سكوت إيه شاي هو الشريك المؤسس ورئيس بنك سيغنتشر بنيويورك Signature Bank of New York ومؤلف كتاب نية حسنة: تأملات في الدين والإلحاد In Good Faith.
إن السماح لشركة فيسبوك Facebook بصك عملتها الليبرا Libra قد يحولها إلى أكبر حالة احتكار ليس لها منافس في التاريخ. وربما تجعل عائلة مورغان أو روكفيلر تبدوان تنافسية بكل ما في الكلمة من معنى.
وحتى قبل أن تكشف فيسبوك عن رؤيتها لعملة مشفرة عالمية، كانت بالفعل شبه احتكارية في وسائل التواصل الاجتماعي، وجزء من احتكار ثنائي في أسواقها الرئيسية. إذ أنها مع شركة غوغل Google، تتحكمان في 82 بالمئة من سوق الدعاية الرقمية.
وفيما سبق، اشترت فيسبوك أي شركة كانت تمثل تهديداً لها مثل إنستغرام Instagram وواتساب WhatsApp. وعندما كانت تلاحظ شركة ليست للبيع أو سيكون شراؤها صعباً، كانت تستخدم أسلوب “التبني، والتحسين، والإخماد”.
إذ رأت فيسبوك شركة سناب Snap Inc. (مبتكرة سناب شات Snapchat) تنافس جزءً صغيراً من امتيازها، لذلك تبنت أفضل سمات سناب وأدرجتها في تطبيقها. وحالياً، تأمل فيسبوك في إخماد سناب كمنافسة لها. قارن بين أداء أسهم سناب وفيسبوك، وعلى الأرجح ستضع رهانك على فيسبوك.
ولكن المسألة ليست مجرد ممارسات فيسبوك التجارية التي تثير القلق.
إذ لا تفرض فيسبوك ولا غوغل رسوماً على منتجاتها الاستهلاكية، مما يحجب حقيقة أن التتبع الشامل للمستهلك هو منتجها الحقيقي. وفي حالات كثيرة، تكون بياناتها أفضل من ما قد تكون جمعته المخابرات الروسية (KGB) أو المخابرات الأميركية (CIA) منذ 20 سنة. وبالتأكيد بياناتها أرخص ثمناً بكثير، بما أنها تقدم طوعاً وسهل الوصول إليها.
ولا نود أن تملك وكالاتنا الحكومية هذا النوع من السلطة، وينبغي لنا أيضاً ألا نرغب في أن تكون هذه السلطة في أيدي الشركات.
وقد أظهرت فيسبوك وغوغل بالفعل قوتها السياسية. إذ باحتكارهما الثنائي لدعاية التسويق الرقمي، حولت هذه الشركات طبيعة الأخبار. ولا تستطيع سوى بعض المواقع الإخبارية، مثل ذا وول ستريت جورنال The Wall Street Journal ونيويورك تايمز The New York Times، مقاومة تأثير جاذبيتهما وتستمر في جذب المعلنين المباشرين إلى جانب المشتركين.
ويجب أن تستخدم معظم الصحف الأخرى إعلانات غوغل، والتي توفر قدراً أقل بكثير من الإيرادات للمنفذ الإعلامي، وتفحص قراءها، وتجبر الصحف على كتابة عناوين ملفتة للانتباه. وتكون الإعلانات بالنسبة للقراء في مكانها الصحيح بسبب جبل المعلومات الذي يمكن إدخاله في خوارزمياتهم. وينطبق المثل على محتوى الأخبار المشاهد على فيسبوك.
والآن مع مشروع الليبرا، تريد فيسبوك زيادة قوتها الاحتكارية أضعافاً مضاعفة عن طريق الوصول إلى معلومات لا نظير لها عن عاداتنا الشرائية الاستهلاكية. وإذا سمح لها استكمال مشروع الليبرا، سيكون لدى الشركة التي تعرف كل مزاج لك وتتحكم افتراضياً بالأخبار التي تراها أيضاً إمكانية وصول إلى أعمق نظرة ثاقبة على أنماط إنفاقك.
تهديد للخصوصية
وبالطبع ستتحدث فيسبوك بورع عن ضوابط الخصوصية وحرصها على المستهلك، ومع ذلك مازالت ستتوصل إلى طريقة لبيع البيانات أو سيتوصل لها نيابة عنها الآخرون الذي يشترون البيانات.
وبالإضافة إلى ذلك، مع ثراء بيانات التواصل الاجتماعي التي تجمعها فيسبوك باستمرار، يمكن إعادة معايرة البيانات مجهولة المصدر لفصل معلومات وتفضيلات معينة مرتبطة بالأفراد. وتدعي فيسبوك، إلى جانب المجموعات الاحتكارية الأخرى التي تبحث عن الريع، مثل إي باي eBay، وأوبر Uber وماستر كارد Mastercard، أنها لن تفعل ذلك.
وبصراحة تامة، ليس هناك أي سبب لتصديق تلك الوعود. إذ أن ثقافتها قائمة بصورة صارمة على مخاوف العلامة التجارية والدخول إلى البيانات الشخصية. وبالإضافة إلى ذلك، اختراقات وسائل التواصل الاجتماعي شائعة جداً حالياً لدرجة أننا اعتدنا عليها.
ويمكن أن يحظى المستهلكون بفوائد آلية الدفع المشفر دون السماح لفيسبوك بالحصول على مزيد من السلطة. وفي قطاع الخدمات المالية، كانت مؤسستي، بنك سيغنتشر، أول من قدمت نظام الدفع الذي تتيحه البلوكتشين طوال الوقت على مدار الساعة. وكما هو متوقع، تحاول مؤسسات أخرى مثل جاي بي مورغان JPMorgan، أن تحذو حذونا وبلا شك ستكون منافسة لنا يوماً ما.
والبنوك والمؤسسات المالية محدودة في إمكانية وصولها إلى المعلومات وإرسالها، وذلك لأسباب وجيهة. وعلى الجانب الآخر، إذا أسست فيسبوك عملة الليبرا، لن يكون لدى أي منافس آخر نفس إمكانية الوصول إلى بياناتها، وبالتالي لن يكون له نفس الفرصة في سوق مدفوعات المستهلكين.
وبهذه الطريقة، تتماشى الليبرا مع أسلوب أعمال فيسبوك الاحتكاري.
وكذلك، سيكون احتكار المعلومات الذي ستحظى به فيسبوك مشابهاً لما تحظى به الحكومة الصينية ولكن تحتاج إلى جدار الحماية العظيم للتنفيذ. وستؤدي القوى الاحتكارية إلى نفس النتيجة بوسائل مختلفة.
دعوة إلى التحرك
ويجب التحرك بسرعة لوقف الليبرا وتفكيك شركات التكنولوجيا العملاقة، ليس من أجل رفاهية المستهلكين بل من أجل مصلحة الأمة.
والخطوة الأولى هي إجبار فيسبوك على بيع أو فصل إنستغرام، وواتساب وتشينسبيس Chainspace، وهي شركة البلوكتشين الناشئة التي استحوذت عليها وعينت الفريق الذي وراءها في وقت مبكر من العام الحالي 2019.
وينبغي مطالبة فيسبوك أيضاً بتوفير موقع إلكتروني موازٍ بلا إعلانات و”بلا جمع للمعلومات” مدعم باشتراكات مقابل رسوم. وبمرور الوقت، قد يوفر ذلك بعض الشفافية فيما يتعلق بقيمة معلومات المستهلك التي تهدى حالياً لفيسبوك.
ويجب إجبار غوغل على بيع أو فصل يوتيوب Youtube، ودبل كليك Double Click والكيانات الإعلانية الأخرى، والخدمات السحابية، وأندرويد Android. وبالمثل تحتاج أمازون Amazon إلى تفكيك جذري لأنها أيضاً تشكل خطراً شاملاً على السوق الشفافة. (تعد أليكسا Alexa مثالاً بارزاً على المعلومات الخاصة التي تجمعها أمازون عن حياة المستخدمين وعاداتهم الشخصية).
ولا يمكن أن ينتظر تفكيك تلك الشركات العملاقة إلى ما بعد انتخابات 2020. إذ يجب اتخاذ هذا الإجراء على أساس مؤيد من الحزبين في أقرب وقت ممكن.
وحتى بمجرد تجريد فيسبوك، يجب أن تظل منفصلة عن التجارة بسبب المخاوف المتعلقة بالخصوصية. والكونغرس، الذي قرر عقد جلسات استماع عن الليبرا الشهر القادم يوليو/تموز، له حق في التدخل.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.