كان طريق عملة البيتكوين (BTC) مليئاً بالعقبات في عام 2022، كما كان حال بقية سوق الأصول الرقمية، إذ بدأت العملة المشفرة عام 2022 بسعر تداول يحوم حول الـ46,700 دولار، ويجري تداولها حالياً بانخفاضٍ يتجاوز الـ64% عند 16,560 دولاراً في وقت كتابة التقرير.
وبالتالي سنجد أن رأس المال السوقي للعملة هبط من 900 مليار دولار تقريباً في الأول من يناير/كانون الثاني 2022، إلى نحو 320 مليار دولار في نهاية العام نفسه، بحسب موقع Cointelegraph الأمريكي.
ويمكن أن يُعزى انخفاض سعر البيتكوين إلى الظروف الاستثنائية التي مرت بها سوق التشفير بالكامل خلال العام، لكن يظل من المهم إعادة تقييم توقعات العديد من كيانات السوق للأسعار في عام 2022. ولا شك أن أحد أشهر التوقعات كان نموذج نسبة المخزون إلى التدفق S2F الخاص بالبيتكوين من المحلل PlanB.
إذ توقع نموذج المخزون إلى التدفق أن يقترب سعر البيتكوين من حاجز الـ110 آلاف دولار في ديسمبر/كانون الأول عام 2022، لكن العملة المشفرة أنهت العام بسعر تداول أقل من المستهدف بنسبة 85% تقريباً، ما يثير التساؤلات حول مدى صحة نموذج السعر المذكور. وتُستخدم نماذج المخزون إلى التدفق لتسعير السلع في الأسواق التقليدية عادةً، لأنها تمثل اثنين من المتغيرات المرتبطة بالأصل: ألا وهي المخزون والتدفق. ويشير المخزون هنا إلى المعروض الحالي الإجمالي من الأصل، بينما يشير التدفق إلى المعروض الجديد من الأصل سنوياً.
وتحدث أنتوني ترينشيف، الشريك المؤسس والإداري في نيكسو Nexo، إلى موقع Cointelegraph الأمريكي، عن رأيه حول مدى صحة نموذج التوقع هذا. حيث قال: “هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر على سعر البيتكوين مثل طلب السوق، والتغييرات التنظيمية، والتطورات التقنية. ويُعَدُّ نموذج المخزون إلى التدفق بمثابة أداة يمكن استخدامها للتنبؤ بسعر البيتكوين المستقبلي، لكن من الضروري أن نضع في اعتبارنا أنها أداة تعتمد على افتراضات محددة وليست دليلاً مستقبلياً حاسماً”.
وبعيداً عن نموذج المخزون إلى التدفق، سنجد عدة نماذج أخرى تستخدم في محاولة التنبؤ بسعر البيتكوين في المستقبل القريب والبعيد على حدٍّ سواء. وتعتبر نظرية موجة إليوت ونظرية التموج المفرط من أشهر تلك النماذج، وترجع أصول هذه النماذج إلى أسواق المال التقليدية أيضاً، لكن نجاحها في التنبؤ بسعر البيتكوين كان محدوداً نسبياً في الواقع.
فشل نماذج التسعير مع دخول البيتكوين في العام الجديد
بدأت عملة البيتكوين رحلتها كأصل قبل نحو عقدٍ تقريباً، لهذا يمكننا القول إن هذه العملة المشفرة لا تزال في المراحل الوليدة لاستكشاف سعرها، وخاصةً عند مقارنتها بسلع كالذهب أو الفضة أو غيرها من أسهم التقنية القيادية مثل أبل ومايكروسوفت. وربما توجد أنواع مختلفة من التوقعات لسعر البيتكوين، لكن يجب أن نتذكر محدودية البيانات الدورية المتوافرة التي يجب إدخالها في تلك النماذج.
وأردف ترينشيف أن هناك العديد من النماذج والمناهج المختلفة التي يمكن استخدامها في محاولة التنبؤ بسعر البيتكوين، إذ يستخدم البعض التحليل الفني الذي يتضمن دراسة السعر التاريخي وبيانات الحجم من أجل تحديد الأنماط والاتجاهات، ويستخدم البعض الآخر التحليل الأساسي، الذي يتضمن تقييم العوامل الكامنة التي تؤثر على عرض وطلب الأصل. وليس هناك نموذج أو منهج واحد يمكن اعتباره الأكثر اعتماديةً عالمياً في التنبؤ بسعر البيتكوين، بل من الضروري مراعاة العديد من العوامل عند اتخاذ أي قرارات استثمارية.
واتفق الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة البلوكتشين Solidity.io، أليكس ماكوري، في الرأي مع ترينشيف، حيث صرح ماكوري لموقع Cointelegraph قائلاً: “تُعَدُّ عملة البيتكوين من الأصول التي لا يمكن التنبؤ بها على الإطلاق، والشيء الوحيد المؤكد فيما يتعلق بالبيتكوين هو القيمة الأساسية الكامنة في شبكة البيتكوين، والقيمة التي تقدمها لأصحاب الحيازات والمستثمرين. ونتيجةً لذلك، يستطيع المرء التنبؤ بمعدلات التبني والقيمة بعيدة المدى، وسط مناخ الاقتصاد الكلي بمرور الوقت، لكن يظل من المستحيل توقيت سعرٍ محدد بشكل مثالي”.
وتستطيع إحدى الجوانب المهمة قلب اتجاهات سعر البيتكوين، ألا وهي جانب الخدمية أو المنفعة.
إذ ليست شبكة البيتكوين من الشبكات المتوافقة مع العقود الذكية، ولهذا تعد منفعة الأصل مقصورة على مجال الدفع، لكن هذا الأمر بدأ يتغير ببطء، وبدأت العملة الآن في تقديم منفعة أكبر من ذي قبل مدعومةً بشبكة لايتنينغ.
وتُمثل شبكة لايتنينغ بروتوكول مدفوعات من الطبقة الثانية، وهي مبنية فوق شبكة البيتكوين لإتاحة إجراء معاملات سريعة وسلسة بين النظيرين. وتساعد لايتنينغ في تحسين قابلية التوسع للشبكة بشكلٍ كبير. وأعلنت شركة مايكل سايلور، MicroStrategy، مؤخراً أنها ستطلق مجموعة برامج وحلول لشبكة لايتنينغ في عام 2023.
وتواصل شركة MicroStrategy كذلك إضافة عملات البيتكوين إلى خزائنها، حيث استحوذت الشركة على 2,395 عملة بيتكوين بمتوسط سعر يبلغ 17,181 دولاراً بين الأول من نوفمبر/تشرين الثاني و21 من ديسمبر/كانون الأول الماضي، بإجمالي قدره 42.8 مليون دولار. ثم باعت الشركة 704 عملات بيتكوين عند سعر 16,776 دولاراً لأغراض ضريبية، وذلك بإجمالي قدره 11.8 مليون دولار يوم 22 ديسمبر/كانون الأول. وأعادت الشركة بعدها شراء 810 عملات بيتكوين في 24 ديسمبر/كانون الأول، مقابل 13.6 مليون دولار نقداً. وأفادت بيانات BitcoinTreasuries بأن إجمالي حيازة الشركة يصل إلى 132,500 بيتكوين الآن، أي ما يعادل 2.2 مليار دولار حتى وقت كتابة التقرير.
بينما نشرت شركة VanEck العالمية لإدارة الاستثمارات 11 توقعاً للعملات المشفرة في عام 2023، وزعمت في أحد توقعاتها أن سعر البيتكوين سينخفض إلى منطقة الـ10,000-12,000 دولار خلال الربع الأول، “وسط موجة من إفلاسات المعدنين”، قبل أن يرتد إلى منطقة الـ30,000 دولار مرةً أخرى في النصف الثاني من 2023.
ويتفق ماكوري مع ذلك التوقع، حيث صرح قائلاً: “أنا مقتنع بأن عملة البيتكوين سترتد مرةً أخرى في 2023، وأشعر أنها ستحقق خلال 2024 ارتفاعات قياسية تفوق ذروتها المسجلة في 2021 عند 69,000 دولار”.
فيما أضاف ترينشيف: “من المحتمل أن يرتد سعر البيتكوين إلى مستوى الـ30,000 دولار في النصف الثاني من 2023، لكن من الضروري أيضاً أن نضع في اعتبارنا مدى شدة تقلب سعر البيتكوين، الذي يمكن أن يتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل”.
سوق المشتقات واستكشاف سعر البيتكوين
رغم طبيعة سعر البيتكوين المتقلبة وغير المتوقعة، تُعَدُّ سوق المشتقات من المؤشرات المهمة على المشاعر الحالية والمستقبلية.
إذ كشفت بيانات Coinglass أن سوق عقود البيتكوين الآجلة تحتوي على عقود مفتوحة بقيمة تتجاوز الـ9 مليارات دولار. وفي الوقت ذاته، يستقر حجم العقود المفتوحة في سوق عقود خيارات البيتكوين عند 3.4 مليار دولار، وتوجد 76% من تلك العقود المفتوحة على منصة ديريبيت Deribit.
وتحدث لوك ستريجرز، الرئيس التجاري في ديريبيت، إلى موقع Cointelegraph عما تكشفه بيانات الخيارات لعام 2023، حول مشاعر السوق تجاه سعر البيتكوين. حيث قال: “تصل نسبة البيع/الشراء، في يونيو/حزيران 2023، إلى 0.24، وهي نسبة منخفضة نسبياً. وتشير هذه النسبة ضمنياً إلى مشاعر صعودية في المعتاد، نظراً لوجود طلبات شراء أكثر بثلاثة أضعاف من عروض البيع. ويصل سعر الخسائر القصوى إلى 19,000 دولار، ما يدل على اتجاه صعودي محتمل. وسيتمركز المستثمرون عند أسعار التنفيذ المرتفعة (20,000، و25,000، و30,000 دولار). ومن الواضح أن العائد سيكون منخفضاً عند أسعار التنفيذ المرتفعة، لكنها قد تمثل رهاناً على ارتفاع السعر أكثر، أو تُستخدم لتوليد العائد بواسطة بائعي عقود الشراء”.
ويمكن تعريف سعر الخسائر القصوى بأنه نقطة السعر التي تضع أكبر عدد من عقود الخيارات في حالة خسارة. وأردف ستريجرز قائلاً: “يبدو المستثمرون وكأنهم على مقاعد البدلاء الآن، في انتظار أي أخبار عن الصناعة منذ انهيار إف تي إكس FTX، لكنهم ينتظرون وصول أي أخبار من الاقتصاد الكلي أيضاً، إذ وصلنا إلى قيعان جديدة وسط التقلبات الضمنية، بينما أصبحت السيولة أقل من الطبيعي في الوقت الراهن”.
وبعيداً عن شكوك السوق، من المحتمل أن تؤدي التشريعات المقبلة في 2023 إلى إحلال بعض الاستقرار في السوق، بالتزامن مع شعور المستثمرين بفرض رقابةٍ أكبر على السوق، وشعورهم بثقة أكبر بالتبعية. وتشمل تلك التشريعات كلاً من لائحة الأسواق في الأصول المشفرة MiCa الخاصة بالاتحاد الأوروبي، ومشروعي قانون لوميس- غيليبراند، وقانون وارين- مارشال في الولايات المتحدة.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.