خلال السنة الماضية، نشرت شركة أكسنتشر تقريرًا يؤكد أن المؤسسات الكبرى تنفق نحو 11.7 مليون دولارٍ على الأمن السيبراني، مشيرةً إلى أن خرق البيانات زاد بنسبة 27.4% خلال سنة 2017. وبين سنتي 2015 و2017، ارتفعت تكلفة فقدان البيانات من 35 إلى 43%. وعلى الرغم من أن الشركات تدرك أن المخاطر الأمنية تتزايد بشكلٍ مستمرٍ، وتنفق الأموال بهدف تحسين أنظمتها، إلا أن ميزانياتها الأمنية غالباً لا تكون مناسبةً لحجم هذه المخاطر. ووفقًا لهذا التقرير، فإن الأنظمة الأمنية في العديد من المؤسسات والشركات أقل فعاليةً وكفاءةً.
مؤخرًا، وحسب ما ذكر موقع فوربس، تعمل إحدى الشركات الناشئة في سنغافورة على وضع حجر الأساس لمعايير جديدة في أمن البيانات، باستخدام تقنية البلوكشين. وفي الأثناء، تقوم شركة بلوزيل (Bluzelle) ببناء أنظمة قواعد بيانات لامركزية بهدف ابتكار وسيلة أكثر أماناً لتخزين بيانات المستخدمين وإدارتها، وحتى الآن، استطاعت الشركة جمع مبلغ 19.5 مليون دولارٍ بهدف الاستمرار في مهمتها.
لقد أكد المدير التنفيذي لشركة بلوزيل، بافل باينز، “رأينا أن المشاكل المتعلقة بالبيانات تحدث بسبب وجود العديد من التطبيقات التي تطلب بيانات المستخدم، بالإضافة إلى تبادل العديد من المعلومات بين المستخدمين عبر الإنترنت. وفي الحقيقة، لا شبكة تعتبر الإنترنت في صورتها الحالية قادرًا على التعامل مع كل هذه الأمور”.
كما أشار باينز إلى أن التخزين السحابي قد يكون نافعا في معالجة هذا الأمر، إلا أن حجمه محدودٌ للغاية في عالم أمن البيانات. ولهذا السبب، قررت شركة بلوزيل تطوير تقنية البلوكشين لتوفير الاحتياجات الحالية والمستقبلية لحفظ بيانات المستخدمين بصورة سهلةٍ وآمنةٍ.
الاعتماد على تقنية البلوكشين
طورت بلوزيل منصة قواعد بيانات لامركزيةٍ تعتمد على تقنية البلوكشين للحد من فرص اختراقها، من خلال توزيع البيانات على العديد من العُقد بدلًا من تخزينها في نظامٍ سحابيٍ مركزيٍ. وحيال هذا الشأن، أورد باينز “نعتقد أن ذلك أفضل للجميع، حيث أن هذه الطريقة أكثر أمانًا وثقةً، فضلًا عن أن حجم قاعدة البيانات أصبح غير محدودٍ”.
فعلى سبيل المثال، ساعدت شركة بلوزيل المؤسسات التجارية، على غرار بنك “إتش إس بي سي” وبنك زاغ، على حماية بيانات عملائهم في عدة مجالات مثل مجال “اعرف عميلك”، الذي يعتبر مجالًا مهمًا للغاية بالنسبة للمؤسسات التجارية.
وتعتقد بلوزيل أن قواعد البيانات التي تعتمد على البلوكشين تعتبر وسيلة فعالة لتعزيز أمن البيانات، كما أنها تسهل على المنظمات الشريكة الحصول على البيانات والتأكد منها. ومع امتلاك العملاء للعديد من الحسابات في مؤسسات مختلفة، وزيادة تكاليف الامتثال، يعتقد باينز أن المؤسسات في حاجةٍ إلى طريقةٍ سهلةٍ لتوثيق بيانات عملائهم وإدارتها.
أشار باينز إلى أن “كل بنكٍ يحتاج إلى جمع المعلومات ذاتها عن كل عميلٍ، وهي عمليةٌ مرهقةٌ للغاية، حيث تستغرق البنوك وقتًا طويلًا لتشغيل وتحديث البيانات. أما العميل فتنتظره مهمةٌ شاقةٌ، حيث يجب عليه المرور لكل بنك لتقديم البيانات اللازمة عنه”.
ويمكن تحسين هذه العملية من خلال العقود الذكية، وهي عقودٌ نافذةٌ من تلقاء نفسها ونهائية، كما يمكن استقصاؤها من كافة المؤسسات. وفي هذه الحالة، تصبح البيانات غير قابلةٍ للعبث وموزعةً على الشبكة، ويصعب اختراقها.
حيال هذا الشأن، قال باينز “تُسجل بيانات العملاء ويُصادق عليها مرةً واحدةً فقط باستخدام العقود الذكية وتقنية البلوكشين. وبعد ذلك، تستطيع كافة البنوك الولوج إلى هذه البيانات دون الخوف من أنها قد تكون زائفةً، حيث أن العقود الذكية تصبح موثوقةً بمجرد المصادقة عليها”.
وباستخدام قاعدة البيانات اللامركزية، تستطيع البنوك مشاركة بيانات العملاء مع المنظمات الشريكة، ما من شأنه أن يقلل من مخاطر الحسابات الزائفة. وبهذه الطريقة، لن يقوم العميل بتقديم الوثائق المطلوبة منه في كل مرة يقوم فيها بفتح حسابٍ جديدٍ في أحد البنوك.
لوصف قاعدة البيانات التي تطورها بلوزيل، قام باينز بعرض مجموعةٍ من البيانات التي تم تجزئتها إلى أجزاءٍ عديدة، ومن ثم توزيعها وحفظها في عُقدٍ مختلفةٍ. لذلك، ستصبح سرقة البيانات الموثقة أكثر صعوبةً بسبب عدم تمركزها في مكانٍ واحدٍ. كما أوضح باينز أنه “في حال أراد شخصٌ ما سرقة بيان العميل، فيتوجب عليه قرصنة كل عقدة من هذه العقد بشكلٍ منفصلٍ، وإحكام سيطرته عليها، ثم جمع كافة البيانات مع بعضها مرة أخرى. ولكن تكلفة القيام بذلك مرتفعةٌ، ما يجعل التفكير فيها شبه مستحيل”.
في الآونة الأخيرة، جمعت شركة بلوزيل مبلغ 19.5 مليون دولارٍ في عملية الطرح الأولي للعملة (ICO)، وذكر باينز أن الشركة تسعى لتوسيع نطاق خدماتها للصناعات الأخرى، ولن تكتفي بالبنوك وشركات التأمين فحسب. ومن الممكن أن تستخدم بلوزيل تقنية البلوكشين في التخطيط، ومع شركات تداول العملة الرقمية، واستئجار المنازل، ومجال الإعلانات، بالإضافة إلى توصيل المحتوى. ويتوقع باينز أنه يمكن في المستقبل إضافة تطبيقاتٍ أخرى إلى منتجات الشركة، على غرار تطبيقٍ لتحليل البيانات.
من الملاحظ أن الشركات التي تعتمد على تقنية البلوكشين وتستخدم العملات الرقمية في تعاملاتها، ستتفهم أهمية ما تقدمه شركة بلوزيل، مخالف لما تقدمه الشركات والمؤسسات التقليدية، التي ستحجم في البداية عن تبني تقنية لا تعرفها. ولكن مع توضيح أهمية وطريقة استخدام قاعدة بيانات بلوزيل، لن يكون لديهم مشكلةٌ في تطبيقها.
أفاد باينز “إن الشركات التي بادرت في استخدام هذه التقنية تفهم جيدًا ما نقدمه، ولكن مع توسعنا وانتقالنا لشركاتٍ أكبر سيستغرق الأمر مزيدًا من الوقت والمجهود لتوضيحها. في الواقع، لن نذهب إلى هذه الشركات من أجل الترويج للمنتج، وإنما نحن نسعى لأن تتبنى المزيد من الشركات هذه التقنية. وعندما ترى الشركات الأخرى، سواء كانت شركاتٍ كبرى أو صغرى، أن هناك شركاتٍ شرعت في الاعتماد على هذه التقنية والوثوق بها، سيكون من السهل على الشركات الأكبر الاقتناع بها. وهو ما حدث بالفعل مع خدمة “كلاود فلير” وتطبيق “سلاك”، علما بأن المستخدمين الأوائل لهذه التطبيقات كانوا مجرد مجموعةٍ من المطورين وبعض التقنيين. وبعد ذلك، أصابت عدوى استخدامهما العديد من الشركات”.
بيئة مثالية
قال باينز “تم افتتاح شركة بلوزيل في كندا سنة 2014، وبعد ذلك بسنتين، انتقلت الشركة إلى سنغافورة، لأن كندا ليست البيئة المناسبة لنشاط الشركة، حيث كانت لا تزال تعتمد على قوانين الولايات المتحدة المتعلقة بهذا الشأن”. وعموما، تعتبر آسيا من أفضل الأماكن في التكنولوجيات الصاعدة، ناهيك عن أن موقع سنغافورة باعتبارها مركزًا ماليًا عالميًا جعل منها مكانًا جذابًا لهذه الشركات.
لم تكن البنية الأساسية في سنغافورة ملائمةً لهذه الشركات فحسب، بل كانت مجاورة للأسواق الناشئة في جنوب شرق آسيا، التي يزداد فيها الاعتماد على تقنية البلوكشين والعملات الرقمية في مختلف المعاملات. وعلى مستوى العملاء، كان هناك العديد من الأشخاص الذين تم اقصاؤهم من عمليات الاكتتاب العام، لذلك كانت هذه الشركة وسيلةً لتغيير حياتهم.
من المؤكد أن الموجة القادمة من البلوكشين والعملات الرقمية ستنطلق من آسيا، لأن الأسواق هناك أكثر انفتاحًا. وعلى الرغم من أن الشك يلاحق العملات الرقمية في الغرب، إلا أن طريقة التعامل معها في آسيا مختلفةٌ تمامًا. واعتبر باينز أن عمالقة وول ستريت، الذين يسخرون من العملات الرقمية على غرار البيتكوين، سيصعقون إذا ذهبوا إلى الفيتنام ورأوا حرص الكثيرين على فهم كل ما يتعلق بالعملات الرقمية، وهم جالسون على الأرض والشغف يملأ أعينهم.
وتجدر الإشارة إلى أن الفيتنام أطلقت مؤتمرها الأول لتقنية البلوكشين مؤخرا. أما في الغرب، فإن أغلبهم يتهمون هذه العملات الرقمية بأنها فقاعةٌ وستنتهي، ربما لأننا لا نفهم الكثير عنها.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.