هل تظن أن جوجل ليست شركةً نشطة في الجيل الثالث للويب؟ حسناً، يمكننا القول إن محفظة الشركة الاستثمارية تشير إلى كونها منغمسةً بشدة في تقنية البلوكتشين والعملات المشفرة، بناءً على جولات الاستثمار التي شاركت فيها فقط.
إذ نشرت شركة أبحاث التشفير Blockdata مدونةً مُحدّثة يوم الثلاثاء 16 أغسطس/آب، تكشف هوية أنشط مؤسسات الاستثمار في مجال التشفير من سبتمبر/أيلول عام 2021 وحتى يونيو/حزيران عام 2022، بحسب موقع Gizmodo الأمريكي.
وأشار الباحثون إلى أن كبرى شركات التقنية مثل تينسنت Tencent، ومايكروسوفت Microsoft، وباي بال PayPal، وسامسونغ Samsung، وألفابيت Alphabet (أو جوجل) تضخ أموالاً ضخمة على شركات التشفير العادية والناشئة.
وتعتبر بعض هذه الشركات من أقدم الداعمين لتقنية البلوكتشين في العلن، مثل باي بال (ويرجع الفضل جزئياً إلى شريكها المؤسس بيتر ثيل). بينما كانت شركات أخرى مثل جوجل أكثر هدوءاً في دعمها. حيث قال رئيسها التنفيذي ساندر بيتشاي للمستثمرين في وقتٍ سابق من العام، إنهم “يتطلعون إلى البلوكتشين بكل تأكيد، لأنها تقنية قوية ومثيرة للاهتمام ولها تطبيقات واسعة”. وأردف رئيس جوجل أنهم يخططون للسماح لشركات البلوكتشين باستخدام الحوسبة السحابية، ويرغبون في دمج التوكنات غير القابلة للاستبدال والمدفوعات المشفرة في مختلف المنصات الأخرى. ومع ذلك لم نشهد أي أنباء أو تلميحات عن مشروعات بلوكتشين عامة حتى الآن في العام الجاري، رغم تكوين مجموعة بلوكتشين جديدة في يناير/كانون الثاني الماضي.
وستساعد اختيارات جوجل الاستثمارية في الإجابة عن السؤال حول الوجهة التي تريدها الشركة لتقنية البلوكتشين، أو ما ترغب الشركة في دمجه داخل بنيتها التحتية التقنية تحديداً. وشهد التقرير تربُّع شركة ألفابيت، الشركة الأم لجوجل، على رأس القائمة، مما يُظهر أنها كانت طرفاً في مجموعةٍ من أكبر استثمارات شركات التشفير خلال العام الماضي.
انتقادات من جوجل
وانتقدت جوجل طريقة هيكلة التقرير، قائلةً إن أرقامه ليست دقيقة، لأنها تُظهر الحجم الإجمالي لجولات التمويل المنفردة فقط، ولا تكشف عن حجم إسهام جوجل الحقيقي في كل جولة. وقال المتحدث باسم جوجل في تصريحٍ بالبريد الإلكتروني: “جمعت شركات البلوكتشين القليلة التي استثمرنا فيها 1.5 مليار دولار إجمالاً حسب التقرير، لكننا لم نستثمر سوى جزء بسيط من هذا الرقم بأنفسنا”.
وحتى لو كانت مساهمة جوجل الحقيقية أقل من الرقم الوارد في التقرير، فهم ما يزالون يستثمرون في تقنية البلوكتشين. وذهب جزءٌ من تمويل جوجل الإجمالي لشركات مثل Dapper Labs، الشركة المسؤولة عن مجموعة توكنات توب شوت غير القابلة للاستبدال NBA Top Shot، ومجموعة توكنات سترايك UFC Strike لمحتوى الفيديو. كما كانت الشركة المسؤولة عن كريبتو كيتيز CryptoKitties، وهي لعبة قائمة على التوكنات غير القابلة للاستبدال وتراجعت أسعار منتجاتها مؤخراً. وأفادت Dapper Labs بأنهم دمجوا أنظمة بلوكتشين فلو Flow الخاصة بهم مع البنية التحتية السحابية من جوجل.
ويزداد الأمر تعقيداً بسبب مشاركة ذراعين استثماريتين تابعتين لجوجل في عملية جمع التمويل هذه. إذ ساعدت GV (أو Google Ventures سابقاً) في تمويل Dapper Labs وشركة بنية تحتية مشفرة أخرى تدعى Voltage، التي حصلت على استثمارات إجمالية قدرها 6 ملايين دولار مطلع عام 2022. أما CapitalG، وهي شركة الأسهم الخاصة التابعة لجوجل، فقد شاركت في تمويل بقيمة 550 مليون دولار إجمالاً لشركة حيازة العملات المشفرة فايربلوك Fireblock، إضافة إلى الاستثمار في شركة استثمارات مخاطرة بالعملات الرقمية تُدعى Digital Currency Group.
ومن المؤكد أن هذه الاستثمارات جاءت قبل الانهيار الأخير لأسواق التشفير، الذي شهد قيام العديد من شركات التشفير القوية سابقاً بتسريح الآلاف من موظفيها. وتبين أن العديد من منصات تداول العملات المشفرة لم تكن موثوقة، حيث منعت مستخدميها من سحب أموالهم؛ خشية أن يفقدوا السيولة بالكامل. بينما رفعت Digital Currency Group، التي استثمرت فيها جوجل، دعوى بقيمة 1.2 مليار دولار ضد Three Arrows ،Capital وفقاً لتصريحات المصادر المطلعة على إجراءات التقاضي لوكالة Bloomberg الأمريكية. وThree Arrows Capital هي شركة انهارت وأُمرت بتصفية أعمالها في يونيو/حزيران، لتسقط معها العديد من شركات التشفير.
ورفض ممثل GV التعليق على طريقة اتخاذهم لقرارات الاستثمار.
وليست هذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها عن الاهتمام المالي الكبير من جانب جوجل بشركات البلوكتشين. إذ تستثمر جوجل في هذه التقنية منذ عام 2016، وفقاً لتقرير Blockdata. وكشفت التقارير السابقة أنهم ضخوا الأموال في شركات تشفير مثل الريبل Ripple، التي لا تقدم أداءً جيداً هي الأخرى بعد انهيار العملات المشفرة مؤخراً. وسبق لجوجل كذلك استثمار مبالغ أكبر في مجموعةٍ متنوعة من الشركات القائمة على البلوكتشين.
وهذا هو الفارق بين الماضي والحاضر. إذ قال محللو Blockdata إن قائمة الاستثمارات المحدودة تمثل محاولةً من الشركة للرهان بشكلٍ مُركّز على مجموعةٍ صغيرة من الشركات. لكن يظل من الصعب أن تحقق كل هذه الاستثمارات النجاح، رغم تصريحات رؤساء الشركة الطموحة عن تقنية البلوكتشين.
ورغم احتلال سامسونغ المرتبة الرابعة بين منافسيها على صعيد مساهمات التمويل، فإنها كانت رائدةً بينهم على صعيد عدد وتنوّع استثمارات التشفير التي دخلتها. حيث شاركت في 13 جولة استثمار رائعة على الأقل. وذهبت استثمارات إجماليةٌ قدرها 979.26 مليون دولار، لشركات مثل دانك بنك Dank Bank، وهي منصة توكنات غير قابلة للاستبدال تحاول تحقيق الأرباح من “ميمات الإنترنت وغيرها من اللحظات الأيقونية في تاريخ الإنترنت”. وخصصوا كذلك أموالاً أكثر ليوغا لابس Yuga Labs، وهم القائمون على مجموعة توكنات بورد آيب يخت كلوب Bored Ape Yacht Club. وقد أنهوا استثماراتهم بالشركة في شهر مارس/آذار. لكن أبريل/نيسان شهد تعرّض المستخدمين للاحتيال عبر حسابات إنستغرام وديسكورد الرسمية، حيث خسروا توكنات غير قابلة للاستبدال تصل قيمتها إلى 13.7 مليون دولار تقريباً. ومع ذلك قال مؤسسو يوغا لابس إن العديد من مبادرات بورد آيب العجيبة ما تزال تتقدم بكل قوة، مثل ميتافيرس بورد آيب.
وضخت سامسونغ كذلك الأموال في شركة Sky Mavis، صاحبة لعبة أكسي إنفينيتي Axie Infinity المشفرة الشهيرة. لكن هذا الاستثمار لم يصنع الأعاجيب؛ نظراً إلى أن جسر التوكنات الخاص باللعبة تعرض لواحد من أكبر الاختراقات في تاريخ التشفير خلال العام الجاري. وعانت اللعبة كثيراً حتى تستفيق من هذه الضربة، رغم أن اللاعبين بدأوا في الرحيل عن المنصة قبل أن يأتي المخترقون لسرقة أموال الجسر.
ولن ينجح كل استثمار بالطبع. وليس هناك فارق كبير بين محافظ الاستثمارات المتنوعة للشركات الكبيرة وأي مقامرةٍ أخرى، إذ يجب أن يضعوا في اعتبارهم العائد والمخاطرة على حدٍّ سواء. وكشف بحث Blockdata أن 81 من أصل أكبر 100 شركة عامة استثمرت أو تستثمر بشكلٍ أو بآخر في تقنيات التشفير. وشهد عام 2021 تسجيل أعلى مبلغ إجمالي للاستثمارات في شركات البلوكتشين على الإطلاق. إذ ارتفع إجمالي التمويل بـ14 ضعفاً منذ عام 2019 وحتى العام الماضي.
وشرحت Samsung Next، الذراع الاستثمارية لسامسونغ، في مدونة نشرتها مطلع العام الجاري، سبب استثماراتها الكبيرة في مشروعات الجيل الثالث للويب والبلوكتشين. وتحدثوا عن قيام مجتمع يوغا لابس بإثارة الضجة حول منتجاتهم، من أجل تضخيم قيمة التوكنات غير القابلة للاستبدال التي يمتلكونها، مما يؤكد أن الهويات الرقمية التي تمثلها التوكنات بدأت تتحول من هويات للتعريف الذاتي إلى “هويات مستعارة” أو مجهولة. وبالنسبة للعبة أكسي إنفينيتي، فقد أثنى الذراع الاستثمارية لسامسونغ على نموذج “العب لتكسب”، الذي يسهل تحقيق الأرباح للاعبين، ويتيح إمكانية استخدام شخصيات قائمة على التوكنات في ألعاب مختلفة.
ولم ترد Samsung Next على طلب التعليق من Gizmodo حول ما تبحث عنه في المشروعات القائمة على البلوكتشين.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.