لا تمتلك أسرع منصات التداول المالي نمواً في العالم، أيّ مقرٍ رئيسي أو عنوانٍ رسمي، وليست لديها تراخيص تشغيل في أي دولة تعمل داخلها، كما أن رئيسها التنفيذي كان يرفض الإجابة عن التساؤلات حول محل إقامته حتى وقتٍ قريب.

لكن أيام النمو المتحرر غير المنظم لمنصة بينانس Binance خصوصاً- ولصناعة العملات المشفرة عموماً- قد شارفت على الانتهاء.

إذ تخشى الجهات التنظيمية المالية بشكلٍ متزايد من أنّ النمو شديد السرعة للأصول الرقمية يجعلها تستحق أهميةً تنظيمية. بينما تحظى منصة بينانس بالشطر الأعظم من اهتمام الجهات التنظيمية. حيث حذّرت سلطات العديد من الدول مستخدمي بينانس من أنّ المنصة غير مسجلة وغير مصرح لها بتقديم مختلف الخدمات.

في حين قال مؤسس بينانس ورئيسها التنفيذي تشانغ بينغ تشاو في مقابلةٍ أجراها مؤخراً: “نحن نُدير عملاً تجارياً مشروعاً تماماً”، وقد نمت المنصة بسرعة لأن المستخدمين يثقون بها. ولكن “إذا نظرت إلى تبني العملات المشفرة على مستوى العالم اليوم، فستجد نسبته أقل من 2% من السكان. ولهذا نحتاج إلى تنظيم أعمالنا من أجل جذب الـ98% المتبقين”.

كما قال تشاو إن بينانس تعمل على إنشاء مكاتب محلية ومقرها الرئيسي، وهي الخطوات التي وصفها من قبل بأنّها قد عفا عليها الزمن، لكن الجهات التنظيمية تريدها.

وُلِد تشاو (44 عاماً) في الصين، ثم انتقل إلى كندا مع والديه وهو في الـ12 من عمره. وبعد دراسته علوم الحاسوب، عمل تشاو لصالح العديد من الشركات المالية في طوكيو ونيويورك، ومنها شركة Bloomberg LP التي طوّر لها برنامجاً لتداول العقود الآجلة.

ويقول إنّه سمع بعملة البيتكوين (BTC) لأول مرة أثناء لعب البوكر في شانغهاي عام 2013. وحينها فُتِنَ تشاو بفكرة العملة اللامركزية التي يُمكن استخدامها من أي مكان، بدون بنوكٍ أو بيروقراطية. حيث قال في المقابلة: “يمكننا استغلال هذه التكنولوجيا في زيادة حرية المال للناس حول العالم”.

ولهذا السبب، باع تشاو شقته في شانغهاي لشراء عملات البيتكوين، وعمل لصالح العديد من شركات العملات المشفرة الناشئة. وفي عام 2017، أطلق منصة بينانس بالتعاون مع مبرمجين آخرين.

وكانت المنصة تركز في البداية على تداول البيتكوين وبعض العملات المشفرة، لكنها لا تسمح للمستخدمين بتداول العملات الرقمية مقابل العملات السائدة. ولم تكن المنصة بحاجةٍ إلى حسابٍ بنكي أو مقر رئيسي في البداية وفقاً لتشاو.

وبعدها أضافت الشركة تسع لغات أخرى إلى موقعها الإلكتروني، حتى تحظى بأفضليةٍ على المنافسين الذين يستخدمون اللغة الإنجليزية فقط، كما طوّرت منصةً تداول سهلة الاستخدام على حد تعبير العديد من المتداولين.

وفي يوليو/تموز عام 2016، جمعت الشركة 15 مليون دولار من العرض الأولي لعملتها الرقمية الخاصة: البَينانس كوين (BNB). بينما أوضح بيان أعمال نشرته الشركة عام 2017 أن غالبية المستثمرين الآخرين من الأفراد كانوا يُقيمون داخل الصين.

ومن هنا بدأ المستخدمون يتدفقون على المنصة من كل مكان، حتى الدول ذات الأنظمة المالية الأقل تطوراً مثل جنوب إفريقيا وروسيا والهند.

وبذلك صارت بينانس أكبر منصة لتداول العملات المشفرة في غضون ستة أشهر، لكنها بدأت تُواجه مشكلات مع السلطات بالسرعة نفسها. فبعد شهرين من بدء عمليات بينانس في شانغهاي صيف عام 2017، حظرت الحكومة الصينية منصات تداول العملات المشفرة خشية استخدامها في نقل الأموال إلى خارج البلاد بشكلٍ غير قانوني.

وحينها حزم 30 شخصاً على الأقل من فريق بينانس أمتعتهم وانتقلوا إلى اليابان وفقاً لتشاو. وفي عام 2018؛ حذّرت جهة التنظيم المالي في اليابان من أنّ الشركة تعقد صفقات بين السكان بدون ترخيص.

وبعد تلك الواقعة، لم تعُد شركة بينانس تكشف عن موقعها. وبدأ تشاو يُصرّح بأنّ فريق الشركة متفرقٌ حول العالم وأفراده يعملون من المنزل.

وبحلول عام 2019، بدأت المنصة السماح لعملائها بتداول العملات المشفرة مقابل العملات التقليدية مثل الدولار، لترتبط المنصة بالنظام المصرفي منذ ذلك الحين.

ودفعت الشركة للشخصيات المؤثرة من أجل تصوير مقاطع فيديو تُعلّم الناس كيفية إنشاء حساب وبدء التداول، بحسب مديرين سابقين. كما تعاقد فريق توعية مع مجموعة من المختصين في التداول اليومي بالشرق الأوسط وإفريقيا، ممن يديرون مجموعات صغيرة على فيسبوك وغيره من الشبكات الاجتماعية.

وقد ارتفعت شعبية بينانس داخل الولايات المتحدة أيضاً، لكن تبيّن أنّ احتفاظ الشركة بهيمنتها داخل هذا السوق تحديداً هو أمرٌ أكثر الصعوبة.

ففي أواخر عام 2020، طلبت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية من الشركة الأمريكية التابعة لبينانس Binance.US معلومات مفصلة عن أعمالها، بما في ذلك الإفصاح عن هوية من يتحكم في المحافظ الرقمية للمستخدمين- التي تُخزّن العملات المشفرة.

في حين علّق المتحدث باسم الشركة الأمريكية، ماثيو ميلر، مؤخراً وقال: “يجري تخزين كافة البيانات الشخصية للعملاء الأمريكيين على منصة خدمات أمازون ويب (AWS)، والتي يقع مقرها في ولاية فرجينيا”.

وستجمع الشركة الأمريكية تمويلاً إضافياً، كما تُخطط لتعيين مستثمرين جدد في مجلس الإدارة لزيادة الإشراف، بينما تقترب رويداً رويداً من العرض العام الأولي داخل الولايات المتحدة وفقاً للمتحدث الرسمي. كما قال تشاو إنّه يُريد أن يتحقق الاكتتاب العام للشركة بحلول عام 2024.

وبناءً على حجم تداولها ورسوم المعاملات التي تتقاضاها بينانس؛ يتوقع المطلعون على بواطن الأمور أنّ قيمتها قد تصل إلى 300 مليار دولار.

ورغم كافة المشكلات التنظيمية التي تُواجه بينانس، لكنها ستواصل التضخم أكثر.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.