كيف يمكن أن يؤثر انعدام الاستقرار في البلدان النامية على ساحة تعدين البيتكوين العالمية؟

في أعقاب الأنباء المتداولة عن الاحتجاجات واسعة النطاق في كازاخستان، التي أدّت إلى قطع الإنترنت عن البلد الذي يُعدّن البيتكوين (BTC)، مما أسفر عن تراجعٍ كبير في معدل الهاش؛ تحدّث موقع Crypto Slate البريطاني إلى كبير المسؤولين القانونيين في شركة PrimeBlock آلان كونفسكي.

وPrimeBlock هي شركة لتعدين الأصول الرقمية وتزويد البنية التحتية، وتعمل حالياً بقدرة هاش تصل إلى 1.000 بيتاهاش/ثانية، أي ما يُعادل نحو 0.6% من إجمالي معدل الهاش العالمي للبيتكوين. ولدى الشركة عدة منشآت تعدين منتشرة في الولايات المتحدة وكندا.

وقد علّق كونفسكي على آخر التطورات في كازاخستان وكوسوفو، كما سلّط بعض الضوء على تأثير تلك التطورات على الصناعة من منظورٍ أحد أطراف الصناعة.

الدول النامية تُكافح لمواكبة التطور

بعيداً عن تعدين العملات المشفرة، تمتلك الدول النامية مثل كازاخستان وكوسوفو شبكات كهرباء محدودة القدرة- وغير قادرة على تلبية الطلب المرتفع.

إذ قال كوفنسكي: “تُعتبر البنية التحتية لتوليد وتوزيع الطاقة نقطة ضعفٍ هناك عادةً”، مشيراً إلى مأزق الدول النامية الكامن في الكفاح من أجل مواكبة التطورات التقنية.

حيث أوضح: “لا شك أن عدم الاستقرار السياسي يُغذي- وينبع من- تلك المعاناة، كما يُفاقم تأثيرها ومدتها”.

وفي نهاية العام الماضي، عانت منطقة آسيا الوسطى- من غرب كازاخستان وحتى جنوبي طاجيكستان- من انقطاع الكهرباء والطاقة بعد أن ضربها جفافٌ شديد، مما حدّ من قدرة تلك الدول على إنتاج الطاقة الكهرومائية- وأثّر بالتبعية على تعدين البيتكوين.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني، أوضحت شركة تشغيل شبكة الكهرباء الكازاخستانية أنّ المشكلة ترجع إلى بعض الأعطال، فضلاً عن الإفراط في استخدام النظام- الأمر الذي عزته الحكومة إلى معدّني البيتكوين الذين تدفقوا على كازاخستان قادمين من الصين.

وعلّق كونفسكي قائلاً: “وعلى نحوٍ مماثل، تم إغلاق أكبر محطة لتوليد الطاقة بالفحم في كوسوفو نتيجة مشكلةٍ تقنية. لذا اضطروا لاستيراد الكهرباء، التي تعيش مؤشراتها السعرية اتجاهاً صعودياً في الوقت الراهن”.

وفي مواجهة أسوأ أزمةٍ للطاقة منذ عقدٍ كامل نتيجة تعطل الإنتاج، أعلنت حكومة كوسوفو حظراً كاملاً على تعدين العملات المشفرة- في محاولةٍ لتقليل استهلاك الكهرباء.

وأردف كونفسكي: “في السياق الكبير للأمور، سنجد أنّ قرارات تلك الدول بالحد من التعدين لا تعكس مشاعرها تجاه البلوكتشين والعملات المشفرة، بقدر ما تعكس وضعها كدول نامية ببنيةٍ تحتية غير متطورة. إذ إنّ توفير الاحتياجات الأساسية ودعم النمو الاقتصادي هي مهام صعبة في حدّ ذاتها هناك”.

ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لتعدين البيتكوين في أمريكا الشمالية؟

وفقاً لوكنفسكي، سيتأثر معدّنو البيتكوين في أمريكا الشمالية بتلك القرار بشكلٍ غير مباشر وبعدة طرق- بعضها إيجابيٌّ إلى حدٍّ ما.

واستهل موضحاً: “أولاً، سنجد أن قلة طاقة الهاش على الشبكة تعني مساحةً أكبر لمعدني أمريكا الشمالية من أجل زيادة حصة الهاش الخاصة بهم في الشبكة. ثانياً، أنشأت شركات التعدين مقراتها في دول مثل كازاخستان وكوسوفو- خاصةً تلك التي انتقلت بعد التعديلات التنظيمية في الصين- لأنّ تكلفة الكهرباء هناك أرخص بكثير من تكلفتها في أمريكا الشمالية. لكن إذا أصبح التعدين مستحيلاً في تلك الدول، فقد نشهد انتقال شركات التعدين إلى أماكن أخرى بدلاً من إنهاء العمليات، مما سيخفِّف فقدان طاقة الهاش. وثالثاً، قد تمثل القرارات التي تتخذها تلك الدول سابقة تسير على نهجها دولٌ أخرى. وإذا قررت بلدان نامية أخرى الحد من تعدين البيتكوين أو حظره، فقد يؤثر ذلك على ساحة تعدين البيتكوين عالمياً”.

مستقبل المنافسة

أشار كونفسكي إلى أنّ “هذه الصناعة متنقلةٌ نوعاً ما”، موضحاً أنّ صناعة تعدين البيتكوين ستنضج مع الوقت، وحينها سيلعب استقرار المناخ السياسي والمدخلات دوراً حاسماً في التأثير عليها.

ويجب أن نتوقع اندماجات أفقية ورأسية، كما هو الحال في الصناعات النامية الأخرى، “بالتزامن مع سعي الشركات للتوسع من أجل مواجهة مصاعب توفير المعدات والطاقة، والتعامل مع تقلبات أسعار الأصول، وغيرها من تحديات السوق. ويُعد طرح الشركات للاكتتاب من الوسائل الرائعة المتاحة لشركات العملات المشفرة حتى تجمع الأموال، وتحصل على مزيدٍ من الشرعية، وتتمتع بوصولٍ أكبر لأسواق جديدة من خلال القوة المالية الإضافية”.

كما أوضح أنّ “شركات التعدين الكبيرة لديها ما يكفي من الموارد والحجم لتحمل تقلبات السوق”، وذلك بفضل قدرتها على تحمل تكلفة المعدات الجديدة حين ترتفع الأسعار، واستئجار أو شراء عقارات لمراكز البيانات.

“أما صغار المعدِّنين على الجانب الآخر، فقد لا يتمكَّنون من النجاة إذا انخفض سعر البيتكوين بشدة، أو إذا عجزوا عن التنافس مع شركات التعدين الكبيرة. وسيظل التنافس قائماً دائماً بين المعدّنين” على المدى الطويل بحسب كونفسكي.

وقد أكّد أنّ PrimeBlock تحظى بموقعٍ جيد لمواجهة تحديات السوق، رغم أنّه لم يكشف أي تفاصيل بعينها عن خطط الشركة لعام 2022.

إذ أوضح أنّ استراتيجية الشركة تُركز على المواقع التي تتمتع بفائضٍ من الكهرباء، ومساحات أفضل، وتكلفة أقل، ومعايير تنظيمية مناسبة.

وأردف: “لدينا أحدث معدات التعدين، وأفضل الشراكات، واستراتيجية نشطة وقابلة للتوسع، لا ترتكز على مشاريع التطوير طويلة الأمد، إلى جانب فريقٍ من المحترفين ذوي الخبرة”. واختتم حديثه قائلاً إنّ PrimeBlock مستعدةٌ بالكامل لمواجهة التحديات داخل أي دولةٍ نامية.