أعرب الرئيس التنفيذي لتويتر جاك دورسي عن مخاوفه من التضخم المفرط في تغريدة، حيث قال إنّه يحدث الآن. ورغم اعتبار العملات المشفرة تقنية جديدة نسبياً، لكن البعض يروج لها -وللبيتكوين (BTC) تحديداً- على أنّها حل للعديد من المشكلات الاقتصادية، بما فيها التضخم المفرط.
إذ كتب دورسي في تغريدته:
“التضخم المفرط سيغيّر كل شيء، وهو يحدث الآن”.
ولكن هل لهذه الادعاءات أساسٌ من الصحة؟ لن يكون تاريخ العملات المشفرة الممتد لـ13 عاماً فقط كافياً لتقييم فاعلية الأصول المشفرة وقدرتها على أن تصير من أصول الاستثمار المأمونة.
ومع ذلك سنجد أنّ دراسات الحالة، من الدول التي عانت التضخم المفرط في الماضي القريب، تكشف لنا قصةً تُعبّر عن دور العملات المشفرة في هذه الظروف.
فنزويلا التي كانت قوةً اقتصادية في يومٍ من الأيام
خير مثالٍ على ذلك هي فنزويلا، التي كانت تُشبه العديد من الدول الغربية في وقتٍ من الأوقات بفضل ديمقراطيتها المستقرة وقوتها الاقتصادية لامتلاكها احتياطيات هائلة من النفط.
لكن تراجع أسعار النفط العالمية في عام 2013 دفع الرئيس المنتخب حديثاً آنذاك، نيكولاس مادورو، إلى اختيار تأجيل أزمة العملة قصيرة الأجل بطباعة المزيد من البوليفارات الفنزويلية. لكنها كانت خطوةً كارثية تسببت في خفض قيمة العملة، وزادت ارتفاع الأسعار، مما أذكى دورة التضخم المفرط.
وشهد عام 2013 تضاعف معدل التضخم عن العام السابق تقريباً، في حين بلغ معدل التضخم ذروته عند 65,400% بعد نحو خمس سنوات من قرار مادورو بطباعة المزيد من العملات الورقية.
وقد أسفر ذلك عن أزمةٍ إنسانية لا تكفي معها الأجور الشهرية لشراء السلع الأساسية، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي باستمرار في جميع أنحاء البلاد، ونقص الغذاء، وتفشي الأمراض نتيجة الضغط على الموارد الطبية.
العملات المشفرة في فنزويلا: مثالٌ من أرض الواقع
استجابةً للأزمة القائمة، سارع الفنزويليون إلى اعتماد بدائل للنقود. وكشف بحثٌ أجرته شركة Treinta الكندية أنّ فنزويلا صارت الدولة الرائدة في المدفوعات الرقمية على مستوى دول أمريكا اللاتينية.
“شهدت فنزويلا إجراء 28.6% من المدفوعات رقمياً، مقارنةً بنسبة 5.93% في المتوسط في بقية دول المنطقة”.
وهذا أمرٌ منطقي لأن حمل رزم كبيرة من النقود لن يكون عملياً، فضلاً عن صعوبة الحصول على هذا الكم من النقود نتيجة الحدود القصوى للسحب من أجهزة الصراف الآلي.
علاوةً على أنّ استخدام الدولار الأمريكي صار أوسع انتشاراً، حيث قدّرت مؤسسة Ecoanalitica البحثية الفنزويلية أن ثلثي المعاملات المالية تجري حالياً بالدولار.
ومع لجوء العديد من المواطنين إلى العالم الرقمي، هرباً باتجاه وسائل الدفع غير المرتبطة بعملة البوليفار؛ سنجد أنّ القفزة باتجاه العملات المشفرة تبدو خطوةً طبيعية.
إذ أظهرت بيانات منصة LocalBitcoins الفنلندية، التي جمعها موقع كوين دانس Coin Dance، أن حجم تداول البيتكوين إلى البوليفار قد ارتفع منذ عام 2020.
وقد تكيّفت متاجر البلاد مع الأمر، وصارت العملات المشفرة مقبولةً على نطاقٍ واسع كوسيلة دفع لكافة المشتريات اليومية من محال الأثاث، والملابس، والبقالة. ولا يقتصر الأمر على استخدام البيتكوين فقط، حيث يستخدم الفنزويليون أيضاً توكنات مشفرة أخرى مثل الإيثريوم (ETH) والداش (Dash) والإيوس (EOS).
وبالنظر إلى فنزويلا كمثال، إذا تعرضت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى للتضخم المفرط؛ فمن المحتمل أن نشهد اعتماد العملات المشفرة على نطاقٍ أوسع.
لكن اعتماد العملات المشفرة لن يحل مشكلة التضخم المفرط؛ إذ ستكون فقط بمثابة وسيلة معاملات بديلة -وهو أمرٌ رائع لمن يمتلكون عملات مشفرة بالفعل، لكنه لن يُحدِث فارقاً كبيراً للبقية.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.