إذا لم تتابع فوضى انهيار منصة إف تي إكس FTX، فيمكنك معرفة بعض التفاصيل في السطور التالية. حيث كان رئيسها التنفيذي السابق سام بانكمان-فرايد محبوباً ومعروفاً بكونه “الملياردير الطيب”، وذلك بفضل تبرعاته المؤثرة وكونه من أنصار فلسفة “الإيثار الفعال”.

وبدأت الحماقات المالية للمنصة في الظهور على الملأ بعد إعلان إفلاسها، ليُطلق عالم التشفير صيحة حربه مرةً أخرى ولسان حاله يقول: “ليست العملات ملكاً لك إذا لم تكن مفاتيحها الخاصة في جيبك”. 

تُعتبر هذه العبارة من شعارات اللامركزية، التي تحذر أصحاب حيازات العملات المشفرة من أن عليهم الاحتفاظ بها في محافظ الوصاية الذاتية، إذا كانوا يريدون تأمين أصولهم.

فما الذي ينتظر تقنية البلوكتشين مستقبلاً بعد انهيار الثقة في منصات التداول المركزية، مثل إف تي إكس؟ هذا ما تجيب عنه مجلة Forbes الأمريكية.

إذ تُقدم منصات مثل كوين بيس Coinbase وإف تي إكس وبينانس Binace ميزةً لن تستطيع الحلول اللامركزية تقديمها مطلقاً، ألا وهي سهولة الاستخدام. ويتجه الناس إلى تلك المنصات المركزية للسبب نفسه الذي يدفعهم إلى الثقة في البنوك، بغرض إيداع أموالهم فيها بدلاً من الاحتفاظ بها “تحت البلاطة”. وتسمح المنصات المركزية للأفراد أن يستعينوا بمصدر خارجي لحفظ الأصول المالية، مع تسهيل عملية إدارتها.

بينما تحتل بعض المحافظ مثل ميتاماسك Metamask وغيرها من محافظ الخدمة الذاتية موقعاً في عالم التشفير، لكن جاذبيتها واستخداماتها ستجعلان موقعها متخصصاً دائماً. حيث يعتمد تبنّي أي خدمة على مدى سهولة استخدامها والقيمة التي تقدمها للمستهلكين. بينما تجد الشركات أن أسهل طريقة لتحقيق ما سبق تأتي من خلال إضفاء طابع المركزية على تلك الخدمات المعقدة، وتبسيطها للمستخدمين.

ونشهد على المدى القصير حالة نفور من المنصات المملوكة لشركات كبرى تحتجز أصول المستخدمين نيابةً عنهم، لكن يظل من المستبعد أن ينمو عالم البلوكتشين الذي نعرفه اليوم بهذه الطريقة. وإذا استمر الوضع على هذا المنوال، فمن المرجح أن نشهد انكماش هذا المجال أكثر على صعيد المستخدمين والتطبيقات.

ويُستخدم مصطلح “شتاء التشفير” لوصف فترة الهبوط الحالية في قيمة العملات المشفرة، وتراجع تمويل رؤوس الأموال الاستثمارية للشركات الناشئة القائمة على البلوكتشين. وخلال شتاء التشفير، تسعى العديد من الشركات مسبقة التمويل لاستغلال هذه الفترة في البناء والاستعداد للأسواق الأفضل حالاً. لكن ماذا لو كانت الطبيعة المضاربية لهذه الصناعة ليست بسبب الصناعة من الأساس؟

ولا شكّ في أن تطبيقات البلوكتشين التي شهدناها حتى الآن تعتمد على نماذج مالية مضاربية للتداول، بدايةً من البيتكوين (BTC) والعملات البديلة ووصولاً إلى الرموز غير القابلة للاستبدال والميتافيرس. ويمكنك وصف مثل هذه الصناعة بأنها صناعة تمويل في أفضل الأحوال، وصناعة مقامرةٍ في أسوئها. لكن التمويل والمقامرة هي صناعات يمكنها الاعتماد على التقنية، وقد فعلت ذلك تاريخياً. ويمكن لمثل هذه الصناعات استغلال تقنية البلوكتشين تحديداً، لكن صناعتي التمويل والمقامرة لا تحتاجان إليها.

ويُمكن اعتبار البلوكتشين تقنيةً كأي تقنية أخرى مثل قواعد البيانات أو الجافا سكريبت، أي أنها أداة يمكن للمطورين والشركات الاستفادة منها إذا كانت ستخدم أهدافهم واحتياجاتهم. لكن وصف البلوكتشين بأنها صناعة وليست تقنية ربما يكون أكبر خطأ ارتكبناه في هذه الأزمة برمتها. فما الذي كان سيتغير لو وصفنا إف تي إكس بأنها مجرد منصة تداول غير مرخصة؟ هل كانت صفحات تاريخها ونموها ستُكتب بأسطرٍ مختلفة؟

ستظل تقنية البلوكتشين موجودةً للأبد، وهي تقنية ستجد استخداماتها في تطبيقات متخصصة وقوية. ومن المؤكد أن كل ضربة تتلقاها الصناعات القائمة على البلوكتشين ستُجبرنا على إعادة التفكير في موقع البلوكتشين على المشهد التقني. إذ لا نشير إلى شركةٍ ما بأنها من شركات لغة الاستعلامات المهيكلة SQL (تقنية قواعد بيانات) مثلاً، فلماذا نفعل ذلك مع تقنية البلوكتشين؟

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.