ليست سهولة وأمان التصويت أمراً مفروغاً منه داخل الولايات المتحدة. وحتى مع وصولنا إلى عام 2022، ما تزال هناك احتماليةٌ أن تعجز عن التصويت خلال المرة المقبلة التي ستزور فيها صناديق الاقتراع؛ إذ قد يجري اختراق معلوماتك الانتخاب الخاصة بك، أو تتعرض بطاقة اقتراعك للاستبعاد.

ولا شك أن صورة البلد المثالي تتضمن قدرة كل مواطن على التصويت بسهولة، دون الحاجة إلى الانتظار في طوابير أو القلق مما قد يحدث لبطاقة اقتراعه. والمثالي هو أن نستطيع التصويت بأمانٍ أينما كنا عن طريق ضغط زر، حسب ما أوضحه موقع Technically الأمريكي.

ولهذا جرى تقديم تقنية البلوكتشين منذ سنوات باعتبارها الحل المطلوب، فهي تقنيةٌ غير مرئية آمنة وتُستخدم عادةً للعملات المشفرة والتوكنات غير القابلة للاستبدال. ولا يمكن المساس بالأصول الموجودة على البلوكتشين -نظرياً- أو تعديلها بواسطة كياناتٍ غير مرخصة، سواء كانت عبارةً عن عملات افتراضية أو أعمال فنية رقمية أو عقود ذكية أو تصويت.

ما الذي يعنيه تصويت البلوكتشين (نظرياً)؟

انتظرت أنيكا جاكوبسن، من Agora Technologies في سويسرا، لساعات من أجل الإدلاء بصوتها خلال انتخابات عام 2016 داخل بلدتها الأمريكية الصغيرة التي يقطنها 500 شخص. لكنها اكتشفت لاحقاً أن بياناتها الانتخابية قد تعرضت للاختراق مثل ملايين الأمريكيين الآخرين. وفي حديثها خلال مؤتمر TEDxZurichSalon عام 2019 بعنوان “إدخال أنظمة التصويت في العصر الرقمي عبر البلوكتشين”، شرحت أنيكا كيف كان بإمكان تقنية البلوكتشين أن تمنع ما حدث في انتخابات عام 2016 وتضمن أمان عملية التصويت، حتى داخل الدول ذات الأنظمة الديمقراطية الضعيفة أو الفاسدة.

وتبدو الفكرة رائعةً على الورق؛ إذ لن نقف في طوابير بعد الآن، ولن نتساءل إن كان صوتنا قد احتُسِب. كما سيتسنى لك كناخبٍ جرى التحقق من هويته أن تغير صوتك حتى حلول الموعد النهائي، وأن تتوثق من صحة الصوت الذي أدليت به بعد الانتخابات. وسيجري كذلك فرز الأصوات بشكلٍ فوري، ودون أي تلاعبٍ محتمل ببطاقات الاقتراع أثناء الفرز وإعادة الفرز يدوياً.

ولن تحتاج سوى إلى تنزيل تطبيق التصويت الرسمي، وإجراء عملية التحقق من هويتك، ثم التصويت من منزلك -أو من أي مكانٍ في العالم.

وكلها أمورٌ نظرية حتى الآن بالطبع. كما أن هناك العديد من الأشخاص الذين لا يريدوننا أن نرى تصويتاً عبر البلوكتشين، ومن بينهم خبراء معهد ماساتشوستس للتقنية الذين عارضوا الفكرة بشدة، قائلين إنّ التصويت عبر البلوكتشين أكثر عرضةً للهجمات واسعة النطاق من التصويت عبر الاقتراع الورقي.

التصويت عبر البريد الأمريكي مقابل التصويت عبر البلوكتشين

اختبرت الولايات المتحدة التصويت عبر البلوكتشين مرةً على الأقل. وهي قصةٌ شبه منسية رغم أنها وقعت قبل بضعة أعوامٍ فقط.

إذ كانت إدارة ترامب تحاول إغلاق خدمة البريد الأمريكية قبل الانتخابات الرئاسية في مطلع 2020، ولهذا تقدمت خدمة البريد الأمريكية -المسؤولة عن ملايين بطاقات الاقتراع البريدية- بطلب براءة اختراع لـ”نظام التصويت الآمن”. ووصفت النظام بأنه “نظام تصويت سيستخدم أمان البلوكتشين والبريد من أجل تقديم خدمة تصويت يُعتمد عليها”. ويعمل النظام عن طريق إرسال رمزٍ يمكن للحاسوب قراءته إلى الناخبين المسجلين عبر البريد، وذلك للتحقق من هويتهم وتمكينهم من التصويت عبر تقنية البلوكتشين دون الكشف عن هويتهم.

وتجدر الإشارة إلى أنّ فكرة البريد الأمريكي، المصممة لتخفيف اعتماد الناخبين على خدمة البريد المعطلة، كانت قائمةً على إرسال رموزٍ عبر البريد.

وحين خرجت التجربة للنور؛ أُعلِن فشل البلوكتشين كأداةٍ للتصويت. وتوصلوا في الواقع إلى أن التقنية الجديدة كانت أقل أماناً من التصويت غير الأمن العادي عبر الإنترنت. ومنذ ذلك الحين، أصبح المتعارف عليه هو أن تقنية البلوكتشين لن تكون جيدةً للناخبين على نطاقٍ واسع.

مخاوف التصويت عبر البلوكتشين

هناك العديد من المخاوف المرتبطة بالتصويت عبر البلوكتشين، وهي كثيرةٌ بما يكفي لإقناعنا بأننا لن نراها خياراً مطروحاً على الطاولة في القريب العاجل. وتشمل هذه المخاوف:

  • سيتطلب التحقق من الهوية عمليةً لا تختلف كثيراً عن قوانين تحديد هوية الناخبين، التي أظهرت أنها تستثني الناخبين المؤهلين من الجماعات المهمشة التي تضم عدداً أكبر من الأشخاص غير الحاملين لرخص قيادة أو بطاقات هوية. وتجب الإشارة إلى أن هذه الفجوات ناتجةٌ عن مشكلاتٍ منهجية يجب التطرق لها في جميع الأحوال.
  • هناك أيضاً مشكلةٌ محتملة تكمن في عدم القدرة على الوصول إلى هاتفٍ ذكي للتصويت.
  • تكمُن مشكلةٌ أخرى في أن التقنية ليست جاهزةً بعد للاستخدام بهذه الطريقة، مما يعني أن اختراقها أو وقوع خطأ برمجي قد يهدد استقرار البلاد.
  • ولن تكون تقنية البلوكتشين بمثابة الحل السحري لكل مشكلات التصويت، حتى في حال تشغيلها بالطريقة المطلوبة؛ حيث إن مشكلات حملات التضليل وتقسيم الدوائر الانتخابية ستظل قائمةً حتى لو انتقل التصويت إلى البلوكتشين اليوم.
  • وفي ظل الجهود الحثيثة من الساسة حول البلاد لجعل عملية التصويت صعبةً على المواطنين؛ تظهر مخاوفهم من أن نجاح تقنية البلوكتشين في تأدية هذا الدور سيجعل عملية التصويت أكثر بساطةً ويسهل الوصول إليها، مما سيهدد وضعهم الراهن.

ولا شك أنّنا سنتخلى عن بطاقات الاقتراع الورقي من أجل شيءٍ أحدث وأفضل يوماً ما؛ حيث إن طريقتنا المعتادة في التصويت أصبحت ضعيفةً منذ سنوات، كما يتجلّى من قصة أنيكا جاكوبسن التي يعيشها العديد من الأمريكيين.

ولهذا فالسؤال الحقيقي هنا لا يتعلق بمدى استعداد البلوكتشين لتولّي المهمة، ولكن السؤال هو: هل الناس مستعدون لذلك؟

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.