برغم أن سنة 2019 قد سميت بـ”عام بلوكتشين الشركات”، فإن استخدام تلك التكنولوجيا من قبل الشركات التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات لا يزال محدوداً. إذ لم يُستغل البلوكتشين بشكله الأمثل إلى الآن.
وتسارعت شركات مثل آي بي إم، وشركة Linux Foundation’s HyperLedger، وAWS، ومايكروسوفت، وأوراكل، بالإضافة إلى عدة شركات كبيرة أخرى تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات، بتقديم خدمات البلوكتشين على مستوى الشركات إلى الشركات المذكورة في قائمة Blockchain 50 list الخاصة بمجلة فوربس Forbes. وتستعمل ما يزيد عن 50% من تلك الشركات مجموعة السجلات الموزعة.
وتمتاز تلك الحلول المقدمة للشركات بجاذبيتها، لأنها توفر الكفاءة والشفافية المميزة للبلوكتشين، وتبقي في نفس الوقت على البيانات في أيدي المنفذين لتلك البلوكتشينات الخاصة.
وأمام هذا المستوى من التحكم، يتم التضحية بخصائص أخرى للبلوكتشين متعلقة بالشمول والشفافية. مما قاد إلى انقسام بين المؤمنين بمزايا البلوكتشين الخاص، وتضم تلك القائمة معظم الشركات، وبين هؤلاء الذي يصروا على أن البلوكتشين الخاص لا يعد بلوكتشين حقيقي.
والآن، تستعد أكبر شركة في مجال إنتاج الاطعمة لتجربة البلوكتشين العام لسلاسل الإمداد الخاصة بها. ومع استمرار نستله في التعاون مع آي بي إم ومؤسسة صندوق الطعام، فقد أعلنت عن شراكة مع شركة OpenSC لتجريب البلوكتشين العام على بضع سلع أساسية.
ويمثل ذلك تطوراً مثيراً للاهتمام، نظراً لعدم وجود شركات بحجم نستله تسعى للحصول على حل لسلاسل الإمداد باستخدام البلوكتشين العام، إلا أن ما يجعل الأمر أكثر إثارة للاهتمام هي أسباب نستله لذلك الاختيار.
وقالت نستله أنها تريد أن تكون المثال الذي يحتذي به، إذ يرغبون بإثبات قوة وتعدد تطبيقات البلوكتشين العام وشفافيته فيما يتعلق بسلاسل الإمداد على أمل أن تحذو شركات أخرى حذوها.
إذا نجحت المحاولة الرائدة لنستله لاستخدام البلوكتشين العام، فسيعيد ذلك تشكيل مجالات استخدام البلوكتشين على مستوى التبني وحالات الاستعمال لأعلى المستويات.
الخطوة المنطقية التالية
وكان غزو نستله لمجال البلوكتشين قد بدأ قبل عامين كامتداد منطقي لاحتياجات سلاسل الإمداد الخاصة بهم. وشرح بنجامين دوبواه، مسئول البلوكتشين ومدير التحول الرقمي في نستله، الكيفية التي قادت للشركة إلى البلوكتشين وقت تعاونها مع شركة آي بي إم ومؤسسة صندوق الطعام. إذ قال:
“كنا نبحث عن حلول لرقمنة سلاسل الإمداد خاصتنا، وفي نفس الوقت، رأينا ما تفعله آي بي إم وصندوق الطعام، وناقشنا مع آي بي إم وشركة ولمارت Walmart، وهي إحدى زبائننا الرئيسيين، وقالوا لنا: ‘حسناً، لنوحد جهودنا، ما نرغب في فعله هو ما ترغبون في فعله، لذا فسننضم لمجهودات الصناعة’، وانضممنا إلى صندوق الطعام كعضو تأسيسي”.
وتعد نستله عضواً أساسياً في صندوق طعام شركة آي بي إم، ويصرون على أن هناك قيمة وإمكانيات كبيرة للنمو عند بناء النظام الإيكولوجي للبلوكتشين الخاص. ونوّه دوبواه لأن جانب الشركات إلى الشركات الخاص بصندوق الطعام ذا أهمية قصوى لشركات مثل نستله، ومع تنامي الثقة، ستزدهر الأمور.
وأضاف دوبواه: “كانت الرسالة التي أردنا إيصالها لآي بي إم أن يكونوا منفتحين، وهم كذلك بالفعل: تستطيع الانضمام، وينضم الناس إليك ويقومون بإضافة البيانات. الأمر يعمل بهذه الطريقة، إلا أننا بصدد المرحلة التي يتطور فيها الحل الذي نقدمه. وهو ينمو بالفعل، فهناك ما يقرب من 100 شركة في صندوق الطعام. عندما كنّا 12 شركة، كان الأمر مركزياً إلى حد كبير، إلا أنه قد أصبح مميزاً للغاية في الوقت الحالي بتحوله إلى فلسفة النظام الإيكولوجي المتصل ببعضه. بالإضافة لذلك، فإن بلوكتشين صندوق الطعام سريع للغاية، ويسهل تنفيذه. تساعد آي بي إم الموردين، وهما يساعدونا بدورهم، مما يساهم في نضج الحل الذي نقدمه. يعد صندوق الطعام متطوراً للغاية بالمقارنة بما رأيناه من قبل، إلا أن الأمر لا يزال بحاجة للإذن، إذ يجب أن ننتظر أن تتم دعوتك، ولا تستطيع رؤية كل البيانات، وهو أمر إيجابي في سياق كونه تطبيق خاص بين الشركات وبعضها، مما يجعلنا متحكمين بالبيانات”.
ومع نمو صندوق الطعام، وانفتاحه على عدة إمكانيات وتطبيقات لشركات بحجم نستله، إلا إن الالتزامات التي قطعتها الشركة على نفسها فيما يتعلق بسلاسل الإمداد هي التي قادت الشركة إلى التوجه ناحية تجربة البلوكتشين العام.
وبالإضافة لذلك، فإن الجائزة المرتقبة إذا ما نجحت تجربة نستله للبلوكتشين العام لا تكمن فقط في نجاحهم في الوفاء بالالتزامات التي قطعوها، بل ستمتد إلى حيازة شرف أن يكونوا رواد ذلك الفضاء الجديد، بتكنولوجيا جديدة كلياً، لتتبعهم في ذلك شركات ضخمة أخرى.
السعي للمجد
توجه تلك الالتزامات نستله ناحية توفير مزيداً من الشفافية لزبائنها فيما يتعلق بالمواد الغذائية. إذ تريد الشركة لبياناتها أن تكون شفافة من أجل رفع مستوى الثقة لدى زبائنها، وهو ما قادهم في نهاية المطاف إلى البلوكتشين العام. لذا، فإن الفوائد الإضافية للريادة في هذا المجال لها عوائد مغرية، بالإضافة إلى مخاطر محتملة.
واعترف بنجامين وير، مدير التعاقدات الآمنة في نستله، أن الشركة متحمسة لأن تكون واحدة من الشركات الرائدة في التحول إلى البلوكتشين العام على هذا المستوى الكبير.
وصرّح وير: “لم تلحق معظم الشركات بركب البلوكتشين حتى الآن، إذ ينتابهم التردد ويتجنبون التعمق في مجال البلوكتشين العام. يتعلق الأمر برمته بإزالة التحفظ ناحية البلوكتشين العام، وهذا تحديداً هو ما نريده، نريد أن نكون رواد البلوكتشين العام على مستوى الشركات. ونؤمن أن نستله ليست الوحيدة التي تملك القوة لتغيير مسار الصناعة برمتها، نحن بحاجة لأن يحذو الجميع حذونا، مما سيتطلب تعاون شركات مختلفة وسلع مختلفة”.
وشاركه دوبواه نفس الرأي، إذ قال: “هناك بعد للأمر يتمثل في كوننا أكبر شركة منتجة للأطعمة في العالم، ونرغب في أن نكون مثالاً يحتذى به بقولنا: ‘حسناً، نحن نفعل ذلك، اتبعونا’. الجميع يقوم بذلك وهو ما سيساهم في تحسين أوضاع المزارعين وفي جعل الصناعة ككل أكثر صلابة على المدى البعيد، ولذلك نؤمن أن ذلك الحل قوي للغاية”.
تغيير للوجوه؟
إذا نجحت نستله في تلك التجربة، وقًدر لتنفيذها للبلوكتشين العام لسلاسل الإمداد لشركة ضخمة مثلها أن ينجح في أن يكون حلاً جذاباً لشركات مشابهة، فسيغير ذلك مستوى تبني تلك التكنولوجيا بشكل جذري.
وينظر الكثيرون إلى ليبرا باعتبارها الأداة التي ستغير مستوى التبني للعملات المشفرة. ومع ذلك، وفيما يتعلق بتبني الشركات لتكنولوجيا البلوكتشين، فإن آثار خطوة نستله قد تكون أكثر عمقاً.
وتمهد الأساسات التي أرسيت حتّى الآن من قبل الشركات المقدمة لخدمات البلوكتشين على مستوى الشركات الطريق نحو التبني، ونحو الربح. إلا أن ريادة نستله لبروتوكول بلوكتشين سلسلة الإمداد مفتوح المصدر قد يبطئ من تربح العقلية التجارية من البلوكتشين في نهاية المطاف.
لا يزال الطريق طويلاً أمام نستله لكي تغير طرق استعمال بلوكتشين الشركات، ولكنهم لديهم تصور مستقبلي بهذا الخصوص. إذ تعرف الشركة مدى قوة وفعالية البلوكتشين الخاص، إلا أنها تشعر بأن دمج البلوكتشين العام سيكون له مزايا أخرى. وربما ستكون تلك هي المرة الأول التي تثبت فيها شركة قيمة المنصة غير المركزية بشكل كامل.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.