أزمة “نورد ستريم 1” وتأثيرها على العملات الرقمية المشفرة

سنشرح في هذه المقالة كيف ستتأثر العملات الرقمية المشفرة بأزمة إغلاق أنبوب غاز “نورد ستريم 1” بصورة غير مباشرة، بعدما أوقفت روسيا يوم الجمعة الماضي تدفق الغاز إلى أوروبا، الذي يمر عبر خط أنبوب غاز نورد ستريم 1 إلى أوروبا لأجل غير مسمى بحجة الصيانة.

فالكل يعلم أن هذا التصرف ما هو إلا ورقة ضغط من قبل الرئيس الروسي بوتين على أوروبا، بسبب أزمة أوكرانيا، في وقت تشتد فيه سياسة ليّ الأذرع يوماً بعد يوم بين روسيا من جهة والغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى.

ويُعد أنبوب غاز نورد ستريم 1 أطول أنبوب غاز تحت البحر في العالم، وينقل غازاً بمقدار 55 مليار متر مكعب سنوياً، وافتتح هذا الأنبوب في عام 2011. وصرح وزير الطاقة الروسي بأن روسيا ستخفض إنتاجها من الغاز بحوالي 7%، وستقلل إنتاجها من النفط بنحو 2% في عام 2022.

مباشرةً بعد إغلاق خط أنبوب غاز نورد ستريم 1 إلى أجل غير مسمى من قِبل شركة غاز بروم الروسية، شهدنا ضغطاً سلبياً على عملة اليورو مقابل الدولار الأمريكي، مما أدى إلى تقوية مؤشر “دولار إندكس”، وبالتالي سيضغط بالسلب أيضاً على العملات الرقمية المشفرة وبقية الأصول.

هذا الأمر لاحظناه مع افتتاح الأسبوع، حيث افتتحت أسواق المال بفجوة متأثرة بهذا الخبر. فافتتح مؤشر الدولار الأمريكي مرتفعاً في تعاملات الأسبوع بفجوة واضحة مقارنة بإغلاقه في نهاية الأسبوع الماضي.

وأيضاً، افتتح اليورو منخفضاً في تعاملات الأسبوع بداية يوم الإثنين بفجوة مقارنة بإغلاقه في نهاية الأسبوع الماضي، وارتفاع عوائد السندات الأمريكية دعمت صعود الدولار الأمريكي، وعوائد سندات لعشر سنوات تجاوزت 3%.

وعقب إيقاف روسيا صادرات الغاز، وصل اليورو لأدنى مستوياته منذ عشرين عاماً مقابل الدولار، في وقت لا يزال فيه انهيار اليورو متواصلاً إلى لحظة كتابة هذه المقالة. وتبلغ حالياً قيمته أقل من 0.99 دولار أمريكي، وهو مستويات تاريخية لم تصلها منذ تأسيس العملة الرسمية للاتحاد الأوروبي.

وحذر بنك غولدمان ساكس من ارتفاع تكاليف المعيشة على الأسر في القارة العجوز بمقدار 2 تريليون دولار أمريكي، بحلول عام 2023. لذلك سيكون الركود التضخمي حتمياً بسبب ارتفاع أسعار الطاقة.

قانون تحديد سقف سعر النفط الروسي

اتفق وزراء مالية مجموع السبع بالعمل تجاه فرض سقف سعري على النفط الروسي، فيما أوضح بيان مجموع السبع آلية تطبيق القرار، بأن سقف الأسعار سوف يتحدد عند مستوى يستند إلى سلسلة من البيانات الفنية، وسيرتكز على منع شركات التأمين من تغطية النقل البحري للنفط الروسي.

وفي حال تم تطبيقه سوف لن تنعم روسيا بتعظيم إيراداتها من ارتفاع أسعار النفط، إذ تصدر روسيا ما يقارب 7 ملايين برميل يومياً.

وبالمقابل ردت روسيا بأنها لن تبيع النفط لأي دولة تلتزم بقرار تحديد سقف السعر، ولم تكتفِ روسيا بهذا الرد فقط بل أعلنت عبر شركة غاز بروم الروسية توقف أنبوب غاز نورد ستريم 1 إلى إشعار آخر بحجة الصيانة.

ومن جانب آخر، أقرت منظمة أوبك تخفيض إنتاجها بواقع 100 ألف برميل يومياً اعتباراً من شهر أكتوبر/تشرين الأول، مما سيضغط على أسعار الطاقة صوب الارتفاع. وفي حال تطبيق تحديد السقف السعري للنفط الروسي سوف يربك سوق الطاقة؛ لأنه سلاح ذو حدين وربما سنشهد ارتفاعاً حاداً لأسعار الطاقة وربما العكس.

أزمة نورد ستريم 1

قطع الغاز في موسم الشتاء القادم من قبل روسيا على أوروبا بمثابة كابوس في حال لم تجد قارة العجوز بديلاً للغاز الروسي، وتداعياته سينذر بكارثة اقتصادية قد يكون لها تداعيات عالمية، لن تطال أوروبا وحدها.

سيؤدي هذا إلى إغلاق معظم المصانع في عموم أوروبا، وتحديداً في ألمانيا التي تُعد من أقوى اقتصادات الدول الأوروبية، مما سيزيد عمق جراح الركود الاقتصادي للقارة العجوز. لأنه في حال استمرار توقف أنبوب غاز نورد ستريم 1، وتحديداً في الشتاء القادم، سيضغط على أسعار الطاقة صوب الارتفاع، وبذلك سيؤدي إلى استمرار ارتفاع معدلات التضخم مما يجبر البنوك المركزية في تسريع وتيرة تشديد سياستها النقدية أكثر مما مضى.

وبالتالي تداعياته ستكون سلبية على العملات الرقمية المشفرة؛ لأن مؤشر الدولار سيرتفع بشكل حاد، وستكون الخاسر الأكبر العملات الرقمية المشفرة؛ لأنها ستتعرض إلى موجة هبوطية حادة، وستكون في موقف لا تحسد عليه. ونلاحظ أن البيتكوين مستقرة أسفل 20 ألف دولار أمريكي منذ فترة.

لذلك مهم جداً على كل متداول أو مستثمر بالعملات الرقمية المشفرة أن يتابع عن كثب الأخبار السياسية والجيوسياسية والاقتصادية حول العالم وتحليل كل أزمة عالمية تحدث، وتحليل تداعياتها على العملات الرقمية المشفرة بصورة مباشرة وغير مباشرة.

كما لا نقلل من أهمية متابعة أخبار الطاقة؛ لأنها أيضاً تؤثر على العملات الرقمية المشفرة بصورة غير مباشرة.