في عصر تسعَد فيه الحكومات بفرض الرقابة أو قطع الاتصال بالشبكات، فإنه من المطمئن معرفة أن البتكوين تعمل دون الاتصال بالإنترنت. فرقابة الإنترنت، ليست على كل حال مجرد نظرية تعبر عن مجتمع فاسد وشمولي، ولكنها سلطة مارستها العديد من الحكومات الديمقراطية حول العالم. لكن لحسن الحظ، هناك حلول تمكن الأشخاص من إرسال واستقبال البتكوين حتى في أسوأ الظروف. وبالرغم من كونها تكنولوجيا متقدمة، اتضح أن بإمكانها التكيف مع تكنولوجيات بسيطة بشكل مذهل.
أرسِل البتكوين عبر موجات الراديو وتجنب الرقابة
تخيل أنك استيقظت صباح يوم لتجد الإنترنت متوقف، ليس بسبب انقطاع اتصال واي فاي WIFI، ولكن لأن حكومتك قد نزعت وصلة الإنترنت. وليس لديك أي فكرة عن متى سيعود الاتصال، وحياتك لا تسير بشكل طبيعي، بدءً من التواصل مع الأشخاص الذين تحبهم وصولاً إلى دفع أي شيء عبر البطاقات البنكية. لأن المجتمع لم يعد يرغب بشدة في حمل النقود الآن، وماكينات الصراف الآلي تؤدي إلى حمل الكثير من النقود الورقية في المرة الواحدة، فإذا رغبت في وجبة طعام، سيكون عليك أن تختار الانسحاب أو الانخراط في بعض النزاعات.
ولكونها شكلاً من أشكال العملة الرقمية، فإن البتكوين تتطلب بعض الإجراءات التحضيرية قبل إتمام المعاملة، لكن نظرياً، فإن بإمكانها أن تستمر في العمل حتى ولو حُذفت بعض الخيارات الاعتيادية من المعادلة.
بالرغم من أن معظمنا، لحسن الحظ، لن يعيشوا في عالم فوضوي متقطع الاتصال بالإنترنت، إلا أن الحكماء في عالم الإنتاجية يخبروننا أن فشل التخطيط هو تخطيطٌ للفشل. قد تكون معرفة كيفية إتمام معاملات بالعملات المشفرة في عالم فوضوي أمراً مفيداً يوماً ما، وفي نفس الوقت سيجعلك أهم الضيوف في حفلة للعشاء.
بحسب مدى الاستقرار السياسي في منطقتك، فإن عملية إرسال البتكوين دون إنترنت قد لا تكون أصعب من مشروع ترفيهي لمادة العلوم تجريه بعد ظهر السبت. ولكنها أيضاً قد تمنحك منفذاً للخروج من مأزق، مثل إرسال الأموال لصديق عالق في منتصف المحيط أو رشوة زومبي بأخذ الأموال التي في محفظة عقلك بدلاً من أن يلتهم عقلك.
البتكوين عبر الموجات الهوائية
شهد عام 2014 أول ذكر لإمكانية إرسال البتكوين عبر الموجات الهوائية. فعملة الهام راديو كوين Hamradiocoin هي من أوائل العملات البديلة التي انخرطت في صناعة الراديو. وبينما لم يكن من الواضح احتياج هذا المجال بالتحديد إلى عملة مكرسة له، فإن رأس المال السوقي لها الآن هو 794 دولار، وهذا لم يتغير منذ مايو/أيار عام 2017، وهذا يضيف للحصيلة الغنية للعملات المثيرة للتساؤل في عالم العملات المشفرة.
ولكن وُظفت فكرة المزاوجة بين ماكروني وساتوشي في تجارب أكثر فائدة. إذ تراها الشركة الفنلندية فيرتايسفالوتا Vertaisvaluutta.fi خطوةً في الاتجاه الصحيح، وهي الشركة التي قدمت عملة السي بي هام CB/HAM الهجينة التي تعمل بنظام نظير إلى نظير P2P عبر موجات الراديو. وفي فنلندا أيضاً، شاركت شركة كريبتوراديو Kryptoradio مع وكالة البث الوطنية لتجربة أنظمة نقل بيانات العملات المشفرة والتي تبث بيانات معاملات البتكوين والبلوكات وتداول العملات عبر شبكات التلفزيون الوطني دي في بي-تي DVB-T بشكلٍ فوري. ولكن المشروع فشل في الدخول في مرحلته التجارية، إذ يشرح جويل ليتونين مؤسس المشروع قائلاً: “استطاع المشروع تكوين قاعدة جماهيرية وهناك أيضاً اهتمامات تجارية جدية. ولكني لست مهتماً بأي من هذا لأن من شأنه تفريغ مشروع كريبتوراديو من فكرته الجوهرية وهي توزيع سجلات البتكوين بشكل أوتوماتيكي دون وجود اتصال بالإنترنت”.
وفي عام 2018، كانت هناك تجربة جديدة. مكونات التجربة كالتالي: شركة غوتينا gotenna والتي يقع مقرها في ولاية بروكلين الأميركية، وهاتف محمول، ومدى طويل، وشبكة حاسوبية خارج شبكة الإنترنت ومحفظة ذات خصوصية للبتكوين تسمى محفظة ساموراي Samourai Wallet. استطاع مطور نيوزلندي نقل البيانات المشفرة لمسافة 12.6 كم دون استخدام الإنترنت مطلقاً، فقط باستخدام هاتف يعمل بنظام أندرويد Android غير متصل بالشبكة وأربعة هوائيات محمولة. ولكنه يصرح على حسابه على موقع تويتر أن الأمر تطلب تجهيزاً جيداً، شملتنصيب محطات تقوية.
ننتقل إلى هذا العام، حين استطاع مؤسس شركة كوين كايت Coinkite رودولفو نوفاك، بأبسط المجهودات الممكنة، أن ينقل البتكوين إلى مؤسس شركة أوبن بازار Openbazaar سام باترسن لمسافة 600 كم من تورنتو بكندا إلى ولاية ميشيغان بالولايات المتحدة الأميركية. وفي هذه اللحظة أصبح نقل البتكوين عبر الهواء أمراً عالمياً.
مناصرو نقل البتكوين عبر الهواء
في عام 2017، تطرق كل من عالم الحاسوب نك زابو، وباحث الدكتوراه إليان أو، إلى هذا الأمر في مؤتمر جامعة ستنافورد لتوسع البتكوين. إذ قدمّا مشروعاً بحثياً يهدف إلى إرسال البتكوين إلى شبكة الراديو لتأمين إثباتات الإجماع باستخدام إشارة راديو ضعيفة. (شاهد كلمتهما من هنا، وها هي نسخة من العرض التقديمي، وتغطية القسم الإخباري بموقع بتكوين دوت كوم news.bitcoin.com لمزيد من المعلومات).
وأثار التعاون الأخير بين نوفاك وباترسن ضجة في مجتمع العملة المشفرة على موقع تويتر. ولا زال زابو يؤكد على دعمه الشديد للبتكوين، إذ هنّأ الثنائي على نجاحهما الذي لن توقفه حتى العواصف الجليدية.
كيفية إرسال البتكوين عبر موجات الراديو
مثلما أوضح نوفاك وباترسن، فأنت لا تحتاج إلى الكثير من المعدات أو لإفساح مساحة لمعدات القمر الصناعي في الفناء الخلفي كي ترسل بتكوين عبر الهواء. إذ تلخصت متطلبات إنشاء شبكة راديو مبرمجة (SDR) في هوائي بتردد 7 ميغاهرتز وبامتداد 40 متر وتطبيق JS8call.
وبينما تبدو العملية بسيطة (ابحث عن “راديو الهواة للمبتدئين” كمقدمة)، إلا أنها عملياً ليست بالشيء الذي ستتعمق فيه إلا إذا كنت تعبث، وفي الواقع، العبث ينقلب لحقائق أحياناً.
في حقيقة الأمر، هناك العديد من القيود في عملية إرسال البتكوين عبر موجات الراديو.
أولاً، قانونية الأمر. تتطلب بعض الدول رخصة تشغيل لراديو الهواة كي يكون عملك قانونياً، وحتى تحصل عليها، فلن تستطيع إرسال الرسائل المشفرة أو استخدام موجات الهواء في أي غرض تجاري. وحتى الآن، ليس واضحاً مَن مِن الأجهزة الحكومية سوف تنضم لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية في محاولة تهدئة ثورة المعاملات غير القانونية والتي تتضمن إرسال البتكوين عبر موجات الراديو.
وبما أن القيود هي أم الاختراعات، فقد تحايل نوفاك وباترسن عليها عن طريق بث تشفير محفظتهما التجريبية غير التجارية عبر التشفير العام.
ومن ثم، تأتي مرحلة الاستعداد للأمر برمته. لكي تنجح هذه التجربة لآخر مراحلها في موقف غير مضمون، فعلى المُرسِل والمستقبل الإعداد لهذا مسبقاً. استطاع نوفاك وباترسن التواصل والتعاون باستخدام المحفظة الذهنية. (تحفظ المحفظة الذهنية عبارة الاسترجاع في ذاكرتك، ولا يجب الخلط بينها وبين النسخة الحديثة الأكثر شراً ديث والت deathwallet التي اشتهرت عن طريق مديرها التنفيذي جيرالد كوتن، الذي اصطحب المفاتيح الخاصة بمملكة كوادريغا Quadriga المشفرة إلى قبره).
لذا، إذا كنت على وشك استخدامها كخيار احتياطي عندما يضطرب الأمر، فعليك تأمين شخص موثوق به وخطة عمل لإدارة المشروع في الوقت الذي لا يزال يعمل به الإنترنت. إذا بدا لك الأمر وكأنه يغوص في صفحات رواية لجيمس بوند، فهذا حقيقي. فالأمر أكبر من كونه إرسال عملات مشفرة بين محفظتين.
لكن إذا تحمست لمغامرة تجربة مختلفة لإرسال البتكوين، فلا تدع المعترضين يوقفونك. فهذا قد يكون برهاناً آخر على المفهوم الذي يحتاجه الإنترنت. تقدم مدونة بتر أوف بتكوين betteroffbitcoin.com شرحاً مفصلاً للبروتوكول.
القدرة على التوسع هي عنق زجاجة يصعب تخطيه
من الواضح أننا لا نتحدث على التوسع هنا. ففي المستقبل القريب، لن تستخدم تقنية إرسال البتكوين عبر موجات الراديو إلا في الضرورة القصوى.
إذ قال المتداول الأسترالي في العملات المشفرة بوس كول: “مع تقدم البتكوين وغيرها من العملات المشفرة نحو المستقبل، يكون من المثير أن نفكر فيما إذا اتجهت هذه العملات نحو الماضي. فمن الممكن والسهل إرسال البتكوين دون اتصال بالإنترنت، ولكنه غير ملائم. يوجد عدد من المشروعات التي تعمل عبر القمر الصناعي أو على بنيتها التحتية الخاصة. وبالرغم من ذلك، فإنه في وقت كتابة هذا المقال لم تحظ هذه المشروعات بالشهرة لأنه ببساطة، لا يوجد طلب حقيقي عليها. في حالة الرقابة الحكومية، فإن البنية التحتية سوف تتغير بسرعة، أما إذا كنا نتعامل مع مشاكل خطيرة، فستكون البنية التحتية أمراً تابعاً، إذ أنه من الممكن إذا رجعنا إلى العصور المظلمة أن يتبادل الأفراد مفاتيحهم الخاصة كطريقة رئيسية لتداول البتكوين. قد يكون هذا بسيطاً لكنه ليس ملائماً”.
وبينما يبدو الأمر ممكناً بشكل نظري أن ترسل المحافظ المشفرة حول العالم باستخدام موجات الهواء، فلن تستخدم هذه التقنية بواسطة هواة البتكوين من جماعة “افعلها بنفسك DIY” قريباً.
لماذا يعد النقل عبر موجات الراديو أمراً ضرورياً
نحن نميل إلى التكيف مع السيناريو الأسوأ الذي لا يحمل بطله سوى جهاز لاسلكي وراديو عتيق يحمل رسومات هوليودية عتيقة.
ما يزال انقطاع الإنترنت أمراً معتاداً لدى بعض الأنظمة غير المستقرة مثل زمبابوي وفنزويلا. إذ بدأ عام 2019 بانقطاع كلي للإنترنت هناك. لأنه في الواقع، تعتبر الرقابة على الإنترنت أداة شائعة جداً لدى العديد من الحكومات حول العالم.
تتربع الهند على قمة هذه المجموعة بمعدل 288 حادثة انقطاع للإنترنت في الفترة بين 2012 و2019، منها 134 حادثة في 2018 فقط. أما في الشرق الأوسط وإفريقيا، فليس من الغريب أيضاً إجبار المواطنين على قطع الاتصال بالإنترنت.
طبقاً لقانون تنظيم الاتصالات لعام 2013 وقانون الطوارئ المدنية لعام 2004، فإن المملكة المتحدة لديها زر تحكم بإمكانه قطع الاتصال بالإنترنت. قد يستخدم هذا الزر في حالات التهديد الخطرة مثل الهجمات الضخمة على الإنترنت. أما الولايات المتحدة، فقد اعتادت على مدى 85 عاماً مضى أن تكون لديها سلطة قطع الاتصالات الإلكترونية طبقاً لقانون تنظيم الاتصالات لعام 1934. ومع الحديث عن تفكير روسيا في تجربة الانفصال عن شبكة الإنترنت العالمية، فنحن في خطر تلقي صدمة هائلة إن كنا نظن أن استمرار معدل 72,558 عملية بحث على غوغل كل ثانية مضمونٌ للأبد.
البتكوين لكل المواقف
صحيح أن إرسال رواد فضاء وكالة ناسا إلى القمر تطلب كوداً بحجم مكتبة صغيرة، لكن إرسال البتكوين إلى القمر لن يكون بهذه الصعوبة. كل ما تحتاجه هو جهاز راديو. حسناً، جهاز راديو وصاروخ نفاث. ولكن النقطة المهمة هنا هو أن هذه التكنولوجيا هي مريحة -أو سهلة- حتى إذا كنت تتعامل مع تكنولوجيا قديمة.
قد يكون اختراع البتكوين جاء عبر الإنترنت ولأجل الإنترنت، لكن بإمكانها التعايش في كل من العالم الرقمي والتناظري أيضاً. فالعملات مثل البتكوين تسير في المنتصف بين النقود المحفوظة أسفل الفراش وبين الأموال المحفوظة في البنك. وكما يوضح لنا هؤلاء الخبراء، فإن البتكوين يمكنها التكيف مع هذه العوالم تكيفاً وظيفياً، بل وتقنياً أيضاً. وبفضل مجهودات الرواد المذكورين هنا، فإن العملة المشفرة أثبتت أنها قادرة على البقاء في أكثر البيئات صعوبة.
لا يشبه إرسال البتكوين عبر موجات الراديو مراسلات الحمام الزاجل، لكن بشكل تقني، فالأمر متشابه. وهذا ما صرح به المطور جون فيلار قائلاً: “إنها التقنية الأبسط التي يمكنك استخدامها بعد إرسال رمز المحفظة الذهنية عبر الإشارات الدخانية”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.