الخفايا easter eggs في كل مكانٍ إذا كنت تعرف أين تبحث. في جميع المواسم ومختلف أشكال وسائط الصوت والصورة، هذه النكات الخاصة والألغاز الخفية والرسائل المشفرة تظهر عادةً في ألعاب الفيديو، والأفلام، وقوائم DVD وبرمجيات الحاسوب. وبالنسبة لخبراء العملات المشفرة، تحظى الخفايا المبنية على البتكوين بمكانةٍ خاصةٍ. فهي شديدة الندرة والاستتار، ويمكن تقفي أثر وجودها حتى بداية البتكوين في مهدها.

 

التاريخ المسجَّل للخفايا

 

الخفايا، التي يشير تعريفها إلى كونها “رسالةً، أو حيلةً، أو سلوكاً غير معتادٍ يخفيه صانعه في برامج الحاسوب”، لها تاريخٌ طويلٌ جداً. صحيحٌ أنه لا يعود إلى قيامة المسيح، التي ترتَّب عليها الاحتفال بعيد الفصح ذاته (مصطلح Easter egg مستوحىً من تقليد إخفاء الآباء لبعض البيضات يوم عيد الفصح لكي يبحث عنها الأطفال)، وإنما إلى أواخر سبعينيات القرن الماضي على الأقل، التي هي حقبةٌ عتيقةٌ من ناحية البرمجيات. وكان أول من ابتدعها هي “آدفينتشر Adventure”، لعبة فيديو على جهاز Atari 2600.

 

ظهرت أولى خفايا آدفينتشر بعد أن حظرت شركة أتاري Atari ظهور أسماء مطوِّريها على الألعاب تحسُّباً لاستدراجهم إلى المنافسين. وللتحايل على هذا الحظر، ترك أحد مطوري آدفينتشر رسالةً خفيةً مدفونةً في أعماق اللعبة. وتطلَّب الوصول إليها حمل جسمٍ ما عبر سلسلةٍ من الحجرات قبل المرور خلال جدارٍ إلى حجرةٍ خفيةٍ تُعرض فيها كلمات “صناعة وارين روبينيت” بألوانٍ متغيرةٍ متعاقبةٍ.

 

ربما لا يبدو هذا أمراً جللاً، لكن نُسِب لهذا التمرد الماكر الفضل في ولادة التوجُّه نحو دفن الخفايا في البرمجيات ووسائط الصوت والصورة الأخرى في العصر الحديث. ومن أعلم العلماء بالخفايا داخل الألعاب هم عشاق سلاسل الألعاب مثل غراند ثيفت أوتو Grand Theft Auto، وقد جرى في يومنا هذا جمع هذه الخفايا بنظامٍ وتصنيفها على الإنترنت لمنفعة اللاعبين الآخرين، الذين يسعى الكثيرون منهم نحو هذه الوقائع كما لو كانت مهاماً فرعية. وحين ابتكر ساتوشي ناكاموتو العملات المشفرة عام 2009، قدَّم نوعاً جديداً من البرمجيات يمكن دفن الرسائل المشفرة به، وقَبِل مجتمعه التحدي. ومن اليوم الأول، كانت البتكوين أرضاً خصبةً للخفايا من جميع الأصناف.

 

البتكوين والبيضة ذات القشرتين

 

إذا فتحت البلوك الأول genesis block للبتكوين ستجد داخله العنوان الشهير الذي اقتبسه ساتوشي من عدد صحيفة ذا تايمز The Times البريطانية من ذلك اليوم: “وزير الخزانة على وشك دفع كفالة الإنقاذ الثانية للبنوك”. وما لم يبدُ أن أحداً قد عرفه حتى العام الماضي هو أن شفرة ساتوشي في الواقع تظهر مرةً ثانيةً في البلوك الأول. إذ يوجد ما يبدو أنه تسلسل عدٍّ ست عشريٍّ منفصل الصلة مخفيٌّ داخل شبه كود البلوك الأول. ولكن عند تحويله إلى تسلسلٍ أبجديٍّ عدديٍّ، يصبح “sknab rof tuoliab dnoces fo knirb no rollecnahC 9002/naJ/30 semiT ehT” الذي عند عكسه، بالطبع، يكشف عن عنوان الخبر مرةً أخرى.

 

ويمكن كذلك العثور على تلميحٍ بنكيٍّ آخر في إحدى الخفايا المدفونة بلعبة Call of Duty Black Ops 3. إذ في أعماق اللعبة، تظهر على لوحةٍ إعلانيةٍ في سنغافورة ما بعد نهاية العالم عبارة “عِش الحياة بثقةٍ علماً بأن بنكك سيتكفَّل بمستقبلك”. وبالنظر إلى تواجدها في جحيمٍ مزَّقته الحرب، فمن المرجَّح أن المستقبل الديستوبي للُّعبة هو مستقبلٌ لا يمكن فيه الاعتماد على البنوك للاعتناء برجل الشارع. وسواء كانت الرسالة يُقصَد بها إشارةٌ ماكرةٌ للعملات المشفرة المفتوحة دون أذونات permissionless cryptocurrency، أو ببساطةٍ انتقادٌ للنظام المالي الحالي، فإن لها أصداء جليةً للعنوان المرمَّز في البلوك الأول للبتكوين.

 

والأقل غموضاً هي العملة المشفرة المخفية بلعبة No Man’s Sky. ففي العام الماضي، خبَّأ لاعبان رصيداً من البتكوين على زوجٍ من الكواكب في اللعبة المندرجة تحت فئة ألعاب البقاء. وتطلَّب العثور عليه زيارة محطات الاتصالات على الكوكَبَين اللذَين أُخفِيَت فيهما الجائزة. ومع أنها تستهدف اللاعبين أكثر من المطورين، فهي تتفق مع معايير خفايا الألعاب الحقيقية من جميع النواحي الأخرى.

 

يمكن دفن الخفايا في أي شيء

 

ليست ألعاب الفيديو وحدها بيئةً خصبةً للألغاز والجوائز المرتبطة بالعملات المشفرة. فقد أُخفيَت عملاتٌ مشفرةٌ بأحد فنون الشوارع، وتخزينها في ألعاب Lego ووضعها في صورٍ، حيث مكثت لسنواتٍ في بعض الحالات حتى حُلَّت الشفرة في النهاية. وفي 2017، تبيَّن أن سماعة جوجل هوم Google Home الذكية تحتوي على خفيةٍ مبنيةٍ على البتكوين. فإذا طلبت من المساعد التحدث إلى السيد ساتوشي، سيعرض عليك الصوت الإلكتروني معلوماتٍ عن عديدٍ من العملات المشفرة.

 

وبالطبع، يمكن أن تظل الخفايا غير مُكتَشَفةٍ لسنواتٍ أو حتى عقودٍ. ففي نهاية المطاف، استغرق الجمهور تسع سنواتٍ للتعرف على الرسالة الثانية المخفية بالبلوك الأول. لذا فمن المرجَّح أن تكون هناك الكثير والكثير من خفايا البتكوين الأخرى القابعة في سلاسل البلوكتشين وألعاب الفيديو وفنون الشوارع ووسائط الصوت والصورة الأخرى بانتظار شخصٍ يملك القدر الكافي من الحظ أو الذكاء لاكتشافها. وكما أشار أحد الكاتبين، جميع بلوكات البتكوين هي فعلياً خفايا تحتوي على مكافآت تعدينٍ لأول من يحل الشفرة. ونظراً لتصميمها التشفيري، وصانعها الغامض، وتغلغلها التدريجي في الثقافة الشعبية، فحتماً سيُكتَشَف الكثير من خفايا البتكوين الأخرى. لذلك، ففي المرة التالية التي تشاهد فيها مسلسلاً كاملاً أو تحارب الأعداء في إحدى ألعاب تقمص الأدوار متعددة اللاعبين على الإنترنت MMORPG، انتبه لأية إشاراتٍ خفيةٍ للعملات المشفرة.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.