تشهد إفريقيا قفزةً نوعية في تبنيها لتقنية البلوكتشين متفوقةً بذلك على الولايات المتحدة وأوروبا، ما قد يجعلها “أكثر ثراءً من الدول الغربية”، بحسب مزاعم رئيس شبكة الكاردانو Cardano تشارلز هوسكينسون.

إذ تعتمد رؤية هوسكينسون على إعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية للدول الإفريقية باستخدام تقنية البلوكتشين، حسب موقع Yahoo الأمريكي.

حيث شارك مؤسس الكاردانو في قمة صحيفة Financial Times البريطانية للعملات المشفرة والأصول الرقمية، وقال إن “الطلب على خدماتها يفوق المعروض” داخل دول العالم النامي.

ووصل سعر تداول عملة الكاردانو (ADA) حتى وقت كتابة التقرير إلى 0.53 دولار، مع رأس مال سوقي يبلغ 18 مليار دولار.

وترى الشبكة أن البنية التحتية المركزية العميقة، التي تتمتع بها الدول الغربية، تُمثّل عقبةً يُمكن للدول الإفريقية أن تتجاوزها في طريقها لتصبح من عمالقة الجيل الثالث للويب.

بينما صرّح جون أوكونور، رئيس عمليات إفريقيا في IO Global، لموقع Yahoo الأمريكي قائلاً: “يحمل التمويل اللامركزي إمكانات كبيرة للدول النامية، وخاصةً تلك التي لا تمتلك بنية تحتية قديمة تعوق الابتكار السريع. كما يستطيع زيادة سلاسة عمليات نشر شبكات البلوكتشين”.

ومن الواضح أن شبكة الكاردانو ترى فرصةً في سكان إفريقيا من الشباب، الذين يتمتعون بالحماس لتبني التقنيات الجديدة أسرع من نظرائهم الأكبر سناً في شمال القارة.

وتستطيع الدول الإفريقية الاستفادة من الإمكانات غير المستغلة لملايين الناس عبر بروتوكولات وشبكات بلوكتشين مؤتمتة، بدلاً من الاعتماد على الأنظمة الحكومية القديمة التي تُعتبر مركزيةً وقابلةً للفساد.

وأردف هوسكينسون أن رؤية الكاردانو لإفريقيا تعتمد على الأكواد البرمجية في المقام الأول؛ لأن “الأكواد البرمجية تتجاوز قيود الحكومة، ولن تستطيع أي حكومةٍ توجيهها إلى مسارٍ معين مهما حاولت”.

وتحدث هوسكينسون خلال الفعالية التي أقامتها الصحيفة البريطانية بلندن عن سلاسل الفقر التي يمكن لتقنية البلوكتشين أن تكسرها؛ لأن الخوارزميات تؤدي وظيفتها ببساطة “دون أن تكترث لهويتك ومحل إقامتك، ولا يهمها إن كنت مزارعاً سنغالياً أم بيل غيتس شخصياً”.

وتعتمد خوارزميات شبكة الكاردانو على تفعيل العقود الذكية التي قد تُوفّر الشمول المالي للمليارات داخل القارة الإفريقية.

حيث تُعد القدرة على إثبات هويتك، أو مؤهلك التعليمي، أو حقك في ملكية أرض، أو الحصول على قرض من الرفاهيات التي يعتبرها سكان الولايات المتحدة وأوروبا من المسلمات.

أما في إفريقيا، فهناك مئات الملايين الذين ليس لديهم حسابٌ مصرفي، ولا يحصلون على ائتمانٍ معقول، ولا يمتلكون إثبات مؤهل أو دليلاً على ملكية الأراضي والمنازل التي يقطنونها منذ أجيال. ويرجع سبب ذلك إلى أن الحكومة المركزية قد خذلتهم.

وقد حملت شبكة الكاردانو على عاتقها مهمة إصلاح مشكلة الفقر وتحقيق قفزةٍ نوعية للدول الإفريقية، حتى لا تكتفي تلك الدول بمنافسة الغرب فقط، بل تحصل على فرصة لتصبح دولاً رائدة عالمياً في “الذكاء الاصطناعي وعلم الروبوتات المتقدمة”.

إذ تقرر مصير مليارات الأفارقة لسنوات عن طريق اجتماعات المجالس الغربية وداخل منتجعات الغولف التي تزورها النخب صاحبة النفوذ. لكن هوسكينسون يحمل لهم النبأ السار الذي يقول إن تقنية البلوكتشين “لا تتأثر بالسياسات المعاصرة أو الأوضاع الجيوسياسية التي تحاول الدول الكبرى فرضها على الدول الأصغر”.

وأوضح هوسكينسون أن تثبيت بروتوكولات الكاردانو “يحافظ على التطبيقات في حالتها الأصلية ويحفظ ملكية الأصول للمستخدمين. ولدينا طلبٌ أكبر من المعروض. كما يوجد أكثر من 900 تطبيق لامركزي منشور على نظام الكاردانو حتى الآن، وتشارك العديد منها في مجال التقنيات الحكومية لأن الناس يرون فيها فرصةً سانحة”.

ولكن ما الذي سيتحكم في مصير سكان إفريقيا إذا قرر نسيجها الاجتماعي، والاقتصادي، والحكومي الاستلام لقوة البلوكتشين؟ وكيف سيضمن المواطنون بالتبعية ألا تتحكم أطرافٌ سيئة في البروتوكولات المبرمجة التي تُحرك حياتهم؟

أوضح أوكونور، الذي يعمل في مؤسسة الكاردانو، أن تقنية البلوكتشين أثبتت كونها آمنة وغير قابلة للتلاعب بواسطة جماعات السلطة. وأردف أن “أمن البروتوكول مضمونٌ طالما أن 51% من حصص عملته المشفرة الأصلية تقع في حيازة مشاركين شرفاء، وهو الأمر الذي يتحقق من خلال الاختيار العشوائي للقائد وبعض المفاهيم المستحدثة. وتُمثّل الحوكمة خطوةً أساسية على خارطة طريق الكاردانو، التي تتألف من خمس مراحل: التأسيس، واللامركزية، والعقود الذكية، والتوسع، والحوكمة”.

وتحدث أوكونور عن نظام حوكمة الكاردانو قائلاً إنه سيتخذ قرارات مؤثرة في ما يتعلق بتحديثات البرامج، والتحسينات الفنية، وقرارات التمويل لضمان “الحفاظ على ديمقراطية البلوكتشين”.

وستقدم الكاردانو نظاماً مصرفياً لامركزياً يمكنه توفير القروض متناهية الصغر للأشخاص الذين لا يمتلكون سجل معاملات أو ائتمان. إذ تتبع البلوكتشين المعاملات من نظير إلى نظير لتكوين تاريخ معاملات الشخص. وأردف أوكونور أن “هناك مشكلة حقيقية تتعلق بالسكان الذين يفتقرون للخدمات المصرفية في الدول النامية ويعاني منها الأفراد الذين يعيشون في مناطق ريفية، حيث لا يمكنهم الوصول إلى الخدمات المالية الرائجة. لكن التمويل اللامركزي يُمثّل أداةً رائعة للمساعدة في تحسين الشمول الاقتصادي”.

بينما يمثل تزوير وثائق ملكية الأراضي مشكلةً في سوق العقارات الإفريقية. إذ تؤدي الحروب الأهلية وتغيير الأنظمة إلى جعل مهمة إثبات مطالبات الملكية -التي صادقت عليها الأنظمة السابقة- مهمةً بالغة الصعوبة.

وتخطط الكاردانو بحسب أوكونور للمساعدة في القضاء على مشكلة الاحتيال المتعلقة بملكية الأراضي من خلال “تخزين سندات الملكية على البلوكتشين حتى يتمكن المستخدمون من الوصول إلى تلك الوثائق عبر هواتفهم المحمولة فقط، مع الاطمئنان على أمنها وحمايتها من التلاعب”.

وأردف أوكونور: “ربما نجد هذا الأمر مفيداً للاجئين تحديداً، الذين قد يحتاجون لإثبات ملكية أراضيهم بعد العودة لوطنهم. ولا يمكن فقدان هذه الوثائق أو العبث بها إذا جرى تخزينها على سجلٍ رقمي، وذلك بفضل أمن شبكة الكاردانو. ويرجع الفضل في أمن الكاردانو إلى أوروبوروس Ouroboros، وهو بروتوكول بلوكتشين قمنا بتصميمه لتقديم حمايةٍ موثّقة رياضياً ضد هجمات المخترقين”.

وليست الكاردانو هي المنظمة الوحيدة التي تحاول بناء مستقبل إفريقيا على البلوكتشين. إذ تحدث كريس كليفرلي، رئيس Tingo International Holdings، لموقع Yahoo عن سوق العملات المشفرة التي نمت بأكثر من 1,200% داخل إفريقيا عام 2021. ووصف معدل نمو السوق الإفريقية بأنه “أسرع معدلٍ في العالم”.

وتستعد الشركة لتوفير الائتمان المنتظر منذ زمن لمن لا يمتلكون خدمات مصرفية في إفريقيا من خلال القروض متناهية الصغر، التي يجري تسجيلها على البلوكتشين من خلال شبكة رسائل نصية قصيرة SMS رائدة لا تحتاج حتى إلى اتصالٍ بالإنترنت.

ويُذكر أن أكثر من نصف سكان إفريقيا يمتلكون هواتف محمولة، وبالتالي ستسمح خدمة KamPay الجديدة من الشركة للناس أن يرسلوا ويستقبلوا الأموال الخاصة بمنتجاتهم واحتياجاتهم عبر بلوكتشين آمنة ومُوزّعة.

وأردف كليفرلي أن خدمة البلوكتشين ستصل إلى ملايين المزارعين في أنحاء إفريقيا عبر تقنية الرسائل النصية القصيرة، وذلك لتقديم قروض متناهية الصغر تصل إلى دولارين أمريكيين فقط.

ووصف كليفرلي تقنية البلوكتشين بأنها “ستلعب دوراً كبيراً في حل مجموعةٍ من أكبر التحديات التي يواجهها عالمنا، مثل حل مشكلة الأمن الغذائي وتسهيل التنمية الاقتصادية. وقد انطلقت هذه التقنية بالفعل، ولم تعد مجرد مفهومٍ أو رؤية غامضة وبعيدة المنال”. 

وربما وصلت شبكة الكاردانو إلى عالم البلوكتشين متأخرةً بسنوات عن منافستها الإيثريوم Ethereum، لكنهم يرون أن بناء عالم الجيل الثالث للويب لن يحدث بين ليلةٍ وضحاها.

وأوضح أوكونور أن الكاردانو ربما تطورت ببطء لأن كل خطوة للأمام كانت مدعومةً بأبحاثٍ خضعت لمراجعة الأقران، لكن الكاردانو “أصبحت ناضجةً بما يكفي الآن لتقديم حل بلوكتشين قابل للتوسع من أجل خدمة شعبٍ كامل”.

وهناك قولٌ شائع مفاده أن اليوم في عالم العملات المشفرة يساوي سنةً في عالم التمويل التقليدي، وقد انتقدت شبكات البلوكتشين المُنافسة شبكة الكاردانو بسبب قضائها وقتاً طويلاً في تطوير عملياتها.

لكن فهم استراتيجية الكاردانو الشاقة التي تعتمد على الأبحاث الصارمة والتطوير يتطلب استذكار مقولة أبراهام لينكولن: “إذا أعطيتني ست ساعات لأقطع شجرة، فسأقضي أول أربع ساعات في سنّ الفأس”.

يُذكر أن شبكة الكاردانو خرجت للنور في عام 2015، وقد ظل فريق المطورين يسن فأسه حتى وقتٍ قريب، لكن يبدو أن بلوكتشين إثبات الحصة قد بدأت في قطع الشجرة الآن بضربةٍ أولى في قارة إفريقيا.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.