وفقاً لعرض تقديمي قُدّم إلى قطاع التحقيقات الجنائية في وكالة الإيرادات الداخلية، فإن الوكالة تخطط لمقابلة العائلات والأصدقاء والبحث عبر منشورات مواقع التواصل الاجتماعي وإصدار مذكرات إحضار للتأكد من أن الناس يدفعون الضرائب على عملات البتكوين الخاصة بهم. وستقع شركات كبرى مثل أبل Apple وغوغل Google وميكروسوفت Microsoft تحت طائلة هذه التحقيقات.
تبذل الوكالة جهوداً كثيفة لكشف ومحاربة جرائم التهرب الضريبي المتعلقة بالعملة المشفرة. إذ شرح مدير برنامج مكافحة الجرائم الإلكترونية في قطاع التحقيقات الجنائية بالوكالة، جيمس دانيالز مفهوم العملات المشفرة واستخداماتها وبيئة عملها والتكنولوجيا التي تقبع خلفها، وضرب أمثلة ببعض العملات من بينها البتكوين (BTC) والإيثريوم (ETH) والريبل (XRP) والبتكوين كاش (BCH) واللايتكوين (LTC) والستيلر (XLM) والمونيرو (XMR).
لكن الأمر المثير للانتباه هنا هو التوصيات المقدمة لمسؤولي الوكالة بهدف الحصول على المعلومات من دافعي الضرائب.
البحث والمراقبة
وبحسب الوثيقة، فقد أوصت الوكالة وكلاءها المتخصصين بإجراء مقابلات شخصية وأبحاث مفتوحة المصدر واستخدام المراقبة الإلكترونية في تحديد ما إذا كان دافع الضرائب يقوم بمعاملات باستخدام البتكوين أو لديه رصيد من هذه العملة.
ولا يتوقف البحث عند هذا الحد. إذ ستستخلص الوكالة بنفسها كل المعلومات المتاحة والعناوين العامة المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك Facebook وتويتر Twitter وريدت Reddit.
ولمواجهة الصعوبات التي قد تشوب عملية جمع المعلومات، يقترح العرض إصدار طلبات من المحكمة العليا لسجلات البنوك وبطاقات الائتمان ومعاملات موقع باي بال PayPal. بل وتقترح الوثيقة أيضاً إجراء مقابلات مع أصدقاء وأفراد عائلة دافع الضرائب والشركات التي يتعامل معها بشكل متكرر وحتى صرّاف البنك الذي يتعامل معه.
ونصت الوثيقة قائلة: “ينبغي إجراء مقابلات مع أولئك الذين لديهم علم بالأنشطة المالية لدافع الضرائب، وهؤلاء يتضمنون، ولا يقتصرون على، صرّافي البنك والعائلة والأصدقاء والمؤسسات التي يتعامل معها الشخص المخصوص بالذكر بشكل متكرر والتي قد تقبل التعامل بالبتكوين”.
قد تطول هذه الأبحاث بعض الشركات الكبرى، وقد تصل إلى مراجعات على التطبيقات المرجحة للتعامل بالعملات المشفرة.
أما بخصوص طلبات المعلومات التي ستصدرها المحكمة العليا لعدد من الشركات، قالت الوثيقة: “وبالرغم من ذلك، فإن هناك طريقة أخرى يجب أخذها في الاعتبار، وهي إصدار المحكمة العليا لطلبات للكشف عن معلومات من قبل بعض الشركات، مثل أبل وغوغل وميكروسوفت للكشف عن التاريخ الكامل للتطبيقات التي نزّلها دافع الضرائب. ومن ثم، يجب البحث في وظيفة كل من هذه التطبيقات لتحديد ما إذا كانت تلك التطبيقات تستطيع إرسال أو السماح بمعاملات البتكوين أم لا”.
وأوصت الوثيقة أيضاً باستخدام متصفحات البلوكتشين في تحديد العناوين المرتبطة بالمعاملات ومن ثم الكشف عن توقيتات وقيَم المعاملات. إذ قالت الوثيقة: “بمجرد معرفة عنوان البتكوين، يمكن البحث عنه باستخدام متصفح بلوكتشين سعياً للحصول على معلومات مثل قيمة وتوقيت المعاملات، وهذا قد يساعدنا في تأكيد المعلومات والكشف عن عناوين إضافية أو تحديد موقع الشخص المخصوص بالذكر”.
هل لا يدفع الناس الضرائب على عملاتهم المشفرة؟
كل من عمليات بيع العملات المشفرة في مقابل النقود أو الدفع في مقابل السلع والخدمات أو تبادل إحدى العملات المشفرة بعملة أخرى والتعديد واستلام الإير دروب هي عمليات مدفوعة الضرائب. وبالرغم من ذلك، تخبرهم البيانات أن الناس لا يدفعون الضرائب على عملاتهم المشفرة.
تعد المعدلات المنخفضة للعوائد والخسائر المتعلقة بالبتكوين التي يقدمها دافعي الضرائب سبباً وراء هذه الطرق المتطرفة للبحث عن الأدلة، خصوصاً مع الطبيعة الجوهرية لإخفاء الهوية في العملات المشفرة.
وفي السنة الضريبية لعام 2015، أوضحت بيانات وكالة الإيرادات الداخلية أن 802 شخصاً إضافياً فقط قدموا بيانات لعوائد وخسارات متعلقة بالعملة المشفرة في إقراراتهم الضريبية. في تقرير قدمه المفتش العام للخزانة لإدارة الضرائب في سبتمبر/أيلول 2016، عبرت وكالة الإيرادات الداخلية عن قلقها بشأن معدل “هائل” لعدم الإقرار بعوائد العملات المشفرة.
وفي دراسة استقصائية نشرتها شركة كريدت كارما Credit Karma في يناير/كانون الثاني، أوضحت النتائج أن 53 بالمائة فقط من المستثمرين الأميركيين في البتكوين يخططون لإدراج عوائد وخسارات البتكوين لديهم في إقراراتهم الضريبية. ومن بين البقية التي لا تخطط لذلك، هناك نسبة 35 بالمائة ممن كان لديهم اعتقاد خاطئ بأنهم غير مضطرين لفعل ذلك.
وحتى الآن، لم تتخذ الوكالة أية إجراءات كبرى يمكن توثيقها. إذ تعلقت كل الإجراءات التي اتخذتها الوكالة بمنصات تداول العملات المشفرة.
وصلت الوكالة للحد الذي يجعلها تصدر استدعاءً باسم “شخص ما” لمنصة كوين بيس Coinbase، وهي واحدة من أكبر منصات تداول العملات المشفرة، وطلبت منها الكشف عن المعاملات التي جرت بين العامين 2013 و2015. وفي 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أمرت المحكمة الفيدرالية للحي الشمالي بولاية كاليفورنيا منصة كوين بيس بتقديم بيانات عن عدد مستخدميها الذين أجروا معاملات تتخطى قيمتها 20,000 دولار لوكالة الإيرادات الداخلية؛ وبدورها أضافت المنصة التقرير الضريبي للعوائد والخسائر بجانب هذه المعلومات.
إذ قالت المنصة في أحد بياناتها: “أمرتنا المحكمة بتقديم الرقم التعريفي لدافعي الضرائب الذين لديهم معاملات كبيرة وكثيفة في الفترة ما بين 2013 و2015، ذلك بالإضافة إلى أسمائهم وتواريخ ميلادهم وعناوينهم وكافة سجلات معاملاتهم”.
عندما تبدأ وكالة الإيرادات الداخلية في التنفيذ
ويضم قطاع التحقيقات الجنائية لوكالة الإيرادات الداخلية 3100 موظفاً و2200 وكيلاً متخصصاً للمساعدة في الملاحقات القضائية المتعلقة بجرائم التهرب الضريبي والجرائم المالية وجرائم التستر البنكي في القضايا الجنائية. وكانت نسبة الإدانة في الحالات الجنائية التي قُدمت إليهم تعادل 92 بالمائة.
وبالرغم من أن الوكالة لم تتخذ سوى بضع الإجراءات التنفيذية، إلا أنها مسألة وقت فقط قبل أن تبدأ الوكالة في تضييق الخناق على جرائم التهرب الضريبي وغيرها من الجرائم التي تسهلها العملات المشفرة. وتدل عروض مثل ذلك العرض المشار إليه سابقاً على أن وكالة الإيرادات الداخلية في حالة تطور، وكلما تطورت الأدوات، سوف تتلاشى الخصوصية التي تقدمها عملات شبه مجهولة مثل البتكوين.
وبالتالي، ستزداد أهمية الخصوصية بالنسبة لأولئك القلقين بشأن التدخل الحكومي.
الحفاظ على خصوصيتك
وقد أصبحت الخصوصية الآن أهم من أي وقت سبق، خصوصاً مع كثرة طرق المراقبة والتحليل التشريحي على البلوكتشين. وبالتالي، يصبح الحفاظ على نظافة سجلات الإنترنت الخاصة بك أمراً ضرورياً لإبقاء هويتك مجهولة خلال المعاملات المالية.
كل معاملات البتكوين متاحة للعامة ويمكن تتبعها وهي مخزنة للأبد على شبكة البلوكتشين الخاصة بالبتكوين. وبالرغم من أن تلك العناوين أنشئت بسرية عن طريق محافظ المستخدمين، إلا أنه بمجرد استخدامها، فإنها تلتصق بتاريخ كل المعاملات التي استُخدمت فيها.
ويمكن لأي شخص رؤية كافة الأرصدة والمعاملات الخاصة بأي عنوان. ولأن المستخدمين يضطرون أحياناً للكشف عن هويتهم بغرض الحصول على السلع أو الخدمات، حينئذ لا يمكن لتلك العناوين أن تبقى مجهولة تماماً. ولأن تاريخ البلوكتشين لا يندثر، فإن الشيء الذي لا يمكن تتبعه الآن قد يصبح من السهل تتبعه في المستقبل.
إذاً، ينبغي أن تُستخدم تلك العناوين مرة واحدة فقط، ويجب على المستخدمين عدم الكشف عن عناوينهم. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي عليهم العلم بأن منصات تداول العملات المشفرة وغيرها من مقدمي الخدمات قد تطلب التحقق من هوية المستخدم، وأنه من الممكن أن تقدم هذه المعلومات لبعض الجهات الحكومية إذا خضعت للضغط القانوني.
يجب على المستخدمين أن يستعملوا عنوان بتكوين جديد في كل مرة يستلمون فيها المدفوعات. وبجانب هذا، يمكنهم استخدام عدة محافظ لأغراض مختلفة لفصل معاملاتهم عن بعضها بالشكل الذي يجعل من المستحيل ربط هذه المعاملات بشخصية واحدة.
وبالرغم من أنه يصعب تتبع عنوان بروتوكول الإنترنت (IP) وربطه بعنوان البتكوين، إلا أنه يحدث في بعض الأحيان. تكشف تلك العناوين بعض المعلومات الجغرافية عن المستخدم، مثل البلد أو حتى الولاية التي اتصل حاسوب المستخدم بالإنترنت فيها. لذا، يحبذ أن يستعين المستخدمين بأدوات مثل متصفح تور Tor عند إجراء المعاملات بغرض حجب تلك المعلومات.
وهناك أيضاً خدمات خلط البتكوين مثل بتكوين ميكس Bitcoinmix.org، والتي تساعد على تفكيك الروابط بين المعاملات. إلا أنه توجد بروتوكولات الخصوصية مثل كاش شفل CashShuffle على شبكة البتكوين كاش والتي تبسّط تلك العملية لإلغاء الحاجة للوثوق بجهات خارجية.
وهناك محافظ مصممة خصيصاً بحيث تحتوي بداخلها على مميزات لدعم الخصوصية مثل محفظة ساموراي Samurai. وهناك خبراء يؤكدون أن استخدام خدمات مثل كوين جوين CoinJoin يجعل تتبع المعاملات شبه مستحيل.
أما عملات الخصوصية، فهي تقدم طبقة قوية من الخصوصية. إذ تعد معاملات المونيرو ومعاملات الزد كاش (ZEC) المحصنة “أصعب من أن يتتبعها أي شخص الآن” بالنسبة لتقنيات التحليل التشريحي.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.