“يجب التوقف عن محاولة إعادة اختراع العجلة النقدية فيما يخص البيتكوين”، يقول Robert Skidelsky، عضو مجلس اللوردات البريطاني والأستاذ الفخري للاقتصاد السياسي في جامعة وارويك، بحسب bitcoinist.
الرجل العجوز يحتج على البيتكوين
يستخلص Skidelsky في مقالة نشرت الأسبوع الماضي، أوجه الشبه بين الذهب والبيتكوين، مستنتجًا خطأ اعتقاد وجود عيوب في المال نفسه تؤدي للاقتصادات “المريضة”، وبعبارة أخرى فإن دورات الازدهار والكساد هي أحداث طبيعية، والنظام المالي الحالي هو أفضل ما يمكن أن يفعله البشر، إذا استطاعت الاقتصادات الضعيفة فقط أن تتماسك.
يقول Skidelsky: “الحقيقة هي أن المجتمعات البشرية لم تجد طريقة أفضل للحفاظ على قيمة الأموال ثابتة تقريبًا غير الاعتماد على البنوك المركزية لممارسة السيطرة على إصدارها والعمل بشكل مباشر أو غير مباشر على حجم الائتمان الذي أنشأه النظام المصرفي التجاري”.
ولنترك نقاش Keynes مقابل Hayek لمقال آخر، وبدلاً من ذلك فإن ما يبرز بوضوح مثل الشمس ليس فقط الرضا بالوضع القائم والدفاع المتعجل عنه، بل أن القيام بذلك يتم من خلال تجاهل خصائص البيتكوين الأساسية.
ومن المدهش أن Skidelsky يقر بأن: “التفاصيل التقنية لأنظمة توليد النقد الجديدة يصعب فهمها؛ لكن إلهامهم ليس كذلك”، ولربما قال شخص في أوائل القرن العشرين أن: “التفاصيل الفنية للطائرة يصعب فهمها؛ إنما ليس الإلهام”، ومن ثم فإن المحاولة المجردة لتحسين المال هي محل نقد؛ لأن كل المحاولات السابقة فشلت في التوصل إلى أي شيء أفضل من مصنع الورق الحالي، المتمثل في النظام المالي. ويستبعد Skidelsky أن تكون البيتكوين مجرد محاولة أخيرة لاستخدام التقنية الجديدة “لإيقاف النقد من أن يصبح أسوأ”.
دعونا نلقي نظرة على بعض الأمثلة على التصريحات الخاطئة التي أدلى بها أستاذ الاقتصاد السياسي الفخري:
الكذبة الأولى: البيتكوين نشأت من اللاشيء
” من المفارقات أنه على الرغم ان البيتكوين نشأت من اللاشيء، فإنها لن تقدم أي إمكانية لخلق الأموال”، أولًا البيتكوين لم تنشأ من اللاشيء، ثانياً بما أنها تم قبولها كوسيط للتبادل في عدة أماكن عبر الإنترنت ويتم تداولها عبر العالم مقابل خدمات وبضائع، فإنها واقعيًا نقود.
علاوة على ذلك فإن الطاقة ومهارات كتابة الأكواد البرمجة والموارد والوقت الذي يتم إنفاقه على تطوير وإنتاج البرامج والأجهزة، تلك فقط بعض المكونات المطلوبة لتشغيل وصيانة شبكة البتكوين، كما أنها أيضًا مدعومة بشبكة موزعة عالمية من المستخدمين الذين يوافقون جميعًا على اللعب وفقًا لقواعد الشبكة لمصلحتهم الخاصة، ووفقًا لقانون Metcalfe، فإنه كلما زاد عدد المستخدمين في هذه الشبكة، كلما أصبحت قيمة البتكوين أكبر.
الكذبة الثانية: البيتكوين ليست مرنة
“سوف يتم تعدين البيتكوين بكميات متناقصة إلى أن يتم استنفاذها في عام 2040، بعد أن يتم تعدين 21 مليون قطعة نقدية رقمية، وبعبارة أخرى لا توجد مرونة في العملة، سوف نصطدم بنفس مشكلة المعيار الذهبي: عدم توفير ما يكفي من المال لدعم نمو الاقتصاد والسكان”.
أولاً: فإن تقدير Skidelsky للمدة الزمنية متأخر بحوالي قرن، حيث سيتم استخراج آخر عملة بيتكوين في عام 2140، على الرغم من أن معظمها سيدخل العرض بحلول عام 2030.
ثانياً لم تكن المشكلة أبداً بالذهب نفسه، وإنما كانت تحطيم الذهب وبالتالي تشويه القيمة. على سبيل المثال، يعتقد معظم العلماء أن “قطع” من العملات الذهبية، هي المسؤولة إلى حد كبير عن سقوط الإمبراطورية الرومانية، ويضمن دفتر البتكوين العام -الموثق وغير القابل للتعديل- أن الشبكة النقدية لا يمكن العبث بها، على عكس ما يحدث في الأوراق المالية.
ثالثًا: على عكس الذهب، فإن البتكوين مجرد اسم لوحدة رقمية (يتم تحديد قيمتها بالسوق)، مما يجعلها قابلة للقسمة إلى حد كبير، وفي الواقع أصغر وحدة ممكنة هي مائة مليون من بتكوين واحد (0.00000001 BTC) – تسمى “ساتوشي satoshi”- لذا من الممكن إرسال أجزاء صغيرة من بنس واحد بأسعار السوق الحالية، وهذا ما لا يمكن القيام به حتى مع استخدام النقود الورقية اليوم، ناهيك عن النقود المادية أو النقود المعدنية.
هذا في الواقع يجعل البتكوين الشكل الأكثر مرونة من أي نقود تم إنشاؤها سابقًا، مثل 21 مليار وحدة رقمية تساوي تقريبا 2099999997690000 (أكثر من 2 كوادريليون) ساتوشي satoshis، وفقًا للحسابات المقدمة هنا، وأكثر من ذلك، أن التطبيقات الجديدة من الطبقة الثانية المبنية اعتمادًا على البلوكتشين مثل شبكة Lightning، سوف تتيح القدرة على إرسال كميات أقل.
الكذبة الثالثة: نقص حجم العملة سيؤدي إلى “الاكتناز”
“نقص المعروض من النقود، سوف يزيد من التوجه لاكتناز البتكوين. الاكتناز هو مصطلح ازدرائي للادخار، وإذا لم يكن هناك ادخار فلن يوجد رأس مال، ولا يمكن أن تكون هناك رأسمالية بدون رأس مال”.
إن حجة “دوامة الموت الانكماشية” ضد الأموال هي نظرية مبالغ فيها، يكرسها الاقتصاديون التابعين لنظرية Keynesian، والتي تم دحضها هنا، في الواقع يزعم البعض أن الادخار يؤدي إلى زيادة الاستهلاك على المدى الطويل، ويشرح Saifedean Ammous هذا المفهوم في كتابه The Bitcoin Standard قائلاً: المجتمع الذي يرجئ الاستهلاك باستمرار، سينتهي به المطاف في الواقع إلى مجتمع يستهلك أكثر على المدى البعيد من مجتمع مدخراته منخفضة، حيث يستثمر المجتمع صاحب نسبة الادخار الأعلى أكثر، مما يؤدي إلى زيادة الدخل لأعضائه، وحتى مع توجيه نسبة أكبر من دخلهم للادخار، فإن تلك المجتمعات سوف تحقق في نهاية المطاف مستويات أعلى من الاستهلاك على المدى الطويل، فضلاً عن مخزون رأسمالي أكبر”.
الكذبة الرابعة: التضخم
“العملات الرقمية لا تقدم أي ضمانات تجاه التضخم”. لا يحدد Skidelsky التضخم الذي يشير إليه، التضخم في العرض النقدي أم التضخم في الأسعار، وعلى الرغم من أن الاثنين مرتبطان ببعضهما البعض، إلا أن الأخير هو سمة متكاملة من العملات الورقية، التي تضمن انخفاض قيمتها بمرور الوقت، مع طباعة المزيد من النقود.
عاجلاً أم آجلاً، سوف يصبح الحافز للحكومات والبنوك المركزية لطبع المزيد من المال مغري على حساب السكان، ويشار أحيانًا إلى التضخم باسم “الضرائب الخفية” التي يسهل فرضها على المواطنين مقارنةً بالضرائب المباشرة.
من ناحية أخرى فإن الإمداد النقدي للبيتكوين ليس تحت السيطرة فحسب، بل هو شفاف بالكامل ومعروف للجميع، حتى إمداد الذهب لا يمكن التنبؤ به بدقة، في حين أن 21 مليون وحدة رقمية -التى سوف تتواجد- هي خاصية رئيسية لبروتوكول البيتكوين الذي يسهم في ندرتها الرقمية.
بعبارة أخرى فإن ملايين الناس حول العالم الذين يستخدمون البيتكوين اليوم يعرفون أن العدد المعروض محدد، مما يؤدي إلى تحديد أسعار أكثر دقة للسلع والخدمات، ومن المهم أيضًا ملاحظة أن الأشخاص الذين يستخدمون البيتكوين يفعلون ذلك طواعية؛ لتخزين ثرواتهم ونقل أموالهم.
البيتكوين فكرة ثورية
مع ظهور العملات الرقمية، أصبح لدى البشر -ولأول مرة في التاريخ – الآن الحرية في اختيار أموالهم، هذا يعتبر حدثًا ثورياً؛ لأنه على مر التاريخ كان هناك دائماً بعض السلطة المركزية، سواء كانت الدولة أو الكنيسة أو بنوك cartel أو احتكار النقود لفترات طويلة “عقودًا” أو حتى بالقوة.
ومن خلال المقارنة، نتبين أن العملات الورقية هي التي لا توفر الأمن ضد التضخم، في الواقع تم تصميم العملات الورقية بشكل خاص من أجل النمو إلى أجل غير مسمى، حيث يتم التحكم في معدل الانبعاثات من قبل مجموعة من المصرفيين غير المنتخبين من خلال وضع أسعار الفائدة المصطنعة، وسوف يُمهد الطريق من خلال إدراك المزيد من الناس أنهم يستطيعون الآن الانسحاب من هذا النظام عن طريق شراء البيتكوين، والخبر السار هو أن الناس الآن لديهم خيار بين المصرفيين الذين يثقون في البنوك أو شبكة نقدية لامركزية طوعية بدون أي مسؤول.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.