رأي: البتكوين (BTC) هي، إلى حدٍّ بعيدٍ، العملة المشفرة الأشهر والأكثر شيوعاً. وتستحوذ كذلك بصورةٍ كليةٍ على سوق العملات المشفرة، كما تدل عليه حصتها السوقية التي تزيد عن 50 بالمئة من اجمالى رأس المال السوقى لجميع العملات المشفرة .

إلا أن هناك عملةً أخرى تحقِّق حالة استخدامٍ ستظل مطلوبةً على الدوام. وظهرت هذه العملة، مثل البتكوين، استجابةً لانتهاك الحكومات خصوصيات الأفراد. الأمر الذي يمنحها موقف العملة التي لن تفشل، طالما تستمرُّ في مواكبة التطورات في فضاء العملات المشفرة.

العملة المقصودة هي المونيرو (XMR). وبسبب تركيزها على الخصوصية التامة، وثقافة الأناركية وإخفاء الهويَّات المحيطة بها، حفرت العملة لنفسها موطأ قدمٍ في السوق. وفي الوقت ذاته، تُمَثِّل جانباً مظلماً من العملات المشفرة، إذ تؤدِّي دور الوجه الآخر من عملة البتكوين.

وقد تصدَّرت البتكوين نفسها المشهد بفضل استخدامها على سوق الإنترنت العميق الشهيرة المعروفة باسم سيلك رود Silk Road. وكان هذا الموقع بؤرةً للاتِّجار في المواد غير الشرعية، والأسلحة النارية، وغيرها إلى درجة أن القتلة المرتزقة كانوا يعرضون خدماتهم عليه. وتتَّسم سوقٌ من هذه الفئة بمخاوف بالغةٍ حول الخصوصية، وهي حالة استخدامٍ كانت البتكوين في مهدها على استعدادٍ لتحقيقها.

ونظراً لكون عناوين المحفظات هي العوامل الوحيدة للتعرُّف على معاملات البتكوين، صارت خاصية إخفاء الهوية التي قدَّمتها ملائمةً بالفطرة للمعاملات المشبوهة التي كانت تجري في السوق.

وبدأ التجَّار على الموقع يقبلون البتكوين بمبالغ كبيرةٍ، مما أدَّى إلى تصدُّر البتكوين عناوين صحفٍ لا حصر لها، وأسهم باستمرارٍ في ترسيخ صورة البتكوين كعملةٍ مستَعمَلةٍ في المعاملات التجارية غير الشرعية.

ولكن حينما بدأت منصَّات التداول تربط الهويَّات بعناوين المحفظات، التي يمكن بسهولةٍ تعقُّبها من خلال طبيعة البلوكتشين التي تتميَّز بالشفافية، تضاءلت الاستخدامات الإجرامية للبتكوين. ونجم عن هذا خلق مساحةٍ لكي تتصدَّرها عملةٌ أخرى، وقد فعلت.

صدرت عملة المونيرو (XMR) شهر أبريل/نيسان 2014، وكان اسمها الأصليُّ هو البتمونيرو BitMonero، وكانت نتاج عملية فورك من قاعدة تشفير البايتكوين (BCN). وباتت فيما بعد قائمةً على خوارزمية إثبات العمل كريبتو نايت CryptoNight، المنبثقة عن بروتوكول كريبتو نوت CryptoNote. وهي مختلفةٌ عن البتكوين، لأن هناك اختلافاتٍ واضحةً تتَّصف بها هذه الخوارزمية في ما يتعلق بمزايا الخصوصية.

إذ تنبع خصوصية المونيرو على نحوٍ رئيسيٍّ من توقيعاتها الحلقية وعناوينها الخفية. وتوفِّر التوقيعات الحلقية خصوصيةً لمُدخَلات المعاملات عن طريق مَزجِها بمجموعةٍ من المُدخَلات المشابهة. ويُصَعِّبُ هذا الربط بين المعاملات.

ويجب أيضاً وضع العناوين الخفية التي تنتج من كل معاملةٍ عين الاعتبار. إذ يلغي هذا فعلياً القدرة على اكتشاف عنوان الجهة الحقيقي للمعاملة. فلا يعرف العناوين الحقيقية سوى من أرسلوا المعاملات واستقبلوها. وهناك أيضاً خاصيةٌ تُعرَف باسم المعاملات الحلقية السرية، التي تُخفِي المبالغ المُحَوَّلة.

وجعلت جميع هذه المميزات عملة المونيرو الاختيار الأول لإجراء المعاملات مجهولة الهوية. إلى جانب أن من يرغبون في إجراء المعاملات مجهولة الهوية “يخلطون” عملاتهم بالمونيرو لأجل تحقيق أقصى درجةٍ من الخصوصية.

وشهِدت العملة ارتفاعاً صاروخياً في استخدامها عام 2016، بالتزامن مع تزايد استخدام المونيرو لتنفيذ هجمات برمجيات الفدية ransomware وفي السكريبتات التي تعدن العملة.

بإيجازٍ، بينما تتَّجه كافة العملات المشفرة نحو الالتزام بالقواعد التنظيمية وتنمو كفئاتٍ من الأصول المالية، تتمسَّك المونيرو برؤيتها الأناركية الرأسمالية التي تمخَّضت عن البتكوين. وبسبب نشاطها على الجانب المظلم للأسواق التي ستظلُّ دوماً موجودةً طالما هناك أشياء معينةٌ غير شرعيةٍ، لا تزال المونيرو هي الملاذ الأخير لنشطاء التشفير من أنصار الخصوصية.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.