حاجج الكثيرون أن العملات المستقرة ليست أكثر من صندوق مؤشرات متداول بواجهة فخمة.

لذا، وعندما يتعلق الامر بكيفية تنظيم العملات المستقرة مثل الليبرا، هل يمكننا القول أن معظم الخطوات الصعبة في هذا الصدد قد اتخذت بالفعل من قبل بالنظر إلى البيئة التشريعية لصناديق المؤشرات المتداولة؟

يطرح كلا من لوسيانو سوموزا وتامارو تيراشينو هذه الفكرة، وهم طالبا شهادة الدكتوراة من جامعة لوزان وجامعة جنيف بالترتيب.

في البداية، يجب النظر إلى التشابهات البنيوية بين الصناديق المؤشرات المتداولة وبين نظام ليبرا المقترح والذي يوضحه المؤلفان في الشكل التالي:

وكما لاحظ المؤلفان، فإن اتحاد ليبرا يعرّف سلة الأصول التي يمكن تداولها مقابل توكنات ليبرا بوسائط مختارة، وتدعى الباعة الوسطاء المرخصين. تستعمل صناديق المؤشرات المتداولة نظاماً مشابهاً يسمى بالمشاركين المرخصين .

واستفاض المؤلفان في الشرح قائلين:

“يشتري الباعة الوسطاء المرخصون هذه الأصول من السوق ويعطوها لاتحاد ليبرا. تنتقل الأصول بعد ذلك إلى جهة حمائية ثالثة وتصدر ليبرا توكنات جديدة، ويتم إيصالها إلى الباعة الوسطاء المرخصين. يمكن لتجار التجزئة شراء توكنات ليبرا فقط عن طريق الباعة الوسطاء. وعلى العكس من ذلك، عندما ينخفض الطلب على ليبرا، يمكن للباعة الوسطاء أن يستبدلوا توكنات ليبرا بالأصول الموجودة في السلة.

يعمل الباعة الوسطاء في رواق التحكيم: فعندما يرتفع سعر التكون عن سعر السلة، فإنهم ينشأون توكنات جديدة، والعكس بالعكس عندما ينخفض سعر التوكن عن سعر السلة. تضمن فرصة التحكيم أن يظل سعر التكون قريباً من سعر السلة. “

يتشابه كل ذلك، بحسب ما يشير المؤلفان ومعهم الحق في ذلك، مع نظامي إنشاء واستعادة صناديق المؤشرات المتداولة.

يكمن الفارق الأساسي الخاص بالعملات المشفرة في مسألة توزيعها. تباع وحدات صناديق المؤشرات المتداولة على منصات التداول العامة (كما يتضح من اسمها).

ولكن في حالة ليبرا، فإن التوكنات توزع على بلوكتشين قائم على الإذن. وهنا تبدأ دواعي القلق التشريعية في الظهور، خصوصاً فيما يتعلق بقواعد غسيل الأموال.

كما يختلف الهيكل القانوني وهيكل الرسوم أيضاً. تظن ليبرا أن بإمكانها إتاحة المنتج بالمجان تقريباً. بينما تستهلك الرسوم الإدارية الضخمة معظم عائدات صناديق المؤشرات المتداولة والتي يجب خصمها من أدائها. ويُظن أن السبب الوحيد لذلك هو الوساطة الجشعة.

ولكن، بغض النظر عن تلك الاختلافات الهامشية، فإن جوهر الهيكل الاقتصادي لكلا منهما يبقى واحداً.

إذن، كيف يمكن إعادة هيكلة تنظيم صناديق المؤشرات المتداولة لتتلائم مع العملات المستقرة؟

بحسب المؤلفين:

“سيلزم التشريع العملات المشفرة بهيكل تشريعي مشابه لهيكل صناديق المؤشرات المتداولة، مع الدعم الكامل، وتحويل التوكنات، والإفصاح الكامل عن أسهم السلة. كما سيطلب من رعاة العملة المستقرة أن يتعاونوا مع المشرعين من أجل تطوير خطط تسييل مرتبة. سيحول التشريع رعاة العملات المشفرة إلى نوع خاص من رعاة صناديق المؤشرات المتداولة، مما يقلل من عدم اليقين حول نموذج الأعمال الخاص بها.

وسيحتاج السماح للتوكنات بأن يتم تداولها بحرية وسط بائعي التجزئة إلى إجراءات تشريعية إضافية. على وجه الخصوص، سيكون منطقياً تقييد العملات المشفرة وقصرها فقط على الأوراق المالية الخالية من المخاطر والإيداعات في سلتها، متجنبة المخاطر المالية من جانب بائعي التجزئة قليلي الخبرة والذين قد يستعملوها كوسيلة مدفوعات.

تبقى هنا المشكلة: بغض النظر عن انعدام المخاطر في أسهم سلة العملة المستقرة، فإن العملات المستقرة، وعلى عكس صناديق المؤشرات المتداولة، تتميز بطبيعتها الدائنة، وهو ما يجعلها شبيهة بالنقد في هذه النقطة.

يعترف المؤلفان بذلك، قائلين:

“بالنسبة لمعظم العملات الرقمية، فإن المستخدمين يملكون مفاتيحهم الخاصة. وهو ما يسمح لهم بتخزين التوكنات بشكل مادي (على سبيل المثال، في بطاقة ذاكرة يو اس بي) وتحريكها بدون كشف الهوية. يشكل ذلك خطورة واضحة على تحريك رؤوس الأموال، أو خطر استخدام تلك الخاصية في العمليات الإجرامية. ولذلك، فإننا نقترح أن يمر كل الراغبين في تحريك توكناتهم على مؤسسة رسمية أولاً (عن طريق تطبيق على الهاتف المحمول).

في النهاية، إذا توقع المشرّع أن يكون لإطلاق العملة المستقرة أثراً ضخماً (وليبرا تعد مثالاً جيداً على ذلك)، فيمكنه تقديم العملة المستقرة خطوة بخطوة. سيتفق كلا من المشرع والراعي بشكل مسبق على قيود مؤقتة على السلة، مثل اختيار خطط تأمين أقصر عمراً، أو فرض نسبة أعلى من الإيداعات، وحدث أمر مشابه لذلك في صناعة صناديق المؤشرات المتداولة.”

إلا أن المؤلفين يظنون أيضاً أن تلك الخاصية ستمنع التكديس خارج البنوك، لأن المزيد والمزيد من الخدمات داخل هذا القطاع ستحتاج إلى المؤسسات المرخصة لكي يتم أداؤها.

كما أن هناك اقتراح يقضي بأن صناديق المؤشرات المتداولة قد تقلل من خطر التشغيل.

وبخصوص النقطة الأخيرة، فإن المقالة لا تجزم بذلك. إذ أصبح الناس أكثر وعياً عن ذي قبل لمخاطر التسييل الكامنة في صناديق المؤشرات المتداولة. فبرغم أن ميكانيزمات الإنشاء والاستعادة الخاصة بالمشاركين المرخصين تعمل جيداً بشكل نظري، إلا أنه أصبح من جلياً أن تلك الميكانزيمات عرضة لأوضاع السوق المضطربة أو المواقف التي تقل فيها شهية المشاركين المرخصين ناحية المخاطرة. عندما حدث الانهيار المفاجئ في عام 2010، تأثرت صناديق المؤشرات المتداولة  على نحو خاص، مما يشير إلى مدى أهمية الاحتفاظ بمتعامل ملتزم كملجأ أخير من أجل ضمان سير السوق بشكل طبيعي.

وتملك القيمة الاسمية لصناديق المؤشرات المتداولة القدرة، نتيجة للأسباب الهيكلية والقانونية والمتعلقة بالسيولة، على الانفصال تماماً عن مجمل تقييم الأصول. ومن غير المحتمل أن يختلف ذلك في حالة ليبرا. وبينما تساعد سلامة ضمان الأسهم على تقليل الخطر، فإنها لا تقضي عليها تماماً. وبينما تعلم الجميع من أزمة منطقة اليورو أنه من غير المستحيل النظر إلى الأوراق المالية التي كانت سابقاً خالية من المخاطر، على أنها العكس التام لذلك.

إلا أن الخطر الملحوظ الآخر لصناديق المؤشرات المتداول هو المتعلق بأن تصبح أكبر من اللازم، وهو ما يؤدي إلى موقف يؤثر فيه الذيل ويتحكم في الجسم كله بدلاً من العكس. يمثل الحجم المجرد لليبرا وطموحها عشر أضعاف الخطر، ويفتح من خلال ذلك الباب مخاطرة صغيرة ولا يتحدث عنها الكثير متعلق بصناديق المؤشرات المتداولة، وهو مدى حرية تلك الصناديق لجني إيراد إضافي عن طريق إقراض الأوراق المالية التي يحتجزها في السوق.

ولأننا بمجرد البدء في فعل ذلك، سنصل إلى تشبيه آخر يستخدم عادةً: البنوك المركزية تشبه صناديق المؤشرات المتداولة بدرجة كبيرة. 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.