يصف هذا المقال في مجلة Bitcoin Magazine الأمريكية دور عملة البيتكوين (BTC) داخل الاقتصاد الأوكراني في زمن الحرب. ورغم أن هجوم روسيا غير المسبوق قد تسبب في تهديداتٍ جادة لحياة الشعب وأمنه القومي؛ لكن عملة البيتكوين وفّرت لهم حلاً يُعتمد عليه. 

وربما لا يعمل النظام المصرفي بالشكل الصحيح، لكن الأوكرانيين لا يزالون قادرين على دعم جيشهم وبعضهم البعض؛ إذ تُعَدُّ البيتكوين عملةً قانونية في أوكرانيا، وبالتالي يستطيع مسؤولو الحكومة والمواطنون على حدٍ سواء الاعتماد عليها بصفةٍ يومية.

حيث يساهم الناس من مختلف أنحاء العالم بشكلٍ نشط في نضال أوكرانيا من أجل الحرية. وقد سلّطت الأحداث الأخيرة أيضاً الضوء على الهجوم العسكري وكيف يبدو وكأنه تهديدٌ كبيرٌ للبيئة، بينما تحاول عملة البيتكوين على النقيض تقليل آثاره.

بلدٌ بحاجةٍ إلى شريان حياة

تُواجه أوكرانيا هجوماً غير مسبوقٍ من روسيا في صراعٍ وصفته شبكة BBC البريطانية بأنه “أكبر حربٍ في أوروبا منذ عام 1945”.

إذ تتعمد روسيا الآن انتهاك المعاهدات والمعايير القانونية الدولية الأساسية، بما فيها اتفاقيات جنيف التي تنظم النزاعات العسكرية والمعاملة الإنسانية، وذلك في خضم محاولتها لمتابعة سياساتها الاستعمارية التوسعية.

حيث نقلت الخدمة العسكرية الأوكرانية مقتل أكثر من 2.000 مدني خلال الأسبوع الأول من الهجوم الروسي. بينما هاجمت القوات العسكرية الروسية ودمرت بناياتٍ سكنية، ومستشفيات، وحضانات أطفال، وغيرها من عناصر البنية التحتية المدنية، رغم زعمها بأنها تركز على القواعد العسكرية فقط. كما لم تقم “الممرات الخضراء” المزعومة بتأدية وظيفتها بالشكل المطلوب، حيث كان يُفترض بها السماح بإجلاء المدنيين وتزويد المناطق الأكثر تضرراً بالطعام والماء والإمدادات. مما تسبب في كارثةٍ إنسانية داخل مدنٍ مثل ماريبول وفولنوفاخا.

وقد أصبحت الحقوق الأساسية لملايين الأوكرانيين، ومن بينها الحق في الحياة، معرضةً للتهديد بصفةٍ يومية. ومع ذلك تظل المؤسسات التقليدية غير فعالةٍ بشكلٍ كبير في توفير الحماية المطلوبة للجماعات المستضعفة؛ إذ لم يوافق المجتمع الدولي وحلف الناتو على طلب أوكرانيا بـ”إغلاق المجال الجوي” لمنع روسيا من استغلال قواتها الجوية ومدفعيتها في الهجوم على المدن الروسية وسكانها المدنيين. بينما ذكرت وكالة Reuters البريطانية أنّ 74% من الأمريكيين يدعمون فرض منطقة “حظر طيران” فوق أوكرانيا، في حين يتوقع غالبية الأوكرانيين أن هذا الدعم سيساهم في تغيير سياسات حلف الناتو بنهاية المطاف.

التداعيات المالية للصراع والحل الذي تقدمه البيتكوين

علاوةً على القضايا الإنسانية المذكورة أعلاه؛ أثبت النظام المالي الأوكراني أنه ليس مجهزاً لمواجهة هذا القدر من الضغوطات.

وربما لا تزال الحكومة الأوكرانية قادرةً على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بمدفوعات الديون الوطنية، لكن هناك العديد من المشكلات القائمة على المستويات الصغيرة؛ إذ لا يعمل النظام المصرفي بالشكل المناسب، خاصةً في المناطق الأكثر تضرراً. وقد صارت المدفوعات الإلكترونية غير متاحةٍ لملايين الناس، بينما أدى نقص النقود ومشكلات أجهزة الصراف الآلي إلى زيادة صعوبة إرسال واستلام الأموال بالنسبة للمواطنين العاديين. ولا شك أن عمليات السحب الكبيرة للودائع من الناس في جميع أرجاء البلاد قد كشفت عن عدم الاستقرار الكامن في نظام الاحتياطي الجزئي، وهو الأمر الذي شرحه باستفاضة موراي روثبارد وغيره من أساتذة الاقتصاد في الجامعات النمساوية.

وفي ظل هذه الظروف، يواجه الأوكرانيون عدداً من القضايا الخطيرة، مثل حاجتهم لدعم الجيش الأوكراني والجماعات الأكثر عرضةً للخطر، مع إجراء بعض المعاملات الأساسية على الأقل. وفي الوقت الذي تبدو فيه الأدوات التقليدية غير متاحة أو غير مرنة بما يكفي لتلبية الاحتياجات بشكلٍ فعّالٍ وفوري؛ تبرز عملة البيتكوين باعتبارها بديلاً كبيراً يمكنه أن ينقذ حياة الناس حرفياً في وقت الحرب.

إذ سيتمكن الأوكرانيون الذين يستخدمون البيتكوين تحديداً من إجراء المعاملات المطلوبة بأمان واستقلالية بعيداً عن أي سلطةٍ مركزية. كما تعالج عملة البيتكوين تهديداتٍ مثل التدمير المادي للممتلكات، بينما لا تزال أخطار الحرائق وهجمات المدفعية مرتفعةً في العديد من المدن. والميزة المهمة الأخرى هي قدرة العملة على أن تحافظ على إخفاء الهوية والمجهولية، وهي ميزةٌ قد تكون مهمةً للعديد من الناس الذي يعيشون داخل المناطق المحتلة حالياً؛ حيث سيتمكنون بهذه الطريقة من دعم الجيش الأوكراني والمحتاجين بطريقةٍ آمنة.

ويعتمد عددٌ متزايد من الأوكرانيين على عملة البيتكوين لإجراء المدفوعات وتنفيذ المعاملات هذه الأيام. حيث أثبت الوضع القانوني لعملة البيتكوين في أوكرانيا أنه عنصرٌ مهم في توحيد جهود مسؤولي الحكومة، ورواد الأعمال، والجماعات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى.

وتقبل معظم المنظمات غير الحكومية الكبرى أو كلها عملة البيتكوين كخيار مساهمة؛ إذ أقرّ تاراس شموت، رئيس منظمة الدعم الأوكرانية Come Back Alive، بأنّ العملات المشفرة هي أفضل خيارٍ متاح في الوقت الحالي. حيث أوضح أن المشكلات التي يواجهها النظام المصرفي في كييف جعلت الخيارات الوحيدة المتاحة لشراء المستلزمات المطلوبة هي النقود السائلة والعملات المشفرة. ومع ذلك تُعتبر العملات المشفرة مريحةً موثوقةً أكثر من النقود السائلة بالتأكيد، لأنها تسمح بقبول المساهمات دون قيودٍ جغرافية. فضلاً عن أنّ طبيعة عملة البيتكوين اللامركزية تُمكِّن مختلف الوكالات غير الحكومية والنشطاء المحليين من تأدية وظائف تكميلية للمساعدة في حماية مُثُل الحرية داخل أوكرانيا.

كما يقدم لنا الوضع الراهن في أوكرانيا تفنيداً آخر للحجة المنحازة الشائعة حول التأثير السلبي المفترض لعملة البيتكوين على البيئة الطبيعية؛ حيث إن التهديد البيئي الفعلي قد وقع بسبب القوات العسكرية الروسية في الرابع من مارس/آذار، حين استخدموا الأسلحة الثقيلة للاستيلاء على محطة زاباروجيا النووية. بينما ذكرت وزارة الشؤون الخارجية الأوكرانية أنّ الكارثة البيئية المحتملة في هذه الحالة قد تكون أشد بـ10 أضعاف من كارثة تشيرنوبل. وتُثبت هذه “العملية العسكرية الخاصة” على حد تعبير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن غالبية التهديدات للبشرية والحضارة العالمية هي تهديدات مركزية بطبيعتها. وعلى النقيض، سنجد أن التنسيق الطوعي والمستقل بين العديد من الناس حول العالم قد يساعد في التطرق لتلك التهديدات.

وقد نجح الأوكرانيون في تطبيق مختلف المشروعات الإنسانية ومبادرات حماية البيئة، مما ساعدهم على استخدام البيتكوين في زمن الحرب. ولا عجب في أن السلطات الروسية فكرت في تقييد جميع معاملات العملات المشفرة بشكلٍ صارم أو حظر عملة البيتكوين كلياً، وذلك في خضم محاولاتها لتجنب أي حركاتٍ لا مركزية في بلادها.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.