لماذا يتوقع الخبراء أن الاستثمار في عقارات الميتافيرس سيكون أفضل من نظيرتها المادية؟

وفقاً لتقرير مجلة Fortune الأمريكية، هناك “حالة انتزاع أراضٍ” جارية ولن تتوقف على ما يبدو. لدرجة أنّها خلقت فقاعةً عقارية رفعت سعر أرخص قطعة أرض متوفرة على الميتافيرس إلى 13 ألف دولار.

حسناً، دعونا نرجع خطوةً للوراء قليلاً، لأن هذا المبلغ من المال سيكفيك لشراء شقة في مدينة مكسيكو سيتي أو منزل ريفي في بلغاريا، أو إيطاليا، أو إسبانيا، أو فرنسا، أو البرتغال، أو اليونان.

ولكن لنتريّث قليلاً! ففي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، دفعت شركة Republic Realm -المطور العقاري للأراضي الافتراضية- مبلغاً ضخماً قدره 4.3 مليون دولار مقابل شراء عقار ميتافيرس من شركة ألعاب الفيديو Atari. ووفقاً لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية، كانت هذه هي أكبر صفقة مُعلنة لعقار ميتافيرس في وقتها.

ومعاملات العقارات الرقمية من هذه النوعية تُسلّط الضوء على نمو الإقبال على أراضي الميتافيرس، حسب موقع Crypto Slate البريطاني.

فالميتافيرس هو فضاءٌ ثلاثي الأبعاد من العوالم الافتراضية المترابطة على الإنترنت، حيث يمكن لتوأمك الرقمي (الأفاتار) أن ينخرط اجتماعياً، ويعمل، ويتسوق، ويلعب الألعاب.

وفي أواخر العام المنصرم، قالت شركة استثمار العملات الرقمية الرائدة Grayscale إنّ الميتافيرس من المحتمل أن يتحوّل إلى فرصةٍ لجني أرباح سنوية تُقدّر بتريليون دولار من الإعلانات، والفعاليات الرقمية، والتجارة الإلكترونية، وتداول وكسب العملات المشفرة، والأجهزة.

وخلال فعالية DeFi Live London في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، قال رائد أعمال أسترالي يمتلك عدة مشروعات توكنات غير قابلة للاستبدال (NFT) إنّه لن يستثمر في العقارات المادية مرةً أخرى، وسيكتفي فقط بأراضي الميتافيرس، لأن لديها إمكانات تحقيق أرباح عالية.

توقعات متجر فايري Fayre للميتافيرس

تنبّأ لويس كارانزا، المؤسس والرئيس التنفيذي في فايري Fayre، بأنّ 2022 سيكون العام الذي يصل فيه حجم سوق الميتافيرس إلى مليارات الدولارات. وأضاف أنّه استثمر 42 إيثيريوم (ETH) إجمالاً في شراء أراضٍ بساندبوكس Sandbox وديسنترلاند Decentraland (أي نحو 150 ألف دولار).

كما أردف رئيس فايري، متجر التوكنات غير القابلة للاستبدال الصاعد الذي سيخدم العلامات التجارية والجمهور والمستهلكين: “خلال عام 2022، يجب أن نتوقع رؤية انتزاع الأراضي على نطاقٍ أوسع في الميتافيرس، مع المزيد من معاملات العقارات الرقمية التي ستحطم الأرقام القياسية. وسيجني ملاك الأراضي الرقمية عائدات أكبر من تأجير عقاراتهم الافتراضية. كما سيشهد التطور المعماري لبنايات الميتافيرس تقدماً كبيراً في العام الجاري. ورغم أن الأمر يصعب تصديقه، لكننا سنشهد بيع بنايات داخل الميتافيرس قريباً”.

وفي الوقت الراهن، لا يمكن بيع البنايات أو الشقق أو المنازل بعد. لكن بالإمكان تأجيرها حسب كارانزا، وهو ما يحدث بالفعل.

بينما تمتلك فايري خططاً ملموسة لبناء متاحف لأندية كرة القدم الشهيرة وغيرها من العلامات التجارية الرياضية حول العالم. وستكون عبارةً عن أماكن افتراضية يمكن للجمهور زيارتها لمشاهدة المعارض الرقمية للاعبيهم المفضلين والصور التاريخية لأشهر الأهداف، إلى جانب شراء التوكنات غير القابلة للاستبدال، وكل المزايا التي ستفوق أكثر خيالاتك جموحاً.

في حين أردف كارانزا: “شركة فيسبوك وحدها ستستثمر أكثر من 10 مليارات دولار في إنشاء مشروع الميتافيرس الخاص بها، وهذا هو خير دليل على الاتجاه الذي سيسلكه الواقع الافتراضي والجيل الثالث للويب. ونعم! سيكون بالإمكان بناء ناطحات سحاب، ومنازل، ومراكز للتسوق. وسيتم بيعها أيضاً”.

شركة أيوتيكس IoTeX تشارك رؤيتها للميتافيرس

جينغ سون هي خبيرة استثمار دولية مُحنّكة ولها مسيرةٌ مهنية تمتد لـ13 عاماً. إذ ترأس جهود الاستثمار والنظام الإيكولوجي في شركة أيوتيكس التي تُعتبر واحدةً من أكبر 90 مشروع للبلوكتشين، وقد تأسس في وادي السيليكون عام 2017. وتتمثل رؤية شركتها في الربط بين العوالم المادية والافتراضية عن طريق التركيز الكامل على مفهوم التمويل اللامركزي للآلات (MachineFi). ويُستخدم هذا المفهوم لوصف الاقتصاد القائم على لامركزية الآلات، والذي من المقدر أن يصل حجمه إلى 12 تريليون دولار بحلول 2030.

وتقول جينغ: “ستستمر زيادة الطلب على الأصول الرقمية بشكلٍ دراماتيكي. كما سيزداد الطلب أكثر فأكثر مع قضاء الناس للمزيد من وقتهم في العالم الافتراضي. ويكمن التحدّي الآن في كيفية تقييم الندرة داخل الواقع الافتراضي. أي هل ستكون هناك أي ندرة داخل الميتافيرس بينما يستطيع اللاعبون الانتقال بشكلٍ فوري إلى أي مكان، وفي غياب أي حدودٍ مادية فعلية؟ إذ لا يبدو أن الموقع ستكون له أي أهمية، حيث إن المهم أكثر هو إقبال الجماهير من مختلف أنحاء العالم”.

وأردفت جينغ: “لقد أجرينا أبحاثنا في أيوتيكس ووجدنا أنّه لن يمضي وقتٌ طويل قبل أن تصير 40% من القوى العاملة مُؤتمتة أو مُمثّلة من قبل الآلات، مما سيُغير الطريقة التي سنعيش ونعمل بها في المستقبل. إذ ستتحرر القوى العاملة البشرية، بينما تتكفل الآلات والروبوتات بإنتاج السلع الأساسية والاحتياجات المادية. وسيكسب الناس قوت يومهم على الأرجح من خلال صنع منتجات مبتكرة، أو تقديم خدمات افتراضية من داخل الميتافيرس”.

أكثر ربحيةً من العقارات التقليدية

جيسون فيرنانديز هو خبير عملات مشفرة وبلوكتشين معترف به عالمياً، ولديه خبرةٌ هائلة في الابتكار التكنولوجي. وقد أدلى بدلوه أيضاً قائلاً إنّه سمع بالفعل عن قيام عدة مهندسين معماريين بتصميم مبانٍ في الميتافيرس من أجل تأجيرها.

وفيرنانديز هو الشريك المؤسس في شركة AdLunam التي تعمل كمنصة لإطلاق منصات التداول اللامركزية (IDO)، وتستخدم نماذج فريدة مثل إثبات الاهتمام (PoA) و”تفاعل لتكسب” حتى تُضفي الطابع الديمقراطي على استثمارات العملات المشفرة في مراحلها الأولى -تلك الاستثمارات التي كانت بعيدةً عن متناول الأشخاص الذين لا يمتلكون سلطات محاصصة أصول رقمية كبيرة.

وقد أردف فيرنانديز: “الشقق، ومراكز التسوق، والمكاتب الافتراضية جميعها موجودةٌ بالفعل في الميتافيرس. وقريباً، ستكون متاجر الملابس والساعات الفاخرة ممثّلة هي الأخرى في الميتافيرس. وعلى مدار السنوات القليلة المقبلة، مع اشتداد فورة شراء أراضي الميتافيرس؛ قد يُصبح سوق العقارات الافتراضية أكثر ربحيةً في الواقع من تطوير وبيع وتأجير العقارات التقليدية في العالم الحقيقي”.

موثوقيةٌ يصعب التكهّن بها بحسب ماتي غرينسبان

قال ماتي غرينسبان، الرئيس التنفيذي ومؤسس Quantum Economics، إنّ فريقه متفائلٌ للغاية بشأن عملات ساندبوكس (SAND) وديسنترلاند (MANA)، وهو تفاؤلٌ استمر على مدار الأشهر القليلة الماضية.

لكن الرجل الذي يُعتبر من المحللين المرموقين في البلوكتشين والعملات المشفرة أوضح: “رغم تفاؤل فريقنا الشديد بمستقبل عملات ساندبوكس وديسنترلاند، لكن Quantum Economics لم تستثمر في أي أراضٍ افتراضية. ويرجع ذلك إلى أنّ ديناميات هذه السوق تجعل من الصعب للغاية التكهن بشكل قيمتها المستقبلية”.

وأردف غرينسبان: “بعكس البيتكوين (BTC) أو العقارات المادية، ليس هناك حدٌ أقصى للإمداد هنا. ورغم أن أراضي الميتافيرس ليست قابلةً للاستبدال بالكامل، لكن ما أهمية الموقع في عالمٍ يسمح بالتنقل الفوّري إلى أيّ مكان؟ لا تقلق، لأننا إذا اشترينا قطعة أرض فسوف نشتريها للبناء عليها وليس الاستثمار فيها”.

آخر الأفكار “الافتراضية”

تزيد أسعار عقارات الميتافيرس بناءً على موقعها، كما هو الحال مع العقارات المادية. وهذا أمرٌ منطقي في الواقع من وجهة نظر أندرو كيغول، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي في Tokens.com.

إذ قال لصحيفة New York Times الأمريكية: “الموقع، ثم الموقع، ثم الموقع. فقطعة أرض في قلب وسط المدينة، الذي يزوره الكثير من الناس، ستكون قيمتها أكبر من قطعة الأرض الواقعة في الضواحي”.

بينما تحدّث هريش لوتليكار، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي في SuperWorld، إلى الصحيفة الأمريكية عن نفس الموضوع، حيث قال: “يمكنك معنا أن تشتري قطعة أرضٍ في الموقع الذي يعجبك، سواء بجوار سنترال بارك في أمريكا أو بجوار الأهرامات في مصر. وبهذا تشتري قطعة أرض افتراضية تُغطي خريطة الكرة الأرضية في تلك المواقع”.

وما تزال الاستثمارات العقارية في الميتافيرس خاضعةً لقدرٍ كبير من المضاربة. لذا فمن المبكر للغاية الحكم عليها، ومعرفة ما إن كانت ستصير الحديث المنتظر التالي أم الفقاعة الضخمة الجديدة. ولكن يمكننا القول إن تحول فيسبوك إلى ميتا، وانتشار العمل عن بُعد أكثر حول العالم، قد يجعل عقارات الميتافيرس قريباً بمثابة استثمارٍ أفضل من نظيرتها المادية.