يُفترض بفهم أي موضوع معقد أن يصير أسهل عند توافر إمكانية الوصول للمواد التعليمية المتعلقة به. والآن، بعد أن صارت تقنية البلوكتشين والعملات المشفَّرة الصادرة عن البنوك المركزية CBDC جزءًا من المفردات السياسية في بكين، أصدر الحزب الشيوعي الصيني CPC دليلاً للعملات المشفَّرة يُقصد من ورائه تحضير مسؤولي الحزب للتغيرات القادمة في النظام المالي للبلاد.

كتيب لتثقيف موظفي الحزب حول الأثر المترتب على العملات المشفَّرة

أفادت وكالة بلومبرغ الأمريكية أنَّ الكتيب، الذي يحمل عنوان “العملات المشفَّرة: كتاب قراءة للكوادر”، هو جزء من سلسلة من الأدلة الصادرة حول مختلف الموضوعات الراهنة، من الذكاء الاصطناعي إلى تقنية البلوكتشين. يُذكر أنَّ الكتيب صدر عن دار النشر التابعة لأكبر مجموعة صحف في الصين، صحيفة الشعب اليومية People’s Daily، وجاري حالياً طباعة النسخة الثانية منه.

ذكر المنشور بالتفصيل أنَّ الدليل مكون من 200 صفحة، يطلّع فيها القرّاء على الجوانب المهمة للعملات المشفَّرة، في 23 مقالة تغطي المبادئ الأساسية والمسائل الأكثر تعقيدأً على حد السواء، مثل الأثر الذي يمكن أن يترتب على هذه العملات في الأنظمة المالية والقطاع المالي العالمي. كان واضعو الدليل قد صرّحوا على غلافه أنَّ: “العملات المشفَّرة أمر لا مفر منه في مسار التاريخ”، في إشارة إلى أنَّ هدفهم هو معاونة كوادر الحزب الشيوعي الصيني على توسيع نطاق فهمهم للتكنولوجيا الأساسية الكامنة ورائها.

يأتي هذا الدليل بينما تستعد الصين للانتهاء من تطوير العملة المشفَّرة الصادرة عن بنكها المركزي CBDC. كان البحث حول هذا الموضوع قد بدأ منذ خمسة أعوام تقريباً، لكنَّ بنك الصين الشعبي PBOC كثّف جهوده بعد إعلان شركة فيسبوك Facebook مشروع ليبرا  Libra الصيف الماضي، 2019. إضافةً إلى ذلك، فقد كشف اجتماع للمكتب السياسي Politburo عُقد في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، 2019، عن أنَّ القيادة الصينية ترغب في أن تكتسب البلاد أفضلية في مجال البلوكتشين.

لم يُنشر جدول زمني لإصدار العملة السيادية بعد، لكن وفقاً لتقارير نشرتها وسائل الإعلام الصينية مؤخراً، انتهى البنك المركزي من وضع “التصميم عالي المستوى والصيغة القياسية والبحوث الوظيفية والتطوير” وكذلك “الاختبار المشترك” لليوان الرقمي (YCC)، وهو يركز حالياً على إرساء “الاستقرار والأمن والسيطرة”، حسبما أعلن معهد أبحاث العملات المشفَّرة التابع لبنك الصين الشعبي Digital Currency Research Institute.

موعد إطلاق اليوان الرقمي لا يزال غير معروف

حتى مع التقدّم المذكور، لم يُعلن أي موعد لإطلاق العملة. غير أنَّه وفقاً للمعلومات التي كانت متاحة سابقاً، سوف يُطبّق نظام العملة المشفَّرة للدفع الإلكتروني DCEP، وهو الاسم الآخر للمشروع، من خلال منهجية عمل من مستويين: أولاً، سوف يُصدر بنك الصين الشعبي العملة للبنوك التجارية، التي ستتولى بدورها بعد ذلك توزيعها على عامة الشعب. وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول 2019، ذكرت الوسيلة الإعلامية المختصة بالعملات المشفَّرة إيت بتكوين 8btc أنَّ من المقرر إطلاق المشروع التجريبي للعملة المشفَّرة في مدينة شنجن (المركز التقني للصين) وفي مدينة سوجو.

سوف يقود بنك الصين الشعبي هذه التجارب، على أن تُجرى بمساعدة أربع بنوك تجارية مملوكة من الدولة، هي: البنك الصناعي والتجاري الصيني ICBC، والبنك الزراعي الصيني ABC، وبنك الصين BOC، وبنك التعمير الصيني CCB. وسيشارك فيها أيضاً ثلاث من أبرز مشغلي الاتصالات في البلاد: تشاينا موبايل China Mobile والصين للاتصالات China Telecommunication وتشاينا يونيكوم China Unicom، وذلك بحسب التفاصيل التي ذكرها الموقع الإلكتروني.

جدير بالذكر أنَّه، وبالتوازي مع عملية تطوير اليوان الرقمي، كانت السُلطات الصينية تضيّق الخناق على المنصات التي تعمل مع العملات المشفَّرة اللامركزية، مع التركيز خصوصاً على منصات التداول والشركات ذات الصلة بمشروعات العرض الأولي للعملة ICO. إلى جانب أنَّ الحكومة الصينية كانت منشغلةً أيضاً بمعالجة مشكلات خطيرة في النظام المالي التقليدي: حيث إنَّ هناك أزمة سيولة تختمر في سوق الإقراض بين البنوك تدخلت فيها بكين لإنقاذ عدة بنوك صغيرة، وبلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الصين 255% خلال العقد الماضي، بينما تجسّد أحدث أعراض الضرر الذي أصاب الاقتصاد الصيني في الأرقام الإحصائية التي أظهرت انخفاضاً قدره 7.5% في مبيعات سيارات الركاب العام الماضي، 2019، وهو الانخفاض السنوي الثاني على التوالي.