يستطيع النظام التعاوني المبتكر القائم على البلوكتشين حل نقاط ضعف سلسلة التوريد في صناعة الأدوية، من خلال تتبع العقاقير أثناء النقل والتأكد من تخزينها في الظروف الصحيحة. ولا شك أن وتيرة التقدم التقني والتركيز الخاص على هذا المجال يشيران إلى اقتراب تقديم هذا الحل في الصناعة.

وتأثرت غالبية سلاسل التوريد بجائحة كوفيد-19، لكن الطلب على سلاسل التوريد الدوائية والطبية كان مهولاً، مما سلّط الضوء على أهمية الشفافية والأمان. وفي مواجهة ضغط الطلب الكبير، أصبح من الضروري للمنظمات التي تتلقى الإمدادات الطبية أو اللقاحات الحيوية أن تتأكد من مصدرها، ورقم دفعة الإنتاج، فضلاً عن ضمان عدم التلاعب بتلك الإمدادات، والتأكد من تخزينها في الظروف الصحيحة عند الحاجة.

وكانت المهمة المطلوبة من خبراء البلوكتشين واضحة؛ حيث احتاجت الصناعة إلى نظام سجلات موزعة شديد الأمان حتى يضمن تعزيز الثقة بين جميع أطراف سلسلة التوريد، ليضمن كل طرفٍ أن السلع التي يتسلمها مطابقة للمواصفات تماماً. ويُقال إن شبكات البلوكتشين تفتح أبواب الثقة وسط البيئات عديمة الثقة. بينما ازدادت أهمية ضمان سلامة سلسلة التوريد إبان الجائحة، نتيجة انتشار الموردين الفاسدين.

وصُمِّمَت شبكات البلوكتشين لتوفير سجل معاملات وبيانات دائم، كما يمكن إعدادها حتى تمنح بعض الأطراف صلاحية إضافة المعلومات. ويمكن للأفراد في حالات أخرى أن يحصلوا على صلاحية رؤية معلومات معينة فقط. 

وإذا كان من المفترض تخزين عقار أو علاج ما في درجة حرارة معينة حددها الصانع، فيمكن مراقبة هذا الأمر باستخدام المستشعرات والبيانات التي ستتوافر لجميع الأطراف المشاركة، حسب ما أشار له موقع PharmaPhorum البريطاني.

ولا تزال هناك بعض التحديات التي يجب التغلب عليها، رغم مستويات الاهتمام الكبيرة بتطوير البلوكتشين داخل صناعة الأدوية. فما الذي سيحدث في حال دخل طرف جديد إلى السوق -كشركة أدوية جديدة مثلاً- وأراد الانضمام إلى البلوكتشين؟ إذا لم يأخذ تصميم البلوكتشين هذا التعديل في اعتباره، ولم يضع معايير البروتوكولات التي تسمح بدخول وافدٍ جديد، فربما تضطر الشبكة للتعامل مع شركات الأدوية بصورةٍ فردية؛ مما سيعني تسجيل عدة شبكات بلوكتشين، بمجموعات مختلفة من البروتوكولات والوظائف. ومن المرجح أن نحتاج إلى وضع المعايير في مرحلةٍ ما من أجل حل مشكلة التشغيل المتوافق.

ويمكن استخدام أذونات البلوكتشين من أجل السماح لبعض المشاركين برؤية المعلومات الأساسية فقط، مثل تاريخ وطبيعة المعاملة، بينما سيتمكن غيرهم من المشاركين أن يصلوا إلى معلومات أكثر. وقد لا ترغب شركة تصنيع المكونات في جعل تفاصيل صناعتها متاحةً لجميع الأطراف المشاركة مثلاً، وخاصةً إذا كانت تلك التفاصيل لا تهم سوى المستخدم النهائي. وفي هذه الحالة تظهر القيمة الكبيرة لوجود مستويات وصول مختلفة إلى المعلومات المخزنة على البلوكتشين.

وإذا كانت هناك سلسلة توريد اعتمادية بالفعل لكن هناك بعض المخاوف حيال جزءٍ معين منها، فيمكن إنشاء شبكة بلوكتشين لتغطية ذلك الجزء من سلسلة التوريد وتوفير ضمانٍ إضافي لاعتمادية السجلات. وتتجلى أهمية هذه الميزة في حال وجود المعاملات أو نقاط تلامس داخل مناطق من العالم ينتشر فيها التزوير، أو عندما تتعرض سلامة سلسلة التوريد للانتهاك نتيجة عدم الاحتفاظ بالسجلات.

وتوجد العديد من المشروعات التجريبية الجارية في صناعة الأدوية من أجل تسريع الوصول إلى حلول البلوكتشين، ومنها شبكة ميدي ليدجر Mediledger التي تشارك فيها 25 شركة أدوية رائدة. ويُقيِّم المشروع حالياً أداء تقنيات البلوكتشين في تتبع تغييرات الملكية القانونية للمنتجات الدوائية داخل سلسلة التوريد، وذلك بالامتثال لمتطلبات قانون جودة وسلامة العقاقير لعام 2023. 

أما في أوروبا، فسنجد مشروع فارما ليدجر Pharmaledger تحت رعاية مبادرة الأدوية المبتكرة والاتحاد الأوروبي للصناعات والجمعيات الصيدلانية. وانطلق المشروع الأوروبي في يناير/كانون الثاني عام 2020، ويهدف إلى تقديم منصة بلوكتشين مفتوحة المصدر لقطاع الرعاية الصحية.

ومن المرجح أن يظل مجال تطوير البلوكتشين مفتوح المصدر في الوقت الراهن، وذلك على صعيد الملكية الفكرية. لكن هذه الصناعة لم تشهد توافقاً واسع النطاق على المعايير حتى الآن، ولهذا فقد تكون غلطةً مكلفة ألا تسعى الشركات لحماية براءة اختراع الابتكارات التي قد يجري ترخيصها مستقبلاً. 

وعند النظر من زاوية مجال البحوث والتطوير الذي لا يزال في مرحلة النمو، فسنجد أنه من الضروري ضمان صياغة طلبات براءة الاختراع بطريقة يمكن أن تفهمها قطاعات الصناعة الأخرى.

ومن المؤكد أن منصات البلوكتشين الجديدة لصناعة الأدوية في الطريق إلينا. ومن المرجح أن تصميمها سيضع قابلية التشغيل المتوافق المستقبلية في الاعتبار، قبل أن تأتي المعايير لاحقاً. هناك تغييرات إيجابية في الطريق، مما يمنح المطورين داخل المملكة المتحدة فرصةً للاستحواذ على حصةٍ في مستقبل البلوكتشين القابل للتشغيل المتوافق.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.