هل لعملة البتكوين (BTC) وجود مادي حقيقي كأصل؟
قد يخيل إليك أنَّ هذه نقطة لا خلاف عليها؛ إلا أنَّ هناك حركة جديدة آخذةً في التكوّن، بدأت يوم الخميس، الثالث من يناير/ كانون الثاني 2019، تزعم أنَّ الإجابة بهذا الوضوح.
وبما أنَّ درجة تحكم الفرد في أصوله من البتكوين تختلف تبعاً لمكان وكيفية تخزينها، فقد قرر المشاركون في هذه المبادرة سحب أموالهم من خدمات البتكوين الخارجية ونقلها إلى حسابات أخرى لا يستطيع أحد سواهم التحكم بها.
لشرح ذلك، قال قائد مبادرة “إثبات المفاتيح” ومقدّم برامج التدوينات الصوتية المختصة بعملة البتكوين، ترايس ماير، في مقطع فيديو نشره للإعلان عن المشروع الجديد: “سوف نسحب عملات البتكوين التي نمتلكها كافةً من خدمات البتكوين الخارجية فقط لنثبت إنَّ لها وجود فعلي؛ فإمّا أن تُسجّل تلك المعاملات على البلوكتشين أو نعتبرها لم تحدث من الأساس”.
حسبما شرح ماير، فإنَّ الدافع وراء ذلك بسيط للغاية: العديد من مالكي البتكوين يحتفظون بعملاتهم على منصات التداول. لكنها بذلك تكون عُرضة للمخاطر؛ فعلى مر السنين، سُرقت ملايين (في الواقع، كانت مليارات) الدولارات الأميركية من منصات التداول بعد تعرضها لعمليات اختراق. هذا إلى جانب أنَّ احتفاظ المستخدمين بعملات البتكوين على منصات التداول يعني ألا يكون لديهم مطلق الحرية في التحكم بأموالهم؛ وهي حقيقة قد لا يدركها الكثيرون.
يُذكر أنَّ انطلاق حركة “إثبات المفاتيح” جاء بالتزامن مع الذكرى العاشرة لإنشاء البلوك الأول على الإطلاق للبتكوين: يوم حوّل مخترع البتكوين المجهول نظريته إلى عملة مشفرة ملموسة على أرض الواقع.
كذلك، شبّه البعض حركة “إثبات المفاتيح” بما يُعرف باسم “الذعر المصرفي“، وهو مصطلح يُطلق على سحب عدد كبير من الأشخاص أموالهم من بنك ما بدافع الخوف من انهياره كمؤسسة مصرفية. لكن هذه الحركة تختلف عن الذعر المصرفي التقليدي في أنَّها متعمدة ومدّبرة مسبقاً.
يزعم مؤيدو تلك الحركة أنَّه إذا سحب ما يكفي من الأفراد أموالهم من منصات التداول، سوف يؤدي ذلك إلى فضح أمر منصات التداول التي تعمل كبنوك بنظام الاحتياطي الجزئي (أي لا تحتفظ سوى بجزء بسيط للغاية من أموال المودعين نقداً ومتاحاً للسحب)، بل وربما إسقاط تلك المنصات أيضاً.
من بين مؤيدي الحركة شخصيات بارزة مثل الرئيس السابق لشركة سمبيونت Symbiont كايتلين لونغ، ورائد العقود الذكية نك زابو، ورئيس قسم التكنولوجيا بمنصة كوين بيس Coinbase بالاجي سرينيفاسان، والمدير التنفيذي لمنصة كوين كايت CoinKite؛ جميعهم وضعوا شعار “إثبات المفاتيح” واضحاً جلياً على حساباتهم لدى موقع تويتر Twitter. المفارقة أيضاً أنَّ هناك شركات مختصة بالبتكوين، مثل شيب شيفت Shapeshift وكازا Casa، قدمت دعمها الكامل لتلك الجهود.
إحكام القبضة على عملات البتكوين
إذن، ما الذي يتوجب على المشاركين بالحركة فعله؟ إما لا شيء أو كل شيء؛ حسب وجهة نظر المستخدم نفسه.
تتمثل المهمة الأولى للحركة في أن يُحكِم المستخدمون قبضتهم على مفاتيحهم الخاصة: صحيح أنَّ عملة البتكوين “غير قائمة على الثقة”، إلا أنَّ معظم المستخدمين يسلّمون أصولهم من العملة طواعيةَ لطرف ثالث يتولى مهمة الاحتفاظ بها وإدارتها نيابةً عنهم. لكن المخاطرة في ذلك هي أنَّ المستخدمين سوف يخسرون كل ما يمتلكونه من البتكوين في حال تعرضت تلك الخدمة للاختراق (أو للتعطل لأي سبب آخر).
وعليه، يرى مؤيدو “إثبات المفاتيح” أنَّه لابد للمستخدمين من نقل مفاتيحهم الخاصة إلى جهاز ما، على سبيل المثال: محفظة صلبة آمنة، يمنحهم التحكم الكامل في أموالهم فعلياً.
أما المهمة الثانية للمستخدمين، فتتمثل في تكوين “عقدة كاملة” للبتكوين تتولى الاحتفاظ بسجل بكل ما تم إجراءه من معاملات للبتكوين والقواعد التي تربط الشبكة العالمية ببعضها؛ بهذه الطريقة، يمكن التحقق من المعاملات المطابقة للقواعد دون الاعتماد على أي طرف آخر (وقد وضع المطورون آلاف الدلائل الإرشادية لكيفية إنشاء مثل تلك العقد. بالإضافة إلى أنَّه يمكن شراء عُقد جاهزة للاستخدام فوراً أيضاً).
قد يبدو ذلك معقداً للغاية، لكن بعض المستخدمين نفذوه بالفعل ونشروا النتائج على موقع تويتر. فضلاً عن أنَّ مؤيدي الحركة يقولون إنًّ تجربة التعلّم تستحق العناء (مهما استغرقت من وقت).
إذ نشر رئيس قسم التكنولوجيا بمنصة كوين بيس Coinbase، بالاجي سرينيفاسان، تغريدة على موقع تويتر قال فيها: “إنَّ تعلم كيفية تنفيذ ذلك سوف يعلّمك الكثير عن المفاتيح الخاصة والسيادة النقدية”
وهو ما أيّده ترايس ماير، الذي أضاف قائلاً: “كل من لا يريد لك أن تمتلك مفاتيحك الخاصة بنفسك هو عدوّك المالي: هم لا يريدون أن تكون لك مطلق الحرية والاستقلال في التصرّف في أموالك؛ وهذه هي حقيقة الأمور ببساطة”.
مع ذلك، ينبغي للمستخدمين المشاركين في الحركة توخي الحذر.
إذ كتب المستخدم باشكو، وهو مُراقب مجهول الهوية لأحد المنتديات الفرعية للبتكوين على موقع ريديت Reddit، موضوعاً نشر فيه مجموعة من النصائح من أجل إتمام عملية الانتقال بأمان، قال فيه: “هناك مخاوف مبررة من أنّّ بعض الأفراد سوف يسحبون أموالهم من منصات التداول وهم لا يعرفون كيف يمكن لهم تخزينها بطريقة آمنة”.
إعلان للحرب أم دعوة لنشر المودّة؟
لعلكم تتساءلون الآن: ما الأثر الذي قد يترتب على يوم “إثبات المفاتيح” بالضبط؟
أحد الجوانب المربكة لهذا اليوم، الثالث من يناير/كانون الثاني 2019، هو أنَّه اليوم الرسمي لحركة “إثبات المفاتيح”، مع ذلك لن يشارك جميع المشاركين في الحركة في اليوم ذاته: بعض المستخدمين كانوا يعملون قبل ذلك اليوم على إحكام قبضتهم على مفاتيحهم بالفعل، وكانوا ينشرون نتائج ذلك على حساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي.
هذا إلى جانب أنَّه سيكون من العسير للغاية تتبع كم من أفراد مجتمع البتكوين سينضمون إلى هذه الحركة، وفقاً لما صرّح به ماير لموقع كوين ديسك CoinDesk؛ إذ قال: “لا شك أنَّه نشاط شخصي للغاية، لذا يصعب قياسه حقاً”.
لكن وفقاً للتصريحات التي ينشرها بعض المستخدمين، ويصفون فيها حركة “إثبات المفاتيح” بأنَّها “عيد استقلال البتكوين” و”إعلان للحرب على السيادة النقدية“، يبدو أنَّ الغاية النهائية للحركة هي أن ينقل جميع مستخدمي العملات المشفرة مفاتيحهم دفعة واحدةً إلى جهاز يمكنهم التحكم به، وأن ينشئوا عُقداً كاملةً على جهاز صلب فاخر؛ مما من شأنه أنَّ يجعل منصات تداول البتكوين شيئاً من الماضي.
من الناحية الأخرى، يتوقع ماير ألا تأتي النتائج مدمرة إلى هذا الحد؛ بل أن تكون أقرب إلى محاولة للتقارب.
فقد صرّح ماير لموقع كوين ديسك قائلاً: “أتوقع أن تواصل أغلب الشركات والأفراد العمل كالمعتاد دون أي عوائق تُذكر، مع تدعيم الخصائص اللامركزية لشبكة البتكوين؛ لتسود روح الإنجاز والمودّة بين العديد من الأفراد ومجتمع البتكوين”.
واعترف مؤيدون آخرون لحركة “إثبات المفاتيح” أيضاً، من جانبهم، أنَّ بعض المستخدمين يفضّلون سهولة الاستخدام أكثر من أي شيء آخر لأنَّهم لا يمتلكون بالضرورة الوقت أو الحماسة اللازمين لتخزين ما يملكونه من البتكوين بأمان ولإنشاء العُقد الكاملة.
فكما قال أحد المستخدمين على موقع ريديت: “إذا كانت الحركة ستساعد الوافدين الجدد أو المحترفين حتى على إنشاء محافظهم بأنفسهم والبدء بفهم طريقة تخزين أصولهم، ولو قليلاً، عظيم! لكنني لا أتوّقع أن يكون لها أي أثر بالغ الأهمية”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.