تبدو بعض العروض الأولية للعملات الرقمية وكأنها احتيال، وبعضها كذلك بالفعل، لكن تُظهر الأبحاث السلوكية أن عواطفنا تُعد سببًا في دفع الناس لشراء كميات كبيرة من العملات الرقمية، المنشئة لبيع الفواكه والخضروات أو للتجارة في العملات الرقمية، حتى لو كان من المنطقي عدم فعل ذلك.
يُمكن تشبيه العروض الأولية للعملات بالطرح الأولي العام للاكتتاب، ولكن بدلًا من الأسهم، فإن ما يُباع عبارة عن رموز أو عُملات رقمية، ويُمكن تشبيهها بالعملات الافتراضية، التي توجد في ألعاب الكمبيوتر، التي تُمكّنك من شراء السلع والخدمات ضمن نظامها الخاص، وقد فشل أو اختفى ما يقرب من نصف العروض الأولية للعملات الرقمية التي أُطلقت خلال العام الماضي، وهذا من شأنه أن يُكلّف المستثمرين مئات الملايين من الدولارات.
العواطف هي السبب
إن الازدهار في العروض الأولية للعملات الرقمية هو مثال كلاسيكي على كيف تدفعنا عواطفنا كي نكون متفائلين بشكل مُفرط، وأننا نركز على المكاسب المذهلة التي حققها الآخرون، ويمكن للشركات ومصممي العملات جذب عواطفنا ومفاهيمنا عن أنفسنا أيضًا من خلال الظهور، وكأنهم يتبنون مواقف أخلاقية.
ويسمح هذا المزيج من المشاعر- الحيوية اللاعقلانية– نحو فكرة الثراء السريع بالتغلب على إدراكنا وقوة إرادتنا، وكأنك تصنع للعالم معروفًا. وقد جمع المستثمرون الأوائل من العروض الأولية للعملات الرقمية الكثير من الأموال في وقت قصير، ما أدى للكثير من التغطية الإعلامية لمليارديرات العملات الرقمية الحديثة، وتُعد هذه وصفة لخلق ما يسمى بالتحيز المتفائل؛ لأن الناس أصبحوا يركزون على المكاسب المذهلة التي حققها الآخرون، عابثين بشهوة الثروة.
وتُظهر مقارنة دخلنا الضئيل بهذه الأرباح الضخمة أننا نخاف بشكل رهيب في أعماقنا من فقدان فرصتنا في تكوين الثروات، وتحفز مشاعر التوتر، وما يعرف بـ”الخوف من الخسارة”.
ومما يثير الإعجاب أن هناك ازدهارًا لمُبادرات أخلاقية أكثر في العروض الأولية للعملات الرقمية، مثل دعم الطاقة المتجددة والفنانين والنباتيين والموز العضوي.
وبعبارة أخرى، فإن العديد من العروض الأولية للعملات الرقمية تستخدم مجموعة من الدوافع العاطفية الأخلاقية.
وتُظهر الأبحاث في علم النفس الاجتماعي أن الأخلاق مبنية على المشاعر القوية، لا العقلانية، وأن الإشارات الآتية من بيئتنا تمر عبر المراكز العاطفية بالدماغ، ولا تمر فقط قبل مراكز التفكير، بل حتى قبل مراكزنا الحسية، “نشعُر” حتى قبل أن” نري”، بينما يخدم التفكير فقط في تبرير ردود الفعل العاطفية، وسوف يبرر الناس ما يريدون فعله حقًا، أو ما فعلوه، بعد وقوعه.
وكما نعلم من أبحاث أخرى أنه في حين أن العقل يمنحنا الإرادة لمقاومة الإغراءات العاطفية، فإن لديه فقط قدرة محدودة على القيام بذلك، ويمكن أن تطغى عليها.
كما ينطوي الجانب الأخلاقي للعروض الأولية للعملات الرقمية على مفاهيمنا لهوياتنا الخاصة، يظهر بحث كاتب المقال أنه إذا تمكنت من العثور على طريقة تسمح من خلال العملة الرقمية الخاصة بي- قل عملة رقمية للنباتيين– لك بأن تعيش هويتك الأخلاقية- كنباتي- فمن الأسهل بالنسبة لي أن أضع فكرة وجوب شرائها في رأسك، وبمجرد زرع هذه الأفكار في العقل، فإنه يصعب كبحها.
عندما نرغب في الثراء بشدة، فإننا نخاف من التخلف عن الأمر، و نشتبك بقوة مع بعض الأسباب الأخلاقية في كل مرة، ولا يحظى العقل والإرادة بفرصة حقيقية.
لكن، بكل بساطة، يُعد تنظيم العروض الأولية للعملات الرقمية أمرًا صعبًا، فأحد أول الأشياء التي تتعلمها في علم الاقتصاد هو “قانون العواقب غير المباشرة“، إن القوانين التنظيمية نادرًا ما تفعل ما كان من المفترض القيام به فقط.
يمكن للأنظمة التي تهدف لحماية الأفراد من أنفسهم- بتقييد التقنيات الجديدة وإحباط العمليات الضرورية- اكتشاف ما هي الفكرة الغبية وما هي الفكرة الجيدة؟ فالخط الفاصل بينهما رفيع جدًا، وفي الواقع، لا يكاد يكون واضحا.
ومن بين جميع المجانين والدجالين الذين يُطلقون عملات جديدة، فقد نكتشف تكنولوجيا لتعليم الفتيات في إفريقيا، أو يتوفر التمويل لتقدم مفاجئ في تكنولوجيا الطاقة النظيفة، أو نتمكن من المساعدة في القضاء على انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.