لماذا تصدر جزر مارشال عملتها المشفرة الخاصة

ديفيد بول، وزير الدولة لشؤون البيئة بجزر مارشال، ينشر مقالاً بموقع كوين ديسك CoinDesk عن الأسباب وراء إصدار جزر مارشال لعملة مشفرة خاصة بها.

استخدمت جمهورية جزر مارشال منذ تحولها إلى دولة ديمقراطية مستقلة سنة 1979،  الدولار الأميركي عملة لها. اليوم نحن نمضي قدماً في خطتنا التي تهدف إلى إصدار عملة سيادية رقمية مستقلة، باستخدام تقنية البلوكتشين.

أصدرنا السنة الماضية قانون العملة السيادية، معلنين عن نيتنا إصدار عملة جديدة، وهي السوفيرين المارشالي (SOV)، والتي سنستخدمها بجانب الدولار. إصدار العملة هو إحدى صلاحيات أي دولة ذات سيادة، ولكن ما سبقنا به غيرنا هو أننا اخترنا إصدار عملتنا السيادية باستخدام تقنية البلوكتشين.

اتخذنا ثلاث قرارات رئيسية عندما قررنا إصدار عملتنا. كان قرارنا الأول هو إصدار العملة اعتماداً على تقنية البلوكتشين. هذا أمر ضروري بالنسبة لنا في جزر مارشال، لأسباب سأعرج عليها فيما بعد. القرار الثاني هو النمو في إمداداتنا المالية سيكون معلوماً مسبقاً ومنيعاً ضد التقلبات. و أخيراً وليس آخراً سيكون الامتثال لها جزء لا يتجزأ من لبروتوكول العملة، هذا مع الحفاظ على خصوصية الأفراد.

فتح ظهور تقنية البلوكتشين عالماً من الفرص للدول الصغيرة مثل دولتنا. الاعتماد على العملة الورقية التقليدية، يضع جزر مارشال على الجانب الضعيف والهش من المعادلة المالية العالمي، والإذعان لهذه المعادلة ينهك موارد البلاد. يرسل الكثير من مواطنينا النقود ويتلقونها باستخدام خدمات التحويل، ويدفعون رسوماً تصل إلى 10 % عن كل تحويل. حتى الأشياء البسيطة مثل الحصول على ماكينة صرف آلي وتثبيتها يصبح أمراً معقداً عندما تكون وسط المحيط الهادئ.

لكن تحويلات البلوكتشين تكون أسرع وأبسط وأرخص. كما أنها أكثر أماناً، لأنها تتكرر في شبكة لامركزية. والأهم، رغم تعقيدها الرياضي والتقني، فإن شبكة البلوكتشين بسيطة جداً. البنية التحتية الوحيدة اللازمة لإصدار عملة رقمية قائمة على البلوكتشين هي الشبكة نفسها. لا نحتاج لإنشاء بنك مركزي وتسيير طبع و معالجة الأوراق المالية.

اخترنا وضع نظام إمداد مالي ثابت مع نمو ثابت لأن العملات الورقة قد تصير غير مستقرة. فمثلاً، انخفض البيزو الأرجنتيني مؤخراً بنسبة 15% في يوم واحد، في حين لم تعد عملة فنزويلا صالحة للاستخدام، بغض النظر عن النوايا والأسباب. سياسات البنوك المركزية الكبرى ليست مطمئنة، تشهد بذلك أسعار الذهب و البتكوين (BTC). يجب علينا كحكومات أن نتبع نهجاً أكثر استقراراً واستدامة في التعامل مع الأموال، وأن لا ننظر إليها كمورد غير محدود.

باتباع قاعدة k% لميلتون فريدمان، سيزيد إمداد عملتنا بنسبة 4% ثابتة كل سنة. ستوزع السوفيرين المارشالي الجديدة تلقائياً على حاملي العملات والكيانات اللامركزية التي تؤمن الشبكة. يعني هذا أننا في الحكومة لن نستطيع تعديل إمدادات النقود، و لن نستطيع التلاعب بقيمة عملتنا بطبع نقود أكثر.

أخيراً، يجب أن تلقى عملتنا قبولاً على المستوى الدولي. بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول أصبح غسيل الأموال و تمويل الأرهاب من أهم التهديدات التي اتفق المجتمع الدولي على محاربتها. لكن دون عملة خاصة بنا والتزاماً بالأنظمة القائمة، من الصعب علينا أن نسهم بشكل كبير في هذه الحرب أكثر من مجرد الالتزام بالقواعد والتشريعات القائمة. لكن عبر عملتنا الرقمية المبنية على البلوكتشين، بإمكاننا أن نؤتمت جزءاً كبيراً من عبء الالتزام ونلعب دوراً فاعلاً على الساحة الدولية. 

يجب أن يعرف كل فرد يستخدم السوفيرين المارشالي من متحقق معتمد من اختياره، سواء كان بنكاً أو صرافاً. سيغلق هذا ثغرات السرية وإخفاء الهوية التي يستغلها المجرمون والإرهابيون. لكن مع ذلك يجب أن يتمتع الأفراد بقدر مناسب من الخصوصية، تحديداً القدرة على اختيار وقت كشف المعلومات وما الذي يكشفون عنه ولمن. نحن ملتزمون بتقديم هذه الخصوصية في عملة السوفيرين المارشالي.

تتعاون جزر مارشال مع الهيئات التشريعية الدولية لضمان التزام العملة بكل الضوابط وإدماجها في النظام المالي العالمي. في الحقيقة، العملة مصممة من البداية لمنع إساءة استخدامها، على خلاف العملات الورقية. 

لسنوات، بحثت جزر مارشال في كيفية تعزيز اتصالها بالنظام المالي العالمي. وعبر إصدار عملة لا تمتلك هيئة مادية وبإمكانها السفر عبر العالم لحظياً، وتكون منيعة ضد التذبذبات وآمنة بالكامل، وستتصل جذر مارشال أخيراً بالنظام المالي العالمي بشروطها الخاصة.

قد يبدو  إصدار جزر مارشال لعملة قائمة على تقنية البلوكتشين، أمراً مفاجئاً للبعض. لكن في الحقيقية عاش شعب جزر مارشال على أنظمة لامركزية لمئات السنين. بالنسبة لشعب يتجاوز تعداده بالكاد 50 ألف نسمة يعيشون على أكثر من ألف جزيرة في المحيط الهادئ، فإن النظم المركزية ليست عديمة الكفاءة وحسب بل وعاجزة بالكامل عن تلبية حاجات المواطنين. منحتنا تقنية البلوكتشين الفرصة أخيراً لنيل استقلالنا المالي بطريقة تعكس القيم المارشالية. وننوي التشبث بهذه الفرصة بريادة ومسؤولية.