بالتزامن مع مرور شبكة إيثريوم بترقيةٍ كبيرة في عام 2020، فكيف يُمكن أن تتغيَّر اقتصاديات ثاني أكبر سلسلة بلوكتشين في العالم؟
إذ تعتمد عملية تكرير الإيثريوم الكُبرى المُقبلة، والتي تحمل اسم الإيثريوم 2.0، على بروتوكول إثبات الحصة (PoS) الجماعي. مما يعني أنَّ المعاملات على البلوكتشين ستجري مُعالجتها وإثبات صحتها بواسطة المُستخدمين الذين خصَّصوا حصة ثرواتهم، في مواجهة المُعدِّنين الذين يستهلكون الطاقة.
ويُكَافأ الأشخاص الذين يُخصصون حصصهم على شبكة إيثريوم لإثبات الحصة -والذين يُعرفون باسم المُدقِّقين- بالحصول على فائدةٍ سنوية على عملات الإيثريوم (ETH) المُخزَّنة. وفي الوقت الحالي، يصل الحد الأدنى من عملات الإيثريوم المطلوبة لتصير مُدقَّقاً إلى 32 إيثريوم.آه
وقال كولين مايرز، مدير استراتيجية المنتج العالمي في استوديو كونسنسيس Consensys لاستثمار الإيثريوم ببروكلين، إنَّ المُدقِّقين الذين يمتلكون 32 إيثريوم أو أكثر يُمكن أن يتوقَّعوا أرباحاً تتراوح بين 4.6% و10.3% من المكافآت السنوية بمجرد إطلاق شبكة إيثريوم 2.0.
وأعلن مايرز، خلال مؤتمر ديفكون Devcon لمُطوِّري الإيثريوم الذي أُقيم مُؤخراً، أنَّه كان يبني تطبيقاً للمستخدمين يُمكِّن المُدقِّقين من احتساب العائد الإجمالي وصافي الربح سنوياً، مع أخذ التباين في تكاليف الأجهزة والكهرباء بعين الاعتبار.
وقال مايرز خلال عرضه التقديمي في المؤتمر: “حاسبة الإيثريوم 2.0 [يجري] تطويرها لباحثي البروتوكولات والمُدقِّقين والمُتحمِّسين، من أجل زيادة الشفافية وتعليم اقتصاديات شبكة إيثريوم 2.0”. ويُخطِّط لإطلاق أداة الويب بالتزامن مع انطلاق الإيثريوم 2.0، والذي من المُخطِّط مبدأياً إطلاقه في الربع الأول من عام 2020.
ولا شكَّ أنَّ الأرقام الحالية لمكافآت المُدقِّقين على الإيثريوم 2.0 ليست ثابتةً بأيّ حالٍ من الأحوال، إذ ما يزال المجتمع يناقش معايير التصميم الخاصة بالترقية.
وقال كريستي-لي مينيهان، رئيسة قسم التكنولوجيا بشركة كور ساينتيفيك Core Scientific الناشئة في مجال البلوكتشين والذكاء الاصطناعي، والتي أدخلت تعديل خوارزمية تعدين الإيثريوم المُثيرة للجدل “بروغباو ProgPoW”:
“هذه أفكارٌ مُقترحة بواسطة أبحاث الإيثريوم، ولكن لا أحد سيعلم على وجه التأكِّيد إلَّا بعد تشغيل الإيثريوم 2.0 فعلياً. إذ يُجرون التعديلات باستمرار الآن. والأمر مُتأرجحٌ للغاية”.
وقال مايرز إنَّ مشاركة المُجتمع في تصميم الإيثريوم 2.0 كانت ضرورية: “هذا أمرٌ سنواصل العمل عليه سريعاً. ولم يكتمل هذا العمل أو ينتهي بعد. وهناك العديد من الأشياء الجديدة التي اقترحها فيتاليك، والتي من شأنَّها أن [تُغيِّر مُجريات الأمور] في حال موافقة المُجتمع عليها”.
ما يُمكن أن يتغيَّر
أشارت آخر المُقترحات التي قدَّمها فيتاليك بوتيرين، أحد مُؤسِّسي الإيثريوم، إلى إمكانية خفض عدد البلوكتشينات الصغيرة -أو الشظايا- في المراحل الأولية من تشغيل الإيثريوم 2.0.
وبدلاً من إطلاق الشبكة الكاملة بـ1,024 شظية، اقترح بوتيرين إطلاق 64 شظية فقط، مما يُحسِّن التواصل المُتقاطع بين الشظايا على الشبكة.
ولاقى هذا المُقترح صدى جيداً في أوساط الباحثين ومُطوِّري البروتوكولات، الذين يقولون إنَّ خفض أعداد الشظايا سيُقلِّل من تعقيد الشبكة. لكن تقليل أعداد الشظايا قد يعني تقليل أعداد المُدقِّقين والحصة الإجمالية المطلوبة لتأمين شبكة إيثريوم 2.0.
إذ قال مايرز: “خفض عدد الشظايا سيُجبرك بالضرورة على إجراء مُقايضةٍ أخرى. إذ ستُضطر إلى زيادة سلطة [المُدقِّقين] المُستقلِّين الذين يعملون على الشبكة. وهذا يتطلَّب مستوى أعلى من الأجهزة. أي ستكون مُشاركتي شخصياً بصفتي مُدقِّقاً أمراً باهظ الثمن بعض الشيء”.
وبهذه المحاذير، سلَّط مايرز الضوء على ثلاث تفصيلات مُهمة بشأن النموذج الاقتصادي للإيثريوم 2.0، والتي لا يرى أنَّها ستتغيَّر قريباً.
العائدات المُوجَّهة
وفقاً لحسابات مايرز، من المنتظر أن يحصل المُدقِّقون -الذين خصَّصوا حصة الـ32 إيثريوم- على فائدةٍ سنوية تصل إلى 10.4%، بافتراض إطلاق الشبكة بمليوني إيثريوم خُصِّصَت حصتها.
ومن غير المُحتمل أن يتغيَّر عائد الـ10.4% المُوجَّه بالنسبة للمُدقِّقين، حتى مع إطلاق 1/16 فقط من الشظايا المُتخيَّلة مُسبقاً للشبكة. ولكن سيتعيَّن على الأرجح تحديث “صافي الإصدار”، بحسب تعبير مايرز، الذي يأخذ بعين الاعتبار تكاليف الأجهزة.
وعند الإطلاق، يُمكن أن يتوقَّع المُدقِّقون الحصول على فائدةٍ بقيمة 5.60% على عملاتهم في صورة مكافأة. وستقل قيمة العائدات في حال اضطروا إلى شراء أجهزة أكثر تطوُّراً من أجل تشغيل برنامج الإيثريوم 2.0، علاوةً على وجود 64 شظيةً فقط.
وقال مايرز: “يقول البعض إنَّ صافي العائدات سينخفض بمقدار 20%، لكن هذه الأرقام ليست دقيقة، ولم أتوصَّل إلى رأيٍ نهائي بشأنها حتى الآن”.
ويتمتَّع المُدقِّقون على البلوكتشين التي تعمل بنظام إثبات الحصة، مثل الإيثريوم 2.0، بمسؤولياتٍ تُشبه مسؤوليات المُعدِّنين على البلوكتشين التي تعمل بنظام إثبات العمل (PoW). إذ تُؤدِّي تلك الجهات على البلوكتشين مهمة معالجة المعاملات وإضافة بلوكات جديدة.
ويستبدل النموذج الجديد التركيز على الطاقة بالتركيز على الحوسبة. إذ تتطلَّب شبكات إثبات العمل تكاليف خارجية، مثل الطاقة الحاسوبية. وضمان نزاهة الجهات الفاعلة على شبكات إثبات الحصة يقع على عاتق الآليات الداخلية، مثل قيمة العملات التي خُصِّصَت حصتها.
وكلما زاد عدد عملات الإيثريوم التي يُخصِّص الناس حصصها على شبكة ايثريوم 2.0؛ زاد مستوى أمان الشبكة. وكلما قلَّ عدد الشظايا الموجودة على شبكة إيثريوم 2.0؛ قلَّ عدد المُدقِّقين اللازمين لتأمين الشبكة ككل.
وقال جاك أو هوليران، المدير التنفيذي ومُؤسِّس شركة سكيل لابس Skale Labs الناشئة لدراسة قابلية الإيثريوم للتوسُّع، عن نموذج المكافآت الديناميكي هذا:
“تُحاول شبكة إيثريوم 2.0 حلّ مشكلات الإيثريوم المُتعلِّقة بالمرونة، والعرض والطلب، على أعلى المستويات. والأمر المُبتكر والفعَّال في شبكة إيثريوم 2.0 هو قدرتها على ضبط السعر ديناميكياً”.
عقلية الحشد
في أعقاب إطلاق الإيثريوم 2.0، سنكون بحاجةٍ إلى عددٍ أكبر من المُدقِّقين لتأمين شبكة إيثريوم 2.0 وضمان نزاهة كافة الجهات الفاعلة.
وهذا لأنَّ المرحلة الأولى من التشغيل، والتي تحمل اسم “مرحلة الصفر”، تُدخِلُ شبكة بلوكتشين واحدة تعمل بنظام إثبات الحصة: “بيكونتشين beacon chain”. وفي مرحلة تشغيلٍ لاحقة تحمل اسم “الطور الأول”؛ يُخطِّط المُطوِّرون لإطلاق 1,024 (أو 64) بلوكتشين أخرى تعمل بنظام إثبات الحصة، والتي تُعرف باسم الشظايا. ومن أجل تأمين كافة شبكات إثبات الحصة الإضافية؛ قال مايرز إنَّه ستكون هناك حاجةٌ لأعدادٍ أكبر من المُدقِّقين والثروة التي خُصِّصَت حصتها على الشبكة.
ومع تنامي الثروة الإجمالية التي خُصِّصَت حصتها على النظام الإيكولوجي للإيثريوم 2.0، تتناقص المكافآت السنوية لكل مُدقِّقٍ بمفرده. ويضمن مُخطَّط المكافآت الديناميكي على شبكة إيثريوم 2.0 أنَّ لا تدفع الشبكة أكثر أو أقل من اللازم من أجل تأمينها.
وقال فريدريك هاريسون، رئيس قسم التكنولوجيا بشركة Parity عميلة برامج الإيثريوم، خلال حديثه إلى موقع كوين ديسك CoinDesk في أبريل/نيسان:
“هناك تعريفةٌ مُتحركة تعتمد على مقدار عملات الإيثريوم التي خُصِّصَت حصتها على الشبكة. ووسط نظامٍ يحتوي على مقدارٍ ضئيل من الحصص المُخصَّصة؛ سترغب في تشجيع المزيد من الناس على تخصيص حصة المزيد من العملات لزيادة أمان السلسلة إجمالاً”.
والهدف من الطور الأول، بحسب مايرز، سيكون خفض إصدار المكافآت على الـ32 إيثريوم لكل مُدقِّق حتى يصل مُعدَّل الفائدة إلى قرابة الـ7.2%، ويصل صافي الربح إلى 2.39%.
وهذه نسبةٌ مُشابهة لشبكات تخصيص الحصة الأخرى، مثل داش Dash وتيزوس Tezos، التي تُحقِّق عائدات تزيد فائدتها عن 5% سنوياً.
وتعتمد المكافآت السنوية للمُدقِّقين في شبكة إيثريوم 2.0 على المقدار الإجمالي للثروة التي خُصِّصَت حصتها، علاوةً على النسبة المئوية الإجمالية للمدقِّقين النشطين في معالجة المعاملات على الشبكة.
وفي حال تواجد 70% من المُدقِّقين فقط على شبكة إيثريوم 2.0 في الوقت ذاته؛ فستنخفض معدلات الفائدة من 7.2% إلى 5.81%، بحسب تقديرات مايرز الموضوعة بافتراض وجود 1,024 شظية.
وقال مايرز: “شبكة إيثريوم 2.0 هي عبارةٌ عن مخطط مكافآتٍ جماعي. فكلَّما زاد عدد الأشخاص المُتواجدين على الشبكة؛ زادت أرباح الجميع. وكلَّما قل عدد الأشخاص المُتواجدين على الشبكة؛ تراجعت الأرباح للجميع. وهذه هي إحدى معايير تصميم الإيثريوم 2.0 التي تتميَّز بالإبداع والعبقرية على المستوى الإنساني. إذ تُشجِّع الأشخاص الذين لا يعرفون بعضهم البعض على الاتحاد معاً وفعل شيءٍ ما”.
إصدار الشبكة
وحتى مع السيناريو المثالي الذي يتمثَّل في تخصيص كافة المُدقِّقين لحصة الـ32 إيثريوم وسط فضاءٍ يتألَّف من 1,024 شظية؛ فإنَّ إصدار الشبكة الإجمالي للإيثريوم مُصمَّم بحيث لا يتجاوز نمو العرض نسبة الـ1% سنوياً. ويهدف هذا الأمر إلى مواجهة التضخُّم وانخفاض القوة الشرائية للعملة بمرور الوقت.
ومع ذلك، فإنَّ التحكُّم في نمو المعروض من الإيثريوم على شبكة إيثريوم الرئيسية الحالية كان مصدر خلافٍ دائم وسط مُجتمع الإيثريوم منذ إطلاقه عام 2015.
وبعكس عملة البتكوين (BTC)، التي تتمتَّع بحدٍ أقصى للعرض يُساوي 21 مليون بتكوين، فإنِّ المعروض من عملات الإيثريوم سيواصل الزيادة بمرور الوقت. وحالياً، يُقدَّر مُعدَّل تضخُّم عملة الإيثريوم بـ4.5% تقريباً، بحسب موقع إيث هاب ETHHub المُتخصِّص في معلومات الإيثريوم.
ووصلت معدلات تضخُّم الإيثريوم إلى 18%، لكنها تراجعت بشكلٍ كبير مؤخراً بفضل سلسلةٍ من الترقيات على مستوى النظام، والتي تحمل اسم الهارد فورك، حيث خفض المُطوِّرون إصدار مكافآت البلوكات بثلاث زيادات من 5 إيثريوم/بلوك عند الإطلاق إلى 2 إيثريوم/بلوك الآن.
وجاء أحدث خفضٍ من 3 إيثريوم إلى 2 إيثريوم للبلوك الواحد في صورة حلٍ وسط بين حملة حصص الإيثريوم، الذين تقدَّموا بمقترحاتٍ مُتضاربة من أجل خفض مكافآت البلوك.
وفي شبكة إيثريوم 2.0 الجديدة، ستضمن السياسات النقدية الجديدة مستوى ثابتاً من التضخُّم -أقل من 1%-، وبالتالي ثبات قيمة عملة الإيثريوم على المدى البعيد.
وبالطبع، تخضع كافة تلك المقاييس للمراجعة، بالتزامن مع تنفيذ المطوِّرين لعمليات الهارد فورك.
وقال مايرز: “في الأيام الأولى لهذا النظام، سنُجري بضعة عمليات هارد فورك. وهذا أمرٌ صحي، لأنَّه يعني أنَّنا نسحق الأفكار القديمة تماماً، ونبتكر أفكاراً جديدة. وكلَّما زادت عمليات الهارد فورك، زادت صحة النظام إجمالاً”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.