عقد المواطنون في كينيا انتخاباتهم الوطنية في يوم الثلاثاء، التاسع من أغسطس/آب عام 2022، باستخدام نظام تصويت يحاكي بلوكتشين البيتكوين Bitcoin بدرجةٍ كبيرة. واعتادت الحكومات الإفريقية إقامة انتخابات فوضوية مليئة بمخالفات سوء السلوك وتزوير الأصوات الصريح. 

لكن الانتخابات الأخيرة شهدت أكثر الأنظمة شفافية على الإطلاق، بفضل اللجنة الكينية المستقلة للانتخابات والحدود، بحسب مجلة Forbes الأمريكية.

ورغم أوجه الشبه بين النظام وبلوكتشين البيتكوين، لكن كبار مسؤولي اللجنة يستطيعون تغيير تفاصيل تسجيل الناخبين أو نقلهم. بينما لا يوجد مدير منفرد يمكنه نقل عملات البيتكوين (BTC) أو تغيير معاملاتها.

علاوةً على أن أجهزة المقاييس الحيوية في مراكز الاقتراع كانت تحتوي على سجلٍ كامل، لكنها لا تسمح سوى بمشاركة الناخبين المسجلين في موقعها تحديداً. أما في شبكة البيتكوين، فبالإمكان توقيع معاملة المرء من أي عقدة على الشبكة. وربما وضعت اللجنة هذه الخاصية لضمان ألا يقوم أي شخص بالتصويت خرج المنطقة التي يعيش فيها.

ولا نعلم ما إذا كان مصمم النظام قد استمد الإلهام من شبكة البيتكوين بشكلٍ مباشر أم لا، لكن الخصائص المتشابهة بين الاثنين تكفي لإقناعنا بذلك. وإذا كنت تبحث عن نظام مضمون بلا أي نقاط عطل مفردة، فهل ستبحث في مكان آخر؟

ويمكن القول إن المقارنة بين بلوكتشين البيتكوين وبين نظام التصويت الكيني المستخدم في أغسطس/آب 2022 تعتبر مقارنةً مذهلة. إذ جرى تقسيم جميع مراكز الاقتراع إلى 46,229 وحدة، وجرى إحصاء وختم وقبول جميع الأصوات من كافة المراكز لتصبح جزءاً من السجل الدائم. وبالمقارنة، سنجد أن شبكة البيتكوين لديها نحو 14,951 عقدة مقسمة حول العالم، وفقاً لشركة Bitnodes لتحليلات البيتكوين.

ويجمع النظام بين أنظمة النقل الإلكترونية واليدوية لضمان الأمان، إذ يقوم جهاز المقاييس الحيوية (نظام إدارة الانتخابات الكيني المتكامل) بمسح الاستمارات الموقعة برمز الاستجابة السريعة QR، ثم إرسال نسخة إلى خوادم لجنة الانتخابات لتحليلها وإعداد التقارير. واستُخدِمت بطاقات الاقتراع المادية في صناديق الاقتراع كبروتوكول تحقق، بينما أدت الاستمارات المادية دور المعاملات الموقعة.

وتؤدي اللجنة الانتخابية بعدها دور الطرف الثالث، لتجمع وتحلل البيانات من مراكز الاقتراع المذكورة. ويتضمن هذا جمع كافة استمارات التصويت الموقعة يدوياً، والتحقق منها مع مسؤول الانتخابات وباستخدام النسخة الإلكترونية، ثم إحصاء تلك الأصوات في غضون سبعة أيام بعد الانتخابات لإعلان الفائزين رسمياً. وتسلّمت اللجنة حتى وقت كتابة التقارير 46,193 من أصل 46,229 استمارة للانتخابات الرئاسية وتحققت من صحتها، وتنتظر الـ36 استمارة المتبقية من أجل الإعلان عن نتائج الانتخابات.

وتتشابه سهولة إحصاء الأصوات مع طريقة جمع شركات مثل Chainalysis للبيانات من بلوكتشين البيتكوين بغرض نشر الرؤى التحليلية.

لكن آلية الإجماع تختلف عن تلك الخاصة بالبيتكوين. إذ يراقب ممثلو الأحزاب السياسية عملية الإدلاء بالأصوات بالكامل داخل مركز الاقتراع، ويحصون الأصوات ويوقعون على السجل في النظام الانتخابي بعد إغلاق نافذة التصويت مباشرة. وتتحول هذه النسخة بمجرد توقيعها إلى سجلٍ دائم. ويرسل ممثلو اللجنة بعدها نسخةً إلكترونية من الاستمارة الموقعة إلى المقر الرئيسي للجنة، ثم يجري إرسال الاستمارة المادية إلى الوجهة نفسها. كما يرسل ممثلو الأحزاب نسخاً إلى مقار أحزابهم الرئيسية لضمان الشفافية.

ولو كان النظام مقتبساً بالكامل من البيتكوين لكانت النسخة الموقعة من الاستمارة ستُرسل إلى كافة العقد الأخرى لتحديث جميع النسخ.

ويسمح كل مركز اقتراع بتسجيل 700 ناخب كحدٍّ أقصى، أي أن كل سجل يحتوي على 700 إدخال، بينما يصل حجم كتلة (بلوك) البيتكوين إلى 1 ميغابايت لكل بلوك.

ويحتاج التصويت الناجح إلى قيام الناخب بأخذ النسخة الأصلية من بطاقة الهوية الوطنية، والتوجه إلى مركز الاقتراع المسجل به، وتسجيل الدخول باستخدام ماسح المقاييس الحيوية الخاص باللجنة الانتخابية. أما توقيع معاملة البيتكوين فيتطلب امتلاك المرء لعنوان محفظةٍ عامة (تشبه بطاقة الهوية)، ومفتاح خاص (يشبه بصمات الأصابع في ماسح المقاييس الحيوية).

وبعد استقبال مقرات اللجنة الانتخابية للاستمارة من مركز الاقتراع والتحقق منها، يجري نشر الاستمارة على موقع اللجنة باعتبارها نسخةً رسمية، ويمكن للناخبين، وممثلي الأحزاب، ووسائل الإعلام، والمتابعين أن يقوموا بتنزيل البيانات ومقارنتها بنسخهم الخاصة من مراكز الاقتراع. ويمكنهم كذلك فرز الأصوات لتحديد الفائزين بالانتخابات قبل صدور النتائج الرسمية من اللجنة.

ويتشابه هذا مع الطبيعة العامة لسجل البيتكوين، حيث يمكن لأي شخص الاستعلام عن أي معاملة وعرض عنوان محفظتها.

وبمجرد تسجيل دخول الناخب إلى مركز الاقتراع باستخدام المقاييس الحيوية، يقوم الجهاز الماسح بإرسال توقيع إلكتروني إلى خوادم اللجنة الانتخابية لإخطارها بأن المواطن قد أدلى بصوته. وتمثل هذه الآلية حلاً لمشكلة التصويت المزدوج، بينما تحل بلوكتشين البيتكوين مشكلة الإنفاق المزدوج.

ويجري تخزين الأصوات في قاعدة بيانات اللجنة الانتخابية بنظام التصويت، ويحتاج المستخدم إلى توقيعها فقط. أي أنه يجري حفظ معلومات كل ناخب مسجل، وليس عليه سوى التوجه إلى مركز الاقتراع في يوم الانتخابات لتسجيل دخوله واختيار مرشحه المفضل. بينما يجري تخزين عملات البيتكوين على السجل في شبكة البيتكوين، وتستخدم مفاتيحك الخاصة فقط من أجل التوقيع على نقل عملاتك إلى عنوان عام آخر بعينه.

ويستوجب الفوز في الانتخابات الكينية حصول المرشح على 50% من الأصوات، بالإضافة إلى صوتٍ واحد آخر. ما يعني أنه في حال أراد شخصٌ ما سرقة الانتخابات، فسيكون عليه التلاعب ببيانات 50% من مراكز الاقتراع على الأقل، ما سيتطلب استثماراً هائلاً على صعيد الموارد، وتضمن هذه الآلية سلامة عملية التصويت.

وفي حال أراد شخصٌ أو أكثر اختراق شبكة البيتكوين، فسيحتاجون إلى السيطرة على 50% من العقد زائد عقدة واحدة، ما سيتطلب مجموعةً مهولة من الموارد، ويجعل البيتكوين بالتبعية أكثر الشبكات النقدية أماناً في العالم.

وإذا انقطع اتصال إحدى المناطق وتعطلت عملية التصويت، فسوف تظل المناطق الأخرى قادرةً على التصويت بسلاسة، وسيجري إلحاق البيانات المفقودة بمجرد معالجة المشكلة. أما في حال انقطع اتصال بعض المعدنين أو المستخدمين بشبكة البيتكوين، فستظل عملاتهم على الشبكة وسيجري إتمام معاملاتهم على البلوكتشين بمجرد عودة الاتصال.

وصممت اللجنة الانتخابية هذا النظام من أجل تقليل الحاجة إلى الثقة والسماح للمستخدمين بالتحقق من جميع السجلات. وتمثل عقد البيتكوين الجماعية نقطة العطل المفردة في شبكة البيتكوين، كما هو الحال مع مراكز الاقتراع الجماعية التي تمثل نقطة العطل المفردة في نظام تصويت اللجنة.

وتصبح المعاملة نهائية وقابلة للتحقق، ولا يمكن تعديلها أو عكسها، بمجرد توقيعها على شبكة البيتكوين. وتصبح الأصوات بالمثل نهائية وقابلة للتحقق، ولا يمكن تعديلها، بمجرد الإدلاء بها وتسجيلها وتوقيعها (ويمكنك فرز محتويات صناديق الاقتراع بنفسك).

ولا يجري الاحتفاظ بسجلات الأصوات في دفتر تسجيل الناخبين، حيث تخزن أجهزة نظام إدارة الانتخابات الكيني المتكامل دفتر الناخبين، وتمسح استمارات الاقتراع الموقعة، بينما لا تزال الأصوات داخل صناديق اقتراعها الخاصة، فيما يخزن سجل البيتكوين عناوين المحافظ والعملات معاً.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.