تشير التوقعات إلى أن الطائرات المسيرة ستحوم فوقنا دون انقطاع في غضون بضع سنوات. وستتحرك تلك الطائرات في طبقةٍ فرعية من السماء، أسفل مسارات الطائرات التجارية والمقاتلات الحربية. لكن مسارات طيرانها تحتاج إلى التنسيق أيضاً، حتى لا تصطدم ببعضها البعض أثناء توصيل الشحنات، ونقل الأشخاص، وفحص أشياء مثل العنفات الريحية والجسور؛ إذ لا يرغب أحدٌ في أن تهطل عليه شظايا طائرة مسيَّرة من الأعلى.
وقد وُضِع تصورٌ لطبقة فرعية في المراقبة الجوية من أجل حل هذه المشكلة؛ إذ ستعمل باستخدام تقنية السجلات الموزعة (البلوكتشين) والأتمتة. وبدأت الأبحاث بالفعل حول هذه الطبقة الفرعية الجديدة في صناعة الطيران. وتعتمد الفكرة على تحسين سبل السلامة، والأمن السيبراني، والتشغيل المتوافق.
ويشارك باحثو جامعة كرانفيلد في هذا المشروع، ويقولون إن النظام سيدمج بين الطائرات المأهولة وغير المأهولة في نظام إيكولوجي بسماوات المملكة المتحدة.
الطائرات غير المأهولة (المسيَّرة)
يقول الباحثون إن المركبات الجوية غير المأهولة تقدم العديد من الفوائد للبشر بالفعل. وتشمل الأمثلة حل المشكلات اللوجستية الطبية في المناطق المعزولة، وفحص البنية التحتية التي يصعب الوصول إليها مثل الصواري العالية.
وأوضح الباحثون أن وجود نظام جديد لإدارة الملاحة الجوية “سيفتح الباب أمام عصرٍ جديد من الفرص التجارية لقطاع الطيران، والخدمات العامة المعززة بالطائرات المسيرة، والتاكسي الجوي في المناطق الحضرية، وخدمات الشحن والتوصيل، والعمليات الأمنية، ودعم الرعاية الطبية، والمراقبة البيئية”.
وتشير تقديرات شركة PricewaterhouseCoopers وهيئة البحث والابتكار بالمملكة المتحدة إلى أن الصناعة الجديدة القائمة على الملاحة المسيرة وغير المأهولة ستصل قيمتها إلى نحو 51.4 مليار دولار في الاقتصاد البريطاني بحلول 2030. ويرجع الفضل في ذلك إلى خلق وظائف جديدة، وتوفير النفقات، ومكاسب الإنتاجية. وتشير التوقعات إلى ظهور مجالٍ جوي هجين بحلول عام 2024، بمجرد تأسيس هذه الصناعة الجديدة.
البلوكتشين – حل لزيادة الشفافية والثقة
يعمل ائتلاف تجاري من 13 شريكاً على تحقيق هذا المستقبل، الذي سيشهد استخدام الطائرات غير المأهولة لتقنية على غرار البلوكتشين من أجل حل المشكلات اللوجستية. ويضم الشركاء جامعتي كرانفيلد وأكسفورد، ومطار هيثرو، ومجموعة الخطوط الجوية الدولية، وشركة NATS، وشركة SITA. وتضم قائمة الشركاء بعض الشركات الناشئة البريطانية أيضاً.
وسيسمح النظام لآلاف أجهزة الحاسوب المستقلة بمشاركة تاريخ البيانات التي تصف ما فعله كل منها ومتى، بالتزامن مع تحليق الطائرات المسيَّرة فوقنا. وتقول جامعة كرانفيلد: “يعتمد النظام على العقود الذكية، وعناصر للتحكم في تصرفات المستخدم بدعم من معايير الأمن المشفرة. بينما سيعزز الذكاء الاصطناعي تدابير الأمن السيبراني للسجلات الموزعة؛ مما سيسمح بجمع البيانات، ومعالجتها، والتصريح بها في الوقت الفوري وبشكل مستمر أثناء العمليات”.
ستفتح الأتمتة والتسيير الذاتي الباب أمام فوائد ضخمة
يعمل الدكتور ديميتريوس باناغيوتاكوبولوس محاضراً بارزاً في مجال إدارة ملاحة أنظمة الطيران غير المأهولة بجامعة كرانفيلد. ويقول: “يواجه المراقبون الجويون من البشر في أنظمة المراقبة الجوية التقليدية أعباء عمل عالية وسيلاً من البيانات التي تصلهم عبر مختلف أنظمة المعلومات، وتخطيط الرحلات، والرادار، والطقس. ولا يعتبر النهج الحالي قابلاً للتوسع من أجل تلبية المتطلبات الأكبر والأكثر تعقيداً للمجال الجوي الهجين، الذي سيضم ملاحةً مأهولة وغير مأهولة. ونحتاج إلى المزيد من الأتمتة والتسيير الذاتي من أجل تحقيق الفوائد المحتملة الهائلة للمجال الجوي بشكله الجديد. لكن هذا لن يحدث إلا من خلال الأنظمة المحكمة والثقة المتبادلة”.
أما يان كاباريت، الرئيس التنفيذي في SITA، فقال: “سيعتمد التقديم الناجح لأنظمة الطائرات غير المأهولة بشكلٍ كبير على التبادل الآمن للبيانات بين المشغلين، والمطارات، وإدارة الملاحة الجوية كما هو الحال مع بقية قطاعات صناعة النقل الجوي عموماً. ونحن على ثقة في أن استخدام تقنية السجلات الموزعة من خلال هذه الشراكة البحثية سيحسن تدفق البيانات العملية بين الأطراف المعنية في مجال النقل، من أجل دعم التشغيل الآمن والفعال للطائرات المسيَّرة في المستقبل. وقد برهنا في SITA على فوائد السجلات الموزعة في تتبع أجزاء الطائرات ومشاركة بيانات التشغيل داخل المطارات. وتمثل الشراكة الأخيرة امتداداً طبيعياً لهذه الجهود”.
اختبار مختلف السيناريوهات في البيئات الحضرية
من المؤكد حتى الآن أن غالبية سكان المدن سيشاهدون مختلف أشكال الطائرات المسيرة وهي تحلق في المجال الجوي الموجود فوقهم قريباً. وستصطحب هذه الطائرات المسيرة الناس إلى المستشفيات، وستشارك في إخماد الحرائق، وتوصيل الطرود.
ويقول موقع نظام التنقل الجوي في المناطق الحضرية، التابع لإدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية: “سيضمن هذا النظام تنفيذ عمليات الطائرات المسيرة بأمان وكفاءة، كما هو الحال مع نظام إدارة الملاحة الجوية للطائرات العامة. ويتمتع النظام بأتمتةٍ أكبر من نظام المراقبة الجوية الحالي، مع تدخلٍ أقل من البشر، وقدرةٍ أعلى على التعامل مع المزيد من الرحلات في وقتٍ واحد”.
بينما قال جوخان إنالهان، أستاذ الأنظمة الذاتية والذكاء الاصطناعي في جامعة كرانفيلد: “نحن أمام مشروع مثير للاهتمام بشدة، وسيمهد الطريق أمام الطرق السريعة في السماوات لينهي ازدحام حركة المرور ويغير الطريقة التي نتنقل بها”.
فلنراقب هذا المجال إذن ونتذكر النظر للأعلى دائماً.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.