إيه جاي AJ معدن بتكوين بريطاني يفضل الخصوصية ويبغض سياسة معرفة العملاء (KYC). فعندما يحتاج إلى نقود لدفع الفواتير، فإنه يقابل أحد مشتري البتكوين شخصياً. بينما يعمل إي زد EZ كتاجر للبتكوين بدوام كامل، إذ يقضي أيامه مسافراً بالسيارة من مدينة إلى أخرى ليشتري ويبيع البتكوين. شهد هذا الأسبوع مقابلة هذين الغريبين لإجراء معاملة بقيمة 20 ألف دولار. غطّى موقع بتكوين نيوز News.Bitcoin.com هذه الصفقة متابعاً تسلسل الخطوات التي يتخذها كلا الطرفين لحماية أصولهما.

تشريح عملية مقايضة البتكوين بالنقود مع أحد الغرباء

أرسل إي زد رسالة عبر تيليغرام نصها: “هل يمكنك إتمامها بنسبة 6-7%،”. كان هذا في يوم إتمام الصفقة، الموافق 2 أبريل/نيسان، والذي استمر التحضير له منذ الجمعة السابقة. كان الأمر بالنسبة لإي زد مجرد صفقة عادية. سيقود السيارة لمدة خمس ساعات ليقابل البائع، وكان الحد الأدنى للكمية التي يسافر لأجلها هو 5 عملات بتكوين. أما بالنسبة لإيه جاي، فكانت هي الصفقة الأعلى قيمة التي يتمها بهامش ربح جيد، وبالتالي، يصبح قلقه وحرصه على إتمامها دون خسائر أمراً مفهوماً.

اتفق الإثنان على إتمام الصفقة بسعر يقل بنسبة 5 بالمئة عن سعر منصة كوين بيس Coinbase في وقت المعاملة. والآن، يطالب إي زد بنقطتين إضافيتين في الصفقة، لكن إيه جاي اعترض على هذا، إذ أرسل له قائلاً: “حتى إذا كانت النسبة 5 بالمئة أقل من كوين بيس، فإنني أقدم تنازلات أكثر بكثير مما اعتدت عليه”. ومن ثم، تراجع إي زد. تمثلت الخطة في أن يستقل إيه جاي القطار من لندن ليقابل المشتري في مكان عام لإتمام الصفقة. وسافر محرر بتكوين نيوز إلى هناك بغرض الاطلاع على القصة (الأسماء والأماكن تغيرت فيما بعد) وأيضاً من أجل تقديم الدعم والتضامن.

الخطة

لم يكن هناك سبب للتشكيك في نزاهة إي زد- إذ يتضح ذلك من تقييماته على موقع لوكال بتكوينز Localbitcoins التي راجعها إيه جاي بالإضافة إلى الاتصالين الهاتفيين اللذين دارا بينهما في الأيام التي سبقت الصفقة؛ فمن الضروري تكوين الثقة عند إتمام المعاملات ذات القيم الكبيرة من النقود والعملات المشفرة. وتضمنت تجهيزات إيه جاي للمعاملة إرسال 5 عملات بتكوين لمحفظتين جديدتين والاحتفاظ بنسخة احتياطية منهما، لاستخدامها في حال تأزمت الصفقة أو سُرق هاتفه أو تلف. بالإضافة إلى ذلك، فقد نوى شراء قلم الأشعة فوق البنفسجية للتأكد من أن النقود ليست مزورة، ولكن هذه الأقلام كانت قد نفدت من المتجر القريب منه، وبالتالي سيضطر إي زد للاعتماد على عينيه المجردتين للتأكد من أن النقود أصلية.

الحماية

كان الاتفاق على إتمام المعاملة في البداية بعملتين بتكوين فقط، بعدئذ تكون الثقة قد تكونت حين تتم المعاملة بشكل مرضي، وبالتالي تتم المقابلة في نفس الساعة والمكان لاحقاً لإتمام ما الجزء الباقي من الصفقة. وفي هذه الحالة، لن يضطر إي زد إلى المجئ ممسكاً بكامل المبلغ (20,000 دولار) في يده، ولن يضطر إيه جاي أيضاً إلى إظهار محفظة مشحونة بـ5 عملات بتكوين بالكامل. وفي الموعد، تأخر البائع، وحين وصل إلى الحانة التي اختارها إيه جاي، لم يكن متبقياً أكثر من ساعة على إغلاق الحانة، لذا، كان يجب أن تتم الصفقة في خطوة واحدة. سيكون هذا أسرع وأسهل لكنه يتضمن خطراً أكبر.

كانت الحانة التي اختارها إيه جاي بناء على سمعتها الراقية- وهي استراحة فخمة ملحقة بفندق خمس نجوم، ستضمن للطرفين أن مرتاديها لن ينظروا مرتين إلى رجلين يتمان صفقة عمل في أحد زواياها. كان هناك سبب آخر لاختيار إيه جاي لهذه المكان تحديداً، وهو معرفته بالنادل في هذه الحانة والذي سيضمن لهما عينين إضافيتين للحماية، إذا تطلب الأمر.

الصفقة

بعد لحظات من اقتراب إي زد من المكان، أرسل على تيليغرام رسالة يقول فيها “ماذا ترتدي؟”. كانا يتقابلان لبيع وشراء العملات المشفرة، ولكن الأمر بدا أشبه بموعد غرامي مع مجهول. دخل إي زد المكان بعد دقيقتين، إذ كان يبدو يافعاً كما لك أن تتوقع من شخص يحتوي اسم المستخدم خاصته على رقم “98”. كانت كل تفاصيله توحي بأنه خريج ناجح من كلية إدارة الأعمال، إذ كان يرتدي قميصاً أبيض وكنزة بطراز البحرية وساعة رياضية، وكل هذا يوحي بأغراضه ونواياه. ولكن مع ذلك، تركزت مهارات إي زد في صناعة لم يشرحها له مستشارو التوظيف في المدرسة. إذ كان عمره 10 سنوات حين ظهرت البتكوين للنور، وهو الآن يكسب عيشه من تجارتها، بصفقات تتجاوز قيمة الواحدة منها 500 مليون ساتوشي.

تصافحنا وجلسنا أمام بعضنا البعض. بعدئذ أخرج إي زد هاتفين ووضعهما على الطاولة. وعلى مدار الـ45 دقيقة التالية، لم يكفّا عن الرنين بينما كان يدير التاجر الصغير إمبراطوريته. فهمنا فيما بعد أن إي زد كان يقوم ببعض الاحتياطات الأمنية. وبعد أن عرض له إيه جاي المحفظة التي تحتوي على عملتي البتكوين، رد عليه إي زد بأنه لا يدير المحفظة التي ستُرسل عليها العملات شخصياً، ولكنه سيتصل بصديق هو من يدير المحفظة. وهذا بدوره سيحمي إي زد من سرقة نقوده وعملاته المشفرة في حال حدوث أي خطأ في الصفقة. وأتوقع أن إي زد كان قد اتفق مع صديقه على كلمة سر يمكنه استخدامها لإخباره بأنه يتعرض للابتزاز.

أخرج إي زد أول دفعة نقود من حقيبة الكتف الأنيقة التي بحوزته، بقيمة 5 آلاف يورو (5616 دولار). على هيئة أوراق بعشرين يورو للورقة الواحدة، وكانت كل رزمة تمثل 1000 يورو (1123 دولار) والورقة الأخيرة ملفوفة على بقية الأوراق وجميعها مربوط برباط مطاطي. لم يعد الأمر أشبه بموعد غرامي مع مجهول الآن، وصار أشبه بصفقة لتجارة المخدرات، باستثناء أن ما كانا يفعلانه قانوني تماماً: كل ما في الأمر أنهما اتفقا على إجراء المعاملة بعيداً عن أعين موظفي الرقابة والأطراف الخارجية.

كان السعر المتفق عليه هو 3000 يورو (3369 دولار) للبتكوين الواحدة، وهو أقل بنسبة 5 بالمئة من سعر كوين بيس. بدأ إيه جاي بعد النقود، خمسين خمسين إلى أن تأكد من اكتمال مبلغ 5000 يورو. بدت النقود أصلية (بالرغم من أنه لا يمكن التأكد بالكامل من ذلك مع عدم وجود قلم الأشعة فوق البنفسجية). متجاهلاً مجموعة النساء اللاتي في منتصف العمر الجالسات على الطاولة المجاورة لنا، والنادلة التي كانت تمر من وقت لآخر، بدأ إيه جاي بعد 15000 يورو (16848 دولار)، وإرسال معاملتين بقيمة 5 بتكوين والحديث عن الأيام التي كان يشتري فيها عملة البتكوين في مقابل 100 يورو (112 دولار).

انتظرنا 45 دقيقة للبلوك لإيجاد البلوك التالي للبتكوين، وخلال هذا الوقت ظلت المعاملتان معلقتين بدون تأكيدات لمدة صعبة من الوقت. إلا أن إي زد لم يبدُ منزعجاً، فقد استغل هذا الوقت في متابعة هواتفه التي لم تكف عن الاهتزاز. يتطلع في الغد إلى يوم كامل من القيادة والبيع والشراء. في النهاية، تمت المعاملة وتصافح الطرفان وذهبا في طرق مختلفة، آملين في لقاء مستقبلي يجمعهما.

استيقظ إيه جاي في صباحه التالي، مع شعور بالارتياح، إذ نجح في إتمام أكبر صفقة بتكوين في حياته بسلاسة وبدون عقبات. لكن صارت لديه مشاعر مختلطة حين أدرك أن سعر البتكوين ارتفع بنسبة 20 بالمئة على مدار الليل. ولكنه مع ذلك أبدى سعادته بأن لديه نقوداً كافية للإنفاق على معيشته وتكاليف التعدين في الأشهر القليلة القادمة. إذ يستطيع الآن البدء في تجميع عملات الساتوشي مجدداً.