في مقتبل سبتمبر/ أيلول، أعلنت إحدى الشركات الصغيرة المساهمة في إطلاق بلوكتشين الإيوس (EOS) استسلامها.
إذ أعلنت شركة إيوس ترايب EOS Tribe، والتي ساهمت في إطلاق أول بلوكتشين للإيوس عبر موقع التواصل الاجتماعي ستيميت Steemit، انسحابها كمرشح منتج لبلوكات (BP) الإيوس، للتركيز على شبكات بلوكتشين أُخرى وتطبيقات مختلفة لبرمجية إيوس آي أو EOSIO.
وكتب يوجين لوسغين في تدوينة: “نحن في إيوس ترايب لم نشارك أبداً في لعبة التصويت المتبادل ودائماً ما أخلصنا لمبادئنا، ولذلك يتركنا انسحابنا من إيوس كشركة منتجة للبلوكات أحراراً للتصريح بالحقيقة وتحذير الآخرين”.
وهي ليست سهلة الهضم على الإطلاق.
انسحب لوسغين، باختصار، لأنه لم يعد من الممكن كسب أرصدة كافية للإبقاء على البلوكتشين دون دعم كبار حيتان الإيوس، وهو الوصف الدارج لحاملي قدر ضخم من التوكنات. ويدعم هؤلاء الحيتان بأغلبية ساحقة منتجي البلوكات العاملين بالصين. إذ توجد 21 شركة منتجة للبلوكات في أية لحظة على الشبكة لتحقيق الإجماع، وصنع قرارات الحوكمة وكسب مكافآت هائلة.
وطِبقاً لتحقيق أجراه موقع كوين ديسك CoinDesk، فقد أصبح هذا موضع قلق واسع بين قدامى المساهمين في مجتمع الإيوس لأسباب عدة؛ منها المركزية والتهديدات المواجهة لجهود مقاومة الرقابة.
ويؤمن لوسغين بأنَّ الأغلبية الساحقة من منتجي البلوكات ذوي الكفاءة التقنية الأفضل تم نفيهم إلى طبقات أدنى من المكافآت أو حُرِموا من المكافآت كلية.
إذ صَرَّحَ في مقابلة مع محرر موقع كوين ديسك قائلاً، “لقد هجرت الكفاءات بلوكتشين الإيوس فعلياً”.
وهو ليس الوحيد الذي تراوده المخاوف، رغم إنَّه من السهل تبرير شكاوى المُشككين بخلاف بسيط بين الشرق والغرب. إذ أنَّ هناك دائرتين انتخابيتين للإيوس تتحدثان، حرفياً، لغتين مختلفتين وفشلتا في الوصول لإجماع حول البروتوكول حتى الآن.
ليس هناك دليل دامغ يثبت بما لا يقبل الشك أنَّ التشكيل الحالي من منتجي البلوكات يضر بالبلوكتشين المُقدرة قيمتها بـ 3.8 مليار دولار أميركي، ولكن هناك جبل من الأدلة مُثير للقلق.
بروتوكول إثبات الحصة بالانتداب أثناء عمله
الإيوس هو سابع أكبر بلوكتشين من حيث القيمة السوقية في وقت كتابة هذا المقال. وأُطلِقَ في يونيو/ حزيران من عام 2018 بعد عرض أولي للعملة (ICO) دام عاماً كاملاً، جمع في نهايته 4.1 مليار دولار أميركي من العملات المُشفرَّة لبلوك وان Block.One، وعملية عاصفة بعد إطلاق برمجية إيوس آي أو، القوة المُحركة وراء الإيوس والعملات المشتقة منه.
دائماً ما كانت الميزة الأساسية للإيوس أكثر ما يثير الجدل حوله؛ إذ يستخدم الإيوس نموذج إجماع يعرف ببروتوكول إثبات الحصة بالانتداب (DPoS)، والذي يخفض عدد العقد المشاركة في الإجماع ليحقق إنتاجية أعلى.
قبل انطلاق الإيوس، حظر مستثمرو العملات المُشفرَّة البروتوكول على نطاق واسع خوفاً من مركزيته. وعَبَّرَ سبينسر بوغارت من بلوكتشين كابيتال Blockchain Capital عن رأي الكثيرين عندما كتب في أبريل/ نيسان من عام 2018 أن شبكات البلوكتشين التي تقبل المساومة فيما يخص عدم الحاجة إلى التصريح “سينتهي بها الحال كنسخ أقل كفاءة من المنصات المركزية الحالية”.
يمكن لبروتوكول إثبات الحصة بالانتداب أخذ أشكال عديدة، ولكن في الإيوس تستأثر 21 عقدة بكامل السيطرة على البلوكتشين. ويختار تلك العقد حاملو التوكنات، الذين يساهمون بعملات الإيوس في تصويت يضم حتى 30 شركة مرشحة كمنتج للبلوكات. ويخدم الفائزون بأعلى أصوات كأحد الـ21 الأوائل. وبما أنَّ التصويت مستمر دون توقف فعلياً، فمنتجو البلوكات في حالة خروج ودخول مستمر من قائمة الـ21.
في الوقت الحالي، تُدرج أغلبية الشركات المنتجة للبلوكات الصين كقاعدة عملها. وحِسبَ تصريح مصادر لموقع كوين ديسك، يتواجد العديد من منتجي البلوكات الآخرين في الصين رغم المظاهر الخارجية.
بداية من الأحد 6 سبتمبر/ أيلول، أرسل موقع كوين ديسك استطلاعاً لكبار منتجي البلوكات، يشمل أسئلة حول رؤيتهم لماهية دورهم في البلوكتشين وكيف يساندون مستخدميها. وبينما أرسل ستة من منتجي البلوكات إجابات مفصلة على الاستطلاع، لم يتمكن موقع كوين ديسك من التواصل مع ثلاثة آخرين.
تكسب شركات انتاج البلوكات الـ 21 مكافآت ضخمة، في حين تكسب قرابة 50 شركة أُخرى مكافآت أدنى كمنتج بلوكات احتياطي، على أنَّ يتقاسموا حصة من نسبة التضخم السنوي لتوكنات الإيوس والبالغة 1%.
وأخبر آرون كوكس، من تطبيق غراي ماس Greymass المرشح لمنصب منتج بلوكات موقع كوين ديسك، أنَّه برحيل إيوس ترايب “لا يستطيع التخلص من الشعور بأنَّ هذا الاتجاه الجديد ليس بوضع جيد، إذ ما هو إلا دوامة منحدرة وسباق نحو القاع بينما تتزايد سيطرة الساعين وراء الريع. وإذا ما استمر، فسيصبح الوضع منذراً بكارثة مع تزايد أعداد المنسحبين”.
إذ لم تعد العديد من الشركات المنتجة للبلوكات، والتي كثيراً ما حلت سابقاً في قائمة الـ 21 الأوائل، تتأهل حتى للمكافآت كمنتج احتياطي للبلوكات، مثل إيوس سفير EOSSphere، وشي إيوس ShEOS، وإيوس أمستردام EOS Amsterdam، وإيوس ديترويت EOS Detroit، وإيوس دبلن EOS Dublin وإيوس فنزويلا EOS Venezuela.
وكان قد بنى غريغ سيمبسون إدنا EDNA، المُصمّم لتمكين مستخدميه من التربح من معلوماتهم الجينية، واضعاً التصميم الأصلي للإيوس في الاعتبار. وإدنا هو تطبيق لامركزي (dApp) يستخدم برمجية بلوك وان.
إلا أنَّه يستخدم حالياً كل من الإيوس وإثنين من اشتقاقاته، تيلوس Telos ووربلي Worbli، على سبيل الاحتياط بسبب شكوك قصور الحوكمة المُثارة حول الإيوس.
ولكنه يرفض الاستسلام بعد. فهذا الفضاء سريع التغيُّر.
إذ قال سيمبسون، “لم تكن هذه هيئة هذا الفضاء منذ ثلاثة أشهر، ولن يكون هو الفضاء نفسه بعد ثلاثة أشهر أُخرى. فلا يستطيع أحد توقع كيف سيكون حقيقة بعد عام”.
على كل حال، لم يكن الإيوس الشبكة عالية الإنتاجية المُفضلة للمستثمرين كما روّج له مستخدميه الأوائل. بل أصبح بالأساس شبكة لتشغيل تطبيقات المقامرة اللامركزية.
رثى لوسغين المطورين الذين كرسوا مجهوداتهم للإيوس، قبل أنَّ تخفض رتبتهم إلى منتجين احتياطيين للبلوكات أو حتى مُطورين دون أجر. كما أشار إلى مشاركة شركات مثل بتفينكس Bitfinex، وهوبي Huobi في إجماع الشبكة.
قارن لوسغين موقف منصات التداول تلك بالشركات المؤمنة حقاً باحتماليات تقنية البلوكتشين قائلاَ، “ليس الإيوس بالنسبة لتلك المنصات إلا صفقة جانبية. إنَّه مجرد مصدر أرباح إضافية لها. هذا المنظور مختلف للغاية، فهي لا تشارك حقاً في مجتمع البلوكتشين”.
كلاً من منصتي بتفينكس وهوبي ضمن قائمة الشركات المنتجة للبلوكات التي لم تستجب على الإطلاق لتساؤلات موقع كوين ديسك.
تاريخ دخيل
قابل فضاء العملات المُشفرّة الإيوس بتشكك واسع منذ البداية. وبعد فترة قصيرة من إطلاقه، أثار ارتياب مجتمع العملات المُشفرّة مرة أُخرى عندما تحرك كبار منتجي البلوكات لتصحيح ما ظنوه خطئاً.
إذ جَمَّدَ منتجو البلوكات سبعة حسابات متهمة باحتواء توكنات مسروقة في أحد أول قراراتهم الجماعية. وكانت التوكنات قد سُرقت بخديعة المستخدمين أثناء نقل الأصول من بلوكتشين الإيثريوم (ETH)، التي استضافت بيع التوكنات باستخدام برمجية بلوك وان، إلى بلوكتشين الإيوس نفسها.
أَنذَرَ قرار تجميد تلك الحسابات بالجدل المُحيط بالبلوكتشين الآن، فكبار منتجي البلوكات نفذوا قرارهم دون أية عملية حوكمة متفق عليها. فرغم صياغة مسودة لـ”دستور”، إلا أنَّها لم تخضع لاستفتاء مستخدمي الإيوس للتصديق عليها.
لم يكن من الواضح أبداً مصدر الشرعية على الإيوس. ولكن عند انطلاق البلوكتشين، كان لابد من دعم أي تصويت بنسبة 15% من التوكنات ليمكن تفعيله. لذا أصبحت نسبة الـ 15% نسبة الإجماع اللازمة لصبغ أية وثيقة حوكمة بالشرعية، ولكن ذلك لم يُطبّق أبداً.
وُثِّقَ لهذا الإجماع كبند في الدستور المؤقت الذي لم يُصَدَّقَ عليه أبداً.
أصدرت إيوس نيويورك EOS New York، إحدى الشركات المنتجة للبلوكات حينها، بياناً بعد التصويت على تجميد السبعة حسابات مُعربة فيه عن قلقها من تجميد الأرصدة دون سلطة شرعية.
وجاء في نص بيان المنظمة، “يجب أنَّ تتصدّر أولوياتنا كمجتمع تطوير آليات قادرة على استطلاع آراء مجتمع حاملي التوكنات وتأمين الإجماع اللازم على الشبكة للدفع بالقضايا، مثل الدستور، للأمام”.
كانت إيوس نيويورك إحدى الـ 21 شركة المنتجة للبلوكات عند إطلاق البلوكتشين.
في نهاية المطاف، تخلَّى الإيوس عن فكرة صياغة دستور لحوكمة البلوكتشين. مما أدى إلى تنامي الاستياء بالمجتمع حول مشاكل الحوكمة، وهو ما يقودنا إلى الوضع الحالي.
أثار بروك بيرس الكثير من الجدل في يونيو/ حزيران من عام 2019 خلال كلمته بمؤتمر تيوليب Tulip Conferenceعندما اقترح أنَّ بلوكتشين الإيوس خاضعة لحكم ” أقلية صينية”. وبيرس من قدامى أعضاء فريق بلوك وان وعضو نشط بمجتمع الإيوس حتى الآن.
وبينما أكثرية، إنَّ لم تكن الأغلبية الساحقة، الشركات المنتجة للبلوكات الآن تقع في الصين، إلا أنَّ كوكس من شركة غراي ماس يصر أنَّ ليست الصين نفسها هي مصدر القلق بالتحديد.
وقال كوكس لموقع كوين ديسك، “تمثل هذه المركزية الخطر بسبب تحوّلات القواعد المنظمة وما قد تنطوي عليها من مخاطر محتملة. إذا ما تواجدت 90% من الشركات المنتجة لبلوكات الإيوس بالهند أو البرازيل أو أي بلد أُخرى، ستكون هناك الشواغل نفسها إزاء المركزية”.
كما أشار لوسغين أيضاً في تدوينته إلى انضمام مرشحين لمناصب منتجي البلوكات إلى قائمة الـ 21 الأوائل بعد فترة قصيرة من إطلاق الإيوس رغم عدم مشاركتهم في إطلاق البلوكتشين بأي شكل، بفضل الأصوات الداعمة من الحيتان. وبحلول نهاية الصيف، أثارت شركة بلوك وان، أكبر حامل لتوكنات الإيوس، جدلاً واسعاً حول المساهمة بمخزونها للتصويت لصالح الفرق الأكثر كفاءة تقنياً في نظرها.
تمتلك بلوك وان مخزون وفير من التوكنات يُمكنّها من التحكم في اختيار قائمة الـ21 الأوائل، أو على الأقل استبعاد أية جهة انتاج بلوكات لا تحوز على موافقتها. ولكنها بعد مُضي أكثر من عام كامل، ما زالت لم تُدّل بصوتها الأول.
بعد مدة وجيزة من انقضاء مؤتمر تيوليب، كتب برندان بلومر، الرئيس التنفيذي لبلوك وان، تدوينة على القناة الرئيسية للإيوس على تطبيق تيليغرام Telegram، ناقش فيها عدة مشكلات دون الخوض في الكثير من التفاصيل.
كتب بلومر عن التصويت، “حوكمة الإيوس صعبة ولم نختر تجاهلها، بل نحن في انتظار الوقت المناسب للتدخل وهذا بطريقة ما يدعم ويعزز لامركزية المجتمع”.
وهذا ما انتهت إليه حوكمة الإيوس اليوم؛ يمكن التصديق على أي قرار في أي وقت إذا ما دعمه 15 من الـ 21 الأوائل. ولا يُشكل تغيّر تشكيل منتجي البلوكات دراماتيكياً في الدورة اللاحقة فرقاً على الإطلاق. إذ على التشكيل الجديد من منتجي البلوكات تحقيق أغلبية ساحقة جديدة إذا ما رغبوا في تعطيل العمل بقرار سابق”.
ورغم أنَّ هناك نظام قائم لعقد تصويت يشمل جميع حاملي التوكنات، إلا إنَّ الاستفتاءات مجرد طريقة لقياس اهتمام حاملي الإيوس حِسبَ إيوس نيويورك.
خيبة الأمل في التطبيقات اللامركزية
إحدى الشكاوى المتكررة لأعضاء مجتمع الإيوس من التشكيّل الحالي لمنتجي البلوكات هي عدم منحهم الأولوية لبناء تطبيقات لامركزية جديدة، تجذب مستخدمين جدد للبلوكتشين.
كانت النظرية تفترض استخدام منتجي البلوكات مكافآتهم من التضخم لتمويل أدوات جديدة، وتحسينات بالكود وتطبيقات لامركزية للتطوير من النظام الإيكولوجي. لذا كانت إحدى أولى تبعات فشل الإيوس في الاتفاق على عملية مشتركة لصناعة القرارات حرق ما يُقدر بـ167 مليون دولار أميركي من حساب مدخرات الإيوس، والذي كان مُخصصاً لتمويل صندوق مقترحات العاملين (WPF).
كان نظام الاقتراحات طريقة لتمويل تطوير التطبيقات اللامركزية على بلوكتشين الإيوس، إضافة إلى المهام المجتمعية وتكاليف جماعات الضغط والمراجعات الأمنية، ولكن في غياب بروتوكول لتقرير كيفية توزيع الأرصدة، تراكمت العملات متسببة في خفض القيمة السوقية للإيوس دون هدف حقيقي.
لذا حُرِّقَ 34 مليون توكن إيوس يوم الأربعاء 8 مايو/ أيار الماضي، ومعه تمويل الآلاف من التطبيقات الجديدة.
رغم ذلك، كانت هناك تغييرات أوسع قيد التنفيذ وقت إتمام ذلك القرار. ففي فبراير/ شباط، قدمت شركة إيوس نيويورك مقترح اتفاقية مستخدمي الإيوس (EUA). وحِسبَ المتحدث باسم إيوس نيويورك راعية المقترح، صَدَّقَ 15 من منتجي البلوكات الـ 21 على الاتفاقية في أبريل/ نيسان الماضي.
ربما أكثر ما يجذب الاهتمام في اتفاقية مستخدمي الإيوس هو ما لا تتناوله، على الأخص شراء الأصوات. ففي حين يحظر الدستور المؤقت بوضوح شراء الأصوات، التزمت الاتفاقية الصمت حول الاشكالية.
دائماً ما كانت هناك مخاوف من استخدام منتجي بلوكات الإيوس المكافآت لحماية مناصبهم المربحة على الشبكة. إذ تصل أرباح منتج البلوك لقرابة 900 توكن إيوس في اليوم الواحد، وهو ما يتجاوز مليون دولار أميركي في العام حِسبَ الأسعار الحالية.
وقال كوكس مُعلقاً، “كان الإيوس أحد شبكات البلوكتشين القائمة على بروتوكول إثبات الحصة بالانتداب القليلة دون حوادث شراء أصوات، وذلك إلى أنَّ طُبقّت اتفاقية المستخدم في مقتبل العام الجاري. تعمل العديد من شبكات البلوكتشين المعتمدة على إثبات الحصة بالانتداب الأُخرى، وربما أغلبيتها، باستخدام هذا النموذج، حتى أنَّه مُدمج مباشرة في بروتوكولات بعضها”.
وشرحت نيوديكس Newdex، منصة التداول اللامركزية على بلوكتشين الإيوس في رسالة إلكترونية لموقع كوين ديسك، كيف تنفق نيوبوول Newpool التابعة لها مكافآت البلوك.
إذ قال المتحدث باسم المنصة لموقع كوين ديسك، “يُمنَّح أكثر من 90% من المكافآت إلى حاملي التوكنات، لتحفيزهم على التمسك بتوكنات الإيوس لفترات طويلة والمشاركة في المجتمع أيضاً”.
ترحب شركة بيج وان Big One المنتجة للبلوكات بمساهمة المشاركين بأصواتهم لدعم البلوكتشين والتربّح في نفس الوقت. في حين تدعم شركة إنفينيتي ستونز Infinity Stones المساهمة في عدد كبير من البروتوكولات، ومنها الإيوس.
وأضاف كوكس، “الأزمة فيما يخص شراء الأصوات أنَّه لا يخرق أي “قواعد” تقنياً في هذه النقطة. ولا يمكن تحقيق قيمة مضافة في ديناميكية السوق الجديدة هذه، مجرد نقل دون معنى للتضخم”.
وبغض النظر عن الحكم الأخلاقي على شراء الأصوات، فهناك تبعات: ما يستثمر فيه منتجو البلوكات المتورطون في التصويت المتبادل حقاً هو الإبقاء على مناصبهم القيادية وليس النظام الإيكولوجي للإيوس. وهذا ما يُحبط من يرغبون للإيوس بالنمو.
هذا هو الفارق بين “البنائين” و”المُعدّنين” في رأي لوسغين من إيوس ترايب. إذ يرى أنَّ البنائين يسعون وراء مكافآت البلوك لتمويل مساهمات أكبر، في حين يرغب المُعدّنون في المكافآت نفسها. وأصبح التوجه الأخير استراتيجية واسعة الشعبية مؤخراً.
يثير التصويت المتبادل لضمان مكافآت البلوك تساؤلاً فلسفياً: هل من الملائم مطالبة منتجي البلوكات بإنفاق جزء من مواردهم على أدوات وتطبيقات لا مركزية جديدة؟
أين نُصَّ على إلزام جهات انتاج البلوكات بذلك؟ الإجابة: ليس هناك نص مُلزم بذلك.
أجمع المشاركون في إطلاق البلوكتشين على وجوب استثمار منتجي البلوكات جزء من أرباحها في الإيوس. في الواقع، كان الظن حينها أنَّ الشركات المرشحة لبناء البلوكات تستطيع كسب أصوات أعضاء المجتمع ببناء أدوات واسعة الاستخدام. هذه الاستراتيجية لم تدّم طويلاً.
ولا يتفق الجميع على أنَّه توقع منطقي بداية. فرداً على سؤال موقع كوين ديسك عما فعلته الشركة للمساعدة في بناء تطبيقات لامركزية جديدة، أجابت شركة إيوس ويكي EOS Wiki، المنتجة للبلوكات في رسالة عبر تيليغرام كاتبة، “نرفض الإجابة على هذا السؤال رغم أنَّنا في خضم تطوير تطبيقات لامركزية. لأنَّ هذا ليس “واجباً قانونياً” علينا كمنتج للبلوكات. من فضلك راجع اتفاقية مستخدم الإيوس”.
عواقب الأداء
تُشير بعض المصادر إلى ظهور نذائر سوء الأداء الجوهري للبلوكتشين، بينما تُصرّ أُخرى أنَّ كل شيء على ما يرام.
وصَرَّحَ لوسغين لموقع كوين ديسك قائلاً، “أصبحنا نرى منتجي بلوكات رائدين يفقدون دورات كاملة وليس مجرد بلوكات. ففي حين من المفترض أنَّ ينتجوا 12 بلوك، يغفلون عن الـ 12 بلوك جميعهم”.
فيما يلي ما استطاع موقع كوين ديسك استشفافه: أشارت شركة آتيك لاب Attic Lab الأوكرانية إلى معيار خاص تمتاز فيه، وهي شركة منتجة للبلوكات تمكنت من الاحتفاظ بموقعها في قائمة الـ 21 الأوائل، وبناءّة نشطة للأدوات المفيدة على الشبكة حِسبَ كلاً من شركتي غراي ماس وإيوس ترايب.
منذ الأيام الأولى للإيوس، احتفظت ألوها إيوس Aloha EOS بسجلات اختبار قياس أداء منتجي البلوكات، وأحرزت آتيك لاب باستمرار أعلى درجات في تلك الاختبارات. لإجراء الاختبار المعياري، تطلب ألوها إيوس من كل منتج بلوك إجراء عملية تحقق لمعاملة مع حساب الوقت اللازم لإتمامها. ومؤخراً، حصلت شركة بيج وان، ذات ثاني أكبر دعم بين منتجي البلوكات، وشركات انتاج البلوكات التابعة لمنصتي التبادل بتفينكس وهوبي على أقل درجات.
وحِسبَ مُطورّي التطبيقات اللامركزية، فقد الإيوس سبقه على صعيد آخر وهو واجهة برمجة التطبيقات (APIs). تُيسّر واجهات البرمجة للتطبيقات الاستعلام عن حالة البلوكتشين والدفع بالمعاملات. بحيث تُمكِّن أقوى واجهات البرمجة التطبيقات اللامركزية من الاستعلام عن التاريخ الكامل للإيوس. وبما أنَّ البلوكتشين تجري الآلاف من المعاملات، فهذه خدمة مكلفة.
ويجادل كوكس قائلا، “يجب على منتجي البلوكات توفير الوصول إلى خدمات واجهات برمجة التطبيقات بما أنَّهم المسؤولين عن بناء البلوكات الفعلية، فيُمكن للمستخدمين إجراء المعاملات مباشرة إذا ما توافر منفذ مباشر لشبكاتهم الداخلية، من خلال واجهات برمجة التطبيقات”.
اعتباراً من الأربعاء 11 سبتمبر/ أيلول، توفر 11 شركة منتجة للبلوكات نوعاً من خدمات واجهة برمجة التطبيقات طِبقاً لكوكس. ولكن هناك أنواع مختلفة من واجهات برمجة التطبيقات ومستويات متباينة من جودة الخدمات أيضاً. وقال كوكس إنَّ عدة تطبيقات لامركزية أخبرت غراي ماس أنَّها الأسرع، رغم أنَّها مؤخراً منتج احتياطي للبلوكات وليست منتج بلوكات كامل النشاط.
وكتب كوكس، “من وجهة نظر موضوعية، لا يبدو من العدل أنَّ تتحمل الشركات المنتجة للبلوكات الأدنى رتبة عبء هذه التكلفة”. مُوضحاً أنَّ خدمات واجهة برمجة التطبيقات تتطلب أجهزة، ومعدات والمهارة اللازمة لتشغيلها، وهو ما قد يصعب حتى على منتجي البلوكات جيدي التمويل توفيره.
قال لوسغين من إيوس ترايب، “بمرور الوقت ونمو البلوكتشين، سيصعب الاستدراك. إذ سيصبح هناك قدر مهول من البيانات”.
وأظهر المتحقق من منتجي البلوكات، التابع لشركة إيوس ناشون EOS Nation يوم الجمعة 13 سبتمبر/ أيلول، مؤسستين فقط توفران واجهات برمجة التطبيقات كاملة التاريخ.
أخبر سيمبسون من شركة إدنا موقع كوين ديسك أنَّ انعدام الثقة في بعض منتجي البلوكات أجبر إدنا على تعديل الكود الخاص بها ليراجع أكثر من واجهة لبرمجة تطبيقات، تحسباً لتوقف بعضها عن العمل أو لفقد البلوكات.
ومن الجدير بالذكر أنَّ هناك خدمات أُخرى يمكن لمنتج البلوكات تقديمها لخدمة مجتمع الإيوس، وإنَّ كانت لا تتسق داخل الأُطر المعتادة.
فعلى سبيل المثال، توفر الشركة الأمنية سيرتيك CertiK خدمات تأمينية للشبكة بدلاً عن خدمات واجهات برمجة التطبيقات. وصَرحَّت نيوديكس أنَّها وجهت أصوات لصالح منتجي البلوكات الذين يقدمون خدمات مفيدة لمساعدتهم على كسب المكافآت.
فشركة مييت.وان Meet.One توفر أخبار الإيوس باللغة الصينية لخدمة مجتمع الإيوس الصيني، مساهمة بذلك في تحديث الكود، وتطوير أدوات جديدة وتمويل التجمعات بالصين.
ولكن مع ذلك، لم تجب أغلبية كبار منتجي البلوكات على أسئلة كوين ديسك عن الجدل المثار حول إدارة البلوكتشين. فهذا الجدال طريق وطئه كل خفّ وحافر داخل مجتمع الإيوس وقنواته العديدة على تطبيق تليغرام.
ينتظر المؤمنون بحاجة البلوكتشين إلى التقدّم للأمام لعَزم من نوع ما. فبعدما قيَّمَ سيمبسون التشكيل الحالي لمنتجي البلوكات، القائم على شغل عدد قليل نسبياً من المستخدمين لمناصب كبيرة، تساءل “ما الذي يحفز التصويت؟ إنَّه ليس الابتكار بالتأكيد. وليس الإنتاج أيضاً. وليس تطوير البلوكتشين لتكون أكثر قابلية للاستخدام”.
ماذا يجرى الآن
ربما يكون الإيوس على ما يرام. ربما هو ليس في ورطة. على كل حال، يستحق المستثمرون فيه معرفة تزايد قلق جماعة من المخلصين القدامى للبروتوكول.
ليس هناك سبب واحد طاغ للقلق حول الإيوس في هذه المرحلة. فرغم أنَّ البلوكتشين تشهد حالات استخدام كبيرة، إلا أنَّها لم تصل بعد لمرتبة جاذبة للشركات الكبرى الباحثة عن قاعدة بيانات عالية التأمين والانتاجية. وهذا هو ما آمل المخلصون للإيوس أنَّ يكون.
وعَلَّقَ لوسغين قائلاً، “أخفقت بلوك وان إخفاقاً كبيراً، فكان بإمكانها تسخير نفوزها لتوجيه البلوكتشين في الاتجاه الصحيح، ولكنها اختارت ألا تفعل ذلك”.
وربما من الدال أنَّ بلوك وان لم تُطلق حتى الآن، أو حتى تُصرح بالمزيد عن، منصة فويس Voice، المنافس لموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك Facebook والذي أعلنت عنه في يونيو/ حزيران الماضي. وكانت الشركة قد صَرحَّت أنَّ الخدمة ستعمل على البلوكتشين العامة للإيوس.
أعدّ القائمون على محفظة لومي Lumi Wallet قائمة شاملة بمقترحات الإصلاح حِسبَ مختلف أعضاء مجتمع الإيوس، مبرزين مزايا وعيوب كل مقترح.
وأخبرت ديانا فيرمان المديرة التنفيذية للمحفظة لموقع كوين ديسك أنَّها، “اقتنعت بالحاجة إلى التغيير بسبب واقع النقاش الدائر. تابعنا مجتمع الإيوس لفترة طويلة، والجميع بداية من المستخدمين وحتى الشخصيات البارزة في بلوك وان يناقشون هذا الموضوع. إذا ما كانت هناك مناقشة، فهذا يعني أنَّه لابد من فعل شيء ما”.
في الوقت ذاته، عبرت شبكات أُخرى كاملة عن تفضيلها للتغيير بالاشتقاق عن البلوكتشين وفتح آفاق جديدة لبرمجية إيوس أي أو. والتطبيقان الأكثر بروزاً على ذلك هما شبكتان تيلوس ووربلي.
أضافت تيلوس عدة ابتكارات لضمان استعدادية بناة البلوكات المحتملين لخدمة البلوكتشين، ولكن التعديل الأهم أُجرى على بلوكها الأول. إذ فرضت تيلوس حداً أقصى لامتلاك التوكنات يبلغ 40,000 توكن للحساب الواحد، كابحة بذلك سيطرة الحيتان على الشبكة.
بينما دمجت شبكة وربلي تنظيم مالي وقواعد حماية المستخدم مثل استرداد الحساب في بروتوكولها، مع تركيز خاص على الصناعة المالية.
في غضون ذلك، ينتظر مجتمع الإيوس الأوسع أنَّ تُقدِّم بلوك وان على خطوة من أي نوع. حتى أنَّ البعض طالبها بالتنازل عن حصة مما تملكه من توكنات إلى حساب بديل، سامحة للمستخدمين باستخدام الرصيد كما يرتأون، حتى لو لمجرد فرض تناوب منتجين البلوكات.
قال لوسغين، “لن تُقابل أية بلوكتشين مركزية بالترحيب. أنا معجب حقاً بالتكنولوجيا القائم عليها الإيوس ولكن حوكمة الشبكة هي ما تفسد الأمور الآن”.
لم تستجب بلوك وان لطلبات موقع كوين ديسك بالتعليق حتى وقت نشر المقال.
لخص كوكس الوضع، مُعبراً عن ارتياب يشاركه فيه العديد من المشاركين في بلوكتشين الإيوس، قائلاً، “يصعب الحصول على أدلة دامغة تثبت أمثلة ملموسة للضرر، أو حتى لما أي من هذا فكرة سيئة. ولكنني أعتقد أنَّنا لم نرى إلا طرف جبل المشكلات”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.