كلنا نحب التطلع إلى المستقبل. لكن عناصر النسخة الأخيرة من مجلة “كونسبت Konzept” الدورية التي تصدر عن دويتشه بنك والتي جاءت بعنوان  جريء هو “تخيل 2030” لم تصف سوى شيء ماض. فجل ما قالوه عن صعود “العملات المشفرة” في التقرير هو: 

“ظهرت العملات المشفرة على الساحة منذ مدة، لكنها لم تحظ باهتمام عالمي حتى 2017، حين ارتفع سعر البتكوين حتى ناهز الـ 20 ألف دولار. وحين أعلن فيسبوك عن نظام دفع جديد بالعملات المشفرة يسمى “ليبرا” في بواكير هذا العام 2019، تفجر النقاش بشأنها في مختلف طبقات السياسة والاجتماع. 

ولا عجب في ذلك، ففيسبوك بقاعدة مستخدميه التي تجاوز الـ 2 مليار مستخدم، لديه القدرة على تغير صناعة الدفع ونقل العملات المشفرة من الهامش إلى المركز. لكن العملات المشفرة ظلت دائماً في خانة الإضافات بدلاً من أن تكون بديلاً لمخزون العالم من المال. فهي لم تتمكن من إثبات مكانتها وسيلة للدفع على الرغم من منافعها المعروفة، مثل الأمان والسرعة ورسوم التحويل الزهيدة وسهولة التخزين ويسر الاستخدام في العصر الرقمي. 

لكن هذا الموقف قد يتغير مستقبلاً”.

مستقبلاً؟ يبدو أنه لم ينم إلى علم دويتشه بنك أن صيحة البلوكتشين بدأت بالانحسار خلال عام 2019، كما كتب جميما كيلي. لكن التقرير حاول الإيحاء بأن نمو عدد ملاك محافظ البلوكتشين خلال العقد الثاني من ظهور البتكوين يحاكي نمو عدد مستخدمي الإنترنت خلال نفس الإطار الزمني، باستخدام هذا الرسم البياني المثير (لاحظ وجود محوري ص مختلفين، وهي إشارة على وجود عيب ما بحسب اعتقادنا).  

جريء.

لكن هل يكون النحسار الحالي مجرد عثرة في طريق هيمنة العملات المشفرة؟ حسناً ليس بوسعنا التنجيم، لذا لن نعرف إن كانت الأموال النقدية، أي المال المدعوم بالثقة في مؤسسة تمثل الدولة، سيتمكن من النجاة أم لا.

ما نود قوله أن وجهة نظر دويتشه بنك تستند إلى تعريف واه للغاية لماهية العملات المشفرة. 

خذ على سبيل المثال، النقطة المركزية في حجاجهم وهي أن الهند والصين اللتين حظرتا العملات المشفرة، ستغيران موقفهما بالكامل وتتبنيان البتكوين وأخواتها. 

يعتبر البنك محاولة القوتين الاقتصاديتين الصاعدتين طرح عملات رقمية مدعومة من الدولة، دليلاً على أن “العملات المشفرة” ستحل محل الأموال النقدية بحلول عام 2030. وهو ادعاء يطرق باب عدد من العناوين المثيرة للجدل في صحافة العملات المشفرة. لكنها طريقة معكوسة تماماً في النظر للأمور. 

إليكم ما يقولونه:

“ما زالت تنقصنا التفاصيل لكن يبدو أن العملة الرقمي ستتمتع بالخصائص التالية: أولاً، ستتمتع المصارف التجارية وبنك الصين الشعبي وحدهم بامتياز إصدار العملة. ثانياً، سيصمم بنك الصين الشعبي كل المحافظ، وعلى الأرجح دون استخدام البلوكتشين. 

بدعم من من الحكومة الصينية، سيتجه الشعب الصيني سريعاً لتبني العملة الرقمية”. 

عملة مشفرة دون بلوكتشين؟ إحدى الخصائص المميزة للعملات المشفرة أنها قائمة على البلوكتشين. إذا لم تكن كذلك، فهي مجرد عملة رقمية. لهذا قلنا في مطلع هذا العام بأن عملة ليبرا الخاصة بفيسبوك ليست عملة مشفرة. 

وقالوا عن الهند: 

في الهند، تلوح بشائر التغيير أيضاً. أعلنت الحكومة في عام 2016، أن ورقات الـ 1000 والـ 500 روبية ستفقد صلاحية التداول، رغم المقاومة التي شهدها القرار وأزمة نقص النقد المؤقتة. ومؤخراً، قدمت لجنة اقتصادية حكومية اقتراحاً بطرح عملة رقمية رسمية لها مكانة العطاء القانونية وينظمها البنك الاحتياطي الهندي. 

لطالما اعتقدنا أن الهدف الأساسي من العملات المشفرة والبلوكتشين هو تجاوز التدخل الحكومي في التحويلات المالية وتحرير تدفق المال من قبضة الدولة. 

محاولة الهند والصين طرح أشكالهم الخاصة من الأموال النقدية تخالف تماماً ما سعى إليه مبتكرو العملات المشفرة، بحسب اعتقادنا. هذه الحكومات (وبنوك مركزية أخرى) تحاول تقوية قبضة الدولة على المال، وذلك بتقديم بدائلها الخاصة للعملات المشفرة. وهي بدائل يعترف دويتشه بنك أنهم هم فقط وبعض المصارف التجارية القائمة من سيكون لهم صلاحية إصدارها، وقد تستخدم هذه العملات الرقمية البلوكتشين أو لا تستخدمه. 

ما زالت فرص نجاح القطاع العام في مسعاه هذا غير معروفة، لكنه إن نجح فسيعني ذلك نهاية العملات المشفرة وليس الأموال النقدية كما يدعي دويتشه بنك. 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.