تشترك صناعة الحوسبة السحابية مع صناعة البلوكتشين في خاصيةٍ واحدة، وهي أنّ القطاعين ينموان بسرعةٍ كبيرة مع احتمالية أن يُحدِث كل منهما ثورةً في مجاله، حسب موقع Yahoo الأمريكي.

ومع ذلك، لم يتمكن رواد الصناعتين حتى الآن من العثور على أرضيةٍ مشتركة. لكن ذلك قد يتغيّر قريباً مع بدء بعض المشروعات في تبنّي فكرة دمج تقنية البلوكتشين مع قطاع الحوسبة السحابية، وأصبح من المحتمل أن نرى قريباً مستقبلاً بإمكانات لا نهائية.

وهذا التطور الذي سيغيّر قواعد اللعبة قد يعني الكثير من الأشياء للصناعتين، إذ اعتمد تطور قطاع الحوسبة السحابية على العديد من العوامل ومنها زيادة استخدام الأجهزة المحمولة، وأجهزة تخزين البيانات، وقدرة المعالجة. لكن دمج تقنية البلوكتشين في صناعة الحوسبة السحابية قد يصير من أبرز دوافع التقدم في عصر الحوسبة السحابية.

الحوسبة السحابية اللامركزية

الحوسبة السحابية اللامركزية هي عبارة عن شبكة من العقد التي تقدم خدمات سحابية. وتُعتبر نوعاً من أنواع الحوسبة السحابية التي تعتمد على شبكةٍ موزّعة من الحواسيب لتقديم الخدمات. ويختلف هذا النوع من الحوسبة السحابية عن الحوسبة السحابية التقليدية، التي تعتمد على شبكةٍ مركزية من الحواسيب.

وهناك عدة أشكال من الحوسبة السحابية اللامركزية. وفي أولها، تقوم كل عقدة بتخزين كمية معينة من قطع البيانات المشفرة. أما في الثانية، فتقوم جميع العقد بتخزين نفس كتل البيانات، لكنها تكون مقسمةً إلى أجزاء مميزة (شظايا). بينما يعتمد النهج الثالث في الحوسبة السحابية اللامركزية على قيام عقدةٍ واحدة (أو مجموعة من العقد) بجمع البيانات وإرسالها إلى المستخدم مرةً أخرى.

تقنية البلوكتشين في الحوسبة السحابية

تقنية البلوكتشين هي آلية جديدة لتخزين البيانات تم ابتكارها من أجل عملة البيتكوين (BTC). وتتميّز تقنية البلوكتشين عن غيرها من قواعد البيانات التقليدية بكونها لا مركزية. إذ لا تعتمد على قاعدة بيانات مركزية مثل قاعدة البيانات تقليدية. بل يتم حفظ البيانات بدلاً من ذلك على شبكةٍ من العقد.

ويجب أن توافق الأغلبية على أي تعديلات تجري على بيانات العقد، كما تُعتبر تقنية البلوكتشين آمنةً للغاية. حيث لا توجد نقطة عطل مفردة، لأن انهيار إحدى العقد لا يؤثر على البقية.

ويتم استغلال تقنية البلوكتشين في الحوسبة السحابية حتى تسمح للمستخدمين بتعهيد احتياجاتهم المتعلقة بالحوسبة. إذ يُمكن لهذه التقنية أن تُغيّر طريقة عمل الحوسبة السحابية بسبب طبيعة البلوكتشين اللامركزية، حيث إن تقنية البلوكتشين مفيدةٌ في التخزين السحابي لأنّها تُحافظ على أمان البيانات وتمنع التلاعب بها.

وبفضل تركيزها على اللامركزية والشفافية والأمان أصبحت البلوكتشين تقنيةً مبتكرة ومهمةً بشدة للحوسبة السحابية في عصر الخدمات السحابية اللامركزية الحالي. حيث يجري بالفعل استخدام البلوكتشين وإنترنت الأشياء (IoT) في العديد من الصناعات، ويُطلق على هذا الاندماج اسم: بلوكتشين الأشياء (BCoT). 

لكن سحابة الأشياء (CoT) العادية تُصادف مشكلات تتعلق بعدم الفاعلية، لأن بنيتها تعتمد على طرق الاتصال المركزية. أما المشكلة الكبرى الثانية فهي أن غالبية أنظمة سحابة الأشياء يجب أن تعتمد على أي مصدر ثالث من أجل تحقيق الثقة. وتكمن المشكلة الثالثة في تحدّي هيكل الشبكة، الذي يُثير مشكلة طول الانتظار (مهلة الاتصالات) . حيث تستلزم عمليات نقل البيانات الكبيرة توفير قوة حوسبة أكبر لأجهزة إنترنت الأشياء، ما يجعل مهمة بناء تركيبات سحابة الأشياء واسعة النطاق أمراً صعباً من الناحية العملية.

وفي ضوء الصعوبات التي تواجه سحابة الأشياء ومزايا البلوكتشين السالف ذكرها، سنجد أن دمج وظائف البلوكتشين مع سحابة الأشياء تبدو فكرةً جيدة للتغلب على عيوب سحابة الأشياء.

حلول الحوسبة السحابية اللامركزية

هناك عاملٌ مشترك واحد بين العديد من الخيارات التي تُقدّم كبدائل لحلول الحوسبة السحابية التقليدية: وهو اختيارها العمل باستخدام بنيةٍ لا مركزية، أو من نظير إلى نظير (P2P).

فمن أجل تحقيق التشغيل المتداخل والأمان على منصة كودوس Cudos، يتم تحقيق الإجماع من خلال خوارزمية إثبات الحصة المُفوّض (DPoS) بآلية التسامح مع الخطأ البيزنطي، والتي تقوم على برنامج تيندرمينت Tendermint. ما يمنح المنصة منظومةً هجينة تُلغي مشكلات التوسّع، مع الحفاظ على درجةٍ عالية من اللامركزية والأمان.

أما أنكر Ankr، فتمتلك نظاماً إيكولوجياً آمناً يُقدم مصادر الحوسبة السحابية للاتصال بالجيل الثالث للويب web3، واستخدام خدمات الاستضافة القائمة على عقد البلوكتشين. كما يُقدّم هذا الحل حالياً قدرات التطوير والمحاصصة لنحو 40 بروتوكول بلوكتشين.

في حين تعمل أكاش نيتوورك Akash Network على مشروع سحابة فائقة Supercloud تُمكّن أي شخص لديه حاسوب من العمل كمزوّد خدمات سحابية.

أما ستور إكس نيتوورك StorX Network فهي منصة تخزين سحابي تستخدم تقنية البلوكتشين لضمان أمان وشفافية عملية التخزين. وهي شبكة تخزين لا مركزية من نظير إلى نظير.

مزايا دمج البلوكتشين مع الحوسبة السحابية

لا عجب في أنّ الحوسبة السحابية قد تغلغلت في جميع أنواع العمليات التجارية. إذ باتت الحوسبة السحابية ضروريةً لتشغيل كل شيء، بدايةً من مشاهدة منصة Netflix ووصولاً إلى الاتصالات عبر البريد الإلكتروني. وتطبيقات البلوكتشين يمكنها أن تُضيف لذلك العديد من المزايا، سواء بمفردها أو بدمجها مع تقنيات أخرى.

وعند دمج الحوسبة السحابية مع تقنية البلوكتشين، ستُحل المشكلة الأساسية الكامنة في الأمان والخصوصية. كما تُساعد تقنية البلوكتشين أيضاً في زيادة الشفافية من خلال إنشاء نموذج ثقة لا مركزي ومُوزّع.

علاوةً على أنّ شبكات البلوكتشين لا تحمل معها مخاطر فقدان أو تعديل البيانات. فالبيانات الموجودة على البلوكتشين لا يُمكن محوها. ما يسمح بالتوثيق الواضح لاستخدام البيانات، ويُوفّر معلومات عن توقيت ومكان وكيفية استخدامها، وهوية مستخدمها.

كما أنّ شبكات البلوكتشين تحكمها لغات البرمجة، ما يجعلها بديلاً أكثر أماناً دون الحاجة إلى قواعد الأطراف الثالثة.

الخلاصة

تعمل تقنية البلوكتشين على تغيير الصناعات للأفضل، وهذا يشمل صناعات الرعاية الصحية، والزراعة، والتمويل، والمصارف، وغيرها. كما صارت الحوسبة السحابية ضروريةً للغاية من أجل استمرار بيئة الأعمال المعاصرة، لدرجة أنّ الاعتماد المفرط عليها يزيد المخاطر المرتبطة بها خطورة. وهذا لأنّ أمان السحابة، وامتثالها، وبنيتها المركزية قد تتسبب في خطرٍ تُجاري كبير.

كما أن تقنية البلوكتشين لها تأثيرٌ كبير على التخزين، والمعاملات، والعمليات التجارية. ونتيجةً لذلك فإنّ المستقبل يكمن في الجمع بين البلوكتشين والسحابة لزيادة الأمان واللامركزية، مع التمتّع بتحقّق وخصوصية وكفاءةٍ أكبر.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.