تتنبأ مجموعة ماكرو تريندز Macro Trends بأزمة ركود اقتصادي عالمي تلوح في الأفق. يأتي القلق من الركود العالمي جراء التقرير الذي نشر حديثاً عن الناتج الإجمالي المحلي والذي يوضح أن معدل النمو في الصين هو الأبطأ منذ عام 1990. فإذا كان الركود العالمي على وشك الحدوث، فإن كثيرين يعتقدون أن العملات المشفرة، وعلى رأسها البتكوين، ستنتفع من وراء هذا.

 

صندوق النقد الدولي (IMF) يرصد بطءً شديداً في النشاط الاقتصادي

 

هناك عدد من المؤشرات التي تتنبأ بكساد اقتصادي. في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، حذر صندوق النقد الدولي من أن اتفاقية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي Brexit ستشكل صدمة قاسية للاقتصاد البريطاني.

 

وجاء في نشرة صندوق النقد الدولي للأسواق المالية: “أسهم كل من زيادة التوترات التجارية مع تخوفات بشأن السياسات المالية الإيطالية والقلق بشأن العديد من الأسواق الناشئة بالإضافة لما حدث في نهاية العام من إغلاق الحكومة الأميركية، في هبوط أسعار الأسهم خلال النصف الثاني من عام 2018. ومن الممكن أن تحدث العديد من الأحداث المحفزة في الاقتصادات الرئيسية المهيكلة التي قد تؤثر بالسلب على انطباع المستثمرين ومن ثم إعادة تسعير حادة للأصول في ظل أعباء متزايدة من الديون”

 

وأوضحت إحصائيات نشرت في 21 يناير/كانون الثاني أن معدل نمو الناتج الإجمالي المحلي في الصين تباطأ ليصل إلى 6.6% في عام 2018، وهذا هو المعدل الأبطأ منذ عام 1990.

 

ستعلو مكانة العملات المشفرة كبديل للدولار

 

إذا لاحظنا استمرار تدهور النشاط الاقتصادي، فماذا يعني هذا بالنسبة للعملات المشفرة؟ قال المؤسس الشريك ومدير شركة كوسيمو فينتشرز Cosimo Ventures سياران هاينس: “في حال حدوث ركود اقتصادي، قد تؤثر العديد من العوامل على العملات المشفرة بناءً على متى حدث الركود وما هي أسبابه. فإذا حدث الركود في سوق تقليدية في المستقبل القريب، وكانت أسبابه هو انخفاض العرض في الدولار، والتي شكلت جزءً مهماً في أزمة عام 2008، فمن المحتمل حينئذ حدوث أزمة سيولة وتدهور في قيمة الأسواق المتعلقة بالأصول السائلة، مثل الذهب.

 

أوضح هاينس أن تلك العملات المشفرة غير المستقرة قد تلاقي سقوطاً مدوياً وأنه من المحتمل حدوث تدفق على العملات المستقرة المدعومة بالدولار. ولن يرغب العديد من حاملي العملات المشفرة في تحويل عملاتهم إلى عملات رسمية، وقد نشاهد فرق في سعرالسوق لهذه العملات المشفرة قريباً. وأضاف هاينس قائلاً: “أما العملات المستقرة الضعيفة -وهي العملات التي تعتمد على الخوارزميات فقط، أو ليس لديها احتياطي حقيقي كامل من الدولارات- فستُختبر أو يتم تداولها بهدف الربح حتى تنهار”.

 

إذا حدث الكساد القادم فيما بعد، ولأسباب وعوامل مختلفة مثل ضعف الثقة في الدولار الأميركي نفسه، حينئذ سنرى نتائج مختلفة تماماً عما سردناه سابقاً. يتوقع هاينس: “ستلاقي العملات المشفرة ترحيباً ودعماً كبديل للدولار الأميركي. وبالتالي، ستباع العملات المستقرة المدعومة بالدولار بكثافة وبالتالي ستختبر قدرتها على حفظ القيمة”.

 

نزوع إلى الأصول العينية مثل الذهب


وقال كاي سي تشانغ، المدير التنفيذي لشركة ديجيكس Digix التي تعمل في تحويل الأصول لتوكنات، أنه إذا كان الركود العالمي بصدد التأثير على العملات الحكومية وقوتها الشرائية، فإننا سنشاهد اندفاعاً نحو الأصول العينية كالذهب.

 

وقال تشانغ: “لطالما كانت المعادن النفيسة ملاذاً آمناً في أوقات الاضطراب الاقتصادي ولديها القدرة على الصمود أمام تقلب الأسواق المالية العالمية. فإذا كان الركود سيؤثر على القوة الشرائية للعملات الرسمية، بالنسبة لأولئك الذين يعرفون من قبل فوائد العملات المشفرة؛ فنتوقع زيادة حماسهم لشراء البتكوين، بينما أولئك الذين يواجهون صعوبة في التآلف مع سوق العملات المشفرة، فسيزداد اهتمامهم بدخول هذا المجال”.

 

وفقاً لدراسة قامت بها مجموعة بيتمكس ريسيرش Bitmex Research، فإن البتكوين كانت تُعد من الأصول الآمنة في الفترة بين عام 2011 و2013. بعدها اتخذت شكل الأصول ذات “المخاطرة”، فعلى سبيل المثال، أدت البتكوين أداء قوي جداً في عام 2017 بجانب رأس مال سوقي عالٍ في أسهم الشركات التكنولوجية الصينية. وجاء في الدراسة أن التوجه نحو الأمان والسيولة الآن سوف يؤثر بالسلب على أسعار البتكوين والعملات المشفرة. لكن إذا استطاعت البتكوين العودة مجدداً لتشكل نوعاً من الأصول الآمنة في بيئة تراجع اقتصادي، فسيعود هذا بنتائج إيجابية جداً للبتكوين. وأشارت المجموعة أنها بالرغم من ذلك لم تر أي دلائل على هذا الأمر حتى الآن.

 

العملات المشفرة هي احتماء من جنون الاقتصاد الكلي

 

هل ستصبح العملات المشفرة حصناً في مواجهة الانهيار الاقتصادي؟ قال الشريك المؤسس لشركة هوريزن Horizen روبرت فيجليوني: “بقدر رغبتي في الإيقان بأن العملات المشفرة هي الأصول المثلى في أوقات الكوارث، إلا أننا لا نمتلك بيانات كافية للنزوع إلى هذا الاستنتاج. من المنطقي أنه ليس هناك تغير مشترك بين عوائد البتكوين وعوائد أي أصول أخرى حتى الآن، لكن كل ما لدينا هو بيانات 10 سنوات فقط. وشعوري هو أنه عندما تنضج أسواق العملات المشفرة فستظهر بعض علاقات السوق العامة. ومع ذلك، فإن العملات المشفرة تمثل الآن ملاذاً آمناً من جنون الاقتصاد الكلي”.

 

وأوضح نيد ميرس، رئيس قسم المنتجات في شركة ألفابوينت Alphapoint، المقدمة لخدمات تكنولوجيا السجلات الموزعة، أنه عند التفكير في وضع الأصول المشفرة في حالة ركود اقتصادي محتمل، فهناك اعتبارين أساسيين:

 

  • أولاً، إذا كانت القيمة الذاتية للعملات الرسمية قد تتأثر بمصداقية السلطة التي أصدرتها، فإن العملات اللامركزية محصنة من هذا التأثر إذ ليس لها نفس علاقة التأثير.
  • ثانياً، بالقدر الذي تحدد به توكنات الأمان قواعد الدفع وتزيد به شفافية الأرصدة عبر السجلات الموزعة، فإن التبني المتسارع لتقنية البلوكتشين قد يحسن مدى الشفافية في الأرصدة- كان هذا جزءً من أزمة عام 2008.

 

ويأمل العديد من مناصري العملات المشفرة أن يدفع الركود القادم العملات المشفرة إلى الأمام حتى تأخذ مكانها بين العامة. ففي أوقات الاضطراب الاقتصادي، سيندفع المستثمرون دائماً نحو الأصول الآمنة التي تصمد أمام تقلب الأسواق المالية العالمية. وحتى الآن، أثبتت البتكوين أن لديها عديداً من الخصائص التي يتميز بها الأصل الآمن دائماً- الذهب.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.