من المشرعين وصناع السياسة أيضاً.

بينما سيقضي الإنترنت الجديد مع البلوكتشين على جميع الحوافز الخاطئة، ليجذب المزيد من رؤوس الأموال والطاقات الإبداعية، ويمنح الصناعة بأكملها غرضاً أكثر نضجاً.

التنافس العالمي

سيكون الإنترنت الجديد عالمي النطاق. لكن أوائل الدول المتحركة ستحظى بأفضلية رسم المسار والمعايير بما يتوافق مع النموذج المحلي والعالمي الذي تؤمن به. ولا يتعلق الأمر بالتقنية أو الاقتصاد فقط.

ولم تنظر أي دولةٍ في العالم إلى الإنترنت الجديد بشيءٍ من الجدية حتى الآن. ويرجع السبب على الأرجح إلى سحابة العملات المشفرة الكثيفة. لكن الهند تتولى الريادة على صعيد التوعية والمعرفة في هذا الصدد.

كما سيلعب الإنترنت الجديد دوراً بارزاً في المنافسة التقنية بين الولايات المتحدة والصين.

ونأمل بالطبع أن تحظى جميع الدول بفرصة إثراء مواطنيها والتعاون مع الدول الأخرى أو منافستها على أساسٍ سلمي وعادل. وتستطيع كل دولة اختيار شكل التقنية الذي ستطبقه، وسيكون لذلك الاختيار تداعياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حسب الدروس التي تعلمناها من الماضي.

وتمتلك الولايات المتحدة والصين نظامين مختلفين جذرياً. ويمكن القول إن الولايات المتحدة دولة يحكمها المحامون، بينما يؤدي التكنوقراطيون هذا الدور في الصين. ولا شك أن نهج كل دولة في التعامل مع تقنية البلوكتشين والعملات المشفرة يسلط الضوء على التباين الكبير بين هذه التركيبات/المواقف المختلفة.

وربما لا يزال الوقت مبكراً لإعلان النهج الأفضل، لكن المؤكد هو أن الصراع بين البلدين في هذا المجال سيستمر لبضعة عقود.

ولا يتعلق الأمر بالإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت فقط، لأن الصين سبقت الولايات المتحدة في تبنيه بالفعل. لكن الأمر يرتبط بدمج الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت مع البلوكتشين، وهذه ليست مهمة سهلة. إذ بالإمكان نشر الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت إقليمياً دون أن تشعر المناطق الأخرى بضغطٍ مباشر، لكن دمج الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت مع البلوكتشين سيكون له تأثيرٌ عالمي فوري.

ويرجع السبب إلى أن نظام الإنترنت الوطني المغلق والمركزي يقدم أداءً جيداً في عصر الإنترنت الحالي، لكن ذلك الأداء لن يكون جيداً مع الإنترنت الجديد على الأرجح.

وسيضغط الإنترنت الجديد على جميع الدول لتبني نظام أكثر انفتاحاً واتصالاً (للتعاون أو المنافسة) على أساسٍ عادل.

وسيمثل الإنترنت الجديد معضلةً للدول التي حظيت بأفضلية غير متكافئة في الماضي. بينما سيكون النظام المفتوح في المقابل أكثر توافقاً بطبيعته مع المعمارية المفتوحة للإنترنت الجديد، مما سيقدم موقعاً أفضل للاستفادة بالنظام الجديد دون القلق من فقدان السيطرة.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.