يجري تصميم غالبية شبكات البلوكتشين في صورة قواعد بيانات لا مركزية تعمل كسجلات رقمية موزعة. وتُخزّن سجلات البلوكتشين البيانات في بلوكات أو كتل مُرتبة زمنياً، ومرتبطة بأدلة إثبات مشفرة. 

وقد خرجت شبكات البلوكتشين من مهدها وأصبح بإمكان الشركات الاستفادة منها في صورتها الناضجة اليوم، بعيداً عن تطبيقاتها البديهية داخل المؤسسات المالية؛ حيث استفادت العديد من الشركات من تطور تقنية البلوكتشين التي تُحسّن معايير الأمان داخل البيئات الخالية من الثقة.

لكن لكل عملة وجهان؛ إذ تحتاج شبكات البلوكتشين لمساحة تخزين أكبر، كما تعتبر أقل فاعلية، مقارنةً بقواعد البيانات المركزية. وربما أحرزت تقنية البلوكتشين تقدماً كبيراً منذ ظهورها، لكن بعض التحديات التي تواجهها لا تزال بحاجةٍ إلى حل قبل أن يجري تبني البلوكتشين على نطاقٍ واسع في المعاملات اليومية، بحسب صحيفة Financial Express الهندية.

قابلية التوسع

تتمتع شبكات البلوكتشين بقابلية توسع محدودة، على عكس نظيراتها المركزية. وإذا استخدمت شبكة البيتكوين Bitcoin من قبل، فأنت تُدرك على الأرجح أن سرعة تنفيذ المعاملات تعتمد على مدى ازدحام الشبكة. 

ويمكن القول ببساطة إن احتمالات بطء تنفيذ المعاملات ترتفع مع انضمام المزيد من الأشخاص والعقد إلى الشبكة. وهناك فارق كبير بين سرعة إجراء المعاملات على شبكة البيتكوين، وبين نظيرتها على شبكة فيزا Visa؛ إذ تتوقف سرعة إجراء معاملة البيتكوين حالياً عند 4.6 ثانية. 

بينما تستطيع شبكة فيزا إجراء 1,700 معاملة في الثانية. ويكمن الحل في إجراء المعاملات خارج البلوكتشين، ثم استخدام تقنية البلوكتشين لتخزين البيانات والحصول عليها فقط. وتوجد بعض الطرق الجديدة للتعامل مع مشكلة التوسع، ومنها استخدام حلول بلوكتشين ذات تصاميم معمارية مختلفة أو شبكات بأذونات.

التخزين

يجري تخزين قواعد بيانات البلوكتشين بشكلٍ دائم على جميع عقد الشبكة، مما يطرح مشكلة التخزين؛ حيث تظل كمية البيانات الممكن تخزينها على حاسوب شخصي محدودة. ويزيد حجم قاعدة البيانات مع زيادة حجم المعاملات. 

ولهذا من الممكن أن تصبح سجلات البلوكتشين ضخمةً للغاية بمرور الوقت. وتحتاج بلوكتشين البيتكوين حالياً إلى مساحة تخزين تقارب الـ200 جيجابايت. لكن يبدو أن حجم شبكات البلوكتشين يتطور بوتيرةٍ أسرع من تطور أقراص التخزين الصلبة، ومن الممكن أن تفقد الشبكة بعض العقد إذا أصبح السجل أكبر من أن يستطيع المستخدم العادي تنزيله وتخزينه.

الأمان

تُوفر شبكات البلوكتشين أماناً أكبر من المنصات الأخرى. لكن هذا لا يعني أنها آمنة بالكامل. حيث توجد العديد من الطرق التي قد تُعرض شبكة البلوكتشين للاختراق، ومن بينها:

  1. هجمات الـ51%: إذ يمكن السيطرة على الشبكة في حال تحكم كيانٌ واحد في 51% من عقدها. وسيتمكن هذا الكيان عندها من تعديل السجل وارتكاب مخالفات الإنفاق المزدوج. ويمكن تنفيذ هذه الهجمات على الشبكات التي تخضع لسيطرة المعدنين أو العقد. ولهذا تقل احتمالية وقوع هجمات الـ51% على الشبكات الخاصة، وتزيد احتماليتها على نظيرتها العامة.
  2. الإنفاق المزدوج: تستخدم شبكة البلوكتشين آليات إثبات الحصة، وإثبات العمل، وغيرها للحيلولة دون الإنفاق المزدوج. ولا يمكن ارتكاب مخالفات الإنفاق المزدوج سوى على الشبكات المعرضة لهجمات الـ51%.
  3. هجمات الحرمان من الخدمات DDoS: تعتمد على غمر عقد الشبكة بطلبات من نفس النوعية، مما يؤدي إلى إبطاء الشبكة أو تعطيلها.
  4. خوارزميات البلوكتشين المشفرة تقلل أمان الشبكة. إذ تستطيع الخوارزميات أو الحوسبة الكمية فك التشفير. لكن حلول البلوكتشين الآن بدأت تستخدم خوارزميات تشفير مقاومة للحوسبة الكمية.

الخصوصية

تستطيع جميع عقد الشبكة الوصول إلى البيانات الموجودة على البلوكتشين العامة، رغم كونها مشفرةً ومجهولة الهوية. وبالتالي يستطيع جميع مستخدمي الشبكة الوصول إلى هذه البيانات بطريقةٍ شرعية. 

وتُستخدم بيانات المعاملات لتحديد هوية الشخص داخل الشبكة، كما تفعل مواقع الويب عندما تستخدم ملفات تعريف الارتباط ومتعقب الويب. مما يوضح أن تقنية البلوكتشين ليست آمنةً بالكامل مع الأسف.

استهلاك الطاقة

تستهلك شبكات البلوكتشين قدراً كبيراً من الطاقة بسبب التعدين. ويرجع أحد الأسباب إلى أن العقد الجديدة تتصل بكافة العقد الأخرى بمجرد إنشائها، من أجل بناء سجل موزع ومُحدّث باستمرار. 

وتعمل حلول البلوكتشين بطرق مختلفة. إذ لا تعاني الشبكات الخاصة أو ذات الأذونات من هذه المشكلة، نظراً لقلة عقدها. حيث تستخدم الشبكات الخاصة آليات بناء الإجماع؛ لأنها ليست بحاجةٍ إلى موافقةٍ شاملة. لكن المشكلة تظل قائمة عند استخدام شبكة مثل البيتكوين، التي تُعتبر أشهر شبكات البلوكتشين. 

ويمكن القول ببساطة إن الشبكات ذات الأذونات تستهلك طاقةً أقل من الشبكات العامة.

المفاتيح الخاصة

تُعتبر قدرة الأفراد على تأدية دور المصرف سمةً أساسيةً من أجل عمل تقنية البلوكتشين اللامركزية. لكن هذه القدرة تثير مشكلةً أخرى. إذ تُعتبر المفاتيح الخاصة ضروريةً من أجل الوصول إلى الموارد والبيانات المخزنة على البلوكتشين. 

ويجب الاحتفاظ بتفاصيل المفتاح الخاص الذي حصلت عليه أثناء إنشاء المحفظة، ويجب أن تحرص على عدم وصول أي شخص آخر إليه. وإذا فقد المستخدم مفتاحه الخاص، فلن يستطيع الوصول إلى المحفظة بعدها. 

ولا شك أن اعتماد البلوكتشين على المستخدمين يمثل أحد أوجه القصور. ويُعتبر هذا الأمر عيباً لأن المستخدمين لا يتمتعون بالقدر نفسه من البراعة التقنية دائماً، مما يزيد احتمالية وقوع الأخطاء.

عدم قابلية البيانات للتبديل

تعتبر عدم قابلية تبديل البيانات من العيوب الرئيسية لتقنية البلوكتشين. وربما تكون هذه الخاصية مفيدةً للأنظمة المالية وسلاسل التوريد. لكن عدم القابلية للتبديل تتحقق فقط في حال توزيع عقد الشبكة بشكلٍ عادل. 

وتصبح شبكة البلوكتشين عرضةً للخطر في حال امتلك كيان واحد نصف العقد على الأقل. أما مصدر القلق الآخر هنا فهو استحالة حذف البيانات بمجرد كتابتها على الشبكة. وإذا استخدم أحدهم منصةً رقمية قائمة على البلوكتشين، فلن يتمكن من محو سجلها مطلقاً.

التكلفة والتنفيذ

يحتاج تطبيق تقنية البلوكتشين إلى نفقات كبيرة تُدفع مقدماً. وتُعتبر غالبية حلول البلوكتشين مفتوحة المصدر، لكن الاستثمار فيها يظل باهظ الثمن نسبياً. وتتضمن النفقات توظيف المطورين، وإدارة فريق محترف في مختلف جوانب التقنية، وغيرها من الأوجه. ولا تنس تكاليف الصيانة أيضاً. 

ويمكن أن تتجاوز تكلفة تنفيذ مشروعات البلوكتشين داخل المؤسسات مبلغ المليون دولار. ولهذا فإن الشركات المهتمة بمفهوم التشغيل المتوافق ستجد عيباً آخر في تقنية البلوكتشين، وهو افتقارها إلى خاصية التشغيل المتوافق. 

وتوجد العديد من أنواع شبكات البلوكتشين التي تعمل كل منها بطريقة مختلفة وتحاول حل مشكلة تقنية السجلات الموزعة بأسلوبها؛ مما يسفر عن مشكلات مرتبطة بالتشغيل المتوافق عندما تعجز السلاسل عن التواصل بشكلٍ فعال. ويمثل التشغيل المتوافق مشكلةً للأنظمة التقليدية والقائمة على البلوكتشين على حدٍ سواء.

لكن تقنيات البلوكتشين الناشئة تقدم حلولاً أفضل من الشبكات القديمة. حيث نجحت شبكة الإيثريوم Ethereum مثلاً في علاج عيوبها بالانتقال إلى حل بلوكتشين أكثر فاعلية ويُتيح الأتمتة من خلال العقود الذكية. 

وطبقت الشبكة كذلك آلية إجماع إثبات الحصة، التي تعتبر أكثر كفاءة من إثبات العمل نسبياً. ويُمكن القول إن تقنية البلوكتشين تقدم بعض المزايا الفريدة رغم العيوب، ولا شك أنها ستظل موجودةً لسنوات. 

ومن المؤكد أن عشاق ومطوري البلوكتشين سيعثرون على طرق لتجاوز هذه العقبات في ضوء المكاسب المحفزة لهذه التقنية. ولا نزال بعيدين عن التبني واسع النطاق لهذه التقنية، لكن الشركات والحكومات ستواصل تجاربها النشطة على التطبيقات الجديدة لتقنية البلوكتشين خلال السنوات المقبلة.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.