المدونة التجارية هي أحد العناصر الرئيسية التي تفرق بين المبتدئ والمتخصص في مجال التداول.

 

تهدف المدونات التجارية إلى تتبع أدائك، والأسباب التي شجعتك على الدخول في صفقةٍ معينة. بإمكانها أيضاً أن تساعدك على تطوير مهارة التفكير النقدي، وعملية صنع القرار، إضافة إلى كونها مساحة مناسبة لتدوين المبررات التي دفعتك لإجراء معاملاتٍ دون أخرى.

 

في معظم الحالات، تطالب الشركات التجارية الكبرى محلليها بالاحتفاظ بمدونة أو دفتر ملاحظات لتسجيل ما يفكرون به، والخطوات التقنية التي مروا بها قبل إجراء أي صفقة.

 

تهدف المدونات التجارية عموماً إلى المساعدة على تمييز الأنماط في أسلوب التداول لكل شخص، خصوصاً تلك التي قد تتسبب في تعرضه لخسائر ضخمة، وذلك بتسليط الضوء على الأخطاء التي يقع فيها نتيجةً لإساءة التقدير. هدفها الأساسي هو اتخاذ الخطوات المناسبة لتحقيق ذلك مع الحفاظ على الشفافية وتجنب أي تحيزات شخصية، الذي يؤدي في النهاية إلى تحسين مهاراتك في التداول، لتصبح من أمهر المتداولين في السوق.

 

من مستوى جيد إلى مستوى عظيم

 

كلما حرصت على كتابة كل شيء وتسجيله، يصبح الاحتفاظ بهذه المعلومات وتفسيرها، والقدرة على استبعاد كل ما لا يتسق مع ما فهمته، عمليةً أسهل.

 

وينطبق الشيء نفسه على تتبع المعاملات التي أجريتها طوال العام، فالهدف هنا هو تحسين طريقة التفكير، من أجل تحقيق الأرباح والحد من ارتكاب الأخطاء الشخصية.

 

وهذا يعني أنَّ ما تفكر فيه وتشعر به أثناء إتمام الصفقة من أهم ثلاثة عناصر عليك تضمينها في مدونتك. احرص على تدوين مشاعرك عند الدخول في أي صفقة. إذا وجدت أنك لست “واثقاً” في كل خطوة تتخذها قبل إجراء معاملةٍ ما، فربما تكون قد أسأت تقدير أحد أجزاء استراتيجيتك أو إحدى خطواتك التقنية.

 

على سبيل المثال، دعنا نفترض أنَّك أجريت يوم الاثنين صفقة شراء مكشوف (إجراء عملية شراء مع توقع البيع بسعر أعلى في المستقبل وتحقيق الربح) أسهمت فيها بنحو 10% من إجمالي ثروتك، لكنَّك سجلت في مدونتك أنَّها “صفقة غير أكيدة/عالية المخاطر” أو أنك تشعر “بتفاؤل يشوبه بعض الحذر”، ثم فوجئت يوم الجمعة بأنَّ الصفقة تسببت في خسارتك 30% من أموالك المخصصة للتداول.

 

إذا ألقيت نظرة إلى مدونتك، ستميز بسهولة الخطأ الذي ارتكبته. مبدئياً، استثمرت 10% من إجمالي أموالك في صفقة عالية المخاطر، في حين أنَّ أي متداول متمرس يختبر الصفقات غير المضمونة بمبالغ صغيرة، وغالباً ما يتخذ احتياطات تساعده على تقليل الخسائر.

 

ببساطة، يشبه الاحتفاظ بمدونة للتداولات الإمساك بمرآة تكشف لك حماستك غير المنطقية، أو ما تفتقر إليه من قواعد الإدارة.

 

فقط اسأل نفسك: “هل أنا على وشك الدخول في صفقة رابحة وأشعر بالثقة؟ وهل ينطبق على هذه الصفقة ما وضعته لنفسي من قواعد صارمة؟”.

 

وكلما حرصت على الكتابة والتدوين، ستلاحظ تغير طريقة تفكيرك شيئاً فشيئاً، ما يساعد على اكتساب ثقةٍ أكبر في خبرتك التجارية.

 

متابعة أدائك التجاري

 

هذا يقودنا إلى العنصر الثاني: الأداء التجاري.

 

قد تشعر للوهلة الأولى أنَّ هذا يبدو بدهياً بعض الشيء، فمن المنطقي أن تشمل أي مدونة تجارية القيمة المالية الذي دخلت/خرجت بها من الصفقة، وحجم الصفقة وتاريخها، بالإضافة إلى قيمة الأرباح/الخسائر، وأي إجراءات اتخذتها لوقف الخسارة.

 

لكن غالباً ما يغفل المتداول عن الأسباب التقنية وراء كل صفقة، مع أنَّها أحد العناصر الأكثر أهمية في متابعة الأداء التجاري.

 

إذا افترضنا أنَّك نجحت في وضع جميع تحيزاتك الشخصية جانباً، وحددت القواعد اللازمة التي ستجنبك اتخاذ أي قرارات جذرية بناءً على ما تشعر به في لحظة محددة (مثل الرغبة في المجازفة بكل ما تملك لأنَّك تريد أن تصبح شديد الثراء الآن وفوراً)، ستلاحظ أنَّ نمط التفكير الذي اتبعته قبل الدخول في صفقة بعينها يبرر سبب اختيارك لها في المقام الأول.

 

إليك مثال تقني على ذلك:

 

إذا لاحظت وتداً هابطاً (انخفاض في الأسعار يحدث بنمط معين) يليه ازدياد كبير في حجم التداول، ثم قررت إجراء صفقة شراء مكشوف، سيسهم ذلك في تنظيم تفكيرك النقدي، وتسليط الضوء على نقاط قوتك، مع الإشارة إلى مواطن الضعف في مهاراتك التحليلية، التي ربما تكون هي ما أدى إلى خسارتك بالأساس.

 

لتحسين مهاراتك التحليلية، ننصحك بمتابعة أهم الأخبار، كملاحظة أنَّ إحدى الشركات عينت مديراً تنفيذياً يحمل خبرة ممتازة مما قد يسهم في زيادة الدخل الصافي للشركة.

 

ما هي أوضاع السوق؟

 

يقودنا هذا إلى العنصر الثالث الذي يجب أن تشمله جميع المدونات التجارية الناجحة: أوضاع السوق.

 

توضح الأوضاع حالة السوق في الوقت الذي قررت فيه إجراء صفقة بعينها.

 

وهذه خطوة مهمة لأنَّها تساعدك على البدء في تمييز أي نمط قد لا يتناسب مع أوضاع السوق في أسلوب تداولك. إذا استطعت تحديد الأيام التي تشعر فيها بأنَّك على ثقة من التداول، حاول عندئذٍ تغطية أوضاع السوق من كل الجوانب، وحاول أيضاً وضع ملخص تقريبي لما حدث في تلك الأيام.

 

إذا وجدت أنَّك تداول أكثر من 2 إلى 4 مرات شهرياً في أيام تساورك فيها شكوك حول أوضاع السوق، قد يكون من الأفضل لك تجنب هذا السوق بعينه، أو إعادة تقييم المخاطر مع الانتباه إلى ما يحدث للسوق من انخفاض في الأسعار

 

ملحوظة مهمة: تكمن المعركة الأصعب في السيطرة على نفسك. المدونة التجارية هي وسيلة مهمة يمكنك من خلالها محاسبة نفسك على الأخطاء التي ترتكبها، إضافة إلى أنَّها بالغة الأهمية إذا ما أردت التخلص من أي عيوب في الأسلوب الذي تتبعه للتداول.

 

وكما قال بريت ستينبارجر، مؤلف كتاب The Psychology of Trading: Tools and Techniques for Minding the Markets:

 

“المدونة أشبه بخطة العمل. الخطة الصحيحة التي تسعى لتنفيذها بإخلاص هي التي تفصل بين النجاح والفشل في أي صفقة تخوضها”.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.