تستخدم الآن الكليات وشركات التكنولوجيا البلوكتشين لتطوير شهادات دراسية، وسجلات وظيفية يسهل التحقق من مصداقيتها. ويمكن لسيرتك الذاتية الموجودة على منصة البلوكتشين أن توفر لأرباب العمل والجامعات، الكثير من الوقت والموارد، التي تهدر في التحقق من خلفيات مقدمي طلبات العمل.
منذ سنوات، كان يحير أصحاب العمل سؤال وحيد يتمثل في كيفية تمكنهم من معرفة أن هؤلاء المرشحين للوظائف “يقولون الحقيقة عن خلفياتهم المهنية أو الدراسية؟”. لذلك، من المحتمل أن تلعب تكنولوجيا البلوكتشين دور الضامن في هذا الصدد.
حيال هذا الشأن، تعمل جملة من المؤسسات التعليمية، وشركات التكنولوجيا على إعداد شهادات علمية رقمية وسير ذاتية يمكن التحقق من موثوقيتها بسرعة، وذلك باستخدام التقنية نفسها التي تساعد في التحقق من صحة المعاملات في عالم العملات المشفرة. وسوف تضطلع تكنولوجيا البلوكتشين بدور دفتر الأستاذ الرقمي، الذي يعد من سجل المعاملات عبر الإنترنت، التي لا يمكن تغييرها.
أصدر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا شهادات رقمية لجميع طلابه، الذين تخرجوا خلال شهر فبراير/ شباط الماضي، وسجلها على منصة البلوكتشين. ومن خلال هذه المنصة، يمكن مشاركة هذه الشهادات الدراسية، على وسائل التواصل الاجتماعي أو مباشرة مع أصحاب العمل.
من جانب آخر، تعتقد الكثير من الشركات، على غرار شركة آبي الناشئة، التي تتخذ من لندن مقرا لها، أن تكنولوجيا البلوكتشين تعد مستقبل السير الذاتية الواعد. وتعمل آبي مع أصحاب العمل، والجامعات لتطوير منتج يتحقق أولاً من ادعاءات الأفراد بشأن خلفياتهم المهنية، ثم يصدر لهم ملخصًا رقميًا يدرج فيه جميع بياناتهم من مواقع ومؤسسات متعددة. ويمكن مشاركة هذه الوثيقة الرقمية مع أصحاب العمل، وتحديثها مع تغير المسيرة المهنية لمقدمي طلبات العمل.
تلبية الاحتياجات
تستغرق الجامعات والشركات أوقاتا طويلة وتنفق موارد كثيرة من أجل فحص والتأكد من صحة الشهادات التعليمية، وشهادات الخبرة للمتقدمين لهم. وتشمل هذه المهمة البيانات الواردة من مؤسسات أخرى إلى هذه الجامعات والشركات، للتأكد من أن المتقدم لها كان طالبا في الجامعة أو يعمل في الشركة.
وفي هذا الصدد، تقول المجموعة الاستشارية للمخاطر، وهي إحدى شركات إدارة المخاطر مقرها في لندن، إن فحص 5500 سيرة ذاتية استغرق قرابة 6 أشهر، واتضح أن 80% منها يحتوي معلومات متناقضة حول المتقدم للوظيفة. أما المعلومات الخاطئة تماماً، فقد كانت في حدود 12%. في المقابل، تمكن الشهادة الرقمية كافة المؤسسات من التحقق من الشهادات التي تحصل عليها من المترشحين للوظيفة، دون البحث عن خلفية هذه الشهادة.
من خلال “التوقيع الرقمي”، يستطيع الطالب تقديم نسخة من الشهادة الجامعية التي يحملها لصاحب العمل، ومن جهته يستطيع صاحب العمل التحقق من صحتها من خلال رفعها على صفحة “التثبت من صحة الشهادات”، والحصول على تأكيد على صحتها، دون الرجوع إلى الجامعة.
في هذا السياق، تقول كبيرة مساعدي عميد معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ماري كالاهان: “إننا نمنح بهذه الطريقة طلابنا حق الاطلاع باستمرار على معدلاتهم”. ومن المتوقع أن يحصل خريجي هذه السنة على نسخ رقمية من شهاداتهم إلى جانب الشهادات التقليدية.
في الأثناء، عملت شركة “ليرنينغ ماشين” (Learning Machine) بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على إنتاج الشهادات الرقمية. وحيال هذا الشأن، أوردت نائب رئيس الشركة، ناتالي سمولينسكي، أن “تقنية بلوكسيرتس عبارة عن قاعدة مفتوحة”، حيث أنه بمجرد إصدار هذه الشهادة الرقمية تصبح معتمدة، وتنشر مباشرة على الانترنت لفترة طويلة في المستقبل. حتى في حال أغلق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أبوابه، يمكن لأي شخص استخدام الرمز للتحقق من أن صحة هذه الشهادة”.
ومنذ ثلاثة أشهر، أطلقت منصة (APPII) إصدارا رقميا للسيرة الذاتية. وتعمل APPII بالتعاون مع أكبر مؤسسات التعليم العالي في المملكة المتحدة، ومن بينهم الجامعة المفتوحة لإنشاء سيرة ذاتية رقمية للخريجين. وفي سياق متصل، يقول مؤسس إحدى الشركات الناشئة للهويات الرقمية، غاري مكاي، إن “المطلوب في الوقت الحالي، بذل القليل من الجهد لتحديد نوع الشهادات التي يجب أن يضعها شخص ما في سيرته الذاتية الرقمية”. وتابع مكاي قائلا إن “هذه الطريقة ستوفر الكثير من الوقت لأرباب العمل في اختيار الشخص المناسب لمؤسساتهم، ولعب دور فعال مع المؤسسة في أسرع وقت ممكن”.
تندرج هذه الجهود ضمن خطوة أكبر لاستخدام البلوكتشين للتحقق من أنواع أخرى من المؤهلات أيضا. وتتطلع منصة (APPII)على سبيل المثال، إلى تطبيق تقنية البلوكتشين في الحالات التي يحتاج فيها الأشخاص إلى دليل يثبت اتمامهم لفصول التطوير المهني المستمر، أو حضور مؤتمرات من أجل إجراء الاختبارات المطلوبة بموجب الترخيص المهني.
وقد أصدر اتحاد المجالس الطبية الحكومية، الذي يدافع عن جميع مجالس التراخيص الطبية في الولايات المتحدة، عينة من عمليات التحقق باستخدام نفس منصة بلوكسرتس، الذي يستخدمه مختبر وسائل الإعلام MIT. وقد ذكر مسؤولون في الاتحاد بأنهم يأملون في أن يطلق عملهم محادثات على مستوى مجالس الولايات.
مقاومة التغيير
ومع ذلك، يمكن للعقبات التنظيمية أن تبطئ التبني للتحقق عبر البلوكتشين في نطاق أوسع. ويقول مايك دوغان، كبير مسؤولي المعلومات في اتحاد المجالس الطبية الحكومية، إن “الإجراءات التنظيمية للدول لا تتماشى مع التقدم التكنولوجي. إذ لم تبادر سوى قلة قليلة من الدول إلى سن تشريعات تسمح باستخدام أوسع لتكنولوجيا البلوكتشين. وعلى سبيل المثال، لم تدرج ولاية أريزونا قانونًا جديداً يعترف بالتوقيع الرقمي القائم على البلوكتشين إلا في السنة الماضي.
ويقول دوغان “لقد كانت التوقيعات الرقمية موجودة قبل زمن بعيد من ظهور البلوكتشين، إلا أنها لم تلقي حتى اليوم قبولا واسعا. ويعزى سبب ذلك إلى حالة الشك، ورفض البعض تغيير الإجراءات التي يعتمدونها”.
كما يستخدم أعضاء جمعية بلوكتشين إن ترانسبورت ألاينس (blockchain in Transport Alliance)، وهي منظمة عالمية متخصصة في تجارة الشحن، وتركز بشكل خاص على التسويق والتعليم، تقنية البلوكتشين كشكل من أشكال تعريف السائقين.
وأوضح كريغ فولر، المدير الإداري لهذه الجمعية، أن “الهوية الرقمية للسائقين يمكن أن تساعد في حماية الشركات من المقاضاة والوقوف أمام المحاكم غير الضرورية، لأن كلا من تاريخ العمل والمهارات المحصلة قد تكون موجودة على بلوكتشين، وتكون متاحة للشركات عند توظيفها هؤلاء السائقين”.
من جهة أخرى، قال فولر “لا تستطيع هذه الشركات الكبيرة أن تخاطر وتستأجر سائقًا يمكن أن يسبب لها مشاكل. ثم بعد وقوع الحادث، ينتهي بها الأمر في المحكمة، لتقف أمام محامين قادرين على إثبات أن هذه الشركة تجني كل هذه الأرباح من خلال توظيف سائقين غير مؤمّن عليهم”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.